St-Takla.org  >   pub_Bible-Interpretations  >   Holy-Bible-Tafsir-02-New-Testament  >   Father-Tadros-Yacoub-Malaty  >   01-Engeel-Matta
 

شرح الكتاب المقدس - العهد الجديد - القمص تادرس يعقوب ملطي
سلسلة "من تفسير وتأملات الآباء الأولين"

متى 3 - تفسير إنجيل متى
حفل التتويج - عماد الملك

 

محتويات:

(إظهار/إخفاء)

* تأملات في كتاب:
تفسير إنجيل متى: مقدمة إنجيل متى | متى 1 | متى 2 | متى 3 | متى 4 | متى 5 | متى 6 | متى 7 | متى 8 | متى 9 | متى 10 | متى 11 | متى 12 | متى 13 | متى 14 | متى 15 | متى 16 | متى 17 | متى 18 | متى 19 | متى 20 | متى 21 | متى 22 | متى 23 | متى 24 | متى 25 | متى 26 | متى 27 | متى 28 | مراجع البحث

نص إنجيل متى: متى 1 | متى 2 | متى 3 | متى 4 | متى 5 | متى 6 | متى 7 | متى 8 | متى 9 | متى 10 | متى 11 | متى 12 | متى 13 | متى 14 | متى 15 | متى 16 | متى 17 | متى 18 | متى 19 | متى 20 | متى 21 | متى 22 | متى 23 | متى 24 | متى 25 | متى 26 | متى 27 | متى 28 | متى كامل

الكتاب المقدس المسموع: استمع لهذا الأصحاح

← اذهب مباشرةً لتفسير الآية: 1 - 2 - 3 - 4 - 5 - 6 - 7 - 8 - 9 - 10 - 11 - 12 - 13 - 14 - 15 - 16 - 17

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

قبل أن يبدأ السيّد المسيح عمله بين شعبه كملك روحي كان يلزم إقامة حفل تدشين أو تتويج للملك الحقيقي عند نهر الأردن بعد أن هيّأ له سابق الملك -القدّيس يوحنا المعمدان- الذي تقدّم كملاك الرب يهيّئ له الطريق:

 

1. سابق الملك

   

ع 1-6.

2. تهيئة الطريق

   

ع 7-12.

3. عماد المسيح

   

ع 13-17.

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

1. سابق الملك

1 وَفِي تِلْكَ الأَيَّامِ جَاءَ يُوحَنَّا الْمَعْمَدَانُ يَكْرِزُ فِي بَرِّيَّةِ الْيَهُودِيَّةِ 2 قَائِلًا: «تُوبُوا، لأَنَّهُ قَدِ اقْتَرَبَ مَلَكُوتُ السَّماوَاتِ. 3 فَإِنَّ هذَا هُوَ الَّذِي قِيلَ عَنْهُ بِإِشَعْيَاءَ النَّبِيِّ الْقَائِلِ: صَوْتُ صَارِخٍ فِي الْبَرِّيَّةِ: أَعِدُّوا طَرِيقَ الرَّبِّ. اصْنَعُوا سُبُلَهُ مُسْتَقِيمَةً». 4 وَيُوحَنَّا هذَا كَانَ لِبَاسُهُ مِنْ وَبَرِ الإِبِلِ، وَعَلَى حَقْوَيْهِ مِنْطَقَةٌ مِنْ جِلْدٍ. وَكَانَ طَعَامُهُ جَرَادًا وَعَسَلًا بَرِّيًّا. 5 حِينَئِذٍ خَرَجَ إِلَيْهِ أُورُشَلِيمُ وَكُلُّ الْيَهُودِيَّةِ وَجَمِيعُ الْكُورَةِ الْمُحِيطَةِ بِالأُرْدُنِّ، 6 وَاعْتَمَدُوا مِنْهُ فِي الأُرْدُنِّ، مُعْتَرِفِينَ بِخَطَايَاهُمْ.

 

كان من عادات الشرق أن يسبق الملك رسول يهيئ له الطريق، والسيّد المسيح كملكٍ روحيٍ أعد لنفسه رسولًا سبق فأنبأ عنه بإشعياء النبي: "صوت صارخ في البرّيّة، اعدّوا طريق الرب، قوِّموا في القفر سبيلًا لإلهنا" (إش 40: 3)، وبملاخي النبي: "هأنذا أُرسل إليكم إيليّا النبي قبل مجيء يوم الرب" (مل 4: 5).

يقول الإنجيلي: "في تلك الأيام جاء يوحنا المعمدان يكرز في بريّة اليهوديّة" [1]. لا يفهم من قوله: "في تلك الأيام" أنه بعد رجوع العائلة المقدّسة من مصر مباشرة، وإنما يقصد بها "في ذلك العصر" أو "في ذلك الزمان" وقد حدّد القدّيس لوقا عماد السيّد بنحو ثلاثين من عمره حسب الجسد (لو 3: 23)، وقد سبقه القدّيس يوحنا بأشهرٍ قليلة حينما بلغ الثلاثين من عمره، السن القانوني للخدمة الكهنوتيّة عند اليهود.

St-Takla.org Image: Saint John the Baptist (Matthew 3) - Matthew, Bible illustrations by James Padgett (1931-2009), published by Sweet Media صورة في موقع الأنبا تكلا: القديس يوحنا المعمدان (متى 3) - صور إنجيل متى، رسم جيمز بادجيت (1931-2009)، إصدار شركة سويت ميديا

St-Takla.org Image: Saint John the Baptist (Matthew 3) - Matthew, Bible illustrations by James Padgett (1931-2009), published by Sweet Media

صورة في موقع الأنبا تكلا: القديس يوحنا المعمدان (متى 3) - صور إنجيل متى، رسم جيمز بادجيت (1931-2009)، إصدار شركة سويت ميديا

كان القدّيس يوحنا يكرز "في برّيّة اليهوديّة"، ولم تكن برّيّة قاحلة، إنّما كانت تضم ست مدن مع ضياعها (يش 15: 61-62)، لكنها منطقة غير مزدحمة ولا مُحاطة بالحقول والكروم كبقيّة البلاد.

لم يخدم القدّيس يوحنا ككاهنٍ في هيكل سليمان، لكنّه خرج إلى البرّيّة ليفضح ما وصلت إليه الطبيعة البشريّة، التي تخلّت عن عملها المقدّس كهيكل لله فصارت مملوءة جفافًا؛ صارت برّيّة قاحلة وقفرًا محتاجة إلى المسيّا الملك أن ينزل إليها ليرويها بمياه روحه القدّوس، فيجعلها فردوسًا تحمل ثمار الروح. يقول إشعياء النبي على لسان الطبيعة البشريّة المتعطّشة لعمل المسيّا الملك: "يسكب علينا روح من العلاء، فتصير البرّيّة بستانًا" (إش32: 15)، "تفرح البرّيّة والأرض اليابسة ويبتهج القفر ويزهر كالنرجس، يزهر إزهارًا، ويبتهج ابتهاجًا ويُرَنِّم" (إش 35: 1-2). هكذا يقدّم القدّيس يوحنا البشريّة كقفرٍ للملك، فيحوّلها فردوسًا أبديًا، بل ويجعلها هيكله المقدّس. لقد حُرم يوحنا المعمدان من خدمة الهيكل الكهنوتية ليهيّئ الطريق لرئيس الكهنة الأعظم ربّنا يسوع، الذي يجعل من برّيتنا هيكلًا جديدًا سماويًا.

