St-Takla.org  >   pub_Bible-Interpretations  >   Holy-Bible-Tafsir-02-New-Testament  >   Father-Antonious-Fekry  >   23-Resalet-Youhanna-1
 

شرح الكتاب المقدس - القمص أنطونيوس فكري

تفسير رسالة يوحنا الأولى - المقدمة

 

محتويات:

(إظهار/إخفاء)

* تأملات في كتاب رسالة يوحنا الرسول الأولى:
تفسير رسالة يوحنا الأولى: مقدمة رسالة يوحنا الأولى | أهمية المحبة في المسيحية وعند القديس يوحنا | يوحنا الأولى 1 | يوحنا الأولى 2 | يوحنا الأولى 3 | يوحنا الأولى 4 | يوحنا الأولى 5 | الخط العام لرسالة الرسول يوحنا الأولى

نص رسالة يوحنا الأولى: يوحنا الأولى 1 | يوحنا الأولى 2 | يوحنا الأولى 3 | يوحنا الأولى 4 | يوحنا الأولى 5 | يوحنا الأولى كامل

نسبت الكنيسة الأولى الرسائل الثلاث إلى يوحنا الحبيب تلميذ الرب يسوع ونلاحظ أن:

بداية إنجيل يوحنا "في البدء كان... " وبداية الرسالة الأولى "الذي كان من البدء" فتعبير "في البدء". وهو الذي ذكر قول الرب "أنا من البدء" (يو8: 25).

الكلمة السائدة في الثلاث رسائل هي كلمة المحبة.

يوحنا الرسول الحبيب أخت العذراء.

 

* ولد في بيت صيدا في الجليل. أبوه زبدي وأمه سالومة أخت العذراء مريم. وهذا نفهمه من مقارنة (مر15: 40) مع (يو 19: 25) مع (مت 27: 56) فالنساء اللواتي إجتمعن حول الصليب كانوا.

مريم المجدلية ومريم أم يعقوب ويوسي وأم ابنيّ زبدي (مت 27: 56).

مريم المجدلية ومريم أم يعقوب الصغير ويوسي وسالومة (مر 15 : 40).

أمه وأخت أمه، مريم زوجة كلوبا ومريم المجدلية (يو 19: 25).

 

أم ابنيّ زبدي

مريم المجدلية

مريم أم يعقوب ويوسي

 

سالومة

مريم المجدلية

مريم أم يعقوب ويوسي

أمه

أخت أمه

مريم المجدلية

مريم زوجة كلوبا

بالمقارنة نجد أن مريم زوجة كلوبا هي أم يعقوب الصغير ويوسي ونجد أن أم ابنيّ زبدي هي سالومة أخت العذراء مريم أم السيد المسيح. وابنيّ زبدي هما يعقوب ويوحنا كاتب الرسالة. ولكن يوحنا لم يذكر اسم أمه لا في إنجيله ولا في رسائله تواضعًا منه وإخفاء لذاته، وكذلك لم يذكر اسم خالته سالومة.

* وكان يوحنا يعمل صيادًا للسمك. وتتلمذ أولًا ليوحنا المعمدان. وبعد أن شهد المعمدان أمام يوحنا وأندراوس أن يسوع هو المسيح حمل الله، تبعا المسيح (يو 1: 35، 37، 40، 41). وهنا أيضًا كان يوحنا أحد التلميذين لكنه لم يذكر اسمه.

* والمسيح أطلق على يوحنا وأخيه يعقوب الكبير اسم ابني الرعد لشدة عزيمتهما وغيرتهما الشديدة وقوة إيمانهما. وهما ابني زبدي. ولاحظ أن هذه الغيرة الشديدة تقدست في المسيح فصارت حبا عجيبا للمسيح والناس.

