St-Takla.org  >   books  >   anba-bishoy  >   christ
 
St-Takla.org  >   books  >   anba-bishoy  >   christ

مكتبة الكتب المسيحية | كتب قبطية | المكتبة القبطية الأرثوذكسية

كتاب المسيح مشتهى الأجيال: منظور أرثوذكسي (مع حياة وخدمة يسوع) - الأنبا بيشوي

94- لك القوة

 

تحدثنا عن عبارة "لك المُلك" التي وردت في نهاية الصلاة الربية، ونأتي الآن إلى عبارة "والقوة".. شيء جميل أن نعترف بقوة الله، فنقول: "لك القوة". فهو القوي ومصدر كل قوة في الوجود. هو القادر على كل شيء (Almighty). وهو أقوي الأقوياء، ولا شيء في الوجود يتفوق على قوته.

الله قوي في قدرته.. قوي في حكمته.. قوي في محبته.. قوي في غضبه ضد الشر والخطية.. قوي في مقاومة مملكة الظلمة الروحية.. قوي في خلاصه.. قوي في نعمته.. قوي في حفظه وعنايته.. قوي في تدبيره وفطنته..  عن عبارة "لك ا

لذلك يقول المزمور "صوت الرب على المياه. إله المجد أرعد. الرب على المياه الكثيرة. صوت الرب بقوة. صوت الرب بجلال عظيم. صوت الرب يحطم الأرز. الرب يكسر أرز لبنان ويسحقها مثل عجل لبنان. والمحبوب مثل ابن وحيد القرن. صوت الرب يقطع لهيب النار. صوت الرب يزلزل القفر. الرب يزلزل برية قادش" (مز 29: 3-8).

ويقول في مزمور آخر "تقلد سيفك على فخدك أيها القوي بجلالك وجمالك. استله وانجح وأملك. من أجل الحق والدعة والعدل. وتهديك بالعجب يمينك. نبلك مسنونة في قلب أعداء الملك أيها الجبار. الشعوب تحتك يسقطون. كرسيك يا الله إلى دهر الدهور. قضيب الاستقامة هو قضيب ملكك" (مز 45: 3-6).

الذي يؤمن ويعترف بقوة الله، لا يخاف من أي قوة أخرى ظالمة أو غاشمة في الوجود. لا يخاف ولا حتى من الموت، لأن الله قد سحق سلطان الموت بقوة عجيبة في تجسد ابنه الوحيد الجنس لأجل خلاصنا.

St-Takla.org Image: Jesus Christ Pantocrator - Modern Coptic icon, painted by the nuns of Saint Demiana Monastery, Egypt صورة في موقع الأنبا تكلا: السيد المسيح يسوع الضابط الكل، البانطوكراتور - أيقونة قبطية حديثة من رسم راهبات دير الشهيدة دميانة بالبراري، مصر

St-Takla.org Image: Jesus Christ Pantocrator - Modern Coptic icon, painted by the nuns of Saint Demiana Monastery, Egypt

صورة في موقع الأنبا تكلا: السيد المسيح يسوع الضابط الكل، البانطوكراتور - أيقونة قبطية حديثة من رسم راهبات دير الشهيدة دميانة بالبراري، مصر

لهذا تسبّح الكنيسة الابن الواحد من الثالوث القدوس في تسبحة الثلاثة تقديسات (Trisagion) وتقول: (قدوس الله قدوس القوي قدوس الحي الذي لا يموت الذي صلب عنا ارحمنا).

وفي يوم الجمعة العظيمة من البصخة المقدسة تسبح الكنيسة الابن الوحيد الجنس الذي تجسّد لأجل خلاصنا، وتضيف إلى تسبحة (لك القوة والمجد والبركة والعزة..) عبارة (قوتي وتسبحتي هو الرب وصار لي خلاصًا مقدسًا). وهي مقتبسة من نبوة إشعياء النبي: "هوذا الله خلاصي فأطمئن ولا أرتعب لأن ياه يهوه قوتي وترنيمتي وقد صار لي خلاصًا" (إش12: 2).

إننا ننسب القوة للثالوث القدوس: ننسبها إلى الآب في الصلاة الربانية ونقول: "لأن لك الملك والقوة..". وننسبها إلى الابن في تسابيح البصخة المقدسة ونقول: "لك القوة والمجد..". وننسبها إلى الروح القدس ونسمّيه "روح القوة" (2تى1: 7، انظر إش11: 2)، وورد في سفر ميخا النبي "لكنني أنا ملآن قوة روح الرب وحقًا وبأسًا لأخبر يعقوب بذنبه وإسرائيل بخطيته" (مى3: 8).

كذلك قال السيد المسيح لتلاميذه: "لكنكم ستنالون قوة متى حل الروح القدس عليكم" (أع1: 8).