لعلّ داود النبي قد رأى بروح النبوّة هذا المنظر، فتهلّلت نفسه فيه، إذ قدّم لنا في ذات البرّيّة مزموره الثالث والستين، فيه يقول: "عطشت إليك نفسي، يشتاق إليك جسدي في أرض ناشفة ويابسة بلا ماء... التصقت نفسي بك. يمينك تعضدني" (مز 63: 1، 8). لقد رأى داود النبي جموع التائبين على يديّ يوحنا المعمدان في هذه البرّيّة، وقد التهبت قلوبهم بالعطش، وعطش جسده لمياه نعمته... فجاء السيّد لتلتصق هذه النفوس به، وتستند بقوّته بكونها يمين الرب.

ويرى القديس أمبروسيوس أن البرّيّة التي كرز فيها القدّيس يوحنا المعمدان هي الكنيسة التي قال عنها النبي إشعياء "لأن بنيّ المستوحشة أكثر من بنيّ ذات البعل" (إش 54: 1) فقد جاء كلمة الله حتى تثمر من كانت قبلًا مستوحشة وبرّيّة.

كيف هيّأ القدّيس يوحنا المعمدان الطريق الملوكي؟ بالمناداة بالتوبة، قائلًا: "توبوا لأنه قد اقترب ملكوت السماوات" [2]. كان كأسد يزأر في البرّيّة، فخرجت إليه أورشليم وكل اليهوديّة وجميع الكورة المحيطة بالأردن [5]. كانت كلماته أصيلة، ينطق بكلمة الرب كما هي بلا تنميق بشري أو مداهنة أو تدليل، تنبع عن قلب أمين وصادق، يحيا بما ينطق به اللسان، فكان للكلمة فاعليّتها. حقًا إن سرّ جاذبيّة رسالة يوحنا هو اختفاؤه في كلمة الله، وإعلان رسالته خلال حياته العمليّة.

"التوبة" في اليونانيّة "ميتانية" وتعني تغيير الاتّجاه، فيعطي الإنسان لله الوجه لا القفا خلال اتّحاده بالمسيّا وذلك بعدما حوّل القفا لا الوجه نحو الله (إر 2: 27). لقد التقى شاول الطرسوسي بالآب خلال المسيّا القائم من الأموات، فتغيّر قلبه وفكره وكل اشتياقاته.

لقد "اقترب ملكوت السماوات"، فصار على الأبواب، إذ جاء السيّد المسيح ليسكن فينا، ولم يعد بعيدًا عنّا. وكما يقول الرسول بولس: "الكلمة قريبة منك، في فمك وفي قلبك" (رو 10: 8). أمّا طريق التمتّع بهذا الملكوت فهو إدراكنا بالحاجة إلى عمل المسيّا فينا؛ فإذ يَدين الإنسان نفسه ينفتح القلب لاستقبال عمل المسيّا فيه. يقول القديس يوحنا الذهبي الفم: [جاء يوحنا ليقودهم إلى التوبة لا لكي يُعاقَبوا، وإنما خلال التوبة يدينون أنفسهم مسرعين إلى نوال المغفرة... فإنهم ما لم يدينوا أنفسهم لا يقدرون أن يطلبوا نعمته، وبعدم طلبهم هذا لا يمكنهم نوال المغفرة(103).]

St-Takla.org Image: John the Baptist: "For this is he who was spoken of by the prophet Isaiah, saying: “The voice of one crying in the wilderness: ‘Prepare the way of the Lord; Make His paths straight.’ ” Now John himself was clothed in camel’s hair, with a leather belt around his waist; and his food was locusts and wild honey" (Matthew 3: 3-4) - "As it is written in the Prophets: “Behold, I send My messenger before Your face, who will prepare Your way before You.” “The voice of one crying in the wilderness: ‘Prepare the way of the Lord; Make His paths straight.’”" (Mark 1: 2-3) - "Now in the fifteenth year of the reign of Tiberius Caesar, Pontius Pilate being governor of Judea, Herod being tetrarch of Galilee, his brother Philip tetrarch of Iturea and the region of Trachonitis, and Lysanias tetrarch of Abilene, while Annas and Caiaphas were high priests, the word of God came to John the son of Zacharias in the wilderness.. as it is written in the book of the words of Isaiah the prophet, saying: “The voice of one crying in the wilderness: ‘Prepare the way of the Lord; Make His paths straight. Every valley shall be filled and every mountain and hill brought low; the crooked places shall be made straight and the rough ways smooth; And all flesh shall see the salvation of God.’”" (Luke 3: 1-2, 4-6) - "There was a man sent from God, whose name was John. This man came for a witness, to bear witness of the Light, that all through him might believe. He was not that Light, but was sent to bear witness of that Light" (John 1: 6-8) - Luke, Bible illustrations by James Padgett (1931-2009), published by Sweet Media صورة في موقع الأنبا تكلا: يوحنا المعمدان: "فإن هذا هو الذي قيل عنه بإشعياء النبي القائل: «صوت صارخ في البرية: أعدوا طريق الرب. اصنعوا سبله مستقيمة». ويوحنا هذا كان لباسه من وبر الإبل، وعلى حقويه منطقة من جلد. وكان طعامه جرادا وعسلا بريا (متى 3: 3-4) - "كما هو مكتوب في الأنبياء: «ها أنا أرسل أمام وجهك ملاكي، الذي يهيئ طريقك قدامك. صوت صارخ في البرية: أعدوا طريق الرب، اصنعوا سبله مستقيمة»" (مرقس 1: 2-3) - "وفي السنة الخامسة عشرة من سلطنة طيباريوس قيصر، إذ كان بيلاطس البنطي واليا على اليهودية، وهيرودس رئيس ربع على الجليل، وفيلبس أخوه رئيس ربع على إيطورية وكورة تراخونيتس، وليسانيوس رئيس ربع على الأبلية، في أيام رئيس الكهنة حنان وقيافا، كانت كلمة الله على يوحنا بن زكريا في البرية.. كما هو مكتوب في سفر أقوال إشعياء النبي القائل: «صوت صارخ في البرية: أعدوا طريق الرب، اصنعوا سبله مستقيمة. كل واد يمتلئ، وكل جبل وأكمة ينخفض، وتصير المعوجات مستقيمة، والشعاب طرقا سهلة، ويبصر كل بشر خلاص الله»" (لوقا 3: 1-2، 4-6) - "كان إنسان مرسل من الله اسمه يوحنا. هذا جاء للشهادة ليشهد للنور، لكي يؤمن الكل بواسطته. لم يكن هو النور، بل ليشهد للنور" (يوحنا 1: 6-8) - صور إنجيل لوقا، رسم جيمز بادجيت (1931-2009)، إصدار شركة سويت ميديا