* قيل أن يوحنا كان أصغر جميع الرسل، وكان عمره نحو 30 عامًا حين تبع المسيح وأقام بتولًا حياته كلها. وكان الرب يسوع يحبه محبة خاصة عبر عنها يوحنا بقوله عن نفسه في إنجيله "التلميذ الذي كان يسوع يحبه". ولقد حضر يوحنا مع المسيح في التجلي وصلاة البستان وفي إقامة إبنة يايرس. وإتكأ على صدر المسيح في العشاء السري وسأل المسيح عمن يسلمه.

* جاءت أم يوحنا ويعقوب لتسأل المسيح أن يجلس ولديها عن يمينه وعن يساره، إذ ظنت أن المسيح سيكون له ملكوتًا أرضيًا.

* ظهرت محبة يوحنا في أنه تبع المسيح إلى دار قيافا ثم إلى الصليب. وعلى الصليب قال السيد ليوحنا عن العذراء "هذه أمك" وقال للعذراء عن يوحنا "هذا إبنك" ليرعاها يوحنا. ومن هنا نرى أنه لو كان للعذراء أولاد آخرين كما يقول البعض لم يكن المسيح ليتركها ليوحنا.

* بعد قيامة المسيح كان يوحنا والرسل يصيدون سمكًا على بحيرة طبرية، وظهر لهم السيد المسيح فعرفه يوحنا قبل الجميع، ومن هنا نفهم أن المحبة الكبيرة للمسيح تفتح الأعين لمعرفته.

* بعد حلول الروح القدس على التلاميذ ذهب يوحنا مع بطرس للهيكل وأقاما مقعدًا. وبسبب هذه المعجزة حبسهما اليهود ثم أطلقوهما.

* ذهب مع بطرس إلى السامرة لوضع اليد على من قام فيلبس بتعميدهم من الذين آمنوا على يديه (أع 8: 14، 15).

* بشر يوحنا في آسيا الصغرى (تركيا) وبالذات في أفسس وقال البعض أنه أخذ معه مريم العذراء إلى هناك لفترة ما. ويُقال أنه ذهب إلى أفسس سنة 66 م.

* في إضطهاد دوميتيانوس للكنيسة ألقاه في زيت مغلي فأخرجه الرب سالمًا. فنفاه دوميتيانوس إلى جزيرة بطمس [هي جزيرة جرداء ليس بها طعام، بل وحوش، والذهاب لها في البحر مغامرة. وكأن النفي إليها شِبه حكم بالموت إما غرقًا أو جوعًا أو بالوحوش أو بقطاع الطرق ، فجزيرة بطمس كانت منفى للمجرمين وقطاع الطرق] وأقام يوحنا في هذه الجزيرة سنتين [رأى فيها الرؤيا المعروفة الواردة بسفر الرؤيا] إلى أن مات دوميتيانوس فرجع يوحنا إلى أفسس حوالي سنة 97 م. وبعد رجوعه كتب إنجيله والرسائل الثلاث.

* لما طعن في السن كانوا يحملونه إلى اجتماعات المؤمنين ليعظهم فكان يكرر هذه الكلمات "يا أولادي فليحب بعضكم بعضًا فإن هذه هي وصية الله إن عملتم بموجبها فهذا يكفي".

* ويحكى عنه أنه كان له تلميذًا صار زعيم عصابة لصوص، فلما عاد سأل عنه، وإذ علم ما آل إليه أمره، ذهب وراءه في الجبال بالرغم من كبر سنه، وبالرغم من خطورة التعرض للصوص. وعاد به تائبًا.

* ويحكى عنه أنه دخل حمام عام ليستحم فوجد كيرنثوس الهرطوقي داخل الحمام فخرج سريعًا محذرًا من إنهيار الحمام بسبب وجود هذا الهرطوقي بداخله. ومن هنا نرى تشدد هذا التلميذ المملوء محبة ضد الهراطقة، وهذا يتضح من (2 يو 10).

* يوحنا هو التلميذ الوحيد الذي مات ميتة طبيعية، فباقي التلاميذ الإثني عشر إستشهدوا. وكان موته في سن أكبر من 100 سنة. وقبره في أفسس.

