St-Takla.org  >   pub_Bible-Interpretations  >   Holy-Bible-Tafsir-01-Old-Testament  >   Father-Antonious-Fekry  >   29-Sefr-Marathy-Ermia
 

شرح الكتاب المقدس - العهد القديم - القمص أنطونيوس فكري

مراثي إرميا 4 - تفسير سفر مراثي إرميا

 

محتويات:

(إظهار/إخفاء)

* تأملات في كتاب المراثي:
تفسير سفر مراثي إرميا: مقدمة سفر مراثي إرميا | مراثي إرميا 1 | مراثي إرميا 2 | مراثي إرميا 3 | مراثي إرميا 4 | مراثي إرميا 5

نص سفر مراثي إرميا: مراثي إرميا 1 | مراثي إرميا 2 | مراثي إرميا 3 | مراثي إرميا 4 | مراثي إرميا 5 | مراثي إرميا كامل

الكتاب المقدس المسموع: استمع لهذا الأصحاح

← اذهب مباشرةً لتفسير الآية: 1 - 2 - 3 - 4 - 5 - 6 - 7 - 8 - 9 - 10 - 11 - 12 - 13 - 14 - 15 - 16 - 17 - 18 - 19 - 20 - 21 - 22

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

الآيات 2،1:- "كَيْفَ اكْدَرَّ الذَّهَبُ، تَغَيَّرَ الإِبْرِيزُ الْجَيِّدُ! انْهَالَتْ حِجَارَةُ الْقُدْسِ فِي رَأْسِ كُلِّ شَارِعٍ. بَنُو صِهْيَوْنَ الْكُرَمَاءُ الْمَوْزُونُونَ بِالذَّهَبِ النَّقِيِّ، كَيْفَ حُسِبُوا أَبَارِيقَ خَزَفٍ عَمَلَ يَدَيْ فَخَّارِيٍّ!"

الذهب رمز للسماويات. وهكذا خلق الله الإنسان وهكذا أراد الله لأورشليم وشعبها أن يكون. أراد الله للإنسان أن يكون صورته وأن يكون حجارة مقدسة يبني بها هيكله. ولكن الخطية جعلت هذا الإنسان يهبط للأرض وصاروا بدلًا من الذهب = أباريق خزف. وكانوا أنقَى أنواع الذهب = الإبريز الجيد فإكدروا أي دخل فيهم شوائب كثيرة من العالم بل الحجارة المقدسة ملقاة في رأس كل شارع بعد أن خرب الهيكل. ونحن الحجارة الحية في هيكل الله (1بط2: 5). فحين يغادر الله هيكله لا عجب أن يحدث هذا كله. ونحن الآن هيكل الله وهذا معنى من يفسد هيكل الله يفسده الله (1كو17:3) إذن لنقرأ هذه الآيات وفي أذهاننا نرثي لكل من إبتعد عن الله وليس أورشليم فقط.

 

الآيات 3-5:- "بَنَاتُ آوَى أَيْضًا أَخْرَجَتْ أَطْبَاءَهَا، أَرْضَعَتْ أَجْرَاءَهَا. أَمَّا بِنْتُ شَعْبِي فَجَافِيَةٌ كَالنَّعَامِ فِي الْبَرِّيَّةِ. لَصِقَ لِسَانُ الرَّاضِعِ بِحَنَكِهِ مِنَ الْعَطَشِ. اَلأَطْفَالُ يَسْأَلُونَ خُبْزًا وَلَيْسَ مَنْ يَكْسِرُهُ لَهُمْ. اَلَّذِينَ كَانُوا يَأْكُلُونَ الْمَآكِلَ الْفَاخِرَةَ قَدْ هَلِكُوا فِي الشَّوَارِعِ. الَّذِينَ كَانُوا يَتَرَبَّوْنَ عَلَى الْقِرْمِزِ احْتَضَنُوا الْمَزَابِلَ."