St-Takla.org Image: John the Baptist: "For this is he who was spoken of by the prophet Isaiah, saying: “The voice of one crying in the wilderness: ‘Prepare the way of the Lord; Make His paths straight.’ ” Now John himself was clothed in camel’s hair, with a leather belt around his waist; and his food was locusts and wild honey" (Matthew 3: 3-4) - "As it is written in the Prophets: “Behold, I send My messenger before Your face, who will prepare Your way before You.” “The voice of one crying in the wilderness: ‘Prepare the way of the Lord; Make His paths straight.’”" (Mark 1: 2-3) - "Now in the fifteenth year of the reign of Tiberius Caesar, Pontius Pilate being governor of Judea, Herod being tetrarch of Galilee, his brother Philip tetrarch of Iturea and the region of Trachonitis, and Lysanias tetrarch of Abilene, while Annas and Caiaphas were high priests, the word of God came to John the son of Zacharias in the wilderness.. as it is written in the book of the words of Isaiah the prophet, saying: “The voice of one crying in the wilderness: ‘Prepare the way of the Lord; Make His paths straight. Every valley shall be filled and every mountain and hill brought low; the crooked places shall be made straight and the rough ways smooth; And all flesh shall see the salvation of God.’”" (Luke 3: 1-2, 4-6) - "There was a man sent from God, whose name was John. This man came for a witness, to bear witness of the Light, that all through him might believe. He was not that Light, but was sent to bear witness of that Light" (John 1: 6-8) - Luke, Bible illustrations by James Padgett (1931-2009), published by Sweet Media

صورة في موقع الأنبا تكلا: يوحنا المعمدان: "فإن هذا هو الذي قيل عنه بإشعياء النبي القائل: «صوت صارخ في البرية: أعدوا طريق الرب. اصنعوا سبله مستقيمة». ويوحنا هذا كان لباسه من وبر الإبل، وعلى حقويه منطقة من جلد. وكان طعامه جرادا وعسلا بريا (متى 3: 3-4) - "كما هو مكتوب في الأنبياء: «ها أنا أرسل أمام وجهك ملاكي، الذي يهيئ طريقك قدامك. صوت صارخ في البرية: أعدوا طريق الرب، اصنعوا سبله مستقيمة»" (مرقس 1: 2-3) - "وفي السنة الخامسة عشرة من سلطنة طيباريوس قيصر، إذ كان بيلاطس البنطي واليا على اليهودية، وهيرودس رئيس ربع على الجليل، وفيلبس أخوه رئيس ربع على إيطورية وكورة تراخونيتس، وليسانيوس رئيس ربع على الأبلية، في أيام رئيس الكهنة حنان وقيافا، كانت كلمة الله على يوحنا بن زكريا في البرية.. كما هو مكتوب في سفر أقوال إشعياء النبي القائل: «صوت صارخ في البرية: أعدوا طريق الرب، اصنعوا سبله مستقيمة. كل واد يمتلئ، وكل جبل وأكمة ينخفض، وتصير المعوجات مستقيمة، والشعاب طرقا سهلة، ويبصر كل بشر خلاص الله»" (لوقا 3: 1-2، 4-6) - "كان إنسان مرسل من الله اسمه يوحنا. هذا جاء للشهادة ليشهد للنور، لكي يؤمن الكل بواسطته. لم يكن هو النور، بل ليشهد للنور" (يوحنا 1: 6-8) - صور إنجيل لوقا، رسم جيمز بادجيت (1931-2009)، إصدار شركة سويت ميديا

يقول القديس أمبروسيوس: [كثيرين يتطلّعون إلى يوحنا كرمز للناموس، بكونه يقدر أن ينتهر الخطيّة، لكنّه لا يقدر أن يغفرها(104).]

لقد وصف إشعياء النبي القدّيس يوحنا المعمدان، قائلًا: "صوت صارخ في البرّيّة، أعدّوا طريق الرب. اصنعوا سبله مستقيمة" [3]. إنه الصوت الذي يسبق "الكلمة الإلهي"، وكما يقول الأب غريغوريوس الكبير: [من حديثنا تعرفون أن "الصوت" يكون أولًا عندئذ تُسمع "الكلمة"، لهذا يُعلن يوحنا عن نفسه أنه "صوت"، إذ هو يسبق "الكلمة". فبمجيئه أمام الرب دُعيَ "صوتًا"، وبخدمته سمع الناس "كلمة الرب" إنه يصرخ معلنًا: "اصنعوا سُبله مستقيمة"... إن طريق الرب للقلب يكون مستقيمًا متى استقبل بتواضعٍ كلماته للحق، يكون مستقيمًا إن مارسنا حياتنا في توافق مع وصاياه. لذلك قيل: "إن أحبّني أحد يحفظ كلامي ويحبّه أبي وإليه نأتي وعنده نصنع منزلًا" (يو 14: 23). أمّا من يرفع قلبه بالكبرياء، ومن يلتهب بحُمّى الطمع، ومن يلوث نفسه بدنّس الشهوة يغلق باب قلبه ضدّ مدخل الحق، ولئلا يقتني الرب المدخل فإنه يحكم الإغلاق بالعادات الشرّيرة(105).]

يكمّل معلّمنا لوقا البشير هذه النبوّة بقوله: "كل وادٍ يمتلئ، وكل جبل وأكمة ينخفض، وتصير المعوجّات مستقيمة، والشعاب طرقًا سهلة، ويبصر كل بشرٍ خلاص الله" (لو 3: 5-6). ما هذه الوديّان التي تمتلئ خلال التوبة إلا وديان الأمم المنسحقة والمعترفة بحاجتها للمخلّص، هذه التي تمتلئ بمياه الروح القدس الواهبة للحياة. وما هذه الجبال والأكَمَة التي تنخفض إلا كبرياء إسرائيل ويهوذا، فقد تشامخ اليهود وظنّوا أنهم أبرار. فقد جاء يوحنا ليحطّم هذا الكبرياء والتشامخ حتى يستقبل المتّواضعون خلاص الله، فيصلح حال النفوس المعوجّة، وتتغيّر طبيعتها التي كانت كالشعاب القاسية لتصير سهلة. بهذا فإن خلاص الله مقدّم لكل البشر، اليهود والأمم!

*  ليُعدّ طريق الرب في قلوبنا، فإن قلب الإنسان هو عظيم ومتّسع، كما لو كان هو العالم. انظر إلى عظمته لا في كمّ جسداني، بل في قوّة الذهن التي تعطيه إمكانيّة أن يحتضن معرفة عظيمة جدًا للحق. إذن فليُعد طريق الرب في قلوبكم خلال حياة لائقة وبأعمال صالحة وكاملة، فيحفظ هذا الطريق حياتكم باستقامة، وتدخل كلمات الرب إليكم بلا عائق(106).

العلامة أوريجينوس

كانت صرخات يوحنا لا تخرج من فمه فحسب، وإنما تنطلق من كل حياته، تعلنها حياته الداخليّة ومظهره الخارجي، حتى ملبسه كان أشبه بعظة صامتة وفعّالة، وأيضًا طعامه. يقول الإنجيلي: "كان لباسه من وبَر الإبل وعلى حقويه منطقة من جلد، وكان طعامه جرادًا وعسلًا برّيًا" [4].