St-Takla.org                     Divider فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

St-Takla.org Image: John’s First Epistle: John writes his first epistle, as the image of a dove representing the Holy Spirit and the Latin AMOR (love) appear in the sky - from the book: The Holy Apostles Story and Epistles (Der Heyligen Apostel Geschichte und Episteln), by Johann Christoph Weigel, 1695. صورة في موقع الأنبا تكلا: رسالة يوحنا الرسول الأولى، ويظهر القديس يوحنا الحبيب وهو يكتب الرسالة، ويظهر الروح القدس على شكل حمامة في السماء، وكلمة "محبة" باللاتينية: لامور - من كتاب: قصة الآباء الرسل والرسائل، يوهان كريستوف فيجيل، 1965 م.

St-Takla.org Image: John’s First Epistle: John writes his first epistle, as the image of a dove representing the Holy Spirit and the Latin AMOR (love) appear in the sky - from the book: The Holy Apostles Story and Epistles (Der Heyligen Apostel Geschichte und Episteln), by Johann Christoph Weigel, 1695.

صورة في موقع الأنبا تكلا: رسالة يوحنا الرسول الأولى، ويظهر القديس يوحنا الحبيب وهو يكتب الرسالة، ويظهر الروح القدس على شكل حمامة في السماء، وكلمة "محبة" باللاتينية: لامور - من كتاب: قصة الآباء الرسل والرسائل، يوهان كريستوف فيجيل، 1965 م.

الرسالة

* كُتِبَت في أفسس في أواخر القرن الأول بعد خراب أورشليم، أي بعد انتهاء الاضطهاد اليهودي، لذلك لم يشر إليه. ولكن كانت قد انتشرت بعض البدع والهرطقات، فاضطر الرسول أن يكتب هذه الرسالة للرد عليها.

* لم يذكر الرسول لمن وجه هذه الرسالة، وبهذا اعتبرت أنها موجهة للكنيسة كلها، أي الكنيسة الجامعة. ولذلك حسبت من رسائل الكاثوليكون أي الرسائل المرسلة لكل الكنيسة الجامعة.

* ولاحظ تكرار قوله يا أولادي ويا أيها الأولاد، فيوحنا يشعر بمسئولية رعوية أبوية تجاه من يقرأ الرسالة، وهو يوجه الرسالة لأولاده المحبوبين.

* هو يكتب ليحمي أولاده من انحرافات العقيدة وانحرافات السلوك، خصوصًا بعد ظهور المعلمين الكذبة أمثال كيرنثوس والغنوسيين. وفي (1 يو 2: 19) نفهم أن هؤلاء الهراطقة انشقوا على الكنيسة وتركوها. ويمكن تلخيص هذه الهرطقات في الآتي:

St-Takla.org                     Divider فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

الهرطقات التي قاومها يوحنا الرسول

1. الدوسيتيين:- هذه الهرطقة أنكرت التجسد. وكلمة دوسيتيين جاءت من اللفظ اليوناني "دوكين" أي "يظهر" فهم في رأيهم أن المسيح ظهر في صورة جسد، لكنه لم يتجسد، أي هو كان خيالًا لا حقيقة، وبالتالي فهو لم يتألم حقيقة، ويرد عليهم مثلًا في (1يو 4: 1-3 + 1 يو 1: 1). وأساس هذه البدعة قائم على وجود إلهين، إله للخير وإله للشر. (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات والتفاسير الأخرى). إله الخير هو خالق الروح، وإله الشر هو موجد المادة، لأن المادة في نظرهم هي شر، والله لا يمكن أن يخلق شرًا. وعلى هذا الأساس لا يمكن للرب أن يأخذ جسدًا حقيقيًا لأن الجسد شر، إذًا فهو كان له جسد خيالي أو غازي، ولقد تراءى للناس كأنه جاع وعطش وأكل وشرب وصلب ومات. لذلك إهتمت الكنيسة الأولى بأن تشرح أن الجسد والمادة صالحان لأن الله خلقهما أما الإنسان بشره فهو يفسدهما، ونقول في قانون الإيمان "تجسد وتأنس".

