ويرمز العدد سبعة في الكتاب المقدس إلى التمام والكمال، فعدد أيام الأسبوع سبعة (تكوين 2: 2) وحذر الله نوحًا قبل الطوفان، ثم قبل نزول المطر بسبعة أيام وعندما أرسل نوح الغراب والحمامة كان ذلك بعد سبعة أيام (تكوين 7: 4؛ 8: 10، 12) وكان عدد الحيوانات الطاهرة التي دخلت الفلك سبعة (تكوين 7: 2) والعاصفة التي جاءت بعد الطوفان ضُبطت في آخر اليوم السادس، وأول يوم أشرق بالصحو كان اليوم السابع، وكذا كان السابع هو الذي استقر فيه الفلك وقُدمّت فيه ذبائح الشكر. وفي حلم فرعون الذي فسَّره يوسف كان عدد البقرات والسنابل سبعة (تكوين 41: 2-7) وكان اليهود يحتفلون باليوم السابع للعبادة، وبالسنة السابعة، وكانت سنة اليوبيل سبع سنين سبع مرات، وكانت أعياد الفطير والمظال سبعة أيام وكانت الذبائح فيها سبعة، وكان الدم يرش على المذبح في يوم الكفارة سبع مرات (لاويين 16: 14، 19) وكانت المنارة ذات سبع فروع، وطاف الكهنة حول أسوار أريحا يضربون بسبعة أبواق، وفي اليوم السابع طافوا سبع مرات، وكتب يوحنا الرائي في سفر الرؤيا إلى سبع كنائس، ورأى سبع منائر وسبعة أرواح وسبعة ختوم وسبعة أبواق وسبعة رعود وسبع جامات وسبع ضربات. وبالاختصار ورد ذكر السبعات أكثر من ست مئة مرة في الكتاب المقدس.
وكان البابليون الساميون يطلقون كلمة واحدة على العدد سبعة وعلى كلمة "كل"، كما كان العدد سبعة تعبيرًا عن أعظم قوة وعن كمال العدد.
أما عن مضاعفات السبعة فلها نصيب مهم: فالعدد 14 مهم في حساب عيد الفصح (خروج 12: 6، 16) والعدد 49 كان يحدّد اليوبيل ويوم الخمسين وحلول الروح القدس، والعدد 70 كان يشير إلى عدد كبير من الجمهور (خروج 1: 5؛ 24: 1؛ قضاة 1: 7) والعدد 77 كان يظهر الفخامة، ويظهر في كلمات لأمك (تكوين 4: 24) وفي عظمة التقدمات (عزرا 8: 35) أما سبعين مرة سبع مرات فيشير إلى الدوام (متى 18: 22) والعدد سبعة آلاف فقد أشار إلى عظمة العدد أيضاَ (1 ملوك 19: 18؛ رومية 11: 4).
أما نصف العدد سبعة فكان يشير إلى الضيق وهو نصف الكمال (رؤيا 11: 11؛ دانيال 7: 25).
إن العدد "سبعة" من أبرز الأعداد في الكتاب المقدس وأبعدها
دلالة. ويرد نحو ستمائة مرة في الكتاب المقدس. وللرقم دلالته العددية أساسًا،
ولكنه لا يخلو في غالبية الأحوال من معنى رمزى. وهناك أدلة واضحة في الكتابات
المسمارية Cuneiform على أن البابليين كانوا يعتربونه عدد الكمال. بل إن
السومريين -الذين
أخذ عنهم البابليون- كانوا يستخدمون العدد "سبعة" مرادفًا لكلمة "الكل". وكانت
الأبراج البابلية المكونة من سبعة طوابق، تمثل الكون. كما كانوا يستخدمون العدد
"سبعة" تعبيرًا عن أكبر قوة وأعظم قدرة. وهكذا وجد طريقه إلى المجال الديني، ربما
منذ منتصف الألف الثالثة قبل الميلاد، فكانت العبارة "سبعة آلهة" تعني "جميع
الآلهة" ويظن البعض أن ذلك كان مرتبطًا بآلهة السبعة الكواكب التي كانوا يعرفونها.