الله هو الذي يشبع ومن ابتعد عن الله يصبح في مجاعة وهنا تصوير للمجاعة أن الأمهات لا يرضعن أطفالهن بينما بنات آوى يرضعن أطفالهن. أَطْبائِها = ثدييها. فصارت الأمهات كالنعام = يترك بيضه بلا رعاية في الصحراء (أي 14:39). ولكن الأمهات لا يرضعن أطفالهن فهن ليس لهم ما يعطينه لأطفالهن. والصورة هنا هي صورة الابن الضال الذي أصبح في مجاعة. ولكن المجاعة الروحية أشد وأقسى حين يفتقر الناس لكلمة الله وتعزيته.

(يتربون على القرمز = أي لهم حياة الملوك، فالقرمز هو لبس الملوك).

 

آية 6:- "وَقَدْ صَارَ عِقَابُ بِنْتِ شَعْبِي أَعْظَمَ مِنْ قِصَاصِ خَطِيَّةِ سَدُومَ الَّتِي انْقَلَبَتْ كَأَنَّهُ فِي لَحْظَةٍ، وَلَمْ تُلْقَ عَلَيْهَا أَيَادٍ."

 عقاب سدوم أسهل فهم هلكوا في لحظة ولم يعانوا حصارًا ولا جوعًا. والسبب أن أورشليم كان لها ناموس وهيكل وكهنة وشريعة وأنبياء والله في وسطها لذلك عقابها كان أشد.

 

آية 7:- "كَانَ نُذُرُهَا أَنْقَى مِنَ الثَّلْجِ وَأَكْثَرَ بَيَاضًا مِنَ اللَّبَنِ، وَأَجْسَامُهُمْ أَشَدَّ حُمْرَةً مِنَ الْمَرْجَانِ. جَرَزُهُمْ كَالْيَاقُوتِ الأَزْرَقِ."

هذه ليست مثل (إر29:31) أو مثل (حز2:18) فنجد في إرمياء وحزقيال أمثلة لأناس يتمردون على أحكام الله ضدهم قائلين... إننا لم نخطئ بل أباؤنا أخطأوا فلماذا تعاقبنا نحن. أما قول إرمياء هذا فهو مختلف لأنه هنا يعترف بخطاياه في (مر 5: 16) وَيْلٌ لَنَا لأَنَّنَا.. أَخْطَأْنَا. (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات والتفاسير الأخرى). ولكن هذه الآية هي شكوى الإنسان عمومًا من أن آدم أخطأ ونحن نحمل ذنبه ولكن بعد المسيح لم يَعُد هناك مجال لهذه الشكوى فالمسيح أزال عنا عقوبة وخطية آدم. ولكن أيضًا إرمياء في هذه الآية يعترف بأنهم هم وأباؤهم قد أذنبوا هذه تشبه صلاة دانيال (دا4:9-12).

 

آية 8:- "صَارَتْ صُورَتُهُمْ أَشَدَّ ظَلاَمًا مِنَ السَّوَادِ. لَمْ يُعْرَفُوا فِي الشَّوَارِعِ. لَصِقَ جِلْدُهُمْ بِعَظْمِهِمْ. صَارَ يَابِسًا كَالْخَشَبِ."

ماذا تفعل الخطية؟ هذه صورة عكسية للآية السابقة = النور يتحول لظلمة والحياة إلى موت.

 

آية 9:- "كَانَتْ قَتْلَى السَّيْفِ خَيْرًا مِنْ قَتْلَى الْجُوعِ. لأَنَّ هؤُلاَءِ يَذُوبُونَ مَطْعُونِينَ لِعَدَمِ أَثْمَارِ الْحَقْلِ."

صورة للمجاعة فالحقل لا يُثْمِر (لِعَدَمِ أَثْمَارِ الْحَقْلِ) وذلك لأنه مداس من الأمم. وأرض حياتنا لو دِيسَت من العالم تموت.