وهذا الفكر الهرطوقي يهدم أهم بركات التجسد، وهي ما عبرت عنه الكنيسة في التسبحة "أخذ الذي لنا وأعطانا الذي له" فالتجسد فيه نوع من المبادلة، المسيح أخذ جسدنا وأعطانا حياته ومجده وقداسته. وسكنى الروح القدس فينا. لقد اتحد الإلهي بالإنساني ليصير لنا نحن البشر أن نحصل على ما نحتاجه من اللاهوت ولا يوجد سوى فيه، فالتجسد إختزل المسافة الواسعة بين الله والإنسان، أخذ الله جسدنا ليعطينا من حياته ويصير شريكًا لنا في كل عمل صالح. هذا الفكر يشوه محبة الرب لنا، الذي أحبنا وشابهنا في كل شيء ما خلا الخطية وحدها. ومن صار يشبهه هنا على الأرض (غل4: 19) سيشبهه هناك في السماء (1يو3: 2).

2. الغنوسيين:- هؤلاء يتصورون إمكانية الخلاص بالمعرفة العقلية حيث كلمة "غنوس" هي الكلمة الإنجليزية "KNOW". وكأن التأمل العقلي، والعقل، قادران على خلاص الإنسان. ولو كان هذا صحيحًا فما الداعي للتجسد والفداء، وما الداعي لمعونة نعمة المسيح مادمنا سنخلص بقدرتنا الذاتية. إذًا لا ضرورة لعمل الله فينا بحسب فهم هؤلاء.

وهؤلاء الغنوسيين اهتموا بالمعرفة كطريق للخلاص، وذهبوا إلى حد القول بأن السلوك ليس له شأن كبير. لذلك فيوحنا يوضح بأن السلوك له أهمية بالغة (1 يو 3: 8-10). ونلاحظ أنه يتكلم عن فريقين:- أولهما أولاد الله ويسميهم السالكين في النور وثانيهما أولاد إبليس ويسميهم السالكين في الظلمة.

3. الأبيونيون:- هم شيعة تحط من قدر السيد المسيح ومنهم كيرنثوس عدو القديس يوحنا. ومعنى اسمهم الفقراء من اليهود. ويوحنا يُسَمِّي هؤلاء الذين يحطون من قدر المسيح أضداد للمسيح (1يو18:2) ويقول عن المسيح أنه " ابن الله" (1 يو 4: 15).

St-Takla.org                     Divider فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

هدف الرسالة

1. إن المسيح تجسد وبدمه طهرنا من كل خطية، وأعطانا طبيعة جديدة هي طبيعة المحبة، لذلك أكثر القديس يوحنا من ذكر كلمة المحبة. والمحبة هي طبيعة جديدة بها لا نحب العالم، بل نحب الله والإخوة بل ومن يعادوننا. هي عطية من الروح القدس لنا كخليقة جديدة. هي محبة فوق مستوى الطبيعة، فالمحبة الطبيعية هي أن نحب من يحبنا أو هي المحبة الغريزية مثل أن تحب الأم أولادها. وعدم وجود هذه المحبة يعتبره القديس يوحنا موتا. والقديس بولس الرسول يشرح السبب ببساطة أن عدم وجود هذه المحبة دليل على أن الروح القدس لا يعمل في هذا الإنسان ولم يحوله للخليقة الجديدة التي بها نخلص (غل6: 15). ويرى القديس يوحنا أن أثر التجسد يظهر في تغيير طبيعتنا وسلوكنا. هو بهذا يرد على الهراطقة ردًا عمليًا. فهم ينكرون أن المسيح أخذ له جسدًا حقيقيًا، والرسول يقول بل أخذ جسدًا حقيقيًا به إشترك في طبيعتنا وإتحد بها، وصار لنا نحن أن تكون لنا محبة نستمدها منه، فالمحبة غير موجودة سوى عند الله، لأن هذه هي طبيعته فالله محبة. فموضوع التجسد قبل أن يكون موضوعًا للنقاش والجدال والهرطقات والرد عليها، هو حياة نحياها. وبهذا يكون لنا روح الإفراز التي بها نرفض هرطقات هؤلاء الهراطقة. وفي فكر الرسول أن تجسد المسيح هو سبب الطبيعة الجديدة التي بها نحيا منتصرين على الخطية، وهذا هو معنى قول بولس الرسول "عظيم هو سر التقوى الله ظهر في الجسد" (1تى3: 16) ومعناه أن التقوى التي فينا هي نتيجة التجسد الذي به سكن اللاهوت في جسد المسيح الإنساني ، ولما إتحدنا نحن بجسد المسيح الإنساني صار لنا أن نمتلئ من كل احتياجاتنا من هذا الكنز الذي في المسيح ، نمتلئ قداسة وتقوى وحكمة ومجد (راجع كو 2: 3، 9، 10 + 2بط1: 3، 4) . لذلك فعدم الإيمان بتجسد المسيح هرطقة.

