St-Takla.org  >   pub_Bible-Interpretations  >   Holy-Bible-Tafsir-01-Old-Testament  >   Father-Tadros-Yacoub-Malaty  >   12-Sefr-Molouk-El-Thani
 

تفسير الكتاب المقدس - العهد القديم - القمص تادرس يعقوب

سلسلة "من تفسير وتأملات الآباء الأولين"

ملوك الثاني 6 - تفسير سفر الملوك الثاني

 

محتويات:

(إظهار/إخفاء)

* تأملات في كتاب ملوك ثاني:
تفسير سفر الملوك الثاني: مقدمة سفر الملوك الثاني | ملوك الثاني 1 | ملوك الثاني 2 | ملوك الثاني 3 | ملوك الثاني 4 | ملوك الثاني 5 | ملوك الثاني 6 | ملوك الثاني 7 | ملوك الثاني 8 | ملوك الثاني 9 | ملوك الثاني 10 | ملوك الثاني 11 | ملوك الثاني 12 | ملوك الثاني 13 | ملوك الثاني 14 | ملوك الثاني 15 | ملوك الثاني 16 | ملوك الثاني 17 | ملوك الثاني 18 | ملوك الثاني 19 | ملوك الثاني 20 | ملوك الثاني 21 | ملوك الثاني 22 | ملوك الثاني 23 | ملوك الثاني 24 | ملوك الثاني 25

نص سفر الملوك الثاني: الملوك الثاني 1 | الملوك الثاني 2 | الملوك الثاني 3 | الملوك الثاني 4 | الملوك الثاني 5 | الملوك الثاني 6 | الملوك الثاني 7 | الملوك الثاني 8 | الملوك الثاني 9 | الملوك الثاني 10 | الملوك الثاني 11 | الملوك الثاني 12 | الملوك الثاني 13 | الملوك الثاني 14 | الملوك الثاني 15 | الملوك الثاني 16 | الملوك الثاني 17 | الملوك الثاني 18 | الملوك الثاني 19 | الملوك الثاني 20 | الملوك الثاني 21 | الملوك الثاني 22 | الملوك الثاني 23 | الملوك الثاني 24 | الملوك الثاني 25 | ملوك الثاني كامل

الكتاب المقدس المسموع: استمع لهذا الأصحاح

← اذهب مباشرةً لتفسير الآية: 1 - 2 - 3 - 4 - 5 - 6 - 7 - 8 - 9 - 10 - 11 - 12 - 13 - 14 - 15 - 16 - 17 - 18 - 19 - 20 - 21 - 22 - 23 - 24 - 25 - 26 - 27 - 28 - 29 - 30 - 31 - 32 - 33

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

اَلأَصْحَاحُ السَّادِسُ

الإيمان بإله المستحيلات!

 

يحثنا هذا الأصحاح على الإيمان بإله المستحيلات، فإن الله يتمجد بعمله عندما تبدو الحلول مستحيلة. فيُقدِّم لنا هذا الأصحاح:

1. عمل ما هو مستحيل: الفأس الحديدي يطفو

 

(1-7).

2. معرفة ما هو غير معروف: أليشع يعرف أسرار ملك أرام الخفية

 

(8-12).

3. رؤية ما هو غير منظور: القوات السماوية مكشوفة له

 

(13-17).

4. حدوث ما يفوق الفكر البشري: خيرات عِوَض المجاعة

 

(18-33).

* من وحي 2 مل 6: ضاق الموضع بنا!

St-Takla.org                     Divider فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

1. الفأس الحديدي يطفو

1 وَقَالَ بَنُو الأَنْبِيَاءِ لأَلِيشَعَ: «هُوَذَا الْمَوْضِعُ الَّذِي نَحْنُ مُقِيمُونَ فِيهِ أَمَامَكَ ضَيِّقٌ عَلَيْنَا. 2 فَلْنَذْهَبْ إِلَى الأُرْدُنِّ وَنَأْخُذْ مِنْ هُنَاكَ كُلُّ وَاحِدٍ خَشَبَةً، وَنَعْمَلْ لأَنْفُسِنَا هُنَاكَ مَوْضِعًا لِنُقِيمَ فِيهِ». فَقَالَ: «اذْهَبُوا». 3 فَقَالَ وَاحِدٌ: «اقْبَلْ وَاذْهَبْ مَعَ عَبِيدِكَ». فَقَالَ: «إِنِّي أَذْهَبُ». 4 فَانْطَلَقَ مَعَهُمْ. وَلَمَّا وَصَلُوا إِلَى الأُرْدُنِّ قَطَعُوا خَشَبًا. 5 وَإِذْ كَانَ وَاحِدٌ يَقْطَعُ خَشَبَةً، وَقَعَ الْحَدِيدُ فِي الْمَاءِ. فَصَرَخَ وَقَالَ: «آهِ يَا سَيِّدِي! لأَنَّهُ عَارِيَةٌ». 6 فَقَالَ رَجُلُ اللهِ: «أَيْنَ سَقَطَ؟» فَأَرَاهُ الْمَوْضِعَ، فَقَطَعَ عُودًا وَأَلْقَاهُ هُنَاكَ، فَطَفَا الْحَدِيدُ. 7 فَقَالَ: «ارْفَعْهُ لِنَفْسِكَ». فَمَدَّ يَدَهُ وَأَخَذَهُ.

 

حسب قوانين الطبيعة، الحديد يغطس في الماء والخشب يطفو، لكن عند الضرورة إذ سقط رأس فأس حديدي استعاره بنو الأنبياء، ألقى أليشع النبي عود خشب في الماء فطفا الحديد.

تظهر أبوَّة أليشع الحانية في التجاء بني الأنبياء إليه في كل كبيرة وصغيرة. عندما ضاق بهم الموضع سألوه أن يذهبوا إلى الأردن ليقطعوا خشبًا ويصنعوا منه لأنفسهم أماكن للإقامة. وعندما وافقهم طلبوا منه أن يرافقهم فلم يمتنع. عندما سقط رأس فأس أحدهم ذهب للتو إليه يسأله ماذا يفعل، إذ هو مُستعار.

حملت الأعجوبة عملاً رمزيًا لخلاصنا، فإذ تتسلل الخطية إلى حياتنا تجعلنا مثل هذه الرأس الساقطة في أعماق النهر. كما حدث مع فرعون وجنوده، إذ قيل: "غاصوا كالرصاص في مياه غامرة" (خر 15)، ورأى زكريا النبي المرأة الخاطئة في إيفة من الرصاص (زك 5: 8). وعلى العكس، إذ نحمل برَّ الله فينا عِوَض الغوص إلى الأعماق، نصير كالسحاب الخفيف المُرتفِع في الأعالي. يقول الرسول بولس عن القديسين: "إذ لنا سحابة شهود هذه مقدارها" (عب 12: 1). وشُبِّهتْ القديسة مريم بالسحابة الخفيفة، إذ قيل عنها في سفر إشعياء: "هوذا الرب قادم إلى مصر على سحابة سريعة" (إش 19 : 1).

والآن إذ أثقلت الخطية نفوسنا وغاصت بنا إلى الأعماق لن نرتفع إلا بالخشبة، أي بصليب ربنا يسوع المسيح! هذا هو عملنا المستمر أن نحمل صليب ربنا يسوع ونُقدِّمه للساقطين في أعماق المياه لكي يطفوا، ونحملهم إلى الله الذي له الكل!

أما ذِكْر هذه المعجزة بين معجزة تطهير نعمان السرياني قائد جيش أرام من البرَص، ومعجزة إنقاذ جيش المملكة، فيوضح أن النبي الذي يحترمه الملوك والقواد لا ينسى الاهتمام بتلاميذه حتى في الأمور الصغيرة.

وَقَالَ بَنُو الأَنْبِيَاءِ لأليشع:

هُوَذَا الْمَوْضِعُ الَّذِي نَحْنُ مُقِيمُونَ فِيهِ أَمَامَكَ ضَيِّقٌ عَلَيْنَا. [1]

غالبًا بنو الأنبياء هنا هم الساكنون في أريحا، لأن الموضع كان قريبًا من الأردن. وكان أليشع كرئيس لبني الأنبياء كثيرًا ما يقوم بزيارة مدارسهم وأماكن سكنهم كتلاميذٍ له.

v تحققت هذه الكلمات بواسطة الرسل: منزل الذبائح حسب الشريعة كان صغيرًا جدًا بالنسبة لهم. وعندما تحققوا أن موضع اجتماع اليهود كان غير كافٍ لعظمة الإنجيل، قاموا ببناء كنيسة مقدسة تجمع أولاد الله الأبرار. هذا ما أشار إليه إشعياء لهم مقدمًا بكلمة الرب، حيث قال: "قليل أن تكون لي عبدًا لإقامة أسباط يعقوب، ورد محفوظي إسرائيل، فقد جعلتك نورًا للأمم، لتكون خلاصي إلى أقصى الأرض" (إش 49: 6)[1].

القديس مار أفرام السرياني

v كان ليوحنا المعمدان أم تقية وكان أبوه كاهنًا. ومع هذا لم تغره عاطفه أمه ولا غنى والده ليعيش في بيت والده خشية تجارب العالم، لهذا عاش في البرية. إذ كان يطلب أن يرى المسيح بعينيه لم يتطلع إلى شيءٍ آخر. طعامه من الجراد وعسل البرية، أعداه للحث على الفضيلة والعفة. أراد نسل الأنبياء الروحي، رهبان العهد القديم قديمًا أن يبنوا لأنفسهم أكواخًا بجوار مياه الأردن، تاركين المدن المزدحمة ليعيشوا على الحساء وأعشاب البرية (2 مل 4: 38-39).

ما دامتَ في البيت، فلتكن قلايتك هي فردوسك، تجمع فيها ثمار الكتاب المقدس. لتكن هذه الثمار هي رفقاؤك المُفَضَّلون لك، وأدخل بوصاياه في قلبك[2].

القديس جيروم

فَلْنَذْهَبْ إِلَى الأُرْدُنِّ،

وَنَأْخُذْ مِنْ هُنَاكَ كُلُّ وَاحِدٍ خَشَبَةً،

وَنَعْمَلْ لأَنْفُسِنَا هُنَاكَ مَوْضِعًا لِنُقِيمَ فِيهِ.

فَقَالَ: اذْهَبُوا. [2]

لم يكن عمل أليشع استعراضًا للعمل الفائق المعجزي، لكنه يحمل كشفًا عن خطة الله الخلاصية.

ففي قصة إعادة الفأس المفقود ترجمة لشوق الله أن يعيد بخشبة الصليب النفوس التي غطست إلى الأعماق في مياه غامرة بسبب الخطية. إنها تؤكد عناية الله الفائقة، واهتمامه بكل صغيرة وكبيرة في حياة المؤمنين، فهو حاضر على الدوام، يود أن يبلغ بهم إلى أحضانه الإلهية.

فَقَالَ وَاحِدٌ: اقْبَلْ وَاذْهَبْ مَعَ عَبِيدِكَ.

فَقَالَ: إِنِّي أَذْهَبُ. [3]

كان بنو الأنبياء بسطاء، يقيمون أماكن سكنهم بأياديهم، لا يُكلِّفهم شيئًا يُذكَر سوى تعبهم.

يرى البعض أن الخادم هنا هو جيحزي، وأن المعجزة تمت قبل شفاء برص نعمان. لأن المعجزات لم ترد هنا بترتيب زمني، وإنما بتسلسل فكري لاهوتي وروحي.

فَانْطَلَقَ مَعَهُمْ.

وَلَمَّا وَصَلُوا إِلَى الأُرْدُنِّ، قَطَعُوا خَشَبًا. [4]

وَإِذْ كَانَ وَاحِدٌ يَقْطَعُ خَشَبَةً،

وَقَعَ الْحَدِيدُ فِي الْمَاءِ.

فَصَرَخَ: آهِ يَا سَيِّدِي، لأَنَّهُ عَارِيَةٌ! [5]

كان من المعتاد في ذلك الزمن أن تُصنع رأس الفأس من البرنز، لأن الرأس الحديدية كانت غالية الثمن. كان الحديد يُعتبر ثمينًا لقِلَّتِه. وإذ سقط رأس الفأس في الماء، صرخ التلميذ إلى أبيه الروحي ومُعلِّمه أليشع ليحل له المشكلة.

كان أبناء الأنبياء متواضعين وفقراء، إذ لم يكن لهم فأس، بل استعاروه. يرى القديس جيروم في بني الأنبياء في أيام أليشع صورة للحياة الرهبانية الزاهدة، حيث لم يكن لهم طعام، فسلق لهم غلام النبي يقطينًا بريًا (2 مل 4: 38-39)، وكان المكان ضيقًا، والتزموا بقطع أخشاب بفأس استعاروه (2 مل 6: 1-5).

في شرحنا لسفر الخروج[3] رأينا أن الأشرار قد شُبِّهوا بالرصاص الذي هبط في الأعماق (خر 15: 5-10)، فالشر كالرصاص يجعل النفس تهبط (زك 5: 8)، أما القديسون فلا يغوصون، بل يمشون على المياه، إذ ليس فيهم ثقل الخطيئة. هذا هو عمل الروح القدس، ففي المعمودية يُنزَع الرصاص عنهم لكي يصيروا خفيفي الوزن. وكما يقول العلامة أوريجينوس: [لقد مشى ربنا ومخلصنا على المياه (مت 14: 25)، هذا الذي بالحقيقة لا يعرف الخطيئة، ومشى تلميذه بطرس مع أنه ارتعب قليلاً، إذ لم يكن قلبه طاهرًا بالكلية، إنما حمل في داخله شيئًا من الرصاص... لهذا قال الرب: "يا قليل الإيمان، لماذا شككت؟" فالذي يخلص، إنما يخلص كما بنارٍ (1 كو 3: 15). حتى وإن وُجد فيه رصاص يُصهَر[4].]

حينما نشعر بأن نفوسنا ليست ملكنا، بل هي ملك لذاك الذي اقتناها بدمه الثمين نقول مع النبي: "إنها عارية". لنمسك بصليب الرب وندخل به إلى أعماقنا فتطفو، نمسك به ونُقَدِّمه له. وكل ما لدينا أيضًا هو عارية، اقترضناه من الله لنُتَمِّم به عمله (يو 3: 27). نقترض منه الرأس الحديدية للفأس الذي به نقطع الشر حتى أثناء خدمتنا لله.

v أليشع رجل الله الذي سأل: أين سقطت الفأس؟ كان رمزًا لله الذي يأتي بين البشر، هذا الذي سأل آدم: أين أنت؟

سقوط الحديد في الأعماق المظلمة هو رمز لثقل الطبيعة البشرية الخالية من النور.