 

الآيات 10-12:- "أَيَادِي النِّسَاءِ الْحَنَائِنِ طَبَخَتْ أَوْلاَدَهُنَّ. صَارُوا طَعَامًا لَهُنَّ فِي سَحْقِ بِنْتِ شَعْبِي. أَتَمَّ الرَّبُّ غَيْظَهُ. سَكَبَ حُمُوَّ غَضَبِهِ وَأَشْعَلَ نَارًا فِي صِهْيَوْنَ فَأَكَلَتْ أُسُسَهَا. لَمْ تُصَدِّقْ مُلُوكُ الأَرْضِ وَكُلُّ سُكَّانِ الْمَسْكُونَةِ أَنَّ الْعَدُوَّ وَالْمُبْغِضَ يَدْخُلاَنِ أَبْوَابَ أُورُشَلِيمَ."

مَن قدموا أولادهم ضحايا وبخروا لملكة السماوات يصبحوا قادرين على ذلك بل هذا هو عقابهم (رو26:1) نزع الرحمة من قلوبهم. وكل كرامة إنسانية تفارقهم ويكمل خرابهم بخراب أورشليم، الذي كان مذهلًا لدرجة أن ملوك الأرض لم يُصدقوا اقتحام أسوار أورشليم مدينة الرب. فكان ظن الملوك أن أورشليم لا يقدر أحد على دخولها لمناعة أسوارها، ولأن الله القدوس ساكن فيها. ولكن الله غادرها فدمرت وهكذا سيحرق الله العالم كله لخطيته (تث22:32).

 

الآيات 13-20:- "مِنْ أَجْلِ خَطَايَا أَنْبِيَائِهَا، وَآثَامِ كَهَنَتِهَا السَّافِكِينَ فِي وَسَطِهَا دَمَ الصِّدِّيقِينَ، تَاهُوا كَعُمْيٍ فِي الشَّوَارِعِ، وَتَلَطَّخُوا بِالدَّمِ حَتَّى لَمْ يَسْتَطِعْ أَحَدٌ أَنْ يَمَسَّ مَلاَبِسَهُمْ. «حِيدُوا! نَجِسٌ!» يُنَادُونَ إِلَيْهِمْ. «حِيدُوا! حِيدُوا لاَ تَمَسُّوا!». إِذْ هَرَبُوا تَاهُوا أَيْضًا. قَالُوا بَيْنَ الأُمَمِ: «إِنَّهُمْ لاَ يَعُودُونَ يَسْكُنُونَ». وَجْهُ الرَّبِّ قَسَمَهُمْ. لاَ يَعُودُ يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ. لَمْ يَرْفَعُوا وُجُوهَ الْكَهَنَةِ، وَلَمْ يَتَرَأَ فُوا عَلَى الشُّيُوخِ. أَمَّا نَحْنُ فَقَدْ كَلَّتْ أَعْيُنُنَا مِنَ النَّظَرِ إِلَى عَوْنِنَا الْبَاطِلِ. فِي بُرْجِنَا انْتَظَرْنَا أُمَّةً لاَ تُخَلِّصُ. نَصَبُوا فِخَاخًا لِخَطَوَاتِنَا حَتَّى لاَ نَمْشِيَ فِي سَاحَاتِنَا. قَرُبَتْ نِهَايَتُنَا. كَمُلَتْ أَيَّامُنَا لأَنَّ نِهَايَتَنَا قَدْ أَتَتْ. صَارَ طَارِدُونَا أَخَفَّ مِنْ نُسُورِ السَّمَاءِ. عَلَى الْجِبَالِ جَدُّوا فِي أَثَرِنَا. فِي الْبَرِّيَّةِ كَمَنُوا لَنَا. نَفَسُ أُنُوفِنَا، مَسِيحُ الرَّبِّ، أُخِذَ فِي حُفَرِهِمِ. الَّذِي قُلْنَا عَنْهُ: « فِي ظِلِّهِ نَعِيشُ بَيْنَ الأُمَمِ»."

