St-Takla.org  >   books  >   helmy-elkommos  >   biblical-criticism
 

مكتبة الكتب المسيحية | كتب قبطية | المكتبة القبطية الأرثوذكسية

كتاب النقد الكتابي: مدارس النقد والتشكيك والرد عليها (العهد القديم من الكتاب المقدس) - أ. حلمي القمص يعقوب

901- هل كُتب سفر يشوع بعد موت يشوع بزمن طويل؟

 

س901: هل كُتب سفر يشوع بعد موت يشوع بزمن طويل بدليل:

1- أن الكاتب أشار ليشوع بصيغة الغائب (يش 6: 27، 8: 35).

2- جاء بالسفر أحداث حدثت بعد موت يشوع (يش 24: 29 - 33).

3- عبارة " إلى هذا اليوم" (يش 4: 9) تدل على بُعد الحدث، كما أن عبارة " ولم يكن مثل ذلك اليوم قبله ولا بعده" (يش 10: 14) تدل على أن السفر كُتب بعد يشوع بمئات السنين؟

وقال " باروخ سبينوزا": "سنبرهن أن سفر يشوع ليس من وضع يشوع.. وتدل هذه الطريقة في الحديث باستعمال [إلى يومنا هذا] على أن من يكتب ذلك يتحدث عن شيء قديم للغاية"(1)(2).

ويقول " زالمان شازار": "وهكذا وضَّح سبينوزا أن سفر يشوع لا يمكن أن يكون قد كُتب بواسطة يشوع حيث توجد فيه فقرات مشابهة لتلك الموجودة في التوراة (يقصد صيغة الغائب) {وكان الرب مع يشوع وكان خبره في جميع الأرض} (يش 6: 27)، {لم يهمل (يشوع) شيئًا من كل ما أمر به موسى} (يش 11: 15) وعلاوة على ذلك مكتوب في السفر بالتفصيل {ومات يشوع بن نون عبد يهوه.. ودفنوه في حدود بارثه}،  {وعبدت إسرائيل يهوه كل أيام يشوع وكل أيام الشيوخ الذين طالت أيامهم بعد يشوع} (يش 24: 29)"(3).

ويقول " د. محمد عبد الله الشرقاوي": "وأخيرًا يظهر بوضوح أن رواية السفر {ولم يكن مثل ذلك اليوم قبله ولا بعده سمع فيه الرب صوت إنسان} (يش 10: 14) أن هذا السفر كُتب بعد يشوع بقرون عديدة"(4).

كما يقول " د. محمد عبد الله الشرقاوي " أن " الرواية تمتد إلى الوقائع التي حدثت بعد موته، فيذكر مؤلف سفر يشوع مؤكدًا أن الإسرائيليين كانوا يعظمونه بعد موته"(5).

وأيضًا يقول " د. محمد عبد الله الشرقاوي": "يقرّر ابن حزم أن يوشع بن نون لم يكتب هذا السفر المنسوب إليه {والبراهين قاطعة على أنه -أيضًا- تاريخ ألَّفه لهم بعض متأخريهم بيقين، وأن يوشع لم يكتبه قط ولا عرفه، ولا أُنزل عليه}"(6)(7).

ويقول " زينون كوسيدوفسكي": "بفضل التحليل اللغوي لنص السفر السادس تبين بشكل لاشك فيه أن سفر يشوع بن نون ليس إلاَّ خليطًا لمجموعة من الوثائق التاريخية التي تعود إلى حقب مختلفة، وتعكس مصالح طبقات اجتماعية مختلفة أيضًا. أضف إلى ذلك أن تلك الوثائق تعرضت مع الأيام للعديد من التصحيح والإضافة.. وباختصار ظهر سفر يشوع بعد عدة مئات من السنين من موته"(8).

ويقول " الخوري بولس الفغالي": "فسفر يشوع، في صيغته النهائية جاء بعد المنفى البابلي (587 - 538)"(9) كما قال أيضًا " سفر يشوع كُتب في نسخته الأخيرة بعد العودة من السبي، ساعة كان الفرس مسيطرين على البلاد"(10).

ويقول " دكتور محمد بيومي " عن بقاء الأحجار التي انتشلت من قاع الأردن إلى هذا اليوم " جملة {وهي هناك إلى هذا اليوم} (يش 4: 9) كما يقول جامعوا تفسيري هنري واسكات وأمثالهما وقعت في أكثر من أسفار العهد القديم، والأغلب أنها مضافة، والواقع أن هناك أمثلة كثيرة لمثل هذه الإضافات، فمثلًا يوجد في سفر يشوع هذا في الآيات (5: 9، 8: 28، 10: 27، 13: 13، 14: 14، 15: 63، 16: 10)"(11).

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

St-Takla.org Image: Merneptah (Merneptah, Merenptah), by Ludwig Burger - from the book: Egypt: Descriptive, Historical, and Picturesque- Vol. 1 - by Georg Ebers (tr. Clara Courtenay Poynter Bell), 1885. صورة في موقع الأنبا تكلا: الملك مرنبتاح، رسم الفنان لودفيج بيرجر - من صور كتاب: مصر: وصفيًّا، تاريخيًّا وتصويريًّا - جزء 1 - لـ جيورج إبيرس (ترجمة كلارا كورتناي بوينتر بيل)، 1885 م.

