استقال الشاب نظير من التدريس بالمدارس الأميرية وهو لم يزل بعد في ربيع حياته وفي غير تردد كرس نفسه للخدمة فعمل مديرًا لإحدى المؤسسات بمدارس