هذه الآيات تنظر لأحداث قريبة هي خطايا الكهنة والأنبياء الكذبة الذين سفكوا وتسببوا في سفك دماء بريئة كثيرة وبروح النبوة تنظر لأحداث صلب الكهنة للمسيح وسفك دمه وهو البار (13) فالذي أثار الجماهير ضد المسيح كانوا هم هؤلاء الكهنة أيضًا. وصرخ الشعب "دَمُهُ عَلَيْنَا وَعَلَى أَوْلاَدِنَا" (مت 27: 25)، فكان القادة عميان وقاد هؤلاء القادة العميان الشعب (مت 15: 14؛ 23: 16، 24) فهم عميان قادة عميان (14) فهم نجسوا أنفسهم بالدم البريء: دم القديسين من هَابِيلَ الصِّدِّيقِ لِدَمِ زَكَرِيَّا بْنِ بَرَاخِيَّا (مت 23: 35)، لدم الأطفال المسفوك كذبيحة للأوثان وانتهوا بدم المسيح نفسه. لذلك صاروا نجاسة في العالم كله (14-16) صاروا مشتتين في العالم كله. ورذلهم العالم كله ما يقرب من 2000 سنة تحقيقًا لهذه النبوة ولم يحترم العالم لا شيوخهم ولا كهنتهم. وكانوا سخرية العالم كله. وسيعرف العالم أن الله طردهم من كنعان كما طرد الكنعانيون قبلهم بسبب نجاساتهم هذه، وهي سفك الدم البريء. وفي (17) هم كانوا في بليتهم يرجون عون مصر باطلًا وهم في حصارهم كانوا ينتظرون في أبراج المراقبة من يأتي ليخلصهم من حصار بابل ولكن بلا أمل حتى كَلَّتْ أعينهم (كَلَّتْ أَعْيُنُنَا) من انتظار هذه المعونة. وهم حتى الآن ما زالوا ينتظرون المسيح ليأتي ويعينهم ولكنه انتظار باطل فالمسيح قد أتى. وهم في برجهم أي خلال كتبهم أي الكتاب المقدس بنبواته التي تشهد بأن المسيح آتٍ. هم لهم البرج أي الكتاب المقدس (العهد القديم طبعًا) ومن خلالهُ ينظرون وينتظرون أن يأتي المسيح الموعود به. ولكن باطلًا فهو قد أتى ولذلك كلت عيونهم. وهم ينظرون أمة لا تخلص = هم الآن يتصورون أن تكوينهم دولة أي أمة سيخلصهم بدون الإيمان بالمسيح ولكنها دولة لا تخلص.

آية (18) لأنهم خدعوا أنفسهم ورفضوا المسيح الحقيقي فسيخدعهم إبليس = نصبوا فخاخًا وسيرسل لهم من يدعي أنه المسيح ولكنه هو الذي يُكمل نهاية مَن لم يؤمن بالمسيح ابن الله. قَرُبَتْ نِهَايَتُنَا. وَكَمُلَتْ أَيَّامُنَا = فهذه الأحداث مرتبطة بنهاية الأيام. هم خدعوا أنفسهم لذلك فمن السهل أن يخدعهم عدو الخير. ومن ينخدع ويسير وراء هذا المسيح الكاذب يكمل كأس غضب الله عليه ومن يرجع ويؤمن بالمسيح ابن الله ستكون لهُ حياة. وأما تفسير الآية على المدى القريب فالبابليين نصبوا فخاخًا ومجانيق (قاذفات أحجار) ضد أورشليم لينهوا مقاومتها. وكانت حين تنصب هذه الأحجار يصبحون غير قادرين على السير في ساحات المدينة (سَاحَاتِنَا). آية (19) عقب ثغر سور المدينة انقض عليهم البابليون أسرع من النسور فلم يستطيعوا الهرب ومن هرب للجبال لحقوا به. وفي (20) حتى ملكهم الذي قالوا عنه فِي ظِلِّهِ نَعِيشُ.