ولو أن البعض الآخر يقولون إن هذا العدد "قد اكتسب معناه الرمزي قبل ذلك بكثير،
فقد كان ذلك مألوفًا عند البابليين والأمم المحيطة بهم، بل وفي الهند والصين،
وبين الكلت والجرمان. فلا بد أن ذلك نشأ عن حقيقة واقعة، كانت موضع مشاهدة الجميع، ولعلها أوجه القمر الأربعة، التي يستغرق كل منها سبعة أيام تقريبًا. ويمكننا أن
نتأمل في مدلول هذا الرقم -في الكتاب المقدس- من أربعة وجوه:
(1) العدد "سبعة" في الطقوس:
فالعدد "سبعة" يلعب دورًا بارزًا في الكثير من طقوس العبادة والتطهير حسب الشريعة، فكان اليوم السابع مقدسًا (تك 2: 3)، وكانت هناك سبعة أيام الفطير (خر 34: 18 إلخ)، وسبعة أيام عيد المظال (لا 23: 34)، والسنة السابعة، سنة الإبراء (خر 21: 2؛ تث 15: 1) وقد بنى بالاق ملك موآب سبعة مذابح ثلاث مرات، وذبح في كل مرة سبعة ثيران وسبعة كباش (عد 23: 1، 14، 29). وأمرت الشريعة بتقديم سبعة حملان في الكثير من الأعياد (عد 28: 11، 19، 27... إلخ) كما كان هارون ينضح الدم سبع مرات في يوم الكفارة في دفعتين (لا 16: 14، 19) كما يتكرر العدد سبعة في عملية تطهير الأبرص وتطهير بيته (انظر لا 13: 4، 21، 27، 31، 50؛ 14: 7، 16، 27، 51) وقد أمر أليشع النبي نعمان السرياني أن يغتسل في نهر الأردن سبع مرات فيطهر (2مل 5: 10) وفي حالة الولادة تكون الأم نجسة سبعة أيام (لا 12: 2)، وفي اليوم التالي للسابع (أي في اليوم الثامن) يُختن الولد (لا 12: 3) وكان يجب أن يكون الحيوان الطاهر سبعة أيام مع أمه قبل تقديمه ذبيحة للرب (خر 22: 30؛ لا 22: 27)، كما تتكرر مدة "سبعة أيام" ثلاث مرات في عملية تقديس الكهنة (خر 29: 30، 35، 37) كما يتكرر العدد سبعة فيما يتعلق بخيمة الشهادة وأوانيها، فكان للمنارة سبعة سرج (عد 8: 2؛ زك4: 2)، وغير ذلك كثير.
(2) العدد "سبعة" واستخدامه تاريخيًا:
يرد العدد "سبعة" كثيرًا في الأحداث التاريخية، سنذكر البعض من أهمها، مثل خدمة يعقوب سبع سنوات مرتين لأجل راحيل (تك 29: 20، 27) وسجد يعقوب لأخيه عيسو سبع مرات (تك 33: 3) وهناك سبع سنوات الشبع، وسبع سنوات الجوع، والسبع البقرات، والسبع السنابل (تك 41)، وسبع بنات يثرون (خر 2: 16)، وسبعة أيام الوليمة عند زواج شمشون (قض 14: 12)، وسبعة الأوتار التي أُوثق بها، وسبع خصل رأسه (قض 16: 7، 19) وأبناء يسى السبعة (1صم 16: 10)، وأبناء شاول السبعة (2صم 21: 6)، وأبناء أيوب (أيوب 1: 2؛ 42: 13).
ودار الكهنة السبعة ومعهم سبعة أبواق الهتاف، حول أسوار أريحا سبعة أيام، وفي اليوم السابع داروا سبع مرات (يش 6: 8-16) وصعد غلام إيليا إلى قمة جبل الكرمل سبع مرات (1مل 18: 43) وعطس ابن المرأة الشونمية سبع مرات قام بعدها حيًا (2مل 4: 35) وأمر نبوخذنصر ملك بابل بأن يُحَمى الأتون "سبعة أضعاف أكثر مما كان معتادًا أن يحمى" (دانيال 3: 19) وطُرد نبوخذنصر من بين الناس لإصابته بالجنون، سبعة أزمنة (دانيال 4: 16، 23، 25، 32) وعاشت حنة النبية سبع سنين مع زوجها (لو 2: 36) وأشبع الرب أربعة الآلاف بسبع خبزات، ثم رفعوا سبعة سلال من الكسر (مت 15: 34-37) وفى المسألة التي قدمها الصدوقيون للرب بخصوص القيامة، ذكروا سبعة إخوة (مت 22: 25) وأخرج الرب سبعة شياطين من مريم المجدلية (مرقس 16: 9؛ لو 8: 2) وأقام الرسل في الكنيسة في أورشليم سبعة رجال للخدمة (أع 6: 3)، وكان لسكاوا سبعة أبناء (أع 19: 14).
وفي الكثير من هذه المواضع يحب أن نأخذ العدد بمعناه الحرفي، ولكنه مع ذلك لا يخلو من معنى رمزي.
(3) العدد "سبعة" واستخدامه للدلالة على الكثرة:
كثيرًا ما يستخدم العدد "سبعة" للدلالة على الكثرة أو الشدة. (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في صفحات قاموس الكتاب المقدس والأقسام الأخرى). ويبدو هذا صريحًا في بعض الأحيان ومضمرًا في أحيان أخري.
