St-Takla.org  >   Full-Free-Coptic-Books  >   His-Holiness-Pope-Shenouda-III-Books-Online  >   64-Entelak-Al-Rouh
 

مكتبة الكتب المسيحية | كتب قبطية | المكتبة القبطية الأرثوذكسية

كتاب انطلاق الروح - البابا شنودة الثالث

22- التعلُّم من الله

 

من الناس من هم جهلة لم يتعلموا على الإطلاق، ومنهم مَنْ قد علمهم الناس وهؤلاء أشد جهالة، أما المتعلمون الحقيقيون فهم الذين تعلموا من الله مباشرة...

 

St-Takla.org Image: Saint Augustine (and Saint Monica praying for him), modern Coptic icon. صورة في موقع الأنبا تكلا: القديس أغسطينوس (والقديسة مونيكا تصلي لأجله)، أيقونة قبطية حديثة.

St-Takla.org Image: Saint Augustine (and Saint Monica praying for him), modern Coptic icon.

صورة في موقع الأنبا تكلا: القديس أغسطينوس (والقديسة مونيكا تصلي لأجله)، أيقونة قبطية حديثة.

لقد خلق الله الإنسان على جانب وافِر من المعرفة. وعندما كان الإنسان يحتاج إلى مزيد من العلم، كان الله يعلمه بنفسه، ولو استمر الإنسان هكذا لصار عالِمًا، ولاستطاع أن يأكل من شجرة الحياة ويحيا إلى الأبد، لكن الإنسان قبل لنفسه أن يتلقى العلم على غير الله فبدأت جهالته، وهكذا أخذ أول درس له عن الحية وأكل من "شجرة المعرفة" فصار جاهلًا... وما زال الإنسان يسعى إلى المعرفة بعيدًا عن الله، فيزداد جهالة على جهالته.

إن الإنسان هيكل الله، وروح الله ساكن فيه، هذا الروح الذي قال عنه السيد المسيح: "يرشدكم إلى جميع الحق" (يو13:16). والذي قال عنه القديس بولس الرسول أنه: "يفحص كل شيء حتى أعماق الله" (1كو10:2). ولكن الإنسان من فرط شقاوته وجهله، كلما يبحث عن المعرفة، لا يطلب أخذها من داخله، من روح الله الساكن فيه، وإنما يفتش عنها في الخارج عند الناس، وفي الكتب التي يظن أن له فيها حياة...!

وهكذا كثر العلماء وحكماء هذا الدهر، وكانت حكمة هذا العالم جهالة عند الله، ولقد سار أوغسطينوس العظيم في هذا الطريق فترة طويلة، يبحث عن الله خارجًا عن نفسه فلا يجده، ثم وجده أخيرًا فناجاه بتلك الأنشودة الخالدة:

"قد تأخرت كثيرًا في حبك أيها الجمال الفائق في القدم والدائم جديدًا إلى الأبد".

"كنت فيَّ فكيف ذهبت أبحث عنك خارجًا عني..."

"أنت كنت معي، ولكني لشقاوتي لم أكن معك..."

ولما بحث أوغسطينوس عن الله في داخله، وجده وصار قديسًا...

وهكذا أنت يا أخي الحبيب ستظل كثيرا في بحثك عن الله إن بحثت عنه في الخارج. اجلس إلى نفسك وفكر وتأمل، وادخل إلى أعماق أعماقك، واطلب الله، فستجده هناك، وستراه وجها لوجه، وتحسه كنبع دافق فياض من المحبة، فتعيش في فترة من الدهش العجيب وتصرخ في فرحة صامتة: "لقد رأيت الله".

هذه هي الطريقة التي لجأ إليها آباؤنا القديسون، خرجوا من زحمة الحياة، ومن اضطراب العالم وصخبه، وتركوا كل شيء وبحثوا عن الله في داخل نفوسهم، وهكذا بالهذيذ والتأمل استطاعوا أن يروا الله، وفي نفس الوقت كان المفكرون والفلاسفة والباحثون والعلماء يفتشون عن الله في الكتب وعند الناس، فلا يصلون إلا إلى جهالة وغموض وتعب... أقول هذا وأنا متألم، لأنني أرى أيضًا كثيرًا من الآباء الذين ذهبوا إلى القفر، قد أخذوا هم أيضًا يفتشون عن الله في الكتب أو في المشروعات أو في الخدمة، بينما الله في قلوبهم من الداخل، يريدهم أن يفرغوا من هذه المشغوليات كلها ويجلسوا إليه فيحدثهم عن أسرار لا يعرفها أحد، ويريهم ما لم تره عين.

ليس هذا بالنسبة إلى الرهبان فحسب، وإنما إلى الجميع... أتدري يا أخي الحبيب ما هي الطريقة الصالحة للتربية الروحية؟ أنها ليست في إعطاء الإنسان شيئًا جديدًا، فهو يملك كل شيء والروح الحال فيه يعرف أكثر مما تريد أنت أن تعلمه... إنما الوسيلة الصالحة للتربية الروحية هي في تخليص الإنسان مما يملك من معلومات خاطئة، من معرفة أخذها من العالم أو من الناس.

إن الطفل يولد وفي قلبه وفي فكره وفي خياله فكرة واسعة جميلة عن الله، ثم يتولاه المجتمع المسكين بالتعليم، فيقدم له أفكارا عن الله غير أفكاره، ويقدم له صورًا عن الله وعن القديسين تحد من خيال الطفل الواسع... (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات والكتب الأخرى). وهكذا تتبدل فكرة الطفل عن الله وعن القداسة بمصطلحات عرفية عن الخير والشر، التي أكل منها آدم وحواء. ويصير مثلهما جاهلًا، ويأتي دور المرشدين الروحيين الحقيقيين، لا لكي يزيدوا على الطفل عِلمًا، وإنما لينزعوا منه المعرفة الباطلة التي أخذها من العرف والتقاليد وتفسيرات الناس للدين. وعندما تنطلق روحه من هذا كله يعرف الله على حقيقته، لأن الله ليس غريبًا عنه، بل هو ساكن فيه...


الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع

https://st-takla.org/Full-Free-Coptic-Books/His-Holiness-Pope-Shenouda-III-Books-Online/64-Entelak-Al-Rouh/The-Release-of-The-Spirit__22-Learn.html

تقصير الرابط:
tak.la/7tq6fzm