محتويات
* كان فيلسوفًا أثينيًا، في الفترة من 124-126 م. وهذا ما ذكره أيضًا يرونيموس (جيروم) في كتابه (مشاهير الرجال) قائلًا: "أرستيذس أكثر الفلاسفة الأثينيين بلاغة، كان تلميذًا للمسيح، بينما كان لا يزال محتفظًا بزيه الفلسفي، أهدى كتابًا (دفاعًا) إلى أدريانوس في نفس الوقت الذي قدم فيه كوازراتوس كتابه. الكتاب يحوى نظريات لاهوتية منظمة عن عقيدتنا المسيحية وسماه "دفاعًا عن المسيحيين" ولا يزال هذا الكتاب متداولًا ويقرأه الفلاسفة دلالة على بلاغته".
نص احتجاج الفيلسوف ارستيذس إلى القيصر أدريانوس.
* أيها الملك: إنني كمجبول بعناية إلهية قد أتيتُ إلى هذا العالم. وعندما تأملتُ في السماء والأرض والبحر والشمس والقمر والنجوم وسائر المخلوقات تعجبتُ وانذهلتُ من تركيب هذا العالم. إلى أن أتضح ليّ بعد ذلك أن هذا العالم وكل ما فيه يُساس ويُحرك ضرورة بقوة لا تُقدَّر. وأن الله خالق ومدَّبر الكل لأن المدَّبر هو أقوى من المُدبرّ والمحرّك.
* على أنى أرى أن البحث عمن يعتني بهذه الأشياء جميعها ويسوسها لبعيد المنال وصعب المجال للغاية فضلًا عن أن معرفته بالتدقيق لا يمكن الوصول إليها ولا التعبير عنها على ما فيها من عدم الفائدة للباحث. لأنً طبيعته غير محدودة ولا مفهومة وبعيدة المنال عن كل إنسان. أما ما يحتاج الإنسان إلى معرفته فهو أن المَّدبر الكل بعنايته هو ربً وإله وخالق الجميع الذي صنعَ كل الأشياء بصلاحه ووهبها لجنس البشر. لذلك يجب علينا أن نعبده كإله وحده ونسبحه ونمجده. وأن نحب بعضنا بعضًا محبتنا لذواتنا وأن يعرف كل إنسان أن الإله لم يخلقه أحد حتى ولا هو ذاته. وأنه مالئ الكل ولا يسعه مكان.
* وبما أنه جوهر كائن في ذاته وهو حكمة خالدة فهو أزلي أبدى عادم الفساد خالد كامل غير مفتقر إلى شيء لأنه هو الذي يسد كل حاجة وعوز ولا احتياج له إلى سواه لأنه هو الذي يهب ويغمر بفضله كل المحتاجين.
* هو سرمدي لأن كل ما لا بداية له لا نهاية له أيضًا. لا اسم له لأن كل ما له اسم فهو مخلوق من غيره. لا لون ولا شكل له. لأن من له هذه الخواص يُعد ويُحد. هذا الكائن لا ذكر ولا أنثى لأن من هو هكذا فهو خاضع لسلطان الآلام. لا يمتد تحت السموات لأنه أعلى منها وليست السماء أكبر منه لأن السماء وكل الخلائق محوطة به لا ند له لأن الند يجب أن يكون مساويًا لنده. لا يتحرك ولا يُحصى ولا يُعبر عنه لأنه لا يوجد مكان يتحرك فيه أو إليه. وبما أنه لا يُعد فهو لا يُحد ولا يحيط به شيء لأنه مالئ الكل وفائق على كل المنظورات وغير المنظورات. لا سخط عنده ولا غيظ لأنه لا انفعال عنده بل هو عقلي لذلك صنع الكل بعجائب متنوعة بصلاحه الكلى لا احتياج له قط إلى ضحايا أو هدايا أو تقدمات أو إلى شيء مما هو في المخلوقات لأنه هو الكافي الحاجات، الباقي بعظمته دون أن يشعر بنقصان البتة.
* فهذا الإله قد منحنى أن أتكلم عنه بحكمة وقد تكلمت على قدر إمكاني بدون أن يستطاع ليّ أن استقصى عظمته.
* ولننتقل الآن إلى التكلم على أجناس الناس ولننظر من منهم قد اعترف بحقيقة ما قيل ومن منهم لم يزل تائهًا في الضلال.
* لأمر معلوم عندنا أيها الملك أن البشر مقسمون من هذا القبيل إلى أربعة فئات. برابرة ويونان ويهود ومسيحيين. فالبرابرة يدعون منشأهم من بعل وزحل ورهيا ومن بقية آلهتهم. واليونان يدعون المشترى أبًا لهم ويعزون أصل جنسهم إلى أبلينوس وكسوشس. وعلى وجه التسلسل يستمدون أصلهم من أبلليين وأنياخس ونورونفس وأخيرًا من ذناؤس المصري وقاذموس الصيداوى وذيونيسيوس التيبائي.