(أ) فنراه واضحًا مثلًا في الانتقام لقايين "سبعة أضعاف" (تك 4: 15)، والهروب في "سبع طرق" (تث 28: 7، 25)، والنجاة من سبع شدائد (أيوب 5: 19)، وتسبيح الرب سبع مرات في النهار (مز 119: 164)، و"سبع رجاسات" (أم 26: 25؛ انظر أيضًا أم 6: 16)، "وكلام الرب نقي كفضة مصفاة.. ممحوصة سبع مرات" (مز 12: 6)، وكما في: إن أخطأ إليك أخوك.. سبع مرات في اليوم ورجع إليك سبع مرات تائبًا فاغفر له" (لو 17: 3، 4؛ انظر أيضًا مت 18: 21)، وسبعة أرواح شريرة (مت 12: 45؛ لو 11: 26؛ انظر أيضًا راعوث 4: 15؛ 1صم 2: 5؛ مز 79: 12).
(ب) ونراه مضمرًا في تكرار عبارة "صوت الرب" سبع مرات في المزمور التاسع والعشرين (مز 29)، مما جعل البعض يطلقون عليه "مزمور الرعود السبعة" والأوصاف السبعة لروح الرب (إش 11: 2) وفي كلتا الحالتين لم يذكر هذا العدد عفوًا، بل ليشير إلى الكمال المطلق.
ونجد في العهد الجديد الطلبات السبع في الصلاة الربانية (مت 6: 9-13)، والأمثال السبعة لملكوت السموات (مت 13)، والويلات السبعة للفريسيين (مت 23: 13، 15، 16، 23، 25، 27، 29) وأيضًا سبع مرات يقول الرب يسوع المسيح: "أنا هو" في إنجيل يوحنا (يو 6: 35؛ 8: 12؛ 10: 7، 11؛ 11: 25؛ 14: 6؛ 15: 1) والتلاميذ السبعة على بحيرة طبرية (يو 21: 2) ويتكرر العدد "سبعة" كثيرًا أيضًا في الرسائل، فهناك سبعة أنواع من الشدائد (رو 8: 35)، وسبع مواهب من الروح القدس (رومية 12: 6-9)، وسبع صفات للحكمة التي من فوق (يع 3: 17)، وسبع فضائل يجب أن تتوفر في الإيمان (2بط 1: 5-7)، وهناك سبعة أشياء في تسبيحتي الشكر والتعظيم للرب (رؤ 5: 12؛ 7: 12)، وسبع فئات من الناس سيحاولون إخفاء أنفسهم من وجه الجالس على العرش (رؤ 6: 15، 16).
(1) العدد "سبعة" في سفر الرؤيا: يتكرر العدد "سبعة" في سفر الرؤيا بصورة تستلفت النظر، فنقرأ عن السبع الكنائس: (رؤ 1: 4.. إلخ)، والسبع المناير الذهبية (رؤ 1: 12.. إلخ)، والسبعة الكواكب (رؤ 1: 16، 20)، والسبعة الملائكة (رؤ 1: 20)، سبعة مصابيح من نار (رؤ 4: 5)، والسبعة الأرواح (رؤ 1: 4؛ 3: 1؛ 4: 5) وللسفر سبعة ختوم (رؤ 5: 1)، وخروف قائم له سبعة قرون وسبع أعين (رؤ 5: 6)، وسبعة ملائكة معهم سبعة أبواق (رؤ 8: 2)، وسبعة رعود (رؤ 10: 3)، ووحش له سبعة رؤوس (رؤ 13: 1)، وسبعة ملائكة معهم السبع الضربات الأخيرة (رؤ 15: 1)، وسبعة جامات ذهبية مملوءة من غضب الله (رؤ 15: 7)، ووحش قرمزي له سبعة رؤوس التي هي سبعة جبال، وسبعة ملوك (رؤ 17: 3، 9، 10).
وتمتد أهمية العدد "سبعة" إلى العدد "أربعة عشر" (7×2). فيستخدم العدد "14" رمزيًا في بعض الحالات، فكان اليوم الرابع عشر من الشهر هو عيد الفصح (خر 12: 6، 16... إلخ.) كما كان يقدم أربعة عشر خروفًا في كل يوم من الأيام السبعة لعيد المظال (عد 29: 13، 15).
كما نلاحظ أن عدد الأجيال من إبراهيم إلى المسيح، قسمت إلى ثلاثة أقسام كل منها أربعة عشر جيلًا (مت 1: 17)، وواضح أن ذلك كان لهدف معين (ولكن لا يبدو أن هناك قصدًا معينًا في أع 27: 27؛ 2كو 12: 2؛ غل 2: 1) ويجب أن نذكر أن العدد "أربعة عشر" في العبرية والعربية واليونانية، ويتكون من عددين هما "أربعة" و"عشرة" ولكل منهما مدلوله.