الخشبة التي أٌخذت وأٌلقيت في الموضع حيث كان الشيء الذي يُبحَث عنه ترمز للصليب المجيد.

الأردن هو المعمودية الخالدة. حقًا، من أجلنا عيَّن خالق الأردن أن يعتمد في الأردن.

أخيرًا، فإن الحديد الذي طفا على المياه وعاد إلى من قد فقده، يشير إلى أننا في المعمودية نصعد إلى الأعالي السماوية، ونجد النعمة التي هي مسكننا الحقيقي القديم. لو أن إنسانًا ظن أن هذا الموضوع ليس نبوة عن المعمودية، فلماذا سجَّله الكتاب المقدس؟![5]

v نزل إلينا، لكي نصعد إلى الأعالي السماوية.

 القديس ديديموس الضرير

v هذا رمز يشير إلى سقوط آدم. لأن الماء يرمز للخطية. حقًا خلال الماء خلصنا من الخطية بالطوفان في أيام نوح (تك 6: 17)، وفي ملء الأزمنة.

لقد غُسلت في مياه المعمودية المقدسة بربِّنا، عندما اعتمد في الأردن بواسطة يوحنا، عندما قُبل وأكل مع الخطاة، وفي آلامه أُحصي مع الأثمة.

نزلت الخشبة، وبزغ الحديد، لأن عمانوئيل مات ودُفن ونزل إلى طبقات الأرض اللعينة، ومن هناك عاد، وبصعوده رُفع آدم من الأعماق إلى الأعالي[6].

القديس مار أفرام السرياني

فَقَالَ رَجُلُ الله: أَيْنَ سَقَطَ؟

فَأَرَاهُ الْمَوْضِعَ.

فَقَطَعَ عُودًا وَأَلْقَاهُ هُنَاكَ،

فَطَفَا الْحَدِيدُ. [6]

يقول القديس أمبروسيوس إن ما حدث هنا هو رمز يكشف عن عجز القوة البشرية عن الخلاص، والحاجة إلى قوة الله لخلاصنا في المعمودية[7].

ويرى القديس يوحنا الذهبي الفم أن الماء يشير إلى ماء المعمودية، ورأس الفأس يشير إلى الشخص الذي يُعمَّد، والعصا تشير إلى الصليب. نحن الذين نغطس في الخطية والموت مثل الحديد، ننعم بالحياة الجديدة في المعمودية بصليب يسوع المسيح، ونبدأ الرحلة إلى السماء.

يرى القديس إيرينيؤس أن نفس السيد المسيح المقدسة نزلت إلى الجحيم، فصعدت نفوس كثيرة، وظهرت بأجسادها. فكما أن الخشبة الخفيفة غطست في الماء، هكذا الحديد الثقيل طفا.

عندما تجسد كلمة الله صار الجسد الثقيل الأرضي خالدًا، يُحمَل إلى السماء بعد القيامة.

v ألقى أليشع قطعة خشب في نهر الأردن، فاسترد من الماء رأس الفأس الحديدية، التي أراد بنو الأنبياء أن يقطعوا بها الخشب، لإقامة مبنى فيه يقرأون ويدرسون وصايا الله. هكذا خلَّصنا مسيحنا في المعمودية من خطايانا الثقيلة بصلبه على خشبة الصليب وتقديسنا بالماء، نحن الذين غطسنا في حمأة خطايانا المميتة، جعلنا بيت صلاة وعبادة[8].

 القديس يوستين

v في الخلقة أخرج أشياء من نقيضها. فبالرمل، كمثالٍ، صنع سورًا للبحر، فجعل من الضعف لجامًا للقوي. أقام الأرض على المياه، فجعل ما هو ثقيل وكثيف محمولاً على ما هو خفيف وسائل، عن طريق الأنبياء مرة أخرى بقطعة خشب خفيفة رفع الحديد من العمق.

بنفس الطريقة أيضًا بالصليب سحب العالم إليه. فكما أن الماء يحمل الأرض، هكذا يحمل الصليب العالم[9].

القدِّيس يوحنا الذهبيّ الفم

v حسب تدبير أليشع النبي، أصعَدَتْ خشبة يابسة نصل (حديد) الفأس من النهر (2 مل 6: 6)؛ وحسب تدبير الراهب، إذ يضعف الجسد بالصوم، تُنتَشل النفس من البحر. صوم الراهب يجفف مجاري الشهوات الحسيّة.

v بفضل عود يابس جعل أليشع النبي الحديد يطفو فوق الماء (2 مل 6: 1-7)؛ وبفضل جسد يبس من (شدة) الصوم يجتذب الراهب نفسه من الأعماق.

الأب هيبريشيوس الكاهن

v تنبأ داود قائلاً: "طوبى للذين غُفِرَتْ آثامهم، وسُتِرَتْ خطاياهم. طوبى لرجلٍ لا يحسب له الرب خطية" (مز 32: 1-2)، هكذا يشير إلى مغفرة الخطايا التي تتم بمحوها، "إذ محا الصك الذي علينا، مُسَمِّرًا إياه على الصليب" (كو 2: 14). حتى إنه بواسطة خشبة صرنا مَدِينين لله، وهكذا بخشبةٍ ننال إيفاء ديننا.

هذه الحقيقة ثبتت بطريقة واضحة بآخرين خاصة بواسطة أليشع النبي...

أشار النبي بعمله هذا إلى أن كلمة الله الأكيدة التي فقدناها بإهمالنا خلال شجرة، ولم نكن في الطريق لنجدها من جديد، يليق بنا أن ننال تدبيرًا جديدًا للشجرة (أي صليب المسيح). فإن كلمة الله هذه تُشبَّه بفأس كما يعلن يوحنا المعمدان مشيرًا إليها "والآن قد وُضعت الفأس على أصل الشجرة" (مت 3 :10). وإرميا النبي أيضًا يقول ذات الأمر: "كلمتي كمطرقةٍ تُحَطِّم الصخر" (إر 23 :29) هذه الكلمة التي اختفت منا أعلنها تدبير الخشبة كما سبق فأشرت.

وكما فقدناها بواسطة خشبة، تُعلَن لك من جديد بواسطة خشبة، لتُظهر الارتفاع والطول والعرض والعمق في داخلها[10].

القديس إيرينيؤس

فَقَالَ: ارْفَعْهُ لِنَفْسِكَ.

فَمَدَّ يَدَهُ وَأَخَذَهُ. [7]

وقف الكل في ذهول حين رأوا أليشع النبي يلقي قطعة خشبة، فتطفو رأس الفأس الحديدية. قال أليشع النبي للمسئول عن تدبير حياتهم: "ارفعه لنفسك، فمدّ يده وأخذه".

لم يعرف أليشع مكان سقوط الحديد، لكن الله وهبه أن يطرح عود خشب فطفا الحديد. كان العود كالشجرة التي طرحها موسى في ماء مارة، فصار عذبًا (خر 15: 25)، والملح الذي طرحه أليشع في النبع في أريحا فأبرأه. لم يكن لهذه الآلات قوة في ذاتها، إنما كانت قيمتها في كونها رموزًا لصليب رب المجد يسوع.

قد يعترض البعض هل هذه القطعة من الحديد تستحق عملاً معجزيًا؟ في الحقيقة إن ما وراء هذا العمل تهيئة القلوب لإدراك سرّ الصليب وقوته.

v أي شيءٍ أكثر وضوحًا من سرّ هذه الخشبة؟! لقد غرق عناد العالم في أعماق الخطأ، وقد تحرر بالعماد بخشبة المسيح أي بآلامه، حتى أن ما قد سبق فهلك خلال الشجرة في آدم، قد أُصلح خلال الخشبة في المسيح؟... هذه الخشبة مرة أخرى حملها إسحق بن إبراهيم شخصيًا لأجل تقديمه ذبيحة عندما أمر الله أن يُقدِّم ذبيحة لأجله[11].

العلامة ترتليان

v إن كان الحطب الذي من طبعه الخفة لما أُلقي في الماء في أيام أليشع أخرج الحديد من طبعه الثقيل (2 مل 6: 16)، فكم بالحري يُرسِلُ الرب إلينا روحه الخفيف النشيط الصالح السماوي وبواسطته يُخرِجُ النفس التي غطست في مياه الإثم، ويُصيِّرها خفيفة، ويرفعها على جناحه تجاه أعالي السماء، ويُغَيِّر طبيعتها الأصلية تغيُّرًا كاملاً.

وكما أنه في الأمور المنظورة لا يقدر أحد من نفسه أن يجتاز البحر ويعبره، إلاَّ إذا كان له قارب خفيف مصنوع من الخشب يسير على المياه، لأن من يزعم أن يسير على البحر يغرق ويهلك، هكذا لا يمكن للنفس أن تعبر بذاتها بحر الخطيئة المُرّ وتعلو عليه، وتجتاز الهُوّة الصعبة التي هي هُوَّة قوات الظلمة الخبيثة في الهواء، إلاَّ إذا أحرزت روح المسيح اللطيف السماوي الخفيف الذي يسير بها، ويعبر بها من كل خبثٍ. بواسطة هذا الروح يمكنها أن تصل إلى ميناء الراحة السماوية من معبر ضيّق إلى مدينة الملكوت[12].

القديس مقاريوس الكبير

v يبدو أن الفأس الذي سقط يشير إلى آدم أو إلى الجنس البشري كله. لذلك فإن ابن الأنبياء أمسك بالفأس في يده، لأن ربنا ومخلصنا في يد قوته الجنس البشري الذي خلقه. وكما سقط الفأس من يد النبي في الماء، هكذا خلال الكبرياء الذاتي سقط الجنس البشري، وغطس في نهر الانغماس في الملذات ومياه كل خطية. هكذا سقط الفأس في الماء، لأن الجنس البشري سقط في أعماق كل الرذائل في دمار مُحزِن. كما كُتِبَ: "غرقت إلى أعماق المياه، والسيل غمرني" (مز 69: 3). يشير النهر الذي سقط فيه الفأس إلى الملذات أو الانغماس في ملذات هذا العالم العابر والزائل والمنحدر إلى الأعماق...

عند مجيء أليشع ألقى قطعة خشب فطفا الحديد. ماذا يعني إلقاء قطعة خشب وظهور الحديد في النور إلاّ صعود الجنس البشري من عمق الهاوية وتحرره من وحل كل الخطايا بسرّ الصليب؟...

بعد أن طفا الحديد وضعه النبي في يده لكي يصلحه ويرده إلى عمله النافع لسيده[13].

v هكذا أيضًا حدث لنا أيها الإخوة الأعزاء. نحن الذين سقطنا من يد الرب بالكبرياء، استحققنا أن نعود ثانية إلى يده وقوته خلال خشبة الصليب. لذلك ليتنا نجاهد بمعونته قدر ما نستطيع حتى لا نسقط ثانية من يده خلال الكبرياء.

بدون أي استحقاق صالح ذاتي لنا جُبلنا من الظلمة إلى النور، دُعينا من الموت إلى الحياة، استرددنا الطريق الحق عِوَض الأخطاء الكثيرة. لهذا ليتنا نسرع ونملك نور الحياة ولا نهمل أيام الخلاص العابرة.

ليتنا لا نبتهج بالعذوبة الفاسدة وأفراح العالم الخطيرة للغاية، لئلا نسقط ثانية من الأعمال الصالحة وطريق البرّ كما من يد الرب، مُسرعين إلى نهر هذا العالم الشرير...

لنصغِ إلى قول الرسول: "إن كنتم قد قمتم مع المسيح، فاطلبوا ما فوق حيث المسيح جالس عن يمين الله؛ اهتموا بما فوق" (كو 1:3-2). لماذا يقول: "إن كنتم قد قمتم" ما لم نكن قد سقطنا؟

وفى موضع آخر يقول نفس الرسول: "استيقظ أيها النائم، وقم من الأموات فيضيء لك المسيح" (أف 14:5). ألا يبدو لكم أنه يصرخ إلى الفأس الذي سقط في الوحل؟ يقول استيقظوا أيها النيام في المياه العميقة، فيضيء لكم المسيح خلال سرّ الصليب[14].

الأب قيصريوس أسقف آرل

وستجد تفاسير أخرى هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت لمؤلفين آخرين.

St-Takla.org                     Divider فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

2. أليشع يعرف أسرار ملك أرام الخفية

8 وَأَمَّا مَلِكُ أَرَامَ فَكَانَ يُحَارِبُ إِسْرَائِيلَ، وَتَآمَرَ مَعَ عَبِيدِهِ قَائِلًا: «فِي الْمَكَانِ الْفُلاَنِيِّ تَكُونُ مَحَلَّتِي». 9 فَأَرْسَلَ رَجُلُ اللهِ إِلَى مَلِكِ إِسْرَائِيلَ يَقُولُ: «احْذَرْ مِنْ أَنْ تَعْبُرَ بِهذَا الْمَوْضِعِ، لأَنَّ الأَرَامِيِّينَ حَالُّونَ هُنَاكَ». 10 فَأَرْسَلَ مَلِكُ إِسْرَائِيلَ إِلَى الْمَوْضِعِ الَّذِي قَالَ لَهُ عَنْهُ رَجُلُ اللهِ وَحَذَّرَهُ مِنْهُ وَتَحَفَّظَ هُنَاكَ، لاَ مَرَّةً وَلاَ مَرَّتَيْنِ. 11 فَاضْطَرَبَ قَلْبُ مَلِكِ أَرَامَ مِنْ هذَا الأَمْرِ، وَدَعَا عَبِيدَهُ وَقَالَ لَهُمْ: «أَمَا تُخْبِرُونَنِي مَنْ مِنَّا هُوَ لِمَلِكِ إِسْرَائِيلَ؟» 12 فَقَالَ وَاحِدٌ مِنْ عَبِيدِهِ: «لَيْسَ هكَذَا يَا سَيِّدِي الْمَلِكَ. وَلكِنَّ أَلِيشَعَ النَّبِيَّ الَّذِي فِي إِسْرَائِيلَ، يُخْبِرُ مَلِكَ إِسْرَائِيلَ بِالأُمُورِ الَّتِي تَتَكَلَّمُ بِهَا فِي مُخْدَعِ مِضْطَجَعِكَ».