St-Takla.org Image: Merneptah (Merneptah, Merenptah), by Ludwig Burger - from the book: Egypt: Descriptive, Historical, and Picturesque- Vol. 1 - by Georg Ebers (tr. Clara Courtenay Poynter Bell), 1885.

صورة في موقع الأنبا تكلا: الملك مرنبتاح، رسم الفنان لودفيج بيرجر - من صور كتاب: مصر: وصفيًّا، تاريخيًّا وتصويريًّا - جزء 1 - لـ جيورج إبيرس (ترجمة كلارا كورتناي بوينتر بيل)، 1885 م.

ج: 1- كتب يشوع بن نون هذا السفر الذي يحمل اسمه في أواخر حياته عندما كان في تمنة سارح، ويغطي السفر فترة نحو 31 سنة منذ وفاة موسى إلى وفاة ألعازر بن هرون وذلك بعد موت يشوع بنحو ست سنوات، وقد سبق أن ناقشنا بالتفصيل تاريخ خروج بني إسرائيل من مصر، وعرضنا لأهم رأيين في هذا الموضوع، أولهما وهو الغالب أن الخروج تم في القرن الخامس عشر قبل الميلاد في عصر الفرعون " أمينوفيس"، والثاني أن الخروج تم في القرن الثالث عشر قبل الميلاد في عصر الفرعون "مرنبتاح"، وبناء على تاريخ الخروج من مصر يتحدد دخول أرض كنعان بواسطة يشوع بن نون، وذلك بعد أربعين سنة من الخروج، وهي فترة التيه في صحراء سيناء(12) وبناء على تحديد تاريخ دخول بني إسرائيل إلى أرض كنعان يتحدد تاريخ كتابة السفر بواسطة يشوع بن نون في أواخر حياته، ويقول " دونالد ريدفورد": "وفي ضوء سفر العدد 32: 13 الذي يفرد أربعين سنة للتيه فإن غزو كنعان تحت قيادة " يشوع " لا بُد وأن يكون قد بدأ في سنة 1456 ق.م."(13).

والآيات الخمس الأخيرة من السفر (يش 24: 29 - 33) والتي تحمل خبر موت يشوع قد سجلها كاتب آخر، ربما فينحاس بن العازار بن هرون، أو أحد الشيوخ الذين عاصروا الأحداث وماتوا بعد يشوع، أو صموئيل النبي، وهذه ليست الحادثة الفريدة من نوعها، فقد سجل يشوع خبر وفاة موسى، وأضافه لسفر التثنية حتى يحمل السفر حياة موسى مكتملة، وهكذا أُضيف خبر موت يشوع إلى سفره لكيما تكتمل قصة يشوع.

 

2- استخدام الكاتب لصيغة الغائب أسلوب متعارف عليه قبل عصر موسى ويشوع، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في أقسام أخرى. وقد استخدمه الفراعنة في تسجيل الأحداث الخاصة بهم، وهكذا استخدم موسى نفس الأسلوب، فكتب أحيانًا بصيغة المتكلم وأحيانًا أخرى بصيغة الغائب، وقد سبق الإجابة على مثل هذا التساؤل(14).

 

3- عبارة " إلى هذا اليوم " وردت في سفر يشوع نحو ثمان مرات، وتوضح أن الحدث ظل مستمرًا حتى تسجيل يشوع له، فهذه العبارة التي تكررت لم يلحقها أحد بالسفر إنما تميَّز بها سفر يشوع، ويقول " الدكتور القس منيس عبد النور": "قال يشوع أن الاثني عشر حجرًا التي نصبت في وسط الأردن هي باقية إلى يوم تدوين هذا السفر، أي أنه صار لها نحو عشرين سنة أقل ما يكون، فكيف تكون الحاقية؟ وما هو الدليل على إضافتها؟ إن الإضافة تحدث إن أراد الإنسان أن يغير مبدأ من المبادئ، أو معنى من المعاني، أو يؤيد مذهبًا خصوصيًا من المذاهب. وإذا زاد أحد هذه اللفظة فلا تغير مبدأ ولا تؤيد مذهبًا. ولماذا زيدت عبارة " إلى هذا اليوم " في الحوادث المذكورة التي ذكرها، ولم تزد في باقي الحوادث الأخرى المذكورة في التوراة؟ إن الكتاب جاء بهذه اللفظة كما هي، فالقول أنها زيدت لا أصل له، وقد تميَّز أسلوب يشوع بن نون باستعمال هذه اللفظة في سفره، كما يؤخذ في الثمانية مواضع التي ذكرها، فإن يشوع يذكر الحادثة ويستشهد بها أهل عصره، مستلفتًا أنظارهم إليها"(15).