أُخِذَ فِي حُفَرِهِمِ = قد يعني هذا الملك صدقيا الذي أمسك به ملك بابل، وكان أملهم أن يعيشوا تحت حمايته وحكمه وسط الأمم ولكن هذا الأمل ذهب عنهم. ولكن هذه الآية تنظر أيضًا لأحداث بعيدة. فَـ:مَسِيحُ الرَّبِّ تشير للمسيح ابن الله، وهو نفس أنوفهم (نَفَسُ أُنُوفِنَا) الذي كانوا ينتظرونه كملك يعطيهم ملكًا وسط العالم ولكنهم صلبوه فَـ:أُخِذَ فِي حُفَرِهِمِ. وتعبير "نفس أنوفنا" هو تعبير كنعاني فيه مبالغة يستخدم لوصف الملوك. وأيضًا هناك تعبير آخر يستخدم عن الملوك وهو الظل (ظِلِّهِ) = أي أنهم يعيشون في ظله ليحميهم. وقد وُجد التعبيران في الاصطلاحات الكنعانية وأيضًا عن رمسيس الثاني فرعون مصر. ولكن المعنى أن الشعب اليهودي ينتظر المسيح المخلص بشوق يصل أن يصبح نفس أنوفهم، فهم يتنفسون هذا الاشتياق صباحًا ومساءً ولكن على المدى القريب قد يكون صدقيا هو نفس أنوفهم ليعيشوا تحت حكم بابل في سلام.

 

آية 21:- "اِطْرَبِي وَافْرَحِي يَا بِنْتَ أَدُومَ، يَا سَاكِنَةَ عَوْصٍ. عَلَيْكِ أَيْضًا تَمُرُّ الْكَأْسُ. تَسْكَرِينَ وَتَتَعَرَّينَ."

 إذا كانت آية (20) تحدثنا عن أن مسيح الرب قد دُفن فنهاية إبليس أصبحت حتمية. والآية (21) تستعمل أسلوب رمزي للحديث عن إبليس فتستخدم اسم آدوم وذلك للعداوة التقليدية بين آدوم (عيسو) ويعقوب (شعب الله). فآدوم كانت فَرِحَة فَرْحَة شامتة في خراب إسرائيل وأورشليم وهذا يزيد من آلام اليهود. ولكن النبي هنا بأسلوب تهكمي يقول لأدوم إطربي وإفرحي = فكأس آلامك قادم وسيخربك ملك بابل كما خرب أورشليم. عَلَيْكِ أَيْضًا تَمُرُّ الْكَأْسُ. تَسْكَرِينَ وَتَتَعَرَّينَ = وستسكر وتتعرى من هذا الكأس، أي ستتخبط في كل مشوراتها وتفتضح مؤامراتها ضد شعب الله. وهكذا مع الشياطين فقد فضح الله كل مؤامراتهم وعداوتهم للبشر، وأفشل كل مؤامراتهم وخططهم لهلاك أولاده.

عوص = هو من نسل عيسو (وعيسو هو أدوم) (تك36: 28). وأصل الكلمة لغويًا "مشورة". فإن كان أدوم رمزًا للشيطان، يكون معنى الآية يَا بِنْتَ أَدُومَ، يَا سَاكِنَةَ عَوْصٍ = هي تهديد للشيطان بسبب مشوراته الرديئة. ولاحظ أن الآيات السابقة كانت تتكلم عن مؤامرات كهنة اليهود على السيد المسيح ليصلبوه. وكان هذا بإيحاء من إبليس فهو صاحب المشورات الردية.

وهذا المعنى أيضًا نراه مع أيوب (أي 1: 1) "كان رجل في أرض عوص اسمه أيوب" ورأينا في سفر أيوب مشورات الشيطان الرديئة ضد أيوب البار.