 

كان أليشع النبي وهو في مسكنه يعرف ما يُخَطِّطه ملك أرام ضد إسرائيل عسكريًا، ويُخطِر به ملك إسرائيل، فيفلت من خطط العدو وشباكه. هكذا من يتمتع بكلمة الله يُدرِك خِطَط إبليس ويفلت من شباكه.

وَأَمَّا مَلِكُ أرام فَكَانَ يُحَارِبُ إِسْرَائِيلَ،

وَتَآمَرَ مَعَ عَبِيدِهِ قَائِلاً: فِي الْمَكَانِ الْفُلاَنِيِّ تَكُونُ مَحَلَّتِي. [8]

يُقدِّم لنا القديس أمبروسيوس مقارنة بين أليشع النبي الذي كان في مسكنه قليل الحركة، لكنه عامل على الدوام، ليس من أمر يُفقده سلامه، وملك أرام (سوريا)، الذي كان يخطط مؤامرات، وينصب كمائن وفخاخ لمحاربة شعب إسرائيل، ومع كل قدراته وإمكانياته، فقد سلامه. هكذا يليق بالمؤمن أن يقتدي بأليشع، فبهدوئه الداخلي يحمل سلام الله الفائق، لا يضطرب من كل الأحداث التي تثور حوله. بهدوئه في الرب يحقق ما لا يحققه الآخرون بكل إمكانياتهم وتدابيرهم البشرية.

v كان أليشع مستريحًا في مكانٍ واحدٍ، بينما أثار ملك سوريا حربًا ضد شعب آبائنا، وكان يصنع عمليات إرهابية بخططٍ مخادعة متنوعة، وكان يسعى أن يصطادهم في كمين[15].

القديس أمبروسيوس

فَأَرْسَلَ رَجُلُ الله إِلَى مَلِكِ إِسْرَائِيلَ يَقُولُ:

احْذَرْ مِنْ أَنْ تَعْبُرَ بِهَذَا الْمَوْضِعِ،

لأَنَّ الأراميِّينَ حَالُّونَ هُنَاكَ. [9]

إن كان ملك إسرائيل وكثير من الشعب قد شوَّهوا عبادة الله الحي، لكن من أجل أمانة الله، والقلة الأمينة، ولطول أناته كان يعمل لنصرتهم، فيكشف أسرار ملك أرام لنبيه أليشع، وهذا بدوره كان يُخْبِرُ الملك.

كان أليشع النبي يرى الخفيات، ولا يُخفَي عليه شيء مما يمس حياته وحياة شعب الله، سرّه هو نقاوة نفسه التي لا تُفسدها محبة العالم، ولا شهوات الجسد. نفسه هي قائدة لجسده، لا تنحني لأوامره، بل تقوده بروح الرب. بهذا صارت لنفسه البصيرة لرؤية الكائنات غير المنظورة من ملائكة وشياطين! إذ يحمل إنسان الله نفسًا نقية، يتشبه بالملائكة، ويرى روحيًا مثلهم! تتحد النفس النقية وحواسها بالله، فتنعم برؤية الإلهيات.

يرى القديس مار يعقوب السروجي أن النفس النقية ترى الخفيات، لكن إن سيطرت شهوات الجسد على النفس، جعلت بصيرتها الداخلية مظلمة، فلا تقدر على معاينة الإلهيات. تُرَى هل تمتع هذا القديس بهذه الخبرة التي تبدو لنا أمرًا مستحيلة أو مبالغًا فيها.

v طبيعة النفس سامية في خلقتها، ومملوءة جمالاً، وتحمل صورة اللاهوت العُظمَى.

 عندما تتنقَّى من الأعمال العالمية، وعندما لا تتنجس بالشهوات الغريبة؛

 عندما تكون سيدة للجسد فلا يأمرها؛ تدبره بالقداسة، ولا يعصاها؛

 عندما تتطهر من كل الحركات الجسدية، تنظر وترى روحيًا العوالمَ الخفية.

 إن اجتاز ملاك أمامها لا يُخفَى عنها، وترى الأبالسة والملائكة وجهًا لوجهٍ.

 هذه القوات المستترة ليست خفية عنها، لأنها تنظر وترى أفواجها بوضوح.

 كل قديس يمرّن نفسه بالروحانية، يرى بوضوح كل ما يوجد على الأرض.

 جميع القديسين يرون مثل ملائكة الرب، ولا يوجد شيء عند الله مُستتر عنهم[16].

القديس مار يعقوب السروجي

فَأَرْسَلَ مَلِكُ إِسْرَائِيلَ إِلَى الْمَوْضِعِ الَّذِي قَالَ لَهُ عَنْهُ رَجُلُ الله،

وَحَذَّرَهُ مِنْهُ، وَتَحَفَّظَ هُنَاكَ،

لاَ مَرَّةً وَلاَ مَرَّتَيْنِ. [10]

لم يُرسلْ ملك إسرائيل جيشًا بل جواسيس، ليتحققوا من كلام النبي. تصرُّفه هذا حَمَلَ نوعًا من التشكك وعدم الإيمان.

فَاضْطَرَبَ قَلْبُ مَلِكِ أرام مِنْ هَذَا الأَمْرِ،

وَدَعَا عَبِيدَهُ وَقَالَ لَهُمْ:

أَمَا تُخْبِرُونَنِي مَنْ مِنَّا هُوَ لِمَلِكِ إِسْرَائِيلَ! [11]

v كان يرى بوضوح كمائن الملوك التي كانت تُعمَل سرًا، عندما كانت تُدبَّر.

عندما كانوا يتكلمون بأسرار خفية في (أرام)، كان أليشع يفضحها في أرض اليهودية.

دارت حرب بين الأراميين والإسرائيليين، وشبّ خطر الدم المثير للخصام والداعي إلى الحرب.

بينما كان أليشع يقيم مع العبرانيين، فضح الكمائن التي صنعها الأراميون.

عندما فكَّر ملك أرام أن يفعل شيئًا، كان يبطل التنفيذ قبل أن ينفذ كلمته.

عندما كان يهيئ كمينًا ليصنعه سرًا، كان يكشفه أليشع كاشف الأسرار.

كان ملك أرام يُحِيك الأسرار في خدره، وحالاً تنتشر بوضوح بين العبرانيين.

كانت أفكار الأراميين ومؤامراتهم وكل أسرارهم يُفضحها أليشع.

وهو في بيته، كان ينظر ويرى أيضًا كل ما هو خفي في منازل الأراميين.

عندما كان ينظر، لم تكن بُعد المسافات الموجودة بين البلدَين تخفي عنه شيئًا.

كان لهذا الرجل رؤية صافية مملوءة نورًا، بها يرى كل الخفايا بدون غطاء.

وعندما أراد الأراميون أن يغيِّروا الخطط، كان ذاك العبراني يراها ويفضحها.

لأنه كانت له عين ترى روحيًا كل أسرار الأراميين التي كان يفضحها.

تذمر ملك أرام واضطرب، لأن كل خفاياه كانت تُكشَف بين العبرانيين.

صنع كمينًا بخدعة وحيلة عُظمَى، ونصب فخًا ليوقع العبرانيين في الشَرَك.

كشف أليشع كل الخدعة وكل السرّ، وانكسر قلب الأرامي لأنه انفضح.

ظن الملك بأن أحدًا من أتباعه يكشف أسراره للإسرائيليين، ويُبطل خطط نصرته.

بدأ الرجل يشتكي، ويقول لعبيده: واحد من أتباعنا يكشف سرِّنا لإسرائيل.

فأعلنوا حالاً لملك أرام بأن أليشع يفضح خططهم وكمائنهم[17].

القديس مار يعقوب السروجي

فَقَالَ وَاحِدٌ مِنْ عَبِيدِهِ:

لَيْسَ هَكَذَا يَا سَيِّدِي الْمَلِكَ.

وَلَكِنَّ أليشع النَّبِيَّ الَّذِي فِي إِسْرَائِيلَ يُخْبِرُ مَلِكَ إِسْرَائِيلَ بِالأُمُورِ الَّتِي تَتَكَلَّمُ بِهَا فِي مِخْدَعِكِ. [12]

يقول أيوب: "يَكشف العَمَائقَ من الظَّلاَمِ، ويُخْرِجُ ظِلَّ الموت إلى النور" (أي 12: 22). يفضح الله المؤامرات التي تُدبَّر في الظلام، والشر الذي يُرتكَب في الخفاء. عندما ظنَّ ملك أرام أن من بين رجاله من هو خائن، قال له أحد عبيده: "أليشع النبي الذي في إسرائيل يُخبر ملك إسرائيل بالأمور التي تتكلم بها في مخدع مضجعك" (2 مل 6: 12).

St-Takla.org                     Divider فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

St-Takla.org Image: God's hosts guard Elisha, angels صورة في موقع الأنبا تكلا: الأجناد السماوية والملائكة تحرس اليشع النبي

St-Takla.org Image: God's hosts guard Elisha, angels

صورة في موقع الأنبا تكلا: الأجناد السماوية والملائكة تحرس اليشع النبي

3. القوات السماوية مكشوفة له

13 فَقَالَ: «اذْهَبُوا وَانْظُرُوا أَيْنَ هُوَ، فَأُرْسِلَ وَآخُذَهُ». فَأُخْبِرَ وَقِيلَ لَهُ: «هُوَذَا هُوَ فِي دُوثَانَ». 14 فَأَرْسَلَ إِلَى هُنَاكَ خَيْلًا وَمَرْكَبَاتٍ وَجَيْشًا ثَقِيلًا، وَجَاءُوا لَيْلًا وَأَحَاطُوا بِالْمَدِينَةِ. 15 فَبَكَّرَ خَادِمُ رَجُلِ اللهِ وَقَامَ وَخَرَجَ، وَإِذَا جَيْشٌ مُحِيطٌ بِالْمَدِينَةِ وَخَيْلٌ وَمَرْكَبَاتٌ. فَقَالَ غُلاَمُهُ لَهُ: «آهِ يَا سَيِّدِي! كَيْفَ نَعْمَلُ؟» 16 فَقَالَ: «لاَ تَخَفْ، لأَنَّ الَّذِينَ مَعَنَا أَكْثَرُ مِنَ الَّذِينَ مَعَهُمْ». 17 وَصَلَّى أَلِيشَعُ وَقَالَ: «يَا رَبُّ، افْتَحْ عَيْنَيْهِ فَيُبْصِرَ». فَفَتَحَ الرَّبُّ عَيْنَيِ الْغُلاَمِ فَأَبْصَرَ، وَإِذَا الْجَبَلُ مَمْلُوءٌ خَيْلًا وَمَرْكَبَاتِ نَارٍ حَوْلَ أَلِيشَعَ.

 

كثيرًا ما نخاف من العدو إبليس وجنوده، لأننا نسلك بالعيان لا بالإيمان. إن رأينا بعيني القلب أن الله وجنوده في صفنا، هم معنا، فمن يستطيع أن يقف أمامنا؟

فَقَالَ: اذْهَبُوا وَانْظُرُوا أَيْنَ هُوَ، فَأُرْسِلَ وَآخُذَهُ.

فَأُخْبِرَ: هُوَ فِي دُوثَانَ. [13]

كانت أسرار السماء مكشوفة أمام أليشع النبي، فهل يُخفي عنه ما يفعله ملك أرام سرًا في قصره؟ بهذا صار النبي سندًا لشعبه، يفضح لهم كل خطط العدو الشريرة ضدهم. لكن ملك أرام في غباوة ظن أن قدرته العسكرية يمكن أن تأسر ذاك الذي يهبه الله معرفة الأسرار! أرسل جيشًا يحاصر النبي الأعزل من الأسلحة البشرية، ولم يدرك أن القوات السمائية تُسَرُّ بحمايتها له، لأنه رجل الله المحبوب لديهم.

دوثان: وهي تل دوثان الحالية شمال السامرة، على بعد 12 ميلاً منها. كانت في مركز مرتفعات إسرائيل. أُشير إليها هنا فقط وفي سفر التكوين، إذ طُرح فيها يوسف (تك 37: 17)،

فَأَرْسَلَ إِلَى هُنَاكَ خَيْلاً وَمَرْكَبَاتٍ وَجَيْشًا ثَقِيلاً،

وَجَاءُوا لَيْلاً، وَأَحَاطُوا بِالْمَدِينَةِ. [14]

كان جيشًا ثقيلاً، لا بالنسبة لجيوش الحرب، وإنما بالنسبة للقبض على رجلٍ واحدٍ. لأننا نرى أليشع سار بهم إلى السامرة، ودخل بهم إلى المدينة، وقدَّم لهم الملك وليمة [19، 23].

كان ملك أرام يخطط بحكمة بشرية مُجرَّدة، معتمدًا على جيوشه والذراع البشري، أما النبي فكان ينعم بحكمة سماوية، تحوط به قوات السماوات التي لا تُحصَى ولا تنام، وتقوم بحراسته، لهذا لم يكن ممكنًا أن يقترب منه القنوط أو القلق. أصدر الملك أمره لجيوشه كي تتحرك لتصطاد النبي، وأمر رب الطغمات السماوية المستيقظين الناريين لطرد الأشرار عن نبيه أليشع.

كثيرًا ما رأينا في القصائد السابقة القديس مار يعقوب السروجي يدعو الملائكة "المستيقظين"، إذ لا يغفلون ولا ينامون.

v كانت الملائكة تحرس أليشع، وحيثما ذهب كانت تسير معه القوات.

 جيش خدام الله يحيط بخائفيه، وينجيهم من الأضرار.

 كان مستيقظو النار يحيطون به من كل الجهات، ولم يكن يقترب منه الخطر أو التهديد.

 خاف تلميذه الذي رأى الخيول والقوة العظيمة مثل صبي، ارتعب من الأفواج القوية.

 خاف وعاد إلى أليشع وهو يرتعب، وقال: آه يا سيدي، كيف نعبر من الفرسان؟

 أما أليشع فلم يَخَف من الأفواج، ولم يكن يحسب بأس الملوك شيئًا.