يندهش القديس يوحنا الذهبي الفم كيف يتحدّث الإنجيلي عن رسالة القدّيس يوحنا المعمدان التي تنبأ عنها إشعياء النبي ليعود فيتحدّث عن ملابسه وطعامه! لقد قدّم هذا المظهر ليتذكّر اليهود إيليّا النبي الغيور، فقد جاء كإيليّا يسبق الرب. بهذا المظهر أيضًا قدّم لنا درسًا في الحياة النسكيّة والبعد عن الحياة المدلّلة، وكما يقول القديس يوحنا الذهبي الفم: [ليتنا ننسى هذا النوع من الحياة المدلّلة والمخنّثة، فإنه لا يمكن أن تقوم الندامة مع الحياة المترفة في وقت واحد. ليعلِّمك يوحنا هذا الأمر بثوبه وطعامه مسكنه(107).]

لم يلبس يوحنا الملابس الطويلة كالفرّيسيّين، ولا الملابس الناعمة كحاشية الملك، وإنما ارتدى الملابس اللائقة بالدعوة للتوبة.

"واعتمدوا منه في الأردن معترفين بخطاياهم" [6].

إذ كان يوحنا يكرز بالتوبة كانت الجموع تأتي إليه تطلب العماد على يديه، معترفين بخطاياهم. لقد عرف اليهود أنواعًا من المعموديّات منها معموديّة المتهوّدين الدخلاء(108). أمّا معموديّة يوحنا فجاءت رمزًا للمعموديّة المسيحيّة، جاء بها القدّيس يوحنا المعمدان ليهيّئ بها الطريق أمام معموديّة العهد الجديد. لم يكن لمعموديّة يوحنا أن تهب البنوّة لله، الأمر الذي انفردت به المعموديّة المسيحيّة لدخول السيّد المسيح "الابن الوحيد" إليها؛ ولم تكن تحمل في ذاتها القدرة على غفران الخطايا والتقدّيس، إنّما ما حملته من قوّة فقد استمدّته كرمز من قوّة المرموز إليه، كما حملت الحيّة النحاسيّة قوّة الشفاء خلال الصليب الذي ترمز إليه.

St-Takla.org Image: John the Baptist: "In those days John the Baptist came preaching in the wilderness of Judea, and saying, “Repent, for the kingdom of heaven is at hand!”" (Matthew 3: 1-2) - "John came baptizing in the wilderness and preaching a baptism of repentance for the remission of sins" (Mark 1: 4) - "And he went into all the region around the Jordan, preaching a baptism of repentance for the remission of sins" (Luke 3: 3) - "Now this is the testimony of John, when the Jews sent priests and Levites from Jerusalem to ask him, “Who are you?” He confessed, and did not deny, but confessed, “I am not the Christ.” And they asked him, “What then? Are you Elijah?” He said, “I am not.” “Are you the Prophet?” And he answered, “No.”" (John 1: 19-21) - Luke, Bible illustrations by James Padgett (1931-2009), published by Sweet Media صورة في موقع الأنبا تكلا: يوحنا المعمدان: "وفي تلك الأيام جاء يوحنا المعمدان يكرز في برية اليهودية قائلا: «توبوا، لأنه قد اقترب ملكوت السماوات" (متى 3: 1-2) - "كان يوحنا يعمد في البرية ويكرز بمعمودية التوبة لمغفرة الخطايا" (مرقس 1: 4) - "فجاء إلى جميع الكورة المحيطة بالأردن يكرز بمعمودية التوبة لمغفرة الخطايا" (لوقا 3: 3) - "وهذه هي شهادة يوحنا، حين أرسل اليهود من أورشليم كهنة ولاويين ليسألوه: «من أنت؟» فاعترف ولم ينكر، وأقر: «إني لست أنا المسيح». فسألوه: «إذا ماذا؟ إيليا أنت؟» فقال: «لست أنا». «ألنبي أنت؟» فأجاب: «لا»" (يوحنا 1: 19-21) - صور إنجيل لوقا، رسم جيمز بادجيت (1931-2009)، إصدار شركة سويت ميديا

St-Takla.org Image: John the Baptist: "In those days John the Baptist came preaching in the wilderness of Judea, and saying, “Repent, for the kingdom of heaven is at hand!”" (Matthew 3: 1-2) - "John came baptizing in the wilderness and preaching a baptism of repentance for the remission of sins" (Mark 1: 4) - "And he went into all the region around the Jordan, preaching a baptism of repentance for the remission of sins" (Luke 3: 3) - "Now this is the testimony of John, when the Jews sent priests and Levites from Jerusalem to ask him, “Who are you?” He confessed, and did not deny, but confessed, “I am not the Christ.” And they asked him, “What then? Are you Elijah?” He said, “I am not.” “Are you the Prophet?” And he answered, “No.”" (John 1: 19-21) - Luke, Bible illustrations by James Padgett (1931-2009), published by Sweet Media

صورة في موقع الأنبا تكلا: يوحنا المعمدان: "وفي تلك الأيام جاء يوحنا المعمدان يكرز في برية اليهودية قائلا: «توبوا، لأنه قد اقترب ملكوت السماوات" (متى 3: 1-2) - "كان يوحنا يعمد في البرية ويكرز بمعمودية التوبة لمغفرة الخطايا" (مرقس 1: 4) - "فجاء إلى جميع الكورة المحيطة بالأردن يكرز بمعمودية التوبة لمغفرة الخطايا" (لوقا 3: 3) - "وهذه هي شهادة يوحنا، حين أرسل اليهود من أورشليم كهنة ولاويين ليسألوه: «من أنت؟» فاعترف ولم ينكر، وأقر: «إني لست أنا المسيح». فسألوه: «إذا ماذا؟ إيليا أنت؟» فقال: «لست أنا». «ألنبي أنت؟» فأجاب: «لا»" (يوحنا 1: 19-21) - صور إنجيل لوقا، رسم جيمز بادجيت (1931-2009)، إصدار شركة سويت ميديا

*  كان يوحنا يعمدّ بالماء لا بالروح القدس، فبكونها عاجزة عن غفران الخطايا، تغسل أجساد من يعتمدون بالماء، أمّا نفوسهم فلا تقدر أن تغسلها. إذن لماذا كان يوحنا يعمّد...؟ إنه في ميلاده كان سابقًا لمن يولد، وبالتعميد كان سابقًا للرب الذي يعمّد، وبكرازته صار سابقًا للمسيح!(109)

الأب غريغوريوس (الكبير)

*  لنعالج باختصار الأنواع المختلفة للمعموديّة:

موسى كان يعمدّ لكن في الماء، في السحابة والبحر، لكنّه فعل هذا بطريقة رمزيّة.

يوحنا أيضًا عمّد، حقًا ليس بطقس اليهود، وليس فقط في الماء وإنما لمغفرة الخطايا، لكنها لم تكن بطريقة روحيّة كاملة، إذ لم يضف أنها "في الروح".

يسوع عمّد ولكن في الروح، وهذا هو الكمال!

توجد أيضًا معموديّة رابعة، تتم بالاستشهاد والدم، الذي اعتمد بها المسيح نفسه والتي هي مكرّمة جدًا عن الباقين...

ومع ذلك توجد معموديّة خامسة وهي عاملة بالأكثر، معموديّة الدموع، حيث كان داود يُعوّم كل ليلة سريره ويغسل فراشه بدموعه (مز 6: 6)(110).