* واليهود أصلهم من إبراهيم الذي يدعون ابنه اسحق وحفيده يعقوب وأولاد يعقوب اثني عشر هاجروا من سوريا إلى مصر حيثما سماهم موسى واضع شريعتهم "شعب الله" ولما أتوا بعد ذلك إلى أرض الميعاد دُعوا شعب اليهود. وأما المسيحيون فأصلهم من الرب يسوع. ابن الله العلى الذي استُعلن بالروح القدس نزل من السموات وولد من عذراء يهودية. وقد أخذ بشريته من العذراء وظهر في الطبيعة البشرية كابن الله وقد كسب العالم بكرازته المحيية نظرًا لصلاحه الذي أتى الإنجيل به. وولادته بحسب الجسد من جنس العبرانيين من والدة الإله العذراء مريم. وانتخب أثنى عشر رسولًا وعلم كل العالم بواسطة حقيقته الخلاصية الساطعة. وحينما صُلب ثقب اليهود يديه ورجليه بمسامير وبعدما قام من الأموات صعد إلى السموات وبعث رسله إلى كل العالم وعلم الجميع بحكمة إلهية سامية تتدفق عجائب ولم تزل كرازته حتى الآن تبرز زهورًا وأثمارًا داعية العالم بأسره إلى الاستنارة.
* فهذه فئات البشر الأربع التي أوضحتها لديك أيها الملك، البرابرة واليونان واليهود والمسيحيون. فأما الروحاني فيختص بالله. وأما الناري فبالملائكة والمائي فبالشيطان والأرضي فبجنس البشر.
* "أما المسيحيون... فوصايا السيد يسوع المسيح نفسه محفورة في قلوبهم. وهى التي يعملون بموجبها راجين قيامة الموتى في الدهر العتيد. وهم لا يزنون ولا ينافقون ولا يشهدون شهادة زور ولا يشتهون ما لغيرهم. يكرمون الوالدين ويحبون القريب يحكمون بالحق ولا يفعلون للغير ما لا يريدون أن يفعل الغير بهم. يعزون الذين يسيئون إليهم ويصادقونهم. يتوقون لعمل الخير مع أعدائهم. وهم ودعاء لطفاء ويمتنعون عن كل علاقة غير شرعية وعن كل إثم وشر. ولا يحتقرون الأرملة ولا يظلمون اليتيم. ومن عنده يعطى من ليس عنده بسرور. وإذا رأوا غريبًا آووه في بيوتهم وفرحوا به كأنه آخ لهم. يدعون أنفسهم الأخوة لا بالجسد بل بالروح. وهم على استعداد لتقديم حياتهم لأجل المسيح. يحفظون الوصايا بدون زيغ ويعيشون بالتقوى والطهارة كما أوصاهم السيد إلههم وهم يقدمون الشكر له في كل ساعة لأجل المأكل والمشرب وعطاياه الأخرى، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في أقسام أخرى. حقًا إذن هذا هو الطريق الذي يقود من يسلك فيه إلى الملكوت الأبدي الذي وعد به المسيح في الحياة الآتية".
* "لقد ضلت الأمم جميعها وخدعت نفسها فسلكت سبل الظلام مترنحة كالسكارى وأنى لواثق أنها لم تبق كائنه إلا بصلوات المسيحيين وتضرعاتهم".
1- في نص دفاع أرستيذس فالمستوى اللاهوتي بسيط لأنه يكتب شيئًا إيمانيًا بطريقة بسيطة لغير المسيحيين الذين يقرأون عن العقيدة المسيحية وليس لديهم أية دراية بالمشاكل اللاهوتية أو الكنسية الداخلية ولذلك نجد براهينه بسيطة في تعبيراتها " فالإيمان بالإله الحقيقي وحياة الفضيلة التي للمسيحيين هي أفضل مقياس للإيمان بالمسيح".
2- الفكر اللاهوتي لأرستيذس تشكل وتكوَّن لديه بتأثير الفلسفة التي كان يعتنقها قبل إيمانه ودخوله المسيحية، فالله لديه هو "عله ومحرّك العالم".
3- يقسم ارستيذس أجناس البشر إلى فئات:
* البربر.
* اليونانيون.
* المصريون.
* اليهود.
* المسيحيون.
4- يبلغ أريستيذس، في الفصل الأول، إلى فكرة "الله الأزلي غير المخلوق". وهذه الفكرة تجيز له أن يحكم على الديانات: فالبربر (الكلدانيون) يعبدون العناصر الفانية والأرض والماء والنار والشمس والرياح، لا بل يكرمون الناس تكريمهم لله (3-7).
واليونانيون أعطوا لآلهتهم ضعف الناس وأهوائهم (8-11 و13).
وينتقد الفصل 13 عبادة الحيوانات عند المصريين.
أمّا اتباع اليهودية فيكّرمون الملائكة أكثر من تكريمهم لله. ويحافظون على الاحتفال برؤوس الأهّلة وعلى شرائع الأكل وطقوس خارجية أخرى، إلا أنهم يمتازون بمحبتهم الفعالة للناس (14).
* وأمّا المسيحيون فإنهم يعرفون الله معرفة صحيحة ويمتازون بنقاوة عاداتهم التي يصفها الكاتب بحماسة (15-17).
_____
(*) المراجع:
1- الآباء المدافعون الشماس الدكتور رشدي واصف بهمان دوس.
2- الآباء المدافعون القمص مينا ونيس.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/fr-athnasius-fahmy/patrology/arestides.html
تقصير الرابط:
tak.la/9twk34q