أحاطت به قوات بيت الله، التي كانت أكثر من الجموع المحيطة به[18].

القديس مار يعقوب السروجي

فَبَكَّرَ خَادِمُ رَجُلِ الله وَقَامَ وَخَرَجَ،

وَإِذَا جَيْشٌ مُحِيطٌ بِالْمَدِينَةِ وَخَيْلٌ وَمَرْكَبَاتٌ.

فَقَالَ غُلاَمُهُ لَهُ: آهِ يَا سَيِّدِي! كَيْفَ نَعْمَلُ؟ [15]

خادم رجل الله: يرى غالبية الدارسين أن هذا الخادم هو جيحزي قبل أن يحل به البرص، ويرى آخرون أنه إذ طُرد جيحزي، فهذا الخادم هو شخص آخر.

سأل التلميذ أليشع النبي: كيف نعمل؟ لأنه شعر أن لا مجال من الهروب من أيديهم، ويستحيل أسرهم أو قتلهم، فالسؤال يدل على الشعور باليأس.

ما لم يرَه التلميذ رآه أليشع سواء عيانًا أو بالإيمان، إذ رأى جيش الرب في جانبهما. ومع هذا لم يستخف النبي بتلميذه، ولا تشامخ عليه، إنما في وداعة طمأنه، وصلى لأجله كي يفتح الله عينيه.

جاء في قوانين الرسل القديسين أنه لا يليق بإنسان الله أن يستخف بغيره من الأتقياء، لأنهم لم ينالوا موهبة ما مثله. فإذ وُجد سبعة آلاف رجل لم يحنوا ركبة للبعل غير أن إيليا وأليشع وحدهما في ذلك الوقت كانا يصنعان معجزات. لم يستخف أليشع بتلميذه لأنه خاف من الأعداء. أيضًا دانيال وأصدقاؤه الثلاثة فتية لم يستخفُّوا ببقية زملائهم لأن الله أنقذ دانيال مرتين من جب الأسود، والثلاثة فتية من أتون النار[19].

فَقَالَ: لاَ تَخَفْ،

لأَنَّ الَّذِينَ مَعَنَا أَكْثَرُ مِنَ الَّذِينَ مَعَهُمْ. [16]

أدرك أليشع النبي قيمة العون الملائكي، فلم يخشَ إحاطة جيش أرام بالجبل الذي يسكنه للقبض عليه (2 مل 6: 16).

تحمل الطغمات السماوية حبًا فائقًا لنا بكونهم العبيد رفقاءنا يودون أن يخدموا سيدهم خلالنا (رؤ 22: 9). إنها حقيقة مُفرِحة يعلنها الكتاب المقدس أن الملائكة والبشر يُكوِّنون أسرة واحدة متكاملة[20].

إن كنا بسبب ضعفنا إن قورنا بإمكانيات إبليس نُحسَب كواحد أمام ألف، لكن بالرب لا تقدر الألف أن تقف أمامنا، بل نطردها بالرب المُدافِع عنا. هذا هو إيمان أليشع النبي الذي قال لتلميذه: "الذين معنا أكثر من الذين معهم" (2 مل 6: 16). ليتنا لا نخاف إبليس وكل جنوده، لأن الرب إلهنا يحارب عنا حتى يدخل بنا إلى كمال مجده الأبدي.

حقًا إن إبليس مرهب بعنف حيله وثقل تجاربه التي تضغط على الإنسان، لكنه بلا سلطان علينا إن كنا نسلك في الرب، ونحمل في داخلنا روح الله الناري، فننعم بالسلطان أن ندوس على الحيات والعقارب وكل قوات العدو. يتحدث القديس يوحنا الذهبي الفم عن إمكانيات المؤمن في مواجهة إبليس وإغراءاته وعنفه، قائلاً: [إن رآك الشيطان مرتبطًا بالسماء، ساهرًا، لن يجرؤ قط أن يحدق فيك.]، [السيرة الطاهرة تسد فم الشيطان نفسه وتبكمه.]

يليق بالمؤمن ألاَّ يخاف، فلا يقول: "عدوي أعظم مني، كيف أنتصر؟" بل ليقل مع أليشع النبي: "الذين معنا أكثر من الذين معهم" (2 مل 6: 16). وكما قيل: "ليقل الضعيف بطل أنا!" (يؤ 3: 10) هكذا بالمسيح يسوع ربنا ننال روح القوة لا روح الهزيمة والفشل، فلا نرتبك أمام التجارب أو الضيقات أو الخطايا.

الله يفتح أفواه قديسيه لينطقوا بالحق (أف 19:6)، وآذانهم ليفهموا كلمته (إش 4:50-5)، وأعينهم ليروا عنايته ورعايته.

كما يدخل الرب إلى الفم ليُقدِّسه وأيضًا إلى الأذنين والعينين، يحاول إبليس أن يدخل ليملك ويُهلك (رو29:1-30). فقد قيل عن يهوذا إنه دخله شيطان (يو 27:13).

v لما خاف التلميذ من غبار الجيش الذي رآه، شجَّعه مُعَلِّمُه لئلا يرتجف من الكثيرين.

 القوات الموجودة معنا هي أكثر من قوات الأراميين المُحيطة بنا.

 صلَّى البهي من أجل التلميذ لكي يراها، وفتح الربُ عينَي الخادم كما طلب له.

 رأى الفرسان وخيول النار المملوء منها الجبل. إنه منظر مخيف ومُرعِب لمن يشاهده[21].

القديس مار يعقوب السروجي

v كما يفتح الله أفواه القديسين، أظنه كذلك يفتح آذانهم لسماع الكلمات الإلهية. وعن ذلك يقول إشعياء النبي إن الرب سوف يفتح أذنيه ليَعلَم متى يتحتم عليه الكلام (إش 50: 4–5) كذلك يفتح الرب الأعين. فقد "فتح عيني هاجر، فأبصرت بئر ماء (حي)" (تك 21: 19).

كما صلَّى أليشع النبي إلى الله قائلاً: "افتح يا رب عيني الغلام حتى يبصر أن الذين معنا أكثر من الذين مع العدو". ففتح الرب عينيه، فأبصر الجبل مملوءًا خيلاً ومركبات نار وقوات سماوية (راجع 2 مل 6: 16-17). فملاك الرب حالُ حول خائفيه ينجيهم (مز 34: 8).

v يفتح الله الفم والآذان والأعين لكي ما نتكلم أو نُميِّز، إذ نسمع ما هي كلمات الله[22].

v "الفرس وراكبه طرحهما في البحر، صار معيني وحامي في الخلاص" (خر 15: 12). الناس الذين يقتفون أثرنا هم خيول، وهكذا كل الذين يولَدون في الجسد هم رمزيًا خيول. هؤلاء لهم ركابهم. توجد خيول يركبها الرب، ويجولون في كل الأرض، هؤلاء قيل عنهم: “فرسانك هم الخلاص". على أي الأحوال توجد خيول ركابهم هم إبليس وملائكته.

يهوذا كان فرسًا، إذ كان الرب راكبه كان جزءًا من فرسان الخلاص. إذ أُرسل مع الرسل الآخرين بالحق، شفى مرضى وأعطي صحة للضعفاء (مت 10: 1). لكنه إذ خضع للشيطان، إذ بعد اللقمة دخله شيطان (يو 13: 27)، صار الشيطان راكبه، وإذ اقتيد بلجامه، بدأ يسير ضد ربِّنا ومخلصنا.

إذن كل الذين يضطهدون القديسين، هم خيول تصهل، لهم ملائكة أشرار ركاب عليهم، يقودونهم، لذا فهم متوحشون. لذلك عندما ترى مضطهدك في ثورة عنيفة جدًا اعرف أن شيطانًا يمتطيه يثيره، لذا فهو عنيف وقاسٍ[23].

العلامة أوريجينوس

v إنه عدد ضخم من القديسين والمؤمنين، الذين إذ يحملون الله، يصيرون بطريقة ما مركبة الله... إذ يسكن فيها ويقودها كما لو كانت مركبته، يبلغ بها إلى النهاية، كما إلى موضعٍ مُعيَّن. "المسيح باكورة، ثم الذين للمسيح في مجيئه، وبعد ذلك النهاية" (1 كو 15: 23-24). هذه هي الكنيسة المقدسة التي تتبعه، "ألوف من البشر يفرحون". فإنهم بالرجاء يفرحون، حتى يبلغوا إلى النهاية، الأمر الذي يتطلعون إليه الآن بصبرٍ (رو 12: 12)... يعطي السبب لماذا هؤلاء الألوف يفرحون. لأن مركبة الله الحاملة الرب فيهم.

القديس أغسطينوس

v عندما ظن أليشع أنه وحده في البرية كان في صحبة الملائكة، هكذا أيضًا في هذه الحالة (العبرانيون المُضطهَدون من فرعون). كان الشعب أولاً في ضيق في البرية، لكن الذين بقوا مُخْلِصين دخلوا فيما بعد أرض الموعد. بنفس الطريقة الذي يحتملون أحزانًا مؤقتة هنا، ينالون في النهاية راحة، أما الذين يَضطهِدون فيسقطون تحت الأقدام، وتكون نهايتهم غير صالحة[24].

البابا أثناسيوس الرسولي

v نعم، لقد ولَّى الله الملائكة النورانيين على حراسة الناس، لاسيما على الصديقين، كما كتب الرسول في الأصحاح الأول من رسالته إلى العبرانيين، قائلاً: "أليس جميعهم أرواحًا خادمة مُرسَلة للخدمة، لأجل العتيدين أن يرثوا الخلاص؟!" (عب 1: 14) فإن هؤلاء الملائكة يدفعون الصديقين إلى سمو النظر والعمل، لئلا تعثر سيرتهم بحجر الذلة والمعصية. وأيضًا يرفعون بمعونتهم الضعفاء في وقت سلوكهم بمشقةٍ، لئلا يعثروا بفكرهم ويصيروا مداسًا للشيطان.

الأب أنسيمُس الأورشليمي

v ابتسم النبي أمامه، فإن الأمور المخيفة ليس في قدرتها أن تخيف؛ وأمره أن يكون مبتهجًا.

على أي الأحوال، إذ لم يكن التلميذ بعد كاملاً لم يُصغِ إليه. وإذ كان مذهولاً للمنظر بقي في خوفٍ[25].

القدِّيس يوحنا الذهبيّ الفم

v كان أنبا موسى الأسود، الذي كان يسكن في "بترا" (أي الصخرة)، يصارع مرةً مع تجربة الزنا، ولم يستطع أن يحتمل البقاء في قلايته، ذهب وأخبر أنبا إيسيذورس بذلك، فعزَّاه بكلام الكتب المقدسة، ثم حثّه على الرجوع إلى قلايته. لكنه لم يقتنع وقال: ”لا يمكنني يا أبي أن أحتمل ذلك“. فأخذه الأب إيسيذورس إلى سطح قلايته، وقال له: ”اُنظر إلى الغرب“، ولما نظر رأى جموعًا من الشياطين بهيئةٍ مرعبةٍ وهم مهيَّأون للحرب. ثم قال له: ”اُنظر إلى الشرق“، فنظر ورأى جموعًا لا تُحصَى من الملائكة في مجدٍ ونورٍ ببهاءٍ عظيم. ثم قال له أنبا إيسيذورس: ”هؤلاء الذين من ناحية الغرب هم الذين يحاربون القديسين، والذين رأيتهم ناحية الشرق هم الذين يُرسلهم الله لمعونة القديسين، فاعلم إذن أن الذين معنا أكثر من الذين علينا كما قال أليشع النبي" (2 مل 6: 16). فتعزّى أنبا موسى بالرب، وعاد إلى قلايته متشجِّعًا بلا خوفٍ وممجِّدًا لله.

فردوس الآباء

v فتح الرب عيوننا ورأينا المعونات التي تحمينا... كأن الرب قال لنا برهبته: أنظروا عظمة الشهداء الذين أعطيتكم"، فنرى بعيون مفتوحة مجد الرب الذي يعين في آلام الشهداء، وحال في أعمالهم[26].

v لاحظوا أن غير المنظورين أكثر كثيرًا من المنظورين الذين يحرسون خدام المسيح[27].

القديس أمبروسيوس

v صعد فرعون على خيله، وغرق في سُبات وهلك. كان للمصريين خيلهم، لكنهم هلكوا. هذا هو السبب الذي لأجله جاء في الناموس ألا يملك يهودي حصانًا (تث 17: 16). تذكرون أن سليمان لم يكن له خيول من أورشليم أو اليهودية، وإنما اشتراها من مصر (1 مل 10: 28) إذ كانت الخيول معروضة دائمًا للبيع في مصر.

"البعض أقوياء بالمركبات، والبعض بالخيل، أما نحن فأقوياء باسم الرب إلهنا" (مز 20: 7). هؤلاء بالحقيقة، الذين يمتطون الخيل ينامون ويهلكون.

للرب أيضًا خيل، كما له أيضا جبال مُشرِقة، بينما جبال الشيطان مملوءة ظلامًا. الآن كما توجد جبال متلألئة وجبال مظلمة، توجد خيول صالحة وخيول رديئة...

عندما جاء الفرسان للقبض على أليشع (2 مل 6: 13-17)، وخرج خادمه ورأى جيش الأراميين حول المدينة، قال أليشع: "لا تخف، فإن الذين معنا أكثر من الذين معهم".

بعد قليل قيل في الملوك: "يا رب افتح عيني عبدك لكي يرى". وعندما انفتحت عيناه رأى مركبات وخيلاً. هؤلاء كانوا مُعِينين لهما.

لتلاحظوا أنه قيل "مركبات وخيل" لا يوجد بشر في المركبات وعلى الخيول، إنما توجد مركبات وخيل، بمعنى جموع من الملائكة. كانوا مركبات وخيل، أما قائد المركبة فهو الرب[28]. هذا هو السبب الذي لأجله تغنَّى حبقوق: "مركباتك هي خلاص" (2 مل 3: 8). هذا يُقال لله، إن كنا نحن فقط خيول الله، تعيَّن أن يقودنا الله! أما الخيول الأخرى فينامون نومهم الطويل، ومعهم الذين يقودونهم[29].

v بالنسبة لنا، حياتنا هي حلبة صراع. إننا هنا نجاهد، وهناك نكلل.