القديس غريغوريوس النزينزي

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

2. تهيئة الطريق

7 فَلَمَّا رَأَى كَثِيرِينَ مِنَ الْفَرِّيسِيِّينَ وَالصَّدُّوقِيِّينَ يَأْتُونَ إِلَى مَعْمُودِيَّتِهِ، قَالَ لَهُمْ: «يَا أَوْلاَدَ الأَفَاعِي، مَنْ أَرَاكُمْ أَنْ تَهْرُبُوا مِنَ الْغَضَبِ الْآتِي؟ 8 فَاصْنَعُوا أَثْمَارًا تَلِيقُ بِالتَّوْبَةِ. 9 وَلاَ تَفْتَكِرُوا أَنْ تَقُولُوا فِي أَنْفُسِكُمْ: لَنَا إِبْراهِيمُ أَبًا. لأَنِّي أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ اللهَ قَادِرٌ أَنْ يُقِيمَ مِنْ هذِهِ الْحِجَارَةِ أَوْلاَدًا لإِبْراهِيمَ. 10 وَالآنَ قَدْ وُضِعَتِ الْفَأْسُ عَلَى أَصْلِ الشَّجَرِ، فَكُلُّ شَجَرَةٍ لاَ تَصْنَعُ ثَمَرًا جَيِّدًا تُقْطَعُ وَتُلْقَى فِي النَّارِ. 11 أَنَا أُعَمِّدُكُمْ بِمَاءٍ لِلتَّوْبَةِ، وَلكِنِ الَّذِي يَأْتِي بَعْدِي هُوَ أَقْوَى مِنِّي، الَّذِي لَسْتُ أَهْلًا أَنْ أَحْمِلَ حِذَاءَهُ. هُوَ سَيُعَمِّدُكُمْ بِالرُّوحِ الْقُدُسِ وَنَارٍ. 12 الَّذِي رَفْشُهُ فِي يَدِهِ، وَسَيُنَقِّي بَيْدَرَهُ، وَيَجْمَعُ قَمْحَهُ إِلَى الْمَخْزَنِ، وَأَمَّا التِّبْنُ فَيُحْرِقُهُ بِنَارٍ لاَ تُطْفَأُ».

 

كان يوحنا يهيّئ الطريق للرب في القلوب، ليس بجمع الناس حوله ولحسابه، وإنما بالدخول بجماهير الشعب إلى حياة التوبة، معترفين بخطاياهم. وقد جاء الفرّيسيّون والصدّوقيّون إلى معموديّته بأجسادهم دون قلوبهم، لذا صار يوبّخهم هكذا: "يا أولاد الأفاعي، من أراكم أن تهربوا من الغضب الآتي" [7]. لم يكن يوحنا بالقصبة التي تحرّكها الريح فيهتز أمام هؤلاء القادة متملقًا إيّاهم، وإنما بقوّة كان يشتهي خلاصهم، فاضحًا الشرّ الذي فيهم، بدعوتهم "أولاد الأفاعي".

اتفق القادة المتضادّون معًا ضدّ يوحنا كما اتفقوا معًا ضدّ المسيح نفسه، فقد كان الفرّيسيّون يمثّلون السلطة الكنيسة اليهوديّة والتقليد بطريقة حرفيّة قاتلة. وكان الصدّوقيّون يمثّلون الجانب المضاد للسلطة، ضدّ التقليد، ينكرون القيامة ولا يقبلون فكرة وجود الأرواح. كان الفرّيسيّون يتطلّعون إلى يوحنا أنه أكثر خطرًا من الصدّوقيّين في الثورة على السلطة، فقد خرجت الجماهير من كل المدن لترى مثالًا حيًا للحياة التائبة العمليّة، الأمر الذي يفضح الفرّيسيّين وكل رجال السلطة الدينيّة. أمّا الصدّوقيّون فإنهم مع مقاومتهم كانوا يرون في يوحنا من هو أخطر من رجال السلطة الدينيّة، فقد كسب الجماهير لصفّه، مقدّمًا لهم مفاهيم روحيّة تهدم أفكار الصدّوقيّين.

على أي الأحوال، وقف القدّيس يوحنا أمام الفرّيسيّين والصدّوقيّين بكل قوّة يوبّخهم، ملقّبًا إيّاهم: "يا أولاد الأفاعي". وكما يقول القديس يوحنا الذهبي الفم: [حسنًا دعاهم أولاد الأفاعي، إذ يُقال أن ذلك الحيوان عند ولادته تأكل الصغار بطن أمها وتهلكها فيخرجون إلى النور، هكذا يفعل هذا النوع من الناس، إذ هم قتلة آباء وقتلة أمهات (1 تي 1: 9) يبيدون معلّميهم بأيديهم(111).]

St-Takla.org Image: John lived in the wilderness. His clothes were made of camel hair with a leather belt around his waist. He ate locusts and wild honey. (John 1: 6) (Matthew 3: 4) (Mark 1: 6) (Luke 3: 1-2) - "John baptizes Jesus" images set (Matthew 3:1-17, Mark 1:1-11, Luke 3:1-22, John 1:6-34): image (1) - The Gospels, Bible illustrations by James Padgett (1931-2009), published by Sweet Media صورة في موقع الأنبا تكلا: "كان إنسان مرسل من الله اسمه يوحنا" (يوحنا 1: 6) - "ويوحنا هذا كان لباسه من وبر الإبل، وعلى حقويه منطقة من جلد. وكان طعامه جرادا وعسلا بريا" (متى 3: 4) - "وكان يوحنا يلبس وبر الإبل، ومنطقة من جلد على حقويه، ويأكل جرادا وعسلا بريا" (مرقس 1: 6) - "وفي السنة الخامسة عشرة من سلطنة طيباريوس قيصر، إذ كان بيلاطس البنطي واليا على اليهودية، وهيرودس رئيس ربع على الجليل، وفيلبس أخوه رئيس ربع على إيطورية وكورة تراخونيتس، وليسانيوس رئيس ربع على الأبلية، في أيام رئيس الكهنة حنان وقيافا، كانت كلمة الله على يوحنا بن زكريا في البرية" (لوقا 3: 1-2) - مجموعة "يوحنا يعمد يسوع" (متى 3: 1-17, مرقس 1: 1-11, لوقا 3: 1-22, يوحنا 1: 6-34) - صورة (1) - صور الأناجيل الأربعة، رسم جيمز بادجيت (1931-2009)، إصدار شركة سويت ميديا

St-Takla.org Image: John lived in the wilderness. His clothes were made of camel hair with a leather belt around his waist. He ate locusts and wild honey. (John 1: 6) (Matthew 3: 4) (Mark 1: 6) (Luke 3: 1-2) - "John baptizes Jesus" images set (Matthew 3:1-17, Mark 1:1-11, Luke 3:1-22, John 1:6-34): image (1) - The Gospels, Bible illustrations by James Padgett (1931-2009), published by Sweet Media