وقيل عن السيد المسيح: "أما يسوع فرجع من الأردن ممتلئًا من الروح القدس، وكان يقتاد بالروح في البرية أربعين يومًا.. ورجع يسوع بقوة الروح إلى الجليل" (لو4: 1، 14)، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في أقسام أخرى. وتحققت فيه نبوة إشعياء النبي: "ويخرج قضيب من جذع يسى وينبت غصن من أصوله. ويحل عليه روح الرب، روح الحكمة والفهم، روح المشورة والقوة، روح المعرفة ومخافة الرب" (إش11: 1، 2). حينما أخلى الابن الكلمة نفسه آخذًا صورة عبد وإذ وجد في الهيئة كإنسان فقد قبل مسحة الروح القدس -إنسانيًا- ليستعلن أنه هو المسيا المنتظر الذي يحمل خطايا العالم لإتمام الفداء.

إن القوة التي تصدر من الثالوث القدوس هي نفسها قوة الآب وقوة الابن وقوة الروح القدس. لها أصلها في الآب وتتحقق بواسطة الابن في الروح القدس، لأن للأقانيم الثلاثة قدرة إلهية واحدة وقوة واحدة هي قوة الجوهر الإلهي الواحد للثالوث القدوس المساوي.

إننا حينما نعترف للرب في الصلاة الربانية بأن له "القوة" فإننا نتقوى بالروح. لأن الرب يمنحنا القوة بنعمته.

الرب هو قوي وهو يعمل بقوة بواسطتنا. إن أدركنا سر القوة، كما أدركه بولس الرسول وقال: "حينما أنا ضعيف فحينئذ أنا قوي" (2كو12: 10) "أستطيع كل شيء في المسيح الذي يقويني" (فى4: 13).

إن إلهنا القوي لا يحرمنا من القوة إذا تركناه ليملك على قلوبنا. لذلك قال السيد المسيح: "الحق أقول لكم إن من القيام ههنا قومًا لا يذوقون الموت حتى يروا ملكوت الله قد أتى بقوة" (مر9: 1).

هذه القوة التي يمنحها لنا السيد المسيح هي قوة الروح القدس. وملكوت الله الذي أتى بقوة هو سكنى الروح القدس في المؤمنين بالمسيح حسب وعده ووعد الآب "ستنالون قوة متى حل الروح القدس عليكم" (أع1: 8).

وقد أوصى معلمنا بولس الرسول كثيرًا بأهمية أن يتسلح الإنسان بقوة الله في حياته الداخلية لكي ينتصر على الشيطان فقال: "متقوين بكل قوة، بحسب قدرة مجده لكل صبر وطول أناة بفرح" (كو1: 11)، "لكي يعطيكم بحسب غنى مجده أن تتأيدوا بالقوة بروحه في الإنسان الباطن" (أف3: 16)، "أخيرًا يا إخوتي تقووا في الرب وفي شدة قوته. البسوا سلاح الله الكامل لكي تقدروا أن تثبتوا ضد مكايد إبليس" (أف6: 10، 11).

حينما يدرك الإنسان مقدار ضعف إمكانياته الشخصية وشدة احتياجه إلى قوة الله، فإن الله يعمل فيه بقوة. حينما يتضع أمام الله.. حينما يحتمل الضيقات من أجل الله.. حينما لا يحسب نفسه شيئًا.. حينئذ تكون القوة. وهذا ما شرحه بولس الرسول عن معنى الضعف الشخصي ومعنى قوة المسيح العاملة فيه إذ قال: "ولئلا أرتفع بفرط الإعلانات أعطيت شوكة في الجسد. ملاك الشيطان ليلطمني لئلا أرتفع. من جهة هذا تضرعت إلى الرب ثلاث مرات أن يفارقني فقال لي: تكفيك نعمتي لأن قوتي في الضعف تكمل. فبكل سرور أفتخر بالحري في ضعفاتي لكي تحل عليَّ قوة المسيح. لذلك أُسر بالضعفات والشتائم والضرورات والاضطهادات والضيقات لأجل المسيح. لأني حينما أنا ضعيف فحينئذ أنا قوي" (2كو12: 7-10).

فهو يقصد أنه حينما يكون ضعيفًا بالجسد لسبب المرض أو الاضطهادات فحينئذ يكون قويًا بالروح القدس الذي يعمل فيه. وحينما لا يتكل على إمكانياته البشرية فحينئذ يرى عمل الله الفائق. ولكنه في ذلك يقدّم نفسه في طاعة وخضوع لمشيئة الله الذي يعمل فيه بقوة شديدة.

ما أجمل لحن التوزيع في الكنيسة في نهاية القداس الإلهي الذي هو المزمور المائة والخمسين "سبحوا الله في جميع قديسيه.. في جلد قوته.. على مقدرته.. ككثرة عظمته.." (مز150: 1، 2). إن الكنيسة تشدو بقوة الرب، وتتقوى في الرب وفي شدة قوته، لأنه هو "الرب العزيز القدير، الرب القوي في الحروب" (مز 23: 8).


الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع

https://st-takla.org/books/anba-bishoy/christ/power.html

تقصير الرابط:
tak.la/28xh7mv