ولكن نرى أن الله يترك الشيطان يخطط ويدبر لإسقاط الأبرار وإلحاق الضرر بهم وذلك لحقده على البشر وكراهيته لهم كأبناء لله...ولكن لنلاحظ أن الله يسمح له في حدود يسمح بها الله (أي 1: 12 + 2: 6) وهذا المعنى ردده بولس الرسول "لكن الله أمين الذي لا يدعكم تجربون فوق ما تستطيعون بل سيجعل مع التجربة المنفذ لتستطيعوا أن تحتملوا..." (1كو10: 13). ونفهم هذا المعنى أيضًا من قول داود النبي في المزمور "لِمَاذَا ارْتَجَّتِ الأُمَمُ، وَتَفَكَّرَ الشُّعُوبُ فِي الْبَاطِلِ؟ قَامَ مُلُوكُ الأَرْضِ.. عَلَى الرَّبِّ وَعَلَى مَسِيحِهِ... اَلسَّاكِنُ فِي السَّمَاوَاتِ يَضْحَكُ. الرَّبُّ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ" (مز2: 1-4).

إذًا فالله يترك الشيطان يدبر ويخطط بمشوراته الرديئة، ولكن في حدود ما يسمح به الله، فالشيطان ليس حُرًا حرية مطلقة. وفي نفس الوقت يعطي التعزية للمُجرَّب ولا يتركه وحده، ومدة التجربة محددة ولن تطول أكثر مما يحتمله الإنسان لئلا يفشل [ويمد يديه إلى الإثم] (مز125: 3). والآن نرى لماذا يسمح الله بهذا:-

1) سمح الله بالصليب لتدبير الفداء للبشر. ولكن لم يستطع الشيطان تدبير قتل المسيح قبل أن يتم رسالته وتعليمه، وكانت محاولات قتل المسيح متعددة ولكنه نجا منها جميعا حتى حان ميعاد الصليب (لو4: 28-30 + يو8: 59 + يو10: 39).

2) كانت نتيجة تجربة الشيطان لأيوب أنه شُفِىَ من مرض البر الذاتي الذي كان من الممكن أن يؤدي به للهلاك.

3) نرى في الآية (22) من هذا الإصحاح أنه بفداء المسيح غُفِرَت خطايا المؤمنين = تَمَّ إثمك.

4) الله يستخدم الشيطان كأداة تأديب للبشر بسبب طبيعتهم المتمردة نتيجة للخطية الجدية، وفي نهاية الأمر يُلقى إبليس في البحيرة المتقدة بالنار (رؤ20: 10). وهذا نفس ما رأيناه في هذه الآية. وهذا يماثل ما يفعله الأب مع ابنه الصغير فهو يحضر عصا لتأديبه وحينما ينضج الصغير يرمي الأب هذه العصا.

 

آية 22:- "قَدْ تَمَّ إِثْمُكِ يَا بِنْتَ صِهْيَوْنَ. لاَ يَعُودُ يَسْبِيكِ. سَيُعَاقِبُ إِثْمَكِ يَا بِنْتَ أَدُومَ وَيُعْلِنُ خَطَايَاكِ."

قارن مع (أش2:40) قد تم إثمك يا بنت صهيون = بالفداء سامح الله شعبه ولا يعود إبليس يسبيه فقد دفع الله الثمن من دمه ليحررنا. وَسَيُعَاقِبُ إِثْمَكِ يَا بِنْتَ أَدُومَ = أما الشيطان فسيفضحه الله ويعاقبه عقاب أبدي في البحيرة المتقدة بالنار بلا أمل في نجاة.

St-Takla.org                     Divider فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

تعليق على الإصحاح الرابع وبقية الإصحاحات:

 

نرى تسلسل فكر النبي في هذا السفر:-

فالإصحاحين الأول والثاني يعرضان حالة الإنسان المؤلمة التي آل إليها حاله بعد الخطية، ونرى صرخة يأس البشر لله في (مرا 2: 18) وتشديد النبي لأورشليم ولكل نفس مستعبدة ومذلولة للخطية أن تظل تصرخ للرب حتى يأتي الخلاص (مرا 2: 18-22).