لا يستطيع أحد أن يتجنب الخوف عندما تكتنف الحيات والعقارب طريقه... الأرض تنبت فقط شوكًا وحسكًا، وترابها طعام للحية (تك 3: 14، 18). "فإن مصارعتنا ليست مع لحمٍ ودمٍ، بل مع الرؤساء، مع السلاطين مع ولاة العالم على ظلمة هذا الدهر، مع أجناد الشر الروحية في السماويات" (أف 6: 12). إننا محاصرون بقوات الأعداء، أعداؤنا من كل جانبٍ. الجسد الضعيف حالاً يصير رفات؛ واحد مقابل كثيرين. يحارب ضد فرق مرعبة. يبقى هكذا حتى ينحل، حتى يأتي رئيس هذا العالم، ولا يجد فينا خطية (يو 14: 30).

لذا فلتنصتوا بأمانٍ إلى كلمات النبي: "لا تخشى من خوف الليل، ولا من سهمٍ يطير في النهار، ولا من وبأ يسلك في الدُجَى" (مز 91: 5-6)... عندما تضايقك قوات العدو، عندما يُصاب جسدك بحمى، عندما تثور الأهواء فيك، عندما تقول في قلبك: "ماذا أفعل؟" عندئذ تُقدِّم لك كلمات أليشع الإجابة. "لا تخف، لأن الذين معنا أكثر من الذين معهم" (2 مل 6: 16).

إنه يصلي: "يا رب افتح عن عيني أمتك[30] لكي ترى". عندئذ تنفتح عينيك، فترى مركبة نارية تحملك إلى السماء مثل إيليا (2 مل 2: 11، 6: 17)، عندئذ ترنم بفرح: "انفلتت أنفسنا مثل العصفور من فخ الصيادين، الفخ انكسر ونحن انفلتنا" (مز 124: 7)[31].

القديس جيروم

v سأريك يا عزيزي الآن كيف كان الله موجودًا حتى في كل واحدٍ من أسلافنا الأبرار الذين كانوا يُصلُّون.

عندما صلَّى موسى على الجبل كان وحده، وكان الله معه. ليس حقيقيًا أن صلاته لم تُسمَعْ لأنه كان وحده، لكن على العكس، فإن صلاة موسى سُمعت بشدَّة ونزعت غضب الله (لأنه كان يحمل إخوته في قلبه).

أيضًا إيليَّا كان وحده فوق جبل الكرمل، وأظهرت صلاته قوَّة مدهشة. إذ بصلاته أُغلقت السماء، وحلَّ الأربطة، وأنقذ الشعب من أيدي الموت، وأبعدهم عن الهاوية. بصلاته أيضًا اقتلع دنس إسرائيل. بصلاتِه نزلت النار في ثلاث مناسبات مختلفة، مرَّة على المذبح ومرَّتين على الشرفاء.

وكانت النار وسيلة انتقام عندما نزلت وهو يصلِّي. وعندما ركع على ركبتيه وصلَّى سُمعت صلاته على الفور، في حين أن الأربعمائة وخمسين صرخوا بأعلى صوت لم تُسمع صلاتهم، لأنها كانت توسُّلاً باسم البعل، لكن إيليا بالرغم من أنه كان وحده، سُمعت صلاته.

كذلك يونان النبي عندما صلَّى من أسفل الهاوية سُمعت صلاته بالرغم من أنه كان وحده، واُستجيبت صلاته فورًا.

أيضًا صلَّى أليشع، فأقام إنسانًا من الهاوية، وأُنقذ من أيدي الأثمة الذين أحاطوا به، وبالرغم من أنه في الظاهر كان وحده، ولكن جيشًا عظيمًا كان حوله، لأنه قال لتلميذه: "لا تخف، لأن الذين معنا أكثر من الذين معهم" (2 مل 6: 16). بالرغم من أنهما كانا وحدهما، ولكن حقيقةً لم يكونا وحدهما[32].

القديس أفراهاط

وَصَلَّى أليشع وَقَالَ:

يَا رَبُّ، افْتَحْ عَيْنَيْهِ فَيُبْصِرَ.

فَفَتَحَ الرَّبُّ عَيْنَيِ الْغُلاَمِ فَأَبْصَرَ،

وَإِذَا الْجَبَلُ مَمْلُوءٌ خَيْلاً وَمَرْكَبَاتِ نَارٍ حَوْلَ أليشع. [17]

لم يطلب أليشع من الرب أن يرسل جيشًا ليحميه هو وتلميذه، لأن الجيش كان بالفعل حاضرًا، وإنما طلب أن يفتح الله عيني الغلام. بشفاعة النبي (عب 1: 14) انفتحت عينا تلميذه عندما اهتز إيمانه، انفتحت لرؤية الحضرة الإلهية تحيط به.

ليس لدى الله جيوش مادية ومركبات وأسلحة جسدية، لكننا لا نستطيع أن ندرك الروحيات إلا من خلال صور جسدية.

كان أعداء إسرائيل غالبًا ما يحاولون أن يرعبوهم بالمركبات (خر 14: 7؛ قض 4: 3؛ 1 صم 13: 5؛ 2 صم 8: 4؛ 10: 18)؛ لكن كيف يمكن لهذه المركبات أن تقف أمام مركبات الله؟! عندما انفتحت عينا جيحزي كطلب أليشع النبي "أبصر، وإذا الجبل مملوء خيلاً ومركبات نار حول أليشع" (2 مل 6: 17).

تُرسَل الملائكة لخدمة مُعَيَّنة لحساب خائفي الرب الذين يرثون الخلاص (عب 1: 6-7). إنه من اللائق بنا جدًا أن نفكر في خدمة الملائكة بفكر سليمٍ مُفرِحٍ، وقد أشار الكتاب المقدس كثيرًا إلى ذلك (2 مل 6: 15-17؛ مز 16: 11؛ لو 16: 22). فإن كان أعداؤنا كثيرين جدًا وأقوياء، لكن هؤلاء الرسل السمائيين هم أكثر في العدد وأعظم في القدرة. توجد جماعة بلا حصر متفوقون في القوة يسندوننا[33].

الله في حبه لنا يسكن في وسطنا، بل وفينا، ويُقِيم ملائكته حراسًا لنا ضد الشر. أرسل ملاكًا ليُخرِجَ الرسول بطرس من السجن. ويضرب هيرودس مُضطهِده فصار يأكله الدود ومات (أع 12).

v يا لإيمان النبي القدِّيس! إنه لا يخاف الخصوم الذين يراهم، إذ يعرف أن الملائكة مع ذاك الذي يؤمن بالله. لا يخشى الخطط الأرضية، لأنه يعرف أن القوات السماوية حاضرة معه. يقول: يوجد كثيرون في جانبنا أكثر من الذين في جانبهم. يا له من أمرٍ ملحوظ! يوجد مدافعون كثيرون من السماء نؤهل لهم بالقداسة، أكثر من المهاجمين على الأرض الذين يأتون بسبب الشر. تطلّعوا إلى استحقاق التطويب!

كان النبي يتحدث عن جموع كثيرة بينما كان خادمه غير واثقٍ في الخلاص. كم تتأهل العيون الروحية للتمييز عن العيون الجسدية! واحد يرى حشدًا من المحاربين، والآخر يتمتع بمنظرٍ يشير إلى الحماية.

يا للرحمة الإلهية! توهب الكائنات البشرية عونًا غير منظورٍ. أولئك الذين هم في خطرٍ ينالون معونة وهم لا يعرفونها. هذا هو حنو المُخَلِّص؛ إنه يتدخل لأجل الخلاص ولا يدع نفسه منظورًا، حتى يُلمَسَ من خلال معونته، ولا يُميِّز خلال الرؤية.

لذلك يُخطِئ من يظن أنه يشن حربًا ناجحة وينتصر بقوته. إنما يلزم أن يعرف أن الخصوم يُهزَمون بالأكثر خلال الاستحقاق أكثر من القوة، ويُقهَرون بالأكثر بالقداسة لا بالقوة. وذلك كما غلب أليشع أعداءه لا بالجيوش، بل بالصلاة[34].

الأب مكسيموس أسقف تورين

v من المؤكد أن الرب يدعو النفوس البشرية كرمه، تلك النفوس التي أحاطها بسلطان تعاليمه وحراسة ملائكته[35].

القديس باسيليوس الكبير

v إن قوة غير مرئية دمَّرتْ قوات المصريين خلال معجزة البحر الأحمر، وهذه القوة يُسمِّيها النص "الفرسان"، ويمكن أن نفترض أن الفرسان كانوا جيشًا من الملائكة التي يذكرها حبقوق النبي: "ركبت خيلك ومركباتك مركبات الخلاص" (حب 3: 8). وذكر داود أيضًا مركبات الله قائلا: "مركبات الله ربوات" (مز 68: 17)[36].

v أولئك الذين يشير إليهم النص (نش 5: 7) كحرس المدينة هم الأرواح الخادمة المُرسَلة لخدمة العتيدين أن يرثوا الخلاص...

جيد للنفس أن يجدها الملائكة الذين يطوفون حول المدينة (السماوية)[37].

القديس غريغوريوس أسقف نيصص

v إذ كنتُ أعدُّ نفسي للزواج بابن الملك، بكر كل خليقة، رافقتني الملائكة وخدمتني وقدَّمتْ لي الناموس كهدية عرس[38].

v هؤلاء هم الملائكة حراس الأطفال الذين يرون وجه الآب في السماء[39].

v حينما رأت الملائكة ملك الطغمات السمائية يسير في أماكن الأرض، دخلوا الطريق الذي افتتحه، وتبعوا ربهم، وأطاعوا إرادته، ذاك الذي وزعهم على المؤمنين لحراستهم. الملائكة في خدمة خلاصك... إنهم يقولون فيما بينهم: "إن كان قد أخذ (المسيح) جسدًا قابلاً للموت، فكيف نقف نحن مكتوفي الأيدي؟ تعالوا أيها الملائكة، لننزل جميعًا من السماء". هذا هو السبب الذي لأجله كانت جموع الطغمات السمائية تمجد الله وتسبحه عند ميلاد المسيح. لقد امتلأ كل موضع بالملائكة[40].

v إن كان ملاك الرب يعسكر حول خائفيه وينجيهم (مز 33: 8)، فيبدو أنه متى اجتمع عدد من الناس لمجد المسيح، يكون لكل منهم ملاكه يعسكر حوله، إذ هم خائفو الرب. كل ملاك يرافق إنسانًا يحرسه ويرشده، وبهذا متى اجتمع القديسون معًا تقوم كنيستان: كنيسة من البشر، وأخرى من الملائكة[41].

العلامة أوريجينوس

v ما هذا؟ "رأينا مجده مجدًا كما لوحيدٍ من الآب". ما كان يمكننا أن نرى (مجده) ما لم يُظهره لنا خلال جسد يخفيه ويعيش بيننا...

ولكن ماذا يعني "مجدًا كما لوحيدٍ من الآب"؟ حيث أن كثيرًا من الأنبياء أيضًا قد تمجدوا، مثل موسى وإيليا وأليشع. فأليشع أحاطت به مركبة نارية (2 مل 6: 17)، وإيليا صعد عليها، وبعدهما دانيال والثلاثة فتية وآخرون كثيرون أظهروا عجائب ومُجِّدوا، وظهرت ملائكة للبشر وأعلنوا جزئيًا لناظريهم نورًا لامعًا يناسب طبيعتهم... بل ظهر لهم حتى الشاروبيم والسيرافيم.

يقودنا الإنجيل بعيدًا عن كل هذه، وعن الخليقة، وبهاء العبيد زملائنا، ويضعنا أمام ذروة الأمور الصالحة... السيد نفسه، الملك ذاته، الابن الوحيد الأصيل، رب الكل نفسه، رأينا مجده.

تعبير "كما" لا يعني هنا المشابهة أو المقارنة، وإنما لفظة تحقيق وتحديد خالٍ من الشك، كأنه قال: "ورأينا مجده مجدًا كما وجب أن يمتلكه ابن وحيد خالص لإله الخليقة كلها وملكها"[42].

القدِّيس يوحنا الذهبيّ الفم

v عندما ظن أليشع أنه وحده في البرية، كان معه رفاق من الملائكة. لذلك فإنه إذ يتألم الناس في البداية في البرية، لكن من يبقى أمينًا يدخل فيما بعد أرض الموعد[43].

القديس أثناسيوس الرسولي

v اعتقد أنه إن كانت النفس نقية بالكمال وفي وضعها الطبيعي، يمكنها بكونها تحمل بصيرة نقية أن ترى أكثر وأفضل من الشياطين، إذ لها الرب الذي يُعلِن لها ذلك، وذلك مثل نفس أليشع التي رأت ما فعله جيحزي، كما رأت القوات (2 مل 6: 17) التي تقف حوله[44].

القدِّيس أنبا أنطونيوس الكبير

وستجد تفاسير أخرى هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت لمؤلفين آخرين.

