St-Takla.org  >   Coptic-History  >   CopticHistory_02-History-of-the-Coptic-Church-Councils-n-Christian-Heresies  >   Al-Magame3-Al-Maskooneya  >   Malahek-Magma3-Afasos
 

تاريخ الكنيسة القبطية الأرثوذكسية

المجامع المسكونية والهرطقات - الأنبا بيشوي

الرسالة 4 من القديس كيرلس إلى نسطور

 

كيرلس يهدى تحياته في الرب إلى الموقر جدًا والمحب لله نسطور([1]).

لقد سمعت أن بعض الرجال يثرثرون بخصوص ردى على تقواك، ويرددون ذلك كثيرًا خاصة وهم يترقبون اجتماعات مجامع الحكام. وربما لأنهم يفكرون في وخز أذنيك، لذلك ينطقون أيضًا بكلمات طائشة. وهم يفعلون هذا مع أن أحدًا لم يسئ إليهم، بل نالوا توبيخًا طفيفًا: أحدهم بسبب أنه كان يسئ إلى العُمى والفقراء، والثاني بسبب أنه يشهر السيف في وجه أمه والثالث بسبب أنه كان يسرق أموال شخص آخر بمساعدة جارية. وقد كان لهم من الصيت الرديء ما لا نتمناه لألد أعدائنا. لكنني لن أطيل في مثل هذه الأمور، حتى لا أزيد من قدر أهمية ذاتي فوق ربى ومعلمي (أنظر يو13: 13، 2بط2: 1) ولا فوق الآباء. لأنه ليس من الممكن الإفلات من انحرافات الأشرار الرديئة، مهما كان نوع الحياة الذي يختاره الإنسان لنفسه.

2- ولكن أولئك، بفم مملوء باللعنات والمرارة، سوف يدافعون عن أنفسهم أمام ديان الكل. والآن سوف أنتقل إلى ما يليق، وأذكِّرك الآن، كأخ في المسيح، أن تكرز بالعقيدة والإيمان للشعب بكل حذر. عليك أن تدرك إن إعثار واحد فقط من الصغار المؤمنين بالمسيح (أنظر مت18: 6)، له عقاب لا يحتمل. فإن كان عدد المتضررين كثيرًا بهذا المقدار، أفلا نكون في حاجة إلى مهارة تامة لإزالة العثرات بفطنة وشرح التعليم الصحيح بالإيمان لأولئك الذين يبحثون عن الحق؟ إن كنا نلتزم بتعاليم الآباء القديسين، وكنا جادين في اعتبارهم ذوى قيمة عظيمة، ونمتحن أنفسنا "هل نحن في الإيمان" (أنظر 2كو13: 5) كما هو مكتوب في الكتب، فسوف نشكل أفكارنا حسنًا جدًا لتطابق آراءهم المستقيمة وأحكامهم التي بلا لوم.

St-Takla.org Image: Saint Cyril the Great of Alexandria, Coptic pope, modern Coptic icon صورة في موقع الأنبا تكلا: أيقونة قبطية حديثة تصور القديس البابا كيرلس الكبير بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية

St-Takla.org Image: Saint Cyril the Great of Alexandria, Coptic pope, modern Coptic icon.

صورة في موقع الأنبا تكلا: أيقونة قبطية حديثة تصور القديس البابا كيرلس الكبير بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية.

3- ولذلك قال المجمع المقدس العظيم (أي مجمع نيقية) أن الابن الوحيد الجنس نفسه، المولود من الله الآب بحسب طبيعته، الإله الحق من إله حق، النور الذي من النور، الذي به صنع الآب كل الأشياء، قد نزل، وتجسد وتأنس، وتألم، وقام في اليوم الثالث وصعد إلى السموات. وينبغي علينا أن نتبع هذه التعاليم والعقائد، واضعين في أذهاننا ماذا تعنى عبارة "تجسد"؛ وأنها تعنى بوضوح أن الكلمة الذي من الله، صار إنسانًا. ونحن لا نقول أن طبيعة الكلمة تغيرت حينما صار جسدًا. كما أننا لا نقول أن الكلمة قد تغير إلى إنسان كامل من نفس وجسد. بل بالأحرى نقول أن الكلمة حينما وحَّد لنفسه أقنوميًا جسدًا محيًا بنفس عاقلة، صار إنسانًا بطريقة لا توصف ولا تدرك. (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات والكتب الأخرى). وهو قد دعى ابن الإنسان ليس بحسب الرغبة فقط ولا بحسب الإرادة الصالحة، ولا باتخاذه شخصًا فقط. ونحن نقول أنه على الرغم أن الطبيعتين اللتين اجتمعتا معًا في وحدة حقيقية مختلفتان، فهناك مسيح واحد وابن واحد من الاثنين. إن اختلاف الطبائع لم يتلاشى بسبب الاتحاد، بل بالحري فإن اللاهوت والناسوت كونا لنا ربًا واحدًا يسوع المسيح وابنًا واحدًا بواسطة هذا الاتحاد الذي يفوق الفهم والوصف.

4- وهكذا، فرغم أن له وجودًا قبل الدهور وقد ولد من الآب، فإنه يقال عنه أيضًا إنه ولد حسب الجسد من امرأة. إن طبيعته الإلهية لم تأخذ بدايتها من العذراء القديسة، كما أنها لا تحتاج بالضرورة إلى ولادة أخرى لصالحها بعد الولادة من الآب. لأن هذا سيكون بلا هدف، كما أنه تعتبر حماقة، أن نقول أن ذاك الموجود قبل كل الدهور والأزلى مع الآب يحتاج إلى بداية ثانية لوجوده. ولكن حيث أنه من أجلنا ومن أجل خلاصنا قد وحَّد الطبيعة البشرية بنفسه أقنوميًا، وولد من امرأة، فإنه بهذه الطريقة يقال أنه قد ولد بحسب الجسد. لأنه لم يولد إنسانًا عاديًا من العذراء القديسة ثم بعد ذلك حل عليه الكلمة، بل إذ قد اتحد بالجسد في أحشائها، يقال أن الكلمة قد قبل الولادة بحسب الجسد، لكي ينسب لنفسه ولادة جسده الخاص.