 

صفات حياة أولاد الله وحياة أولاد إبليس 

 

الجدول السابق على شكل نص مكتوب:

أولاد إبليس 3: 10

+ بغضة 2: 9، 11

+ ليست فيهم محبة الآب 2: 15

+ لهم شهوة الجسد والعيون وتعظم المعيشة 2: 16

وكل هذا يمضي

+ ينكرون أن يسوع هو المسيح

+ يفعلون الخطية 3: 8

+ يبقون في الموت 3: 14

 

من يترك الخطية ويقدم توبة يكون سالكًا

--------------------------------←

في النور (1 يو 1: 7)

 

 

من يحب العالم فيترك الله ويذهب للعالم

→-------------------------------

يكون سالكًا في الظلمة (2 تى 4 :10)

1 يو 2: 11 + 1: 6

 

أولاد الله 3: 1

+ حياة أبدية 1: 2

شركة مع الآب والابن وشركة مع الإخوة 1: 3

+ فرح كامل 1: 4

+ يسلكون في النور 1: 7

+ محبة لله وللإخوة 2: 10

+ خطاياهم تغفر 2: 12

+ أقوياء 2: 14

+ لا يخجلوا عند مجيئه 2: 28

+ يكونون مثله 3: 2

+ لا يخطئون 3: 9

         

 

 

الابن إذا أخطأ يشعر بغربة

ولا يستمر في حياة الخطية

بل يعود ويتوب

 

بالخطية ننحرف عن وضعنا الحقيقي

كأولاد لله ونخرج من مكاننا

بالتوبة والاعتراف

نعود لبنوتنا

وذلك

→---------

 

 

 

---------←

 

 

بالخطية نخرج من كوننا أولاد الله وبالتوبة نعود

         
   

يستمر حتى حصولنا على

التبني فداء الأجساد

   

 

2. بالتجسد صرنا أولاد الله فإن سلكنا في النور سيكون فرحنا كاملًا. والسلوك في النور يعني أننا نحاول بقدر استطاعتنا أن نسلك بلا خطية، وإن أخطأنا سريعا ما نتوب، والله يعطي قوة لنا ليعيننا (رو 8: 26) نظرًا لضعف بشريتنا. ولأننا مازلنا في الجسد فنحن معرضين لأن نخطئ.

3. قبل المسيح وفدائه لم يكن هناك حل لمشكلة الخطايا. فدم ثيران وكباش لا تستطيع أن تنزع الخطية (عب10: 11). ولن يستطيع أن يعطينا طبيعة جديدة. وأما فداء المسيح فأعطانا دمًا يطهرنا من كل خطية (1يو1: 7 + عب10: 2 ، 22). بل أن فداء المسيح أعطانا تطهيرًا لضمائرنا فصار لنا إمكانية كراهية الخطية (عب10: 22).