St-Takla.org                     Divider فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

4. خيرات عِوَض المجاعة

18 وَلَمَّا نَزَلُوا إِلَيْهِ صَلَّى أَلِيشَعُ إِلَى الرَّبِّ وَقَالَ: «اضْرِبْ هؤُلاَءِ الأُمَمَ بِالْعَمَى». فَضَرَبَهُمْ بِالْعَمَى كَقَوْلِ أَلِيشَعَ. 19 فَقَالَ لَهُمْ أَلِيشَعُ: «لَيْسَتْ هذِهِ هِيَ الطَّرِيقَ، وَلاَ هذِهِ هِيَ الْمَدِينَةَ. اتْبَعُونِي فَأَسِيرَ بِكُمْ إِلَى الرَّجُلِ الَّذِي تُفَتِّشُونَ عَلَيْهِ». فَسَارَ بِهِمْ إِلَى السَّامِرَةِ. 20 فَلَمَّا دَخَلُوا السَّامِرَةَ قَالَ أَلِيشَعُ: «يَا رَبُّ افْتَحْ أَعْيُنَ هؤُلاَءِ فَيُبْصِرُوا». فَفَتَحَ الرَّبُّ أَعْيُنَهُمْ فَأَبْصَرُوا وَإِذَا هُمْ فِي وَسَطِ السَّامِرَةِ. 21 فَقَالَ مَلِكُ إِسْرَائِيلَ لأَلِيشَعَ لَمَّا رَآهُمْ: «هَلْ أَضْرِبُ؟ هَلْ أَضْرِبُ يَا أَبِي؟» 22 فَقَالَ: «لاَ تَضْرِبْ. تَضْرِبُ الَّذِينَ سَبَيْتَهُمْ بِسَيْفِكَ وَبِقَوْسِكَ. ضَعْ خُبْزًا وَمَاءً أَمَامَهُمْ فَيَأْكُلُوا وَيَشْرَبُوا، ثُمَّ يَنْطَلِقُوا إِلَى سَيِّدِهِمْ». 23 فَأَوْلَمَ لَهُمْ وَلِيمَةً عَظِيمَةً فَأَكَلُوا وَشَرِبُوا، ثُمَّ أَطْلَقَهُمْ فَانْطَلَقُوا إِلَى سَيِّدِهِمْ. وَلَمْ تَعُدْ أَيْضًا جُيُوشُ أَرَامَ تَدْخُلُ إِلَى أَرْضِ إِسْرَائِيلَ. 24 وَكَانَ بَعْدَ ذلِكَ أَنَّ بَنْهَدَدَ مَلِكَ أَرَامَ جَمَعَ كُلَّ جَيْشِهِ وَصَعِدَ فَحَاصَرَ السَّامِرَةَ. 25 وَكَانَ جُوعٌ شَدِيدٌ فِي السَّامِرَةِ. وَهُمْ حَاصَرُوهَا حَتَّى صَارَ رَأْسُ الْحِمَارِ بِثَمَانِينَ مِنَ الْفِضَّةِ، وَرُبْعُ الْقَابِ مِنْ زِبْلِ الْحَمَامِ بِخَمْسٍ مِنَ الْفِضَّةِ. 26 وَبَيْنَمَا كَانَ مَلِكُ إِسْرَائِيلَ جَائِزًا عَلَى السُّورِ صَرَخَتِ امْرَأَةٌ إِلَيْهِ تَقُولُ: «خَلِّصْ يَا سَيِّدِي الْمَلِكَ». 27 فَقَالَ: «لاَ! يُخَلِّصْكِ الرَّبُّ. مِنْ أَيْنَ أُخَلِّصُكِ؟ أَمِنَ الْبَيْدَرِ أَوْ مِنَ الْمِعْصَرَةِ؟» 28 ثُمَّ قَالَ لَهَا الْمَلِكُ: «مَا لَكِ؟» فَقَالَتْ: «إِنَّ هذِهِ الْمَرْأَةُ قَدْ قَالَتْ لِي: هَاتِي ابْنَكِ فَنَأْكُلَهُ الْيَوْمَ ثُمَّ، نَأْكُلَ ابْنِي غَدًا. 29 فَسَلَقْنَا ابْنِي وَأَكَلْنَاهُ. ثُمَّ قُلْتُ لَهَا فِي الْيَوْمِ الآخَرِ: هَاتِي ابْنَكِ فَنَأْكُلَهُ فَخَبَّأَتِ ابْنَهَا». 30 فَلَمَّا سَمِعَ الْمَلِكُ كَلاَمَ الْمَرْأَةِ مَزَّقَ ثِيَابَهُ وَهُوَ مُجْتَازٌ عَلَى السُّورِ، فَنَظَرَ الشَّعْبُ وَإِذَا مِسْحٌ مِنْ دَاخِل عَلَى جَسَدِهِ. 31 فَقَالَ: «هكَذَا يَصْنَعُ لِي اللهُ وَهكَذَا يَزِيدُ، إِنْ قَامَ رَأْسُ أَلِيشَعَ بْنِ شَافَاطَ عَلَيْهِ الْيَوْمَ». 32 وَكَانَ أَلِيشَعُ جَالِسًا فِي بَيْتِهِ وَالشُّيُوخُ جُلُوسًا عِنْدَهُ. فَأَرْسَلَ رَجُلًا مِنْ أَمَامِهِ. وَقَبْلَمَا أَتَى الرَّسُولُ إِلَيْهِ قَالَ لِلشُّيُوخِ: «هَلْ رَأَيْتُمْ أَنَّ ابْنَ الْقَاتِلِ هذَا قَدْ أَرْسَلَ لِكَيْ يَقْطَعَ رَأْسِي؟ انْظُرُوا! إِذَا جَاءَ الرَّسُولُ فَأَغْلِقُوا الْبَابَ وَاحْصُرُوهُ عِنْدَ الْبَابِ. أَلَيْسَ صَوْتُ قَدَمَيْ سَيِّدِهِ وَرَاءَهُ؟». 33 وَبَيْنَمَا هُوَ يُكَلِّمُهُمْ إِذَا بِالرَّسُولِ نَازِلٌ إِلَيْهِ. فَقَالَ: «هُوَذَا هذَا الشَّرُّ هُوَ مِنْ قِبَلِ الرَّبِّ. مَاذَا أَنْتَظِرُ مِنَ الرَّبِّ بَعْدُ؟»

 

إذ ظن ملك أرام أن عدوه الحقيقي الذي يُفسِد كل خططه العسكرية هو أليشع أرسل قوات وجيشًا ثقيلاً للقبض عليه، فإذا بأليشع يُلقِي القبض عليهم، ويطلب من ملك إسرائيل أن يُقدِّم لهم وليمة، علامة إقامة عهد بين الطرفين.

وَلَمَّا نَزَلُوا إِلَيْهِ صَلَّى أليشع إِلَى الرَّبِّ:

اضْرِبْ هَؤُلاَءِ الأُمَمَ بِالْعَمَى.

فَضَرَبَهُمْ بِالْعَمَى كَقَوْلِ أليشع. [18]

يُفهَم من نزولهم إليه أن أليشع خرج من المدينة، وكان الأراميون قد حلُّوا في مكان أعلى من دوثان، فنزلوا لكي يلقوا القبض عليه.

ربما لم يصابوا بالعمى الكامل، لكنهم أصيبوا بالعجز عن تمييز ما يتطلعون إليه بوضوح، لهذا كانوا قادرين على السير وراء أليشع، لكنهم لم يعرفوا أليشع، ولا الطريق الذي ساروا فيه.

v بالتأكيد أيها الجنود المحيطون، تسمعون أنه حيث يوجد غدر يكون هناك عمى. لذلك بحقٍ كان جيش غير المؤمنين أعمى. ولكن حيث يوجد إيمان، يوجد جيش الملائكة.

صالح إذن هو الإيمان، الذي يمارس غالبًا سلطانه بين الأموات (كو 2: 12؛ أع 17: 31).

لذلك عدونا (إبليس) وحشوده يرتدُّون بقوة بفضيلة الشهداء[45].

القديس أمبروسيوس

v رجل واحد قاد كل الجيش بدون قتال، وهم أضعف وأوهن من أن يتخلصوا منه.

عرقل نظرهم، وربط أعينهم، واقتادهم إلى حيث شاء، وأذلهم.

أُرسلوا ليصطادوه مثل الجبابرة، فاصطادهم هو، وجلبهم مثل الضعفاء.

جلب ثوب الضلالة وبسطه على وجوههم، واقتادهم مثل عميان حتى يخزيهم.

ذهبوا معه وهم ينظرون إليه دون أن يروه ليصيروا سخرية بجنونهم على من تجاسروا.

ضُرِبَ الأشقياء من قبل ملائكة الله التابعين له، وهرب نور وجوههم[46].

القديس مار يعقوب السروجي

v هكذا كان شاول مُضطهِد الكنيسة، الذي كانت عيناه مفتوحتين دون أن يرى (أع 9: 8)، والذي أغلق الله عينيه بطريقة عجيبة، لكن فتحهما مرة أخرى سريعًا[47].

القديس مار أفرام السرياني

v "الرب رحوم وعادل" (مز 114: 5). لذلك ليتنا لا نعرف الله بطريقة جزئية، ولا نجعل من حنوِّه عِلَّة لإهمالنا... ذاك الذي يجعل الشمس تشرق (مت 5: 45)، هو أيضًا يضرب الناس بالعمى (2 مل 6: 18). ذاك الذي يُرسِل المطر (زك 10: 1)، هو أيضًا يجعل مطرًا من نارٍ (تك 19: 24)[48].

القديس باسيليوس الكبير

فَقَالَ لَهُمْ أليشع:

لَيْسَتْ هَذِهِ هِيَ الطَّرِيقَ، وَلاَ هَذِهِ هِيَ الْمَدِينَةَ.

اتْبَعُونِي، فَأَسِيرَ بِكُمْ إِلَى الرَّجُلِ الَّذِي تُفَتِّشُونَ عَلَيْهِ.

فَسَارَ بِهِمْ إِلَى السَّامِرَةِ. [19]

عندما ذهب أليشع لملاقاة أعدائه. قال لهم: "ليست هذه هي الطريق، ولا هذه هي المدينة. اتبعوني، فأسير بكم إلى الرجل الذي تُفتشون عليه" (2 مل 6: 19). كيف يكذب رجل الله على هؤلاء الجنود؟ هل الكذب مُبَاح في حالة الحروب؟

ما قاله أليشع لم يكن في الحقيقة كذبًا، لأن جنود أرام كانوا ذاهبين إلى دوثان لأسر أليشع، لكن الله أعماهم، وجاء أليشع إلى المدينة للقائهم خارج المدينة، وكان ذلك فعلاً خارج دوثان، وبهذا لم يكن دخول دوثان هو الطريق الصحيح للقبض على أليشع. ذهب أليشع أمامهم إلى السامرة، وقال لهم: "اتبعوني فأسير بكم إلى الرجل الذي تفتشون عنه"، وكان هذا صحيحًا. سار بهم إلى السامرة، وعندما وصل هناك، فتح الله أعينهم ورأوا أليشع، فسأل الملك أليشع هل أقتلهم، لكن أليشع طلب أن يوضع أمامهم خبز وماء.

فَلَمَّا دَخَلُوا السَّامِرَةَ، قَالَ أليشع:

يَا رَبُّ افْتَحْ أَعْيُنَ هَؤُلاَءِ فَيُبْصِرُوا.

فَفَتَحَ الرَّبُّ أَعْيُنَهُمْ، فَأَبْصَرُوا،

وَإِذَا هُمْ فِي وَسَطِ السَّامِرَةِ. [20]

كما طلب لهم العمى طلب من الله أن يفتح لهم أعينهم، فالله في سلطانه أن يسمح بالعمى لأجل تأديبهم وتعرفهم على عجزهم، وأن يسمح لهم بالبصر لكي تبصر قلوبهم الحق الإلهي.

يقول القديس أمبروسيوس: [على أي الأحوال أراد أليشع أن يُخَلِّصَ لا أن يهلك هؤلاء الذين خُدِعوا بالحق، فإنهم لم يُصابوا بالعمى بتصرفٍ غبيٍ بل بقوة الرب.]

v قادهم وأدخلهم إلى قلب السامرة، ودعا الرب، ففتح عيونهم المُغلَقة.

 رفع عنهم الضلالة التي لبسوها، فاستناروا وعرفوا أين هم؟ وكيف أتوا؟

 عرفوا أيضا أنه الرجل الذي كانوا يطلبونه، فخافوا واضطربوا، كيف لم يعرفوه في الطريق.

 فهموا أنه أليشع، وأنهم كانوا يبحثون عنه، وهو يتكلم معهم في الطريق ولم يعرفوه.

 أضحى الأشقياء مُلامين وضعفاء ومملوءين خوفًا، ومحتقرين، وجهلة، وتحت الموت الذي أفزعهم.

 نظروا إلى رجل الله كيف هو، واحتقروا الملك الذي أرسلهم[49].

القديس مار يعقوب السروجي

فَقَالَ مَلِكُ إِسْرَائِيلَ لأليشع لَمَّا رَآهُمْ:

هَلْ أَضْرِبُ؟ هَلْ أَضْرِبُ يَا أَبِي؟ [21]

سبق أن استخدم أليشع تعبير "يا أبي" في حديثه عن إيليا النبي، كما استخدم خدام نعمان نفس الاصطلاح في حديثهم مع نعمان، وها هو ملك إسرائيل أيضًا يستخدم ذات التعبير في حديثه مع أليشع النبي.

مع أن ملك إسرائيل كان شريرًا، لكنه كان يُقدِّر أليشع، ويُدرِك تقواه، فدعاه: "يا أبي". طلب أليشع النبي من الملك ألا يقتل الأراميين، إذ كان يجب على الملك ألا ينسب لنفسه الفضل فيما فعله الله وحده، بل يستضيفهم ليشهدوا لله الذي يريد أن يفتح العيون الداخلية لترى مراحم الله وتُدرِك خطته.

يُعَلِّق القديس أمبروسيوس على تصرُّف أليشع الذي آمن بحماية الله وفي نفس الوقت لم ينتقم لنفسه، بل بالبرِّ طلب تقديم طعام للجند الذين سلَّمهم الرب له دون تعبٍ بشريٍ. يقول: [واضح من هذا أن الإيمان والبرّ يجب حفظهما حتى في الحرب، وأنه لأمر مشين أن يُنتَهك الإيمان[50].]

v ماذا اتبع أليشع سوى الفضيلة، عندما أحضر جيش سوريا الذي جاء لكي يقبض عليه ويسبيه، بعد أن غطَّى أعينهم بالعمى؟ قال: "يا رب افتح أعين هؤلاء فيبصروا" (2 مل 6: 20)، فأبصروا. وعندما أراد ملك إسرائيل أن يقتل أولئك الذين دخلوا، وطلب إذنًا من النبي بذلك، أجابه بأن هؤلاء الذين جاءوا إلى السبي ليس بقوة الذراع ولا بأسلحة الحرب، يلزم ألا يُقتلوا، بل يُمدُّوا بالطعام[51].

القديس أمبروسيوس

فَقَالَ: لاَ تَضْرِبْ!

تَضْرِبُ الَّذِينَ سَبَيْتَهُمْ بِسَيْفِكَ وَبِقَوْسِكَ.

ضَعْ خُبْزًا وَمَاءً أَمَامَهُمْ،

فَيَأْكُلُوا وَيَشْرَبُوا، ثُمَّ يَنْطَلِقُوا إِلَى سَيِّدِهِمْ. [22]

فَأَوْلَمَ لَهُمْ وَلِيمَةً عَظِيمَةً،

فَأَكَلُوا وَشَرِبُوا،

ثُمَّ أَطْلَقَهُمْ، فَانْطَلَقُوا إِلَى سَيِّدِهِمْ.