ثم نجد العدد "7×7" في عبارة "سبعة أسابيع" يذكر مرتين في (سفر اللاويين 23: 15؛ 25: 8).
كما كان العدد "سبعون" (7×10) يستخدم للدلالة على عدد كبير من الناس، في مواضع كثيرة في العهد القديم: "فجميع نفوس بيت يعقوب التي جاءت إلى مصر سبعون" (تك 46: 27؛ خر 1: 5؛ تث 10: 22) وكان شيوخ إسرائيل "سبعون" (خر 24: 1، 9؛ عد 11: 16، 24، 25)، وسبعون ملكًا قطع أدوني بازق أباهم أيديهم وأرجلهم (قض 1: 7)، وسبعون ابنًا لجدعون (قض 8: 30؛ 9: 2)، وسبعون ابنًا وحفيدًا لعبدون يركبون على سبعين جحشًا (قض 12: 14)، وسبعون ابنًا لأخآب (2مل 10: 1، 6، 7) ورأى حزقيال سبعين رجلًا يتعبدون للأوثان (حز 8: 11).
كما يستخدم العدد "سبعون" للدلالة على الزمن، فقد بكى المصريون على يعقوب سبعين يومًا (تك 50: 3) وتنبأ إشعياء عن أن صور ستُنسى سبعين سنة (إش 23: 15، 17) وتنبأ إرميا بأن شعب إسرائيل سيسبَى سبعين سنة (إرميا 25: 11، 12؛ انظر دانيال 9: 2؛ زك 1: 12؛ 7: 5) وتبنأ دانيال بأن سبعين أسبوعًا قضيت على شعبه (دانيال 9: 24) ويقول موسى إن أيام الإنسان هي سبعون سنة (مز 90: 10).
كما وجد بنو إسرائيل سبعين نخلة في إيليم (خر 15: 27؛ عد 33: 9) وقدموا في أيام حزقيا الملك من المحرقات سبعين ثورًا (2أخ 29: 32) وقدم كل واحد من رؤوس الأسباط منضحة من فضة وزنها سبعون شاقلًا (عد 7: 13.. إلخ).
ونقرأ في العهد الجديد عن سبعين تلميذًا (لو 10: 1، 17) وكان اليهود يعتقدون أن هناك سبعين أمة غيرهم يتكلمون سبعين لغة، تحت رعاية سبعين ملاكًا. ولعلهم بنوا ذلك على ما جاء في الأصحاح العاشر من سفر التكوين. وكان أعضاء السنهدريم اليهودي نحو سبعين شيخًا. وتنسب الترجمة السبعينية إلى سبعين شيخًا قاموا بترجمتها (والأرجح أنهم كانوا اثنين وسبعين). ولابد أن هذه الأهمية للعدد سبعين ترجع إلى أنه حاصل ضرب 7×10.
ويرد العدد "77" ثلاث مرات، مرة في حديث لامك: "إنه ينتقم لقايين سبعة أضعاف. وأما للامك فسبعة وسبعين" (تك 4: 24) والمرة الثانية في تحديد عدد شيوخ سكوت (قض 8: 24) والمرة الثالثة في تحديد عدد الخراف التي قربها بنو إسرائيل محرقات لإله إسرائيل (عز 8: 35).
وهناك العدد "7 × 70"، إذ يسأل بطرس الرب: "كم مرة يخطئ إلي أخي وأنا أغفر له، هل إلى سبع مرات؟" فيقول الرب يسوع: "لا أقول لك إلى سبع مرات بل إلى سبعين مرة سبع مرات" (مت 18: 24) والمعنى الواضح هو أن يكون على استعداد للغفران على الدوام.
كما نجد العدد "7,000" (7 × 1000) في (سفر الملوك الأول 19: 18؛ انظر أيضًا رومية 11: 4) عن عدد الذين لم يحنوا ركبة لبعل في أيام إيليا، وهو يدل على الكثرة الكاثرة.
كما يبدو أن لنصف العدد "7" أهمية خاصة (انظر دانيال 7: 25؛ 9: 27؛ لو 4: 25؛ يع 5: 17؛ رؤ 11: 2؛ 13: 5).
* ومن التأملات الروحية حول أن هذا الرقم هو رقم الكمال، فإن 7 = 3+4، أي أن الكمال يمكن لأن الأرض تتحد باتجاهاتها الأربعة، من خلال الثالوث القدوس (الآب والابن والروح القدس).
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
تقصير الرابط:
tak.la/qah346j