4. ولكن طالما نحن في هذا الجسد الضعيف فنحن لابد وسنخطئ. وأصبح كل المطلوب منا أن نتوب ونعترف فتغفر لنا خطايانا، والروح القدس يبكتنا ويعيننا فهو شريكنا في رحلتنا إلى السماء (يو16: 8 – 11 + رو8: 26 + 2كو13: 14). لذلك نلاحظ أنه في آية (8) في الإصحاح الأول والتي يتحدث فيها عن أننا لابد وأن نخطئ طالما كنا في هذا الجسد. يأتي بعدها مباشرة في آية (9) وسيلة غفران الخطية وهي الاعتراف.

5. في (1يو3: 9) يقول الرسول أن المولود من الله لا يخطى، بل لا يستطيع أن يخطى. وفي (1يو1: 8) يقول إن قلنا "أنه ليس لنا خطية نضل أنفسنا وليس الحق فينا". وفي (1يو1: 10) يقول "إن قلنا أننا لم نخطئ نجعله كاذبًا" فهل هناك تضاد؟! أبدًا. وهذا يمكن تصوره حلًا لهذه المشكلة في الرسم المرفق عاليه. وفيه نجد مواصفات أولاد الله وهؤلاء لا يخطئون. ولكن نظرًا لوجودنا في الجسد، فنحن نخطئ، ولكن ما أن نخطئ يبكتنا الروح القدس فنشعر بغربة ووحشة ، وسريعًا ما نقدم توبة وإعتراف فتغفر الخطية ونعود لمكاننا كأولاد الله. ويستمر دخولنا وخروجنا هذا إلى أن نحصل على الجسد الممجد بعد القيامة. وهذا ما أطلق عليه بولس الرسول "التبني فداء الأجساد" (رو8 : 23). فنحن ولدنا من الله بالمعمودية، ولكن ما زال الجسد فينا عنصر ضعف يعرضنا للخطية، لذلك نقول أن البنوة التي حصلنا عليها بالمعمودية الآن، بل كل ما حصلنا عليه من نتائج للفداء ما هو إلا عربون. وفي السماء نحصل على الكل. فحين نحصل على الجسد الممجد في السماء لا نعود نخطئ ولن نستطيع أن نخطئ للأبد، فالسماء لا يدخلها شيء دنس (رؤ21: 27). أما الآن فنحن معرضين لأن نخطئ، ودم يسوع يطهرنا من كل خطية. إذًا بالتوبة والإعتراف لا نفقد بنوتنا لله. لذلك يقال عن التوبة أنها معمودية ثانية. أما في السماء فالتبني الكامل الذي نصير فيه بلا خطية ولا نحتاج لتوبة أو إعتراف...... فنحن لن نخطئ أبدًا، إذ سنتخلص من هذه الطبيعة المعرضة للسقوط.

6. نفهم أن الله نور ومحبة من كلمات الرسالة، وأن على كل من أراد أن يكون له بركات الشركة مع الله الذي هو نور أن يسلك في النور ويترك طريق الخطية أي طريق الظلمة، ويحفظ الوصايا ويحتقر العالم ويقاوم الشيطان وأعوانه. ومن يشترك مع الله ويصير إبنًا له يقتدي به ويتسم بالصفات عينها أي النور والمحبة، ويكون سلوكه في النور وفي المحبة. فالإيمان ليس كلامًا ولا مظاهر ولا عواطف، الإيمان لن يكون سليمًا إلا إذا كان يرافقه سلوك. فمن غير الممكن أن يؤمن المسيحي بشيء ويسلك بعكسه ويظل مسيحيًا، هذا هو الإيمان الحي (يع2).