صورة في موقع الأنبا تكلا: "كان إنسان مرسل من الله اسمه يوحنا" (يوحنا 1: 6) - "ويوحنا هذا كان لباسه من وبر الإبل، وعلى حقويه منطقة من جلد. وكان طعامه جرادا وعسلا بريا" (متى 3: 4) - "وكان يوحنا يلبس وبر الإبل، ومنطقة من جلد على حقويه، ويأكل جرادا وعسلا بريا" (مرقس 1: 6) - "وفي السنة الخامسة عشرة من سلطنة طيباريوس قيصر، إذ كان بيلاطس البنطي واليا على اليهودية، وهيرودس رئيس ربع على الجليل، وفيلبس أخوه رئيس ربع على إيطورية وكورة تراخونيتس، وليسانيوس رئيس ربع على الأبلية، في أيام رئيس الكهنة حنان وقيافا، كانت كلمة الله على يوحنا بن زكريا في البرية" (لوقا 3: 1-2) - مجموعة "يوحنا يعمد يسوع" (متى 3: 1-17, مرقس 1: 1-11, لوقا 3: 1-22, يوحنا 1: 6-34) - صورة (1) - صور الأناجيل الأربعة، رسم جيمز بادجيت (1931-2009)، إصدار شركة سويت ميديا

يكمّل القدّيس يوحنا المعمدان حديثه مع الفرّيسيّين والصدّوقيّين، قائلًا: "فاصنعوا أثمارًا تليق بالتوبة. ولا تفتكروا أن تقولوا في أنفسكم لنا إبراهيم أبًا، لأني أقول لكم أن الله قادر أن يُقيم من هذه الحجارة أولادًا لإبراهيم" [8-9].

إن كان اليهود عامة، وقادتهم الروحيّين بصفة خاصة، يتّكلون على نسبهم جسديًا لإبراهيم أب الآباء، فقد أوضح القديس يوحنا لهم بطلان هذه الحجّة. فإن كانوا يدعون أنهم "أبناء إبراهيم" ففي الحقيقة هم "أولاد الأفاعي"، لأنهم لا يحملون إيمان إبراهيم الحيّ ولا يسلكون على منواله، وإنما حملوا شرّ الأفاعي فيهم. فالإنسان حسب فكره وتصرفاته يظهر ابن من هو؟ فالسالكون بغير حكمة يدعون "أبناء الحماقة" (أي 30: 8)، والذين يسلكون في المعصية يحسبون "أبناء المعصية" (كو 3: 6)، ومن لا يبالي بهلاك نفسه يسمى "ابن الهلاك" (يو 17: 12)، وعلى العكس الذين يختبرون الحياة الجديدة المُقامة مع المسيح وفيه يعتبرون "أبناء القيامة" (لو 20: 36)، والذين يحبّون النور الإلهي، ويسعون نحوه فيدعون: "أبناء النور" (يو12: 36) و"أبناء النهار" (1 تس 5: 5) إلخ.

إن كان هؤلاء القادة قد اعتمدوا على نسبهم لإبراهيم، فيلزمهم تأكيد هذه البنوّة بذات الروح الذي عمل به أبونا إبراهيم، وإلا فإن الله يُقيم له أولادًا من الحجارة، وقد أقام فعلًا. لقد أخرج الله من الأمم التي تحجّرت قلوبهم أبناء لإبراهيم خلال الإيمان بالسيّد المسيح، الذي رأى إبراهيم يومه فتهلّل (يو 8: 56).

يرى القديس يوحنا الذهبي الفم أن هذا التشبيه جاء عن ولادة هذا الشعب خلال اسحق الموهوب لإبراهيم خلال رحم سارّة العقيم كما لو كان متحجّرًا(112). كان كالحجر في حالة موت غير قادر على الإنجاب، فأقام الله منه أولادًا لإبراهيم خلال قوّة وعده الإلهي وإيمان إبراهيم بالله القادر على الإقامة من الأموات. هذا ما قصده النبي عندما قال: "انظروا إلى الصخر الذي منه قُطعتم، وإلى نقرة الجب التي منها حُفِرتُم. انظروا إلى إبراهيم أبيكم، وإلى سارّة التي ولدتكم" (إش 51: 1-2). ها هو يذكرهم الآن بهذه البنوّة، فقد جعله الله أبًا لهم بطريقة معجزيّة كمن يُقيم من الحجارة أولادًا. الآن أيضًا يمكنه أن يفعل ذلك(113).

ويرى القديس أغسطينوس أن الحجارة التي صارت أولادًا لإبراهيم إنّما تُشير إلى الأمم الذين عبدوا الأوثان فصاروا حجارة، وإذ قبلوا الإيمان الذي كان لإبراهيم صاروا من نسله روحيًا. إنه يقول: [يُقصد بالحجارة كل الأمم ليس من أجل قدرتهم على الاحتمال كالحجر الذي رفضه البنّاءون، وإنما من أجل غباوتهم وبلادتهم الباطلة، فصاروا كالأشياء التي اعتادوا أن يعبدوها، إذ عبدوا الصور الجامدة صاروا هم أنفسهم بلا حس؛ "مثلها يكون صانعوها بل كل من يتّكل عليها" (مز 115: 8). لكنهم إذ بدأوا يعبدون الله، ماذا سمعوا بخصوصهم؟ "لكي تكونوا أبناء أبيكم الذي في السماوات، فإنه يشرق شمسه على الأشرار والصالحين، ويمطر على الأبرار والظالمين" (مت 5: 45) إذ يصير الإنسان مشابهًا لمن يعبده (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات والتفاسير الأخرى). إذن ماذا يقصد بالقول: "الله قادر أن يُقيم من هذه الحجارة أولادًا لإبراهيم" (مت 3: 9)...؟ أي نصير أولادًا لإبراهيم بامتثالنا بإيمانه وليس بميلادنا من جسده(114).] كما يقول: [كنّا في آبائنا حجارة إذ عبدنا الحجارة كآلهة، من هذه الحجارة يخلقنا الله عائلة لإبراهيم(115).]

ويقول القديس جيروم: [يستطيع الله أن يجعل من الحجارة أولادًا لإبراهيم؛ يُشير هنا إلى الأمم، إذ هم‎‎‎ حجارة بسبب قسوة قلوبهم. لنقرأ: "وأنزع قلب الحجر من لحمكمk وأعطيكم قلب لحم" (حز36: 26). فالحجر صورة القسوة، واللحم رمز اللطف. لقد أراد أن يظهر قوّة الله القادر أن يخلق من الحجارة الجامدة شعبًا مؤمنًا(116).]

"والآن قد وضعت الفأس على أصل الشجر.

فكل شجرة لا تصنع ثمرًا جيدًا تُقطع، وتُلقى في النار"  [10].

ماذا يقصد بالفأس التي يضرب بها الشجر غير المثمر، أو الشجر الذي يحمل ثمارًا غير جيّدة إلا صليب ربّنا يسوع المسيح الذي يضرب أصل طبيعتنا الفاسدة ليهلك الإنسان القديم، مقيمًا الإنسان الجديد الذي على صورة خالقه الذي يقدّم ثمر الروح القدس المفرح. إنه يدفن الإنسان العتيق في مياه المعموديّة كما في القبر مع السيد، أو يُلقي به كما في النار ليقدّم لنا خبرة الحياة. لهذا فلا عجب إن كمَّل النبي حديثه بخصوص المعموديّة المسيحيّة، بكونها طريق هدم الإنسان القديم وقيامة الإنسان الجديد، إذ يقول: "أنا أعمّدكم بماء للتوبة، ولكن الذي يأتي بعدي من هو أقوى مني، الذي لست أهلًا أن أحمل حذاءه، هو سيعمّدكم بالروح القدس ونار" [11].