وَلَمْ تَعُدْ أَيْضًا جُيُوشُ أرام تَدْخُلُ إِلَى أَرْضِ إِسْرَائِيلَ. [23]

إن كانت القصة في بدايتها مدهشة، إلا إنها تكشف عن رعاية الله الفائقة للملتصقين به، غير أن نهايتها أكثر دهشة، فقد اقتاد أليشع الجيش القادم للقبض عليه إلى المدينة، وكان يُمكن قتلهم جميعًا بسهولة. لكن عوض ذلك طلب من ملك إسرائيل أن يُعدَّ لهم وليمة ويتركهم يرجعون إلى بنهدد دون أن تصيبهم أذية.

عاملهم النبي كضيوفٍ وأكرمهم، إذ طلب من الملك أن يقوتهم. وكان لهذا العمل أثره الطيب عليهم كما على ملك أرام، فلم يرسل بعد جيوشًا إلى أرض إسرائيل إلى حين.

مارس أليشع محبة الأعداء (2 مل 6: 8-26)، وقدَّم لنا السيد المسيح نفسه مثلاً لمحبة الأعداء (لو 22: 49-51). وهكذا عاشت الكنيسة الأولى تمارس وصية محبة الأعداء (أع 7 59-60؛ رو 12: 20).

عمل المحبة الصادر عن قلب نقي أزال العداوة التي في أرام ضد إسرائيل إلى حين.

لا نعلم المدة التي كفَّ فيها الأراميون عن مهاجمة المملكة الشمالية، لكن الأرجح أنه قد مضت بضع سنوات قبل حدوث الهجوم المذكور في ع 24، إذ نسي الأراميون هذه القصة.

v تأثروا بالمعاملة اللطيفة، فالتزموا أن يظهروا للعالم ما تلقُّوه من لطفٍ. نقرأ: "لم تعد جيوش سوريا تدخل إلى أرض إسرائيل" (2 مل 6: 23)[52].

القديس أمبروسيوس

v أتى بهم كأعداء لملك السامرة مثل الضعفاء، وأقامهم أمام وجهه...

رآهم الملك وتحرك مثل الجبار ليقتلهم، وكأنه هو الذي انتصر وأتى بهم وحبسهم.

طلب أن يرفع يده ويبيدهم بالسيف، أما رجل الرب فمنعه من أن يصنع بهم شرًا.

أيها الملك، إنك لم تُضعفهم في حربٍ، فلا تضربهم بقوسك ولا بسيفك.

لا تفتخر بنصرة ليست هي نصرتك، أطعمهم واسقهم واِجعلهم يدهشون.

تغلّب على الشر بالخير الذي سيصير للأراميين...

يليق بقديس الله أن يُطعِمَ الرجال الذين أتوا ليصطادوه.

بالأعجوبة العظمى التي صنع أفزعهم، وملأهم دهشة عظمى، ثم أرسلهم.

صنع سلامًا بين الجانبين بدون قتال، مبارك هذا الذي أعطاه القوة والبأس والجبروت[53].

القديس مار يعقوب السروجي

وَكَانَ بَعْدَ ذَلِكَ أَنَّ بَنْهَدَدَ مَلِكَ أرام جَمَعَ كُلَّ جَيْشِهِ،

وَصَعِدَ، فَحَاصَرَ السَّامِرَةَ. [24]

الأرجح أن هذا كان بنهدد الثاني الذي حكم أبوه أرام في أيام الملك بعشا (1 مل 18:15). وقد أحبط أليشع محاولات بنهدد الثاني للاستيلاء على إسرائيل.

St-Takla.org Image: A mother talking to Ben-Hadad II, the king of Aram-Damascus after eating her son due to hunger with another woman in Samaria (2 Kings 6: 25-30) - by Charles Joseph Staniland. صورة في موقع الأنبا تكلا: أم تكلم الملك بنهدد ملك أرام بعدما أكلت ابنها مع امرأة أخرى بسبب المجاعة في السامرة (الملوك الثاني 6: 25-30) - للفنان تشارلز جوزيف ستانيلاند.

St-Takla.org Image: A mother talking to Ben-Hadad II, the king of Aram-Damascus after eating her son due to hunger with another woman in Samaria (2 Kings 6: 25-30) - by Charles Joseph Staniland.

صورة في موقع الأنبا تكلا: أم تكلم الملك بنهدد ملك أرام بعدما أكلت ابنها مع امرأة أخرى بسبب المجاعة في السامرة (الملوك الثاني 6: 25-30) - للفنان تشارلز جوزيف ستانيلاند.

وَكَانَ جُوعٌ شَدِيدٌ فِي السَّامِرَةِ.

وَهُمْ حَاصَرُوهَا،

حَتَّى صَارَ رَأْسُ الْحِمَارِ بِثَمَانِينَ مِنَ الْفِضَّةِ،

وَرُبْعُ الْقَابِ مِنْ زِبْلِ الْحَمَامِ بِخَمْسٍ مِنَ الْفِضَّةِ. [25]

سبق أن أنبأ سفر التثنية بحدوث المجاعات عندما يرفض إسرائيل قيادة الله له.

يبدو للنبي أن هذا الحصار يُعتبَر أبشع حصار عرفه التاريخ. فقد دفعهم الجوع الشديد إلى ممارسة ما هو ليس بإنساني (2 مل 6: 25-29).

إذ رفضوا كلمة الله، طعام الروح، صاروا في مجاعة خطيرة، وتحوَّلتْ أعماقهم إلى صورة وحشية، يمارسون ما لا تفعله الوحوش بالغريزة الطبيعية.

جاء في تهديدات الله لشعبه أنهم إن عبدوا الأوثان وعصوا الوصية الإلهية، يسمح لهم بضربة القحط "بكسري لكم عصا الخبز، تخبز عشر نساء خبزكم في تنور، ويرددون خبزكم بالوزن، فتأكلون ولا تشبعون" (لا 26: 26). يكسر الله لهم عصا الخبز، أي يقطع عنهم خبز الحياة، الكلمة الإلهية، فتعيش نفوسهم في جوعٍ، لا تجد عصا تتكئ عليها. أما علامة القحط فهو عوض أن يكون لكل سيدة تنور أي فرن خاص بها، تضع فيه الخبز لتسويته، تستخدم كل عشر نساء تنورًا واحدًا. إذ ليس لدى كل منهن خبز يحتاج إلى تنور، وليس لديها الوقود اللازم لإشعال التنور.

العلامة الثانية للقحط هي الحرص في الخبز، فيستخدمونه بالوزن لقلة كميته، وانتزاع البركة عنهم. ويصل القحط مداه حين تمتد أيدي الوالدين لأكل لحوم أولادهم، كما حدث في أيام يهورام بن أخآب ملك إسرائيل، إذ اتفقت امرأتان أن تطبخ كل منهما ابنها في يوم لتأكلاه معًا (2 مل 6: 24-30)، وأيضًا في أيام حصار ملك بابل لأورشليم، إذ قيل: "أيادي النساء الحنائن طبخت أولادهن، صاروا طعامًا لهن في سحق بنت شعبي" (مرا 4: 10)، وتكرر الأمر حين حاصر تيطس الروماني أورشليم.

صارت رأس الحمار التي لا تؤكل مطلقًا ثمينة جدًا بسبب المجاعة.

=يرى القديس مار أفرام السرياني أن رأس الحمار هنا تشير غالبًا إلى تعاليم الفلاسفة المقاومين للحق الإلهي، تصير في وقت المجاعة التي تسيطر على الأرض ثمينة للغاية. ويشير زبل الحمام غالبًا إلى التفسير الحرفي للناموس، أما الحمام فيشير إلى التفسير الروحي.

يرى البعض أن هذا الحصار تم بعد المجاعة التي حلت لمدة سبع سنين والمشار إليها في الأصحاح 8: 1-2. وكان الموقف حرجًا للغاية، حتى صار ثمن الأكل الدنس (دينيًا) باهظ التكلفة (رأس الحمار).

القاب: هو معيار يعادل نصف جالون يستخدم لكيل الأمور الجافة.

زبل الحمام: يرى البعض أنه نبات بصيلي يؤكل. هذا النبات يُدعَى حاليًا "نجمة بيت لحم".

وَبَيْنَمَا كَانَ مَلِكُ إِسْرَائِيلَ جَائِزًا عَلَى السُّورِ

صَرَخَتِ امْرَأَةٌ إِلَيْهِ:

خَلِّصْ يَا سَيِّدِي الْمَلِكَ. [26]

فَقَالَ: لاَ! يُخَلِّصْكِ الرَّبُّ.

مِنْ أَيْنَ أُخَلِّصُكِ؟

أَمِنَ الْبَيْدَرِ أَوْ مِنَ الْمِعْصَرَةِ؟ [27]

ثُمَّ قَالَ لَهَا الْمَلِكُ: مَا لَكِ؟

فَقَالَتْ: هَذِهِ الْمَرْأَةُ قَالَتْ لِي:

هَاتِي ابْنَكِ فَنَأْكُلَهُ الْيَوْمَ، ثُمَّ نَأْكُلَ ابْنِي غَدًا. [28]

حُذِّرتْ إسرائيل من العصيان، فإن هذا يدفع الشعب إلى تصرفات تعوفها النفس (لا 26: 29؛ تث 28: 53، 57).

فَسَلَقْنَا ابْنِي وَأَكَلْنَاهُ.

ثُمَّ قُلْتُ لَهَا فِي الْيَوْمِ الآخَرِ: هَاتِي ابْنَكِ فَنَأْكُلَهُ،

فَخَبَّأَتِ ابْنَهَا. [29]

بمرثاة فريدة يصوِّر لنا القديس مار يعقوب السروجي سهم الجوع يطعن قلب الأمهات، فتحوَّلن إلى وحوش مفترسة. لا بل وأكثر شراسة، لأن الوحوش لا تفترس صغارها؛ وهوذا الأمهات من جنس البشر تضربن بالسكين في أعناق أطفالهن، ولا يبالين بصرخاتهم. تَسْبَحُ أياديهن في دم أطفالهن، وتلتهم أفواههن لحمهم لكي يعشن! قدَّمتْ الأمهات لأطفالهن عذرًا، فإن لم يأكلن الأطفال، فالمجاعة تأكلهم، ويموت الأطفال مع الأمهات!

v ماذا أقول عن تلك المجاعة التي حدثت هناك، حتى أكلت النساء أبناءهن بسبب الضيق؟

 إنه خبر مُخيف تهرب منه الأذن، ورعدة عظيمة أن تأكل النساء أحباءهن.

 أفسد الجوع أرحام النساء الوالدات، لئلا يُشفقن على أولادهن عندما يقتلونهم.

 بدل أمهات صرن حيوانات مفترسة، وبسبب الضيق أكلن لحم أحبائهن.

 طرد الجوع شفقة الأم وهزمها، لئلا تعود إلى الابن الذي يهلك.

 طعن سهم الجوع المُرضِعة، وركعت وسقطت، وشرعت تأكل من حبيبها لكي تحيا.

 يا للهول العظيم! أمسكت بالوارث لتقتله، وهربت محبة الأمهات بسبب المجاعة التي حدثت.

 لم تخَف عندما صرخ الطفل تحت السكين، ولم ترتعب حين سبَحَتْ يداها في دمه[54].

القديس مار يعقوب السروجي

فَلَمَّا سَمِعَ الْمَلِكُ كَلاَمَ الْمَرْأَةِ،

مَزَّقَ ثِيَابَهُ وَهُوَ مُجْتَازٌ عَلَى السُّورِ،

فَنَظَرَ الشَّعْبُ، وَإِذَا مِسْحٌ مِنْ دَاخِلٍ عَلَى جَسَدِهِ. [30]

لقد مزق الملك ثيابه، وظهر أنه كان مرتديًا مُسحًا، لكنه لم يُلق باللوم على نفسه، بل على أليشع النبي وأراد قتله. لا نفع للمسوح مع قسوة القلب وعدم التوبة. كان يرتدي المُسح في الداخل، ربما لإرضاء الله أو الآلهة، ولكي لا يحبط همة شعبه.

v اضطرب الملك، لأن هاتين المرأتين أرادتا أن يقتاتا ليس بأجسام بشرية فحسب، وإنما بجسمي طفليهما...

هدد (الملك) أليشع النبي بالموت. إذ اعتقد أن في سلطانه أن يحطم الحصار، وأن يتجنب المجاعة. وربما غضب، لأن النبي لم يسمح للملك أن يقتل السريان الذين ضربهم بالعمى[55].

القديس أمبروسيوس

فَقَالَ: هَكَذَا يَصْنَعُ لِي الله وَهَكَذَا يَزِيدُ،

إِنْ قَامَ رَأْسُ أليشع بْنِ شَافَاطَ عَلَيْهِ الْيَوْمَ. [31]

لم يكن ملك إسرائيل يجهل شخصية أليشع وقداسته وإمكانياته. كان يليق أن يرجع إليه ويسأله كيف يتقدس هو ورجاله وشعبه، فيقوم الرب بإنقاذهم. لكنه حمل روح أمه إيزابل التي كانت مُحبة لسفك الدماء. يرى القديس مار أفرام السرياني أن يهورام ملك إسرائيل ثار على أليشع في غضبٍ، وقال: "بالأمس قدَّم طعامًا بوفرة للصوص الأراميين، واليوم يعطي تلاميذه فيض من الخبز ولا ينقصهم طعام، لكنه لا يبالي بشعب هذه المدينة، ويتجاهلهم في عوزهم". فأقسم أن يقتله من أجل دم شعبه. كان يليق بيهورام ألا يلوم أليشع، بل يلوم أخآب والده، الذي احتقر الأنبياء. بالحقيقة لو اتبع كلماتهم وقتل بنهدد، لما كان هذا الملك قد حاصر السامرة، ولما ألقى به في مثل هذه الكوارث.

دعي يهورام بن أخآب ابن القاتل، لأنه قتل أنبياء الرب (1 مل 18: 13)، وقتل نابوت (1 مل 21: 9-13)، واضطهد عبيد الرب وأفناهم (1مل 19: 18). جاءت أعمال يهورام تؤكد أنه ابن القاتل، لأنه لم يتب بل سلك بروح الشر الذي لأبيه.