5- لذلك نقول أنه تألم أيضًا وقام ثانيةً، ليس أن كلمة الله تألم في طبيعته الخاصة، أو ضرب أو طعن أو قبل الجروح الأخرى، لأن الإلهي غير قابل للألم لأنه غير مادي. لكن حيث أن جسده الخاص الذي ولد، عانى هذه الأمور، فإنه يقال أنه هو نفسه أيضًا قد عانى هذه الأمور لأجلنا. فغير القابل للآلام كان في الجسد الذي تألم. وبنفس الطريقة نفكر أيضًا في موته. فكلمة الله حسب الطبيعة غير مائت وغير فاسد لكونه هو الحياة ومعطى الحياة .ولكن بسبب أن جسده الخاص ذاق بنعمة الله الموت لأجل الجميع كما يقول بولس (أنظر عب 2 : 9)، لذلك يقال أنه هو نفسه قد عانى الموت لأجلنا .لأنه فيما يخص طبيعة الكلمة، فهو لم يختبر الموت، لأنه يكون من الجنون أن يقول أحد أو يفكر هكذا، ولكن، كما قلت، فإن جسده ذاق الموت. وهكذا أيضًا بقيامة جسده، يقال أيضًا أنه قام، ليس كما لو كان قد تعرض للفساد، حاشا، بل أن جسده قام ثانية.

6- وهكذا نحن نعترف بمسيح ورب واحد، ليس أننا نعبد إنسانًا مع الكلمة، حتى لا يظهر أن هناك انقسام باستعمال لفظة "مع". ولكننا نعبد نفس الرب الواحد لأن جسده ليس غريبًا عن الكلمة، وفي اتحاده به يجلس عن يمين أبيه. نحن لا نقول أن ابنين يجلسان بجانب الآب، بل ابن واحد بواسطة اتحاده بجسده الخاص. ولكن إذا رفضنا الاتحاد الأقنومي سواء بسبب تعذر إدراكه، أو بسبب عدم قبوله، نسقط في التعليم بابنين. لأن هناك كل ضرورة للتمييز وللقول بأنه كإنسان إذ نفكر فيه منفصلًا، كان يكرم بطريقة خاصة بواسطة لقب "الابن"، وأيضًا كلمة الله منفصلًا، هو بطريقة خاصة يملك بالطبيعة كلًا من اسم البنوة وحقيقتها. لذلك فإن الرب الواحد يسوع المسيح لا ينبغي أن يقسم إلى ابنين.

7- إنه لن يكون نافعًا، أن التعليم الصحيح للإيمان يعنى ذلك، حتى ولو أقر البعض إتحاد الأشخاص. لأن الكتاب لم يقل أن الكلمة قد وحد شخصًا من البشر بنفسه، بل أنه صار جسدًا (يو 1: 14) والكلمة إذ قد صار جسدًا هذا لا يعنى إلا أنه اتخذ دمًا ولحمًا مثلنا. إنه جعل جسدنا خاصًا به، وولد إنسانًا من امرأة دون أن يفقد لاهوته ولا كونه مولودًا من الله الآب، ولكن في اتخاذه جسدًا ظل كما هو. إن تعليم الإيمان الصحيح في كل مكان يحتفظ بهذا. وسوف نجد أن الآباء القديسين قد فكروا بهذه الطريقة. وهكذا لم يترددوا في تسمية العذراء القديسة بوالدة الإله. وهم لم يقولوا أن طبيعة الكلمة أو لاهوته أخذ بداية وجوده من العذراء القديسة، بل أن جسده المقدس، المحيا بنفس عاقلة، قد ولد منها، وفي اتحاد الكلمة به (نفس وجسد) أقنوميًا، حقًا يقال أن الكلمة ولد حسب الجسد. وأنا أكتب هذه الأمور الآن بدافع المحبة التي في المسيح، حاثًا إياك كأخ، وداعيًا إياك أن تشهد أمام الله وملائكته المختارين أنك تفكر وتعلم بهذه التعاليم معنا، لكي يحفظ سلام الكنائس سالمًا وتستمر رابطة الوفاق والمحبة غير منفصمة بين كهنة الله.

8- سلم على الإخوة الذين معك "الأخوة الذين معنا يسلمون عليكم في المسيح([2])".


[1]The Fathers of the Church – St. Cyril of Alexandria, Letters 1-50, Vol 76, Translated by John I. McEnerney, The Catholic University of America Press, Washington D.C., 1987, pp. 38-42.

وهى الرسالة الثانية من القديس كيرلس إلى نسطور.

([2]) الرسالة 4 أطلق عليها اسم "الرسالة العقائدية " وقد تمت الموافقة عليها بالإجماع في الجلسة الأولى لمجمع أفسس المسكوني الثالث في 22 يونيو 431 م، ووافق عليها ليون بابا روما سنة 450م، وأقرها أيضًا مجمع خلقدونية 451م، ومجمع القسطنطينية 553 م. (أنظر كواستن 3 : 133 Quasten 3:133).


الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع

https://st-takla.org/Coptic-History/CopticHistory_02-History-of-the-Coptic-Church-Councils-n-Christian-Heresies/Al-Magame3-Al-Maskooneya/Malahek-Magma3-Afasos/Letter-No-04-Pope-Cyril-I-to-Nestorius.html

تقصير الرابط:
tak.la/d6333hy