يقول القديس مار يعقوب السروجي: [المعموديّة هي الكور العظيم الممتلئ نارًا، فيها يُسبك الناس ليصيروا غير أموات(117).]

يقول القديس كبريانوس: [إنها المعموديّة التي فيها يموت الإنسان القديم، ويولد الإنسان الجديد كما يُعلن الرسول مؤكّدًا أنه خلصنا بغسل التجديد(118).]

يرى القدّيس يوحنا المعمدان أنه غير مستحق أن يحمل حذاء السيّد المسيح، وفي موضع آخر يُعلن أنه غير مستحق أن يحلّ سيور حذائه (يو 1: 27)، ماذا يعني بهذا؟ إن كان كلمة الله غير المُدرَك قد صار كمن يلبس حذاء بتجسّده، إذ صار كواحدٍ منّا يسير بيننا، فإن القدّيس يوحنا يُعلن أنه غير مستحق أن يحمل هذا السرّ الفائق الذي للتجسّد، ولا أن يحلّ أختامه (سيوره) إذ لا يمكن التعبير عنه.

يقول الأب غريغوريوس (الكبير): [من لا يعرف أن الحذاء يُصنع من جلد الحيوانات الميّتة؟! إذ صار الرب متجسّدًا، يظهر بين الناس كمن هو محتذي، إذ لبس لاهوته غطاءً قابلًا للموت لذلك يقول النبي: "على أدوم أطرح نعلي" (مز 60: 8). لقد أُشير للأمم بأدوم... خلال الجسد صار معروفًا لدى الأمم، كما لو أن اللاهوت قد جاء إلينا بقدم محتذي. لكن لا يمكن للعين البشريّة أن تخترق سرّ التجسّد. فإنه ليس من طريق به يتحقّق إدراك كيف صار الكلمة متجسّدًا، وكيف انتعش الروح العلوي واهب الحياة داخل أحشاء أم، وكيف حُبل بذاك الذي بلا بداية وصار إلى الوجود. إذن فسيور الحذاء إنّما هي أختام السرّ. لم يكن يوحنا مستحقًا أن يحلّ حذاءه إذ كان عاجزًا عن البحث في سرّ تجسّده... إني أعرف أنه وُلد بعدي، لكنّني أعجز عن فهم سرّ هذا المولود. انظر! فإن يوحنا الممتلئ بالروح -روح النبوّة- والمستنير بالمعرفة يُعلن أنه لا يعرف شيئًا بخصوص هذا السر(119).]

St-Takla.org Image: The baptism of Jesus Christ by Saint John the Baptist (with angels) - Mosaic ceiling, date from 1225 until the fourteenth century, Byzantine style - Florence Baptistery of Saint John (Battistero di San) Giovanni at the Florence Cathedral: The Cattedrale di Santa Maria del Fiore (Il Duomo di Firenze, cattedrale metropolitana di Santa Maria del Fiore), Florence, Italy. It was established in 1296, and work completed in 1436. - Photograph by Michael Ghaly for St-Takla.org, September 28-29, 2014. صورة في موقع الأنبا تكلا: معمودية السيد المسيح يسوع بواسطة القديس الشهيد يوحنا المعمدان (مع الملائكة) - سقف الفسيفساء، تم العمل به من 1225 م. وحتى القرن الرابع عشر، بأسلوب بيزنطي - صور معمودية القديس يوحنا في كاتدرائية القديسة العذراء مريم: كاتدرائية عذراء الزهور (دومو دي فيرينزي)، فلورنسا، إيطاليا. وقد بدأ العمل بها عام 1296، وتم إكماله عام 1436 م. - تصوير مايكل غالي لموقع الأنبا تكلاهيمانوت، 28-29 سبتمبر 2014

St-Takla.org Image: The baptism of Jesus Christ by Saint John the Baptist (with angels) - Mosaic ceiling, date from 1225 until the fourteenth century, Byzantine style - Florence Baptistery of Saint John (Battistero di San) Giovanni at the Florence Cathedral: The Cattedrale di Santa Maria del Fiore (Il Duomo di Firenze, cattedrale metropolitana di Santa Maria del Fiore), Florence, Italy. It was established in 1296, and work completed in 1436. - Photograph by Michael Ghaly for St-Takla.org, September 28-29, 2014.

صورة في موقع الأنبا تكلا: معمودية السيد المسيح يسوع بواسطة القديس الشهيد يوحنا المعمدان (مع الملائكة) - سقف الفسيفساء، تم العمل به من 1225 م. وحتى القرن الرابع عشر، بأسلوب بيزنطي - صور معمودية القديس يوحنا في كاتدرائية القديسة العذراء مريم: كاتدرائية عذراء الزهور (دومو دي فيرينزي)، فلورنسا، إيطاليا. وقد بدأ العمل بها عام 1296، وتم إكماله عام 1436 م. - تصوير مايكل غالي لموقع الأنبا تكلاهيمانوت، 28-29 سبتمبر 2014

سر نجاح القدّيس يوحنا المعمدان هو تواضعه؛ فبقوله إنه غير مستحق أن يحلّ سيور حذاءه يقول القديس يوحنا الذهبي الفم كأنما يقول: [إنه عالٍ عليِّ جدًا، ولا استحق أن أُحسب أقل عبد عنده، فإنّ حلّ سيور الحذاء هي أكثر الأعمال وضاعة(120).]

بعد أن طالبهم بالتوبة العمليّة الحاملة للثمر الروحي، مقدّمًا لهم المعموديّة كسِّر صلب إنسانهم العتيق والتمتّع بالحياة الجديدة، متّحدثًا في تواضع أنه غير مستحق إدراك أسرار الحمل الفائق، أوضح مجيء هذا الحمل كديّان: "الذي رَفْشه في يده، وسينقّي بيْدره، ويجمع قمحه إلى المخزن، وأما التبن فيحرقه بنار لا تُطفأ" [12].

هكذا يقدّم لهم القدّيس يوحنا المعمدان السيّد المسيح كديّان، فإن كان بلطفه يترك الحنطة مع التبن إنّما إلى حين، وسيأتي الوقت حتمًا ليذَرّي الحصاد، ويفصل القمح إلى المخزن، والتبن إلى النار. الآن يعيش الأبرار مع الأشرار، والمؤمنون مع غير المؤمنين، حتى يأتي يوم الرب العظيم الذي يقوم بنفسه بالتذرية. يمسك رفشه في يده ولا يسلّمه لآخر، فإنه وحده العارف القلوب والقادر أن يفصل الحنطة من التبن بحكمة دون أن يخطئ.

يطمئننا القديس أغسطينوس أنه وإن وُجدت الحنطة مختلطة بالتبن هنا، لكن هذا لن يؤذي الحنطة ولا يفقدها إكليلها، فسيأتي الوقت لعزلها عن التبن حيث يحرق التبن في النار: [هذا التبن لا يُهلك من هم حنطة الرب، والذين هم قليلون إن قورنوا بالآخرين، لكنهم هم جمع عظيم. لا يهلك مختارو الله الذين يُجمعون من أقاصي العالم، من أربعة رياح، من أقصى السماء إلى أقصاها (مت 24: 31). ويصرخ المختارون قائلين: "خلِّص يا رب، لأنه قد انقرض التقي، لأنه قد انقطع الأمناء من بني البشر" (مز 12: 1). فيقول لهم الرب: "من يصبر إلى المنتهى (حيث يُقيد الشرّ) فهذا يخلُص" (مت24: 13)(121).]