ألقي الملك باللوم على أليشع، الذي لم يتحرك لينقذ البلاد من هذه الكارثة، فأقسم بقتله فورًا. ثار عليه، لأنه ظن أنه قادر أن يُخَلِّصَه دون أن يُقَدِّم توبة لله صادقة. أعلمه الله النبي بما في نية الملك، فأخبر النبي الشيوخ بأن رسول الملك قادم ويتبعه الملك مباشرة. طلب ألا يسمحوا للرسول بالدخول حتى يأتي الملك.

v ارتجف الملك من الخبر المُخيف الذي ذُكِرَ، ومزَّق ثوبه وولول وصرخ بسبب ما سمعه.

أقسم وهدد أليشع الإلهي بقطع رأسه، بسبب الخبر المريع الذي سمعه.

 أيها الملك، بماذا أذنبَ إليك نبي الرب؟ إنه صامت في بيته، وهو مُحاصَر مثلك في المدينة؟

 إن أكلت النساء أبناءهن، فما شأنه وبنات السامرة اللواتي قتلن وأكلن أحباءهن؟

 إن كان يضايقك الأراميون، فما شأنه؟ لأنه ليس له رئيس فوج، ولا قائد جيش، فماذا يصنع لك؟

 بماذا أخطأ إليك هذا الرجل النبي، حتى تهدد بقطع رأسه كأنه أرامي؟

 لك السلاح، ولك قادة الجيوش، اخرج وحارب، وألا لا تهدد أليشع...

عرف ملك السامرة من هو الرجل، وكان واثقًا من أنه إن أراد يصنع الخلاص...

فكر بأنه إن صلى... تخرج صلاته، وتهلك آلاف الأراميين.

إن دعا النار تنزل على الذين في الخارج، وإن أمر الأرض بإشارة لابتلعتهم.

إن أرسل كلمته تخرج على صفوفهم، ويهزمهم بلا قتال، ويبيدهم.

كان الملك مُحاصرًا في المدينة، صامتًا عن ضيقٍ، ولا يحزن على النساء لأنهن أكلن أحباءهن.

هذا الملك هو ابن إيزابل المتعطشة إلى الدم، وقد تهيأ ليجدد ما صنعته أمه.

عرف بأن لدى أليشع القوة، فلماذا لم يتوسل قبل أن يهدده ليقوم بعملٍ ما؟

المدينة محاصَرة بسبب خطايا بني الشعب، والجاهل يهدد بقطع رأس هذا القديس[56].

القديس مار يعقوب السروجي

وَكَانَ أليشع جَالِسًا فِي بَيْتِهِ وَالشُّيُوخُ جُلُوسًا عِنْدَهُ.

فَأَرْسَلَ رَجُلاً مِنْ أَمَامِهِ.

وَقَبْلَمَا أَتَى الرَّسُولُ إِلَيْهِ، قَالَ لِلشُّيُوخِ:

هَلْ رَأَيْتُمْ أَنَّ ابْنَ الْقَاتِلِ هَذَا قَدْ أَرْسَلَ لِيَقْطَعَ رَأْسِي؟

انْظُرُوا إِذَا جَاءَ الرَّسُولُ، فَأَغْلِقُوا الْبَابَ، وَاحْصُرُوهُ عِنْدَ الْبَابِ.

أَلَيْسَ صَوْتُ قَدَمَيْ سَيِّدِهِ وَرَاءَهُ؟ [32]

تمتع أليشع النبي بموهبة الكشف عن الخفيات. رأى وهو في بيته خطة الملك لقطع رأسه وأدركها.

v شعر أليشع وهو جالس في بيته أن الملك عزم فأرسل لقطع رأسه.

 رأى ببصيرته الروحية الرسول الذي خرج ليأتي للتنفيذ.

 مع أنه كان بعيدًا، رأى عن قُرْب العمل البغيض، وكشف للشيوخ الجالسين عنده عن الرسول.

 طلبوا منه أن يصنع الأمان وكأنه الحاكم، وأن يزجر الأراميين فيهربون.

 وأن يصنع الرخاء في السامرة المتضايقة، ويعطي كل الخيرات للشعب المُحاصَر...

لتهزمِ الأراميين أو تموت، وطالبوه بالأمان والشبع العظيم[57].

القديس مار يعقوب السروجي

وَبَيْنَمَا هُوَ يُكَلِّمُهُمْ إِذَا بِالرَّسُولِ نَازِلٌ إِلَيْهِ.

فَقَالَ: هُوَذَا هَذَا الشَّرُّ هُوَ مِنْ قِبَلِ الرَّبِّ.

مَاذَا أَنْتَظِرُ مِنَ الرَّبِّ بَعْدُ؟ [33]

يتساءل البعض من المتكلم هنا، حيث قيل: "فقال هوذا هذا الشر من قبل الرب، ماذا انتظر من الرب بعد؟!" [33] هل هو حديث الملك على لسان رسوله، أم هي كلمات أليشع النبي بعد وصول الرسول، وتقديم رسالة الملك للحاضرين.

يرى البعض أن الرسول قدَّم رسالة الملك التي تحمل مرارة من جهة الله ونبيّه أليشع، وعندما حاول أليشع النبي أن يدعو إلى التوبة، أجابه الرسول نيابة عن الملك: "إن كان ما قد حدث من ضيق ومرارة جاء من قبل الرب، حتى التجأت الأمهات إلى أكل أطفالهن بسبب شدة الجوع وظهور شبح الموت أمام أعينهن، فماذا ينتظر الملك بعد من الرب الذي نبيّه هو أليشع؟" هذا هو أسلوب الكثيرين حين تشتد التجربة، يلقون باللوم على الآخرين، بل وعلى الله نفسه. هنا باسم الملك يهاجم الرسول إله إسرائيل ونبيّه أليشع.

لماذا ألقى الملك باللوم على أليشع النبي بخصوص المجاعة ومتاعب الحصار؟

أولاً: ربما أخبره أليشع النبي بضرورة الرجوع إلى الله بالتوبة، وبالفعل لبس الملك المسوح، لكنه لم يرجع بقلبه إلى الله، وإذ لم يُرفَع الحصار حسب مشورة النبي خداعًا له.

ثانيًا: على مدى قرون كان الصراع بين الملوك والأنبياء مُرًا، فكان الملوك يتطلعون إلى الأنبياء بأنهم مصدر المتاعب.

ثالثًا: ربما تذكر الملك كيف أنهى إيليا النبي المجاعة (1 مل 41:16-46)، فأدرك أنه في إمكانية أليشع أن يفعل ذلك إن أراد، فغضب عليه لأنه لم يفعل شيئًا لإنقاذ المملكة.

St-Takla.org                     Divider فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

من وحي 2 مل 6

ضاق الموضع بنا!

v مع بني الأنبياء نصرخ إليك:

الموضع الذي نحن مقيمون فيه أمامك ضيِّق علينا!

هب لنا أن تذهب بنا إلى الأردن،

ونعمل لأنفسنا موضعًا نقيم فيه.

v في مياه الأردن نرى خشبة صليبك!

تنزل إلينا حتى الأعماق، فترفعنا إلى السماء.

نتحرر من التنين الرابض في الأعماق.

وننعم بالسلام كأبناء لله الأحرار.

v نشتاق أن تجتذب كل نفسٍ إليك.

فيجد الكل موضعًا في أحضانك، يستقرون فيه.

v تهبنا مع أليشع النبي بصيرة روحية.

فلا نرى ملك أرام وهو يُخَطِّط ضدَّنا،

بل نتعرَّف على حِيَل إبليس الذي يعمل لهلاكنا.

نُدرِك شباكه، فنهرب إليك!

v تفتح بصيرتنا، فنرى قوات السماء حولَنا.

لن نشكو من العزلة والوحدة.

ولن نخاف من أعداء ومقاومين.

فإن الذين معنا أكثر من الذين معهم.

إن قام عليَّ جيش لا يخاف قلبي.

لأنك أنت معي!

v ليحاصرني العدو بكل طاقاته وقدراته.

ليحرمني من أمور العالم حتى الضرورية.

أنت تفتح لي كوى السماء.

تُشبِعُ روحي ونفسي وجسدي.

تملأ كل كياني تهليلاً وفرحًا.

تُحوِّل حياتي إلى وليمة سماوية.

تجعل كل زماني عيدًا لا ينقطع.

_____

الحواشي والمراجع لهذه الصفحة هنا في موقع الأنبا تكلاهيمانوت:

[1] On the Second Book of Kings, 6:1.

[2] Letter, 10 Rusticus 125: 7.

[3] المؤلف: سفر الخروج، أصحاح 15.

[4] In Exod، hom 6.

[5] PG 39:700 A.

[6] On the Second Book of Kings, 6:5.

[7] Sacr. 2:11.

[8] Dialogue with Trypho, 86.

[9] Homilies on 1 Cor. Homily 4:5.

[10] Irenaeus Against Heresies 5 : 17 : 2, 3.

[11] Tertullian : An Answer to the Jews, 13 .

[12] المؤلف: الحب الإلهي، 1966، ص 851.

[13] Sermon 129:5.

[14] Sermon 130:1, 2.

[15] Duties of the Clergy, Book 1, ch. 1 (5).

[16] الميمر 120 الخامس على أليشع: وعلى رؤيا القديسين القادرة أن ترى الخفايا (نص الأب بول بيجان والدكتور بهنام سوني)؛ راجع الخوري بولس الفغالي: عظات حول أليشع النبي، ص 126-127.

[17] الميمر 120 الخامس على أليشع: وعلى رؤيا القديسين القادرة أن ترى الخفايا (نص الأب بول بيجان والدكتور بهنام سوني)؛ راجع الخوري بولس الفغالي: عظات حول أليشع النبي، ص 128.

[18] الميمر 120 الخامس على أليشع: وعلى رؤيا القديسين القادرة أن ترى الخفايا (نص الأب بول بيجان والدكتور بهنام سوني)؛ راجع الخوري بولس الفغالي: عظات حول أليشع النبي، ص 128-129.

[19] Constitutions of the Holy Apostles, Book 8. Sec 1:1.

[20] W. S. Plumer: Ps. 91.

[21] الميمر 120 الخامس على أليشع: وعلى رؤيا القديسين القادرة أن ترى الخفايا (نص الأب بول بيجان والدكتور بهنام سوني)؛ راجع الخوري بولس الفغالي: عظات حول أليشع النبي، ص 130.

[22] Homilies on Exodus, 3.

[23] Homilies on Exodus 6:2.

[24] Paschal letter 10, 6.

[25] Homilies on Eph., Homily 9.

[26] St. Ambrose: Letters, 22:11.

[27] Sermon Against Auxentius,11.

[28] Homilies on the Psalms, 9.

[29] Homilies on the Psalms, 9.

[30] هكذا كأن النبي يصلي من أجل كل إنسان وليس فقط من أجل غلامه جيحزي.

[31] Letter 22: 3.

[32] Demonstrations, 4:12 (On Prayer). ترجمة الدكتور صفوت منير

[33] Plumer: The Psalms, p. 425.

[34] Sermon 83:2-3.

[35] Haexaemeron 5: 6.

[36] عظة 3 على نشيد الأناشيد ترجمة الدكتور جورج نوّار.

[37] Comm. on Cant., serm. 8.

[38] Comm. in Cant. 1.

[39] Comm. in Cant. 2.

[40] In Ez., hom. 1: 7.

[41] Fr. Malaty: Church, House of God, p. 332.

[42] Homilies on St. John Homily 12:1.

[43] Paschal Letter 10:6.

[44] Vita Antoni, 34.

[45] On the Death of Theodosius,10.

[46] الميمر 120 الخامس على أليشع: وعلى رؤيا القديسين القادرة أن ترى الخفايا (نص الأب بول بيجان والدكتور بهنام سوني)؛ راجع الخوري بولس الفغالي: عظات حول أليشع النبي، ص 132.

[47] On the Second Book of Kings, 6:18.

[48] The Long Rules: Preface.

[49] الميمر 120 الخامس على أليشع: وعلى رؤيا القديسين القادرة أن ترى الخفايا (نص الأب بول بيجان والدكتور بهنام سوني)؛ راجع الخوري بولس الفغالي: عظات حول أليشع النبي، ص 134.

[50] St. Ambrose: Duties of the Clergy, book 1:29:140.

[51] Duties of the Clergy, Book 3,14 (86).

[52] Duties of the Clergy, Book 1, ch. 29 (139).

[53] الميمر 120 الخامس على أليشع: وعلى رؤيا القديسين القادرة أن ترى الخفايا (نص الأب بول بيجان والدكتور بهنام سوني)؛ راجع الخوري بولس الفغالي: عظات حول أليشع النبي، ص 135-136.

[54] الميمر 121 السادس لإليشع: على حصار السامرة (نص الأب بول بيجان والدكتور بهنام سوني)؛ راجع الخوري بولس الفغالي: عظات حول أليشع النبي، ص 143-144.

[55] Duties of the Clergy, Book 3, 20 (118).

[56] الميمر 121 السادس لإليشع: على حصار السامرة (نص الأب بول بيجان والدكتور بهنام سوني)؛ راجع الخوري بولس الفغالي: عظات حول أليشع النبي، ص 147-148.

[57] الميمر 121 السادس لإليشع: على حصار السامرة (نص الأب بول بيجان والدكتور بهنام سوني)؛ راجع الخوري بولس الفغالي: عظات حول أليشع النبي، ص 149.

St-Takla.org                     Divider فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

← تفاسير أصحاحات الملوك ثاني: مقدمة | 1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9 | 10 | 11 | 12 | 13 | 14 | 15 | 16 | 17 | 18 | 19 | 20 | 21 | 22 | 23 | 24 | 25

الكتاب المقدس المسموع: استمع لهذا الأصحاح


الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع

https://st-takla.org/pub_Bible-Interpretations/Holy-Bible-Tafsir-01-Old-Testament/Father-Tadros-Yacoub-Malaty/12-Sefr-Molouk-El-Thani/Tafseer-Sefr-Molouk-El-Thany__01-Chapter-06.html

تقصير الرابط:
tak.la/kxrn9zy