7. معرفة المسيح والثبات فيه:- بالمعمودية نتحد بالمسيح (رو 6: 5) ومن خلال الثبات فيه نعرفه (في 3: 9، 10) "وأوجد فيه (ثبات)... لأعرفه" فمعرفتنا بالمسيح ليست معرفة من الخارج كما نعرف البشر، بل هي معرفة من خلال الثبات فيه. وثبات المسيح فينا كان بأن أعطانا حياته... زرع فينا حياته (1يو3: 9) "لأن زرعه يثبت فيه" لكن علينا أن نسلك في النور وبمحبة وطهارة ونحفظ الوصايا ليستمر هذا الثبات وتستمر هذه المعرفة. بل أن ثباتنا في المسيح يعطينا أن تكون لنا أفكاره (1كو2: 16) وتكون أعضاؤنا أعضاؤه (1كو6: 15). وهذه البذرة - حياة المسيح التي زرعت فينا - تنمو بجهادنا أي بسلوكنا، وبعمل الروح القدس فينا (النعمة = القوة التي يعطيها لنا الروح القدس الساكن فينا) فنثمر وتتغير طبيعتنا يوما فيوم فنكون خليقة جديدة تشبه المسيح (غل4: 19).

8. هناك تعبيرات تعبر عن الاتحاد بالمسيح هي المعرفة والمحبة ( برجاء مراجعة تفسير يو15: 9) . والإتحاد بالمسيح يعني أيضًا الثبات فيه .

9. وحتى نثبت في المسيح ينبغي ان نكون في توافق معه ، فهو قدوس ، طاهر ، نقي وهو المحبة. فمن يريد ان يثبت فيه عليه ان يسلك في القداسة والنور والمحبة والطهارة . وحينما تتوافق إرادة انسان مع إرادة المسيح تتولد قوة جبارة داخل هذا الانسان تعينه على تنفيذ القرار الذي إتخذه ، وهذه القوة هي النعمة التي حصلنا عليها من عمل الروح القدس فينا . لذلك سأل المسيح مريض بيت حسدا "أتريد ان تبرأ" وهذا السؤال ما زال موجها لكل منا ، ومن يريد فعلا وتكون هذه شهوة قلبه ويجاهد لأجلها ، هذا يجد قوة جبارة قادرة على أن تحميه من السقوط ، وعن هذه القوة قال السيد المسيح "بدوني لا تقدرون ان تفعلوا شيئا" وقال بولس الرسول "بالنعمة انتم مخلصون" وبنفس الفكر قال السيد المسيح أن "نيره هين وحمله خفيف" فهو حقيقة من يحمل هذا الحمل . وكلما ازداد إتحاد المؤمن بالمسيح وازدادت النعمة بجهاده تزداد النعمة أي القوة التي تساعده وتحميه من الخطية إلى الدرجة التي قال عنها القديس يوحنا "كل من هو مولود من الله ...لا يستطيع ان يخطئ". والعكس صحيح فالذي يطلب الخطية ويسعى لها تتوافق إرادته مع الشيطان ، ومثل هذا سيجد قوة جبارة تدفعه للخطية ، بل يتشبه بإبليس ويصير إبنًا له (1يو3: 7 - 10) . وعلى مستوى الظواهر الطبيعية فحينما يحدث توافق بين شيئين تنتج قوة جبارة عن هذا التوافق.

10. ومع هذا فطالما نحن ما زلنا في الجسد فسيكون لنا سقطات وهفوات، ولكن الموضوع مستويات ، فالمبتدئ له خطايا يرتكبها وينفذها بالفعل ، وحينما ينمو تصير الخطايا مجرد شهوات ولكن بلا تنفيذ ، ومع النمو في النعمة تتوقف الخطايا فلا تتعدى بعض الأفكار. ولكن حينما نتخلص من هذا الجسد وننطلق للسماء ، فهناك لا خطية ولا شهوات ولا أفكار بل بنوة كاملة ، هناك لا يستطيع الجسد ولا يمكنه أن يفكر في خطأ فسيتخلص أولاد الله في أورشليم السمائية من الجسد الشهواني الترابي تمامًا . لذلك يقول بولس الرسول "ويحي أنا الإنسان الشقي . مَنْ ينقذني من جسد هذا الموت" (رو7: 24).