ونجد استجابة الرب الفورية في الإصحاح الثالث، فالمسيح = الرجل سيتحمل هو هذه المذلة عن شعبه ولن يتركه لهذا الذل وهذه العبودية، ونرى ملامح الرجاء في (مرا 3: 21-25). ولكن لا بد من التأديب للنفس. ونجد النبي يطلب من كل نفس أن تحتمل بصبر وبسكوت وانسحاق (مرا 3: 26-33) ولنردد في قلوبنا أننا نستحق كل تأديب فنحن قد أخطأنا وما زلنا نخطئ. وكأن النبي هنا يردد مع بولس الرسول قوله " الذي يحبه الرب يؤدبه " (عب12: 6). نصبر وننتظر الخلاص فهو أكيد. حقًا لقد ظل الإنسان بعد الفداء إناء خزفي (أَبَارِيقَ خَزَفٍ) (مرا 4: 2) ولكن في المسيح صار لنا كنزًا في هذا الإناء الخزفي، فقد صرنا هياكل لله والروح القدس يسكن فينا (2كو4: 7 + 1كو3: 16). وهذا عربون للمجد العتيد أن يستعلن فينا (رو8: 18).

 

ويأتي الإصحاح الرابع لنرى فيه قصد الله في خلقة الإنسان، فقد خلقه في أكمل وأجمل صورة سماوية فالذهب والإبريز في الكتاب المقدس يرمزان للسماويات (مرا 4: 1، 2) وراجع الصورة التي كان عليها الإنسان وقت خلقته (مرا 4: 7) ثم يصور النبي ما آل إليه حال الإنسان الساقط (مرا 4: 1-6، 8-12). ثم نرى كيفية الخلاص وخطة الخلاص عن طريق مؤامرات الكهنة على المسيح (مرا 4: 13-20) ونرى مصير اليهود المؤلم عبر التاريخ وأنهم صاروا نجاسة، وعنادهم في أنهم ما زالوا ينتظرون مجيء مسيحًا يخلصهم.

ثم نرى عقوبة الشيطان (مرا 4: 21). وغفران خطايا البشر بدم المسيح، والحرية التي أعطاها لنا المسيح بفدائه من عبودية الشيطان (مرا 4: 22) = "إن حرركم الابن فبالحقيقة تصيرون أحرارًا" (يو8: 36).

ويأتي الإصحاح الخامس ليعود النبي ويرسم صورة لشعب مذلول مرة أخرى للشيطان فمن هو هذا الشعب؟

1) هم إما اليهود الرافضين للمسيح حتى الآن وسيقبلون ضد المسيح في نهاية الأيام ليذلهم تمامًا.

2) أو هو كل من يرفض خلاص المسيح ساعيًا وراء شهواته فيعطيها له الشيطان "رئيس هذا العالم" لأنه قادر أن يعطي للإنسان كل أنواع خطايا العالم، ولكنه إن قبل الإنسان من يده هذه الخطايا يبدأ يذل الإنسان ويضعه تحت قدميه " أعطيك هذه جميعها إن خررت وسجدت لي" (مت4: 9).

St-Takla.org                     Divider فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

← تفاسير أصحاحات مراثي: مقدمة | 1 | 2 | 3 | 4 | 5

الكتاب المقدس المسموع: استمع لهذا الأصحاح


الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع

https://st-takla.org/pub_Bible-Interpretations/Holy-Bible-Tafsir-01-Old-Testament/Father-Antonious-Fekry/29-Sefr-Marathy-Ermia/Tafseer-Sefr-Marathi-Jermia__01-Chapter-04.html

تقصير الرابط:
tak.la/mkz5ngw