 

4- العبارة التي دوَّنها يشوع " ولم يكن مثل ذلك اليوم قبله ولا بعده سمع فيها الرب صوت إنسان" (يش 1: 14) وتختص بوقف حركة الأرض في دورانها حول نفسها، قد سجلها يشوع بعد حدوثها بنحو عشرين عامًا، فخلال هذه الفترة (العشرين عامًا) لم يتكرر هذا الحدث، وقد نطق يشوع بهذه العبارة بروح النبوءة، وقد مرَّ نحو خمسة وثلاثون قرنًا ولم تتكرَّر هذه الحادثة، ولم تقف الشمس نحو يوم كامل.

وحتى لو تمشينا مع النُقَّاد بأن هذه العبارة ومثيلاتها قد أُضيفت بواسطة صموئيل النبي أو عزرا الكاهن، فإن هذا لا يطعن في صحة الكتاب وحقيقة الوحي، لأنهما من رجال الله القديسين الذين كتبوا مسوُقين من الروح القدس وليس من عندياتهم.

 

5- نقول للدكتور محمد عبد الله الشرقاوي ليس " ابن حزم " الذي جاء بعد يشوع بأكثر من ألفي عام هو الذي يحدد كاتب سفر يشوع، والتاريخ لم ينتظر ألفي عام حتى يأتي " ابن حزم " ويحدد كاتب السفر، إنما نحن نثق بالأكثر في علماء اليهود وآباء الكنيسة الأول، الذين جزموا بأن كاتب السفر هو يشوع بن نون كما سنرى في إجابة السؤال التالي.

 

6- ردًا على الدكتور محمد بيومي الذي أستشهد بجامعوا تفسيري هنري وإسكات الذين قالوا عن عبارة "إلى هذا اليوم" أنها مضافة، نقول أنهم يقدمون احتمالًا (والأغلب) لكنهم لم يجزموا بهذا، ولم يقدموا. كما أننا لا نعترف بعصمة أي إنسان يُفسر ويشرح كلمة الله، فكلمة الله معصومة من الخطأ، أما التفسير فهو اجتهاد شخصي يتوقف على عقيدة المُفسّر ومعرفته وثقافته وميوله، ولهذا فقد يصيب وقد يخطئ.

 

7- وصفَ سفر يشوع مدينة صيدون بأنها عظيمة " صيدون العظيمة " وهذا الوصف ينطبق على هذه المدينة في زمن يشوع، فيقول " هيو. ج. بلير": "يلاحظ الرئيس دوغلاس Douglas.. أن ورود اسم مثل " صيدون العظيمة " إلى جانب اسم " المدينة المحصنة صور" (يش 11: 8، 19: 28، 29) يوجه الذاكرة إلى كاتب من كتَّاب العصر السحيق يوم كانت صيدون المدينة الفينينية الأولى متفوقة على سائر المدن، وحتى على صور التي نافستها في عصر لاحق وأفلحت. وإن العصر ذاك هو العصر الذي تكاد تكون فيه الأحجار أو رجمة حجارة العلامة العادية الوحيدة الدالة على إنجاز عظيم، كتلك الأحجار التي تحيي ذكرى عبور الأردن، ورُجَم الحجارة التي قذفت على جثمان عخان، وعلى قبر ملك عاي، وقبور ملوك المدن الأخرى. وكذلك الحجر الكبير الذي نُصب عند شكيم (يش 24: 26) والذي تماثله الحجارة المذكورة في (يش 8: 32) وأيضًا " المذبح العظيم المنظر " المسمى " عيد" (يش 22: 10، 34)"(16).

_____

الحواشي والمراجع لهذه الصفحة هنا في موقع الأنبا تكلاهيمانوت:

(1) رسالة في اللاهوت ص 174، 175.

(2) أورده د. محمد عبد الله الشرقاوي - نقد التوراة والأناجيل الأربعة ص 82، 83.

(3) ترجمة أحمد محمود هريدي - تاريخ نقد العهد القديم ص 95، 96.

(4) نقد التوراة والأناجيل الأربعة ص 83،  84.

(5) المرجع السابق ص 83.

(6) الفصل في الملل والأهواء والنحل جـ 1 ص306.

(7) نقد التوراة والأناجيل الأربعة ص 111.

(8) ترجمة د. محمد مخلوف - الأسطورة والحقيقة في القصص التوراتية ص184.

(9) مسيرة الدخول - سفر يشوع والقضاة ص 30.

(10) المرجع السابق ص 52.

(11) تاريخ الشرق الأدنى القديم - تاريخ اليهود ص 277.

(12) راجع مدارس النقد جـ6 س566.

(13) ترجمة بيومي قنديل - مصر وكنعان وإسرائيل في العصور القديمة ص 163.

(14) فيُرجى الرجوع إلى مدارس النقد جـ1 س31، وجـ5 س بدون ص 330، 331.

(15) شبهات وهمية ص 117.

(16) مركز المطبوعات المسيحية - تفسير الكتاب المقدس جـ 1 ص 475، 476.


الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع

https://st-takla.org/books/helmy-elkommos/biblical-criticism/901.html

تقصير الرابط:
tak.la/87fwww4