St-Takla.org                     Divider فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

مكان كتابة الرسالة

يوحنا كتب الرسالة من أفسس بعد عودته من نفيه في جزيرة بطمس. وهدفها ببساطة تحقيق حياة الفرح الكامل لمن ينفذ ما جاء فيها، وبالذات حياة المحبة لله وللإخوة. فالمحبة قادرة أن تشعل حياة الناس مرة أخرى دائمًا حتى إن دخل الفتور لحياتهم. فحين يشعر الإنسان أنه محبوب من الله، ويمتلئ قلبه بالتالي حبًا لله، فهذه المحبة كافية أن تخرجه من حالة الفتور والاعتياد للحياة الروحية الروتينية.

فالإنسان معرض للانجذاب لمحبة العالم وإذا دخل فيه الفتور ويجد أن وصايا المسيحية تطلب منه عدم محبة العالم، يدخل فيه شعور بالكبت والحرمان وأن الله يحرمه من محبة وملذات الدنيا. أما من يعرف الله إذ يدخل معه في عشرة حلوة، سيجده يستحق كل الحب، ومن يحب الله يسهل عليه ترك أي شيء، هو لن يشعر بقيمة أي شيء بجانب محبة الله (راجع مثل اللؤلؤة كثيرة الثمن مت13) + (فى3: 8).

لذلك يقول الرسول "وصاياه ليست ثقيلة" (1يو5: 3) فمن الذي يشعر أن وصاياه ليست ثقيلة؟ فقط من تبادل المحبة مع الله. فالمحب يسعده أن ينفذ طلبات من يحبهم، لذلك قال الرب يسوع "الذي عنده وصاياي ويحفظها فهو الذي يحبني" (يو14: 21).

أما لو شعر المسيحي أنه محروم مما يتمتع به الآخرون فهو إنسان معقد ومكبوت ومحروم أو لا يجد فرصة للخطية... باختصار هو خالي من المحبة ولم يتذوق الحياة مع المسيح في العمق وأدرك لذتها ، وهذه هي اللؤلؤة كثيرة الثمن.

والطريق لزيادة المحبة تجاه الله يصفها الرسول بقوله " انظروا أية محبة أعطانا الآب"... (1 يو 3: 1) وانظروا هنا تعني "أنظر بتأمل وإفحص الأمر" فالتأمل في محبة الله وكيف جعلنا أولادًا له تلهب القلب بمحبته، فثمن هذا كان دم ابنه. لذلك قال الرب يسوع لليهود حين طلبوا منه آية ليتأكدوا بها من حقيقة شخصه "جِيلٌ شِرِّيرٌ فَاسِقٌ يَلْتَمِسُ آيَةً، وَلاَ تُعْطَى لَهُ آيَةٌ إِلاَّ آيَةَ يُونَانَ النَّبِيِّ ثم تركهم ومضى" (مت16: 4). والمعنى أن الآية أو المعجزة التي يطلبونها لن تؤدي لإيمانهم، بل أن التأمل في صليبه وموته لفدائهم، هو الذي سيؤدي بهم إلى أن يؤمنوا به ويحبونه فيخلصوا.

St-Takla.org                     Divider فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

* هناك ثلاثة كذابين في نظر الرسول:-

1. من يقول أن له شركة معه ويسلك في الظلمة (1 يو 1: 6).

2. من قال عرفته ولا يحفظ وصاياه (1 يو 2: 4).

3. إن قال أحد إني أحب الله وأبغض أخاه (1 يو 4: 20).

St-Takla.org                     Divider فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

← تفاسير أصحاحات يوحنا الأولى: مقدمة | 1 | 2 | 3 | 4 | 5


الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع

https://st-takla.org/pub_Bible-Interpretations/Holy-Bible-Tafsir-02-New-Testament/Father-Antonious-Fekry/23-Resalet-Youhanna-1/Tafseer-Resalat-You7anna-1__00-introduction.html

تقصير الرابط:
tak.la/4fnwnby