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

3. عماد المسيح

13 حِينَئِذٍ جَاءَ يَسُوعُ مِنَ الْجَلِيلِ إِلَى الأُرْدُنِّ إِلَى يُوحَنَّا لِيَعْتَمِدَ مِنْهُ.

14 وَلكِنْ يُوحَنَّا مَنَعَهُ قَائِلًا:

«أَنَا مُحْتَاجٌ أَنْ أَعْتَمِدَ مِنْكَ، وَأَنْتَ تَأْتِي إِلَيَّ!»

15 فَأَجَابَ يَسُوعُ وَقَالَ لَهُ: «اسْمَحِ الآنَ، لأَنَّهُ هكَذَا يَلِيقُ بِنَا أَنْ نُكَمِّلَ كُلَّ بِرّ».

حِينَئِذٍ سَمَحَ لَهُ.

St-Takla.org Image: John the Baptist baptizing Jesus Christ - St. Taklahimanot Church, Piassa, Gonder - From St-Takla.org's Ethiopia visit - Photograph by Michael Ghaly for St-Takla.org, April-June 2008 صورة في موقع الأنبا تكلا: القديس يوحنا المعمدان يعمد يسوع المسيح - من ألبوم صور كنيسة الأنبا تكلاهيمانوت بمنطقة البيازا، جوندر، الحبشة - تصوير مايكل غالي لموقع الأنبا تكلاهيمانوت، من رحلة موقع الأنبا تكلا إلى إثيوبيا، إبريل - يونيو 2008

St-Takla.org Image: John the Baptist baptizing Jesus Christ - St. Taklahimanot Church, Piassa, Gonder - From St-Takla.org's Ethiopia visit - Photograph by Michael Ghaly for St-Takla.org, April-June 2008

صورة في موقع الأنبا تكلا: القديس يوحنا المعمدان يعمد يسوع المسيح - من ألبوم صور كنيسة الأنبا تكلاهيمانوت بمنطقة البيازا، جوندر، الحبشة - تصوير مايكل غالي لموقع الأنبا تكلاهيمانوت، من رحلة موقع الأنبا تكلا إلى إثيوبيا، إبريل - يونيو 2008

16 فَلَمَّا اعْتَمَدَ يَسُوعُ صَعِدَ لِلْوَقْتِ مِنَ الْمَاءِ،

وَإِذَا السَّمَاوَاتُ قَدِ انْفَتَحَتْ لَهُ،

فَرَأَى رُوحَ اللهِ نَازِلًا مِثْلَ حَمَامَةٍ وَآتِيًا عَلَيْهِ،

17 وَصَوْتٌ مِنَ السَّمَاوَاتِ قَائِلًا:

«هذَا هُوَ ابْني الْحَبِيبُ الَّذِي بِهِ سُرِرْتُ». [13-17].

 

تحتفل الكنيسة بعيد عماد المسيح بكونه عيد الظهور الإلهي، حيث أعلن الثالوث القدّوس ذاته فيه. فإن كان عند نهر الأردن جاء كثيرون معترفين بخطاياهم، فإنه بدخول السيّد إلى المياه انكشفت حقيقته أنه أحد الثالوث القدّوس. دخل بين الخطاة لينكشف، فندرك أسراره، لا لمجرّد المعرفة العقليّة، وإنما لنختبر عمله الفائق فينا.

يتحدّث القديس أغسطينوس عن ظهور الثالوث القدّوس في العماد، قائلًا: [بجوار نهر الأردن ننظر ونتأمّل كما في منظر إلهي موضوع أمامنا. لقد أعلن لنا إلهنا نفسه بكونه الثالوث. جاء يسوع اعتمد بواسطة يوحنا، الرب بواسطة العبد، مثالًا للتواضع. أظهر لنا في تواضع أن المحبّة قد كملت. وعندما قال له يوحنا: "أنا محتاج أن اعتمد منك، وأنت تأتي إليّ. أجاب: اسمح الآن، لأنه هكذا يليق بنا أن نكمل كل برّ" [14-15].

عندما انفتحت السماوات ونزل الروح القدس في شكل حمامة، تبعه صوت من السماء، قائلًا: "هذا هو ابني الحبيب الذي به سررت" [17]. إذن هنا أمامنا الثالوث متمايزًا، الواحد عن الآخر: الآب في الصوت، الابن في الإنسان، والروح القدس في شكل حمامة. إنهم الله الواحد، ومع ذلك فإن الابن غير الآب، والآب غير الابن، والروح القدس ليس بالآب ولا بالابن. نحن نعلم أن هذا الثالوث الذي لا يُنطق به، يسكن في ذاته، يجدّد الكل، يخلق، يدعو، يدين ويخلّص، هذا الثالوث هو كما نعلم لا يُنطق به وغير منفصل(122).

نستطيع أن ندرك مدى اهتمام الكنيسة بالمعموديّة من كلمات القديس جيروم: [لم يكرز المخلّص نفسه بملكوت السماوات إلاّ بعد تقديسه الأردن بتغطيسه في العماد(123).]

_____

الحواشي والمراجع لهذه الصفحة هنا في موقع الأنبا تكلاهيمانوت:

(103) In Matt. hom 10:2.

(104) Catena Aurea (Luke 3).

(105) PL 1099 - 1103.

(106) In Luc. hom 21.

(107) In Matt. hom 10:6.

(108) للمؤلف: الروح القدس بين الميلاد الجديد...، 1981، ص 215.

(109) PL 74:1099- 1103.

(110) Oratio 39.

(111) In Matt. hom 11:2.

(112) In Matt. Hom., 11:3.

(113) In Matt. Hom., 11:3.

(114) In Ioan 9:16.

(115) In Ioan 42:5.

(116) In Matt. 3:9.

(117) ميمر عن المعموديّة المقدّسة: مخطوط بدير الأنبا أنطونيوس (نسخ عام 1488م).

(118) Ep. 74:5.

(119) PL 74:1099 - 1103.

(120) Catena Aurea (John 1).

(121) Ep. 93:33.

(122) Ser. de Scrip. 52.

(123) Ep. 69:6.

St-Takla.org                     Divider فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

← تفاسير أصحاحات إنجيل متى: مقدمة | 1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9 | 10 | 11 | 12 | 13 | 14 | 15 | 16 | 17 | 18 | 19 | 20 | 21 | 22 | 23 | 24 | 25 | 26 | 27 | 28

الكتاب المقدس المسموع: استمع لهذا الأصحاح


الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع

https://st-takla.org/pub_Bible-Interpretations/Holy-Bible-Tafsir-02-New-Testament/Father-Tadros-Yacoub-Malaty/01-Engeel-Matta/Tafseer-Engil-Mata__01-Chapter-03.html

تقصير الرابط:
tak.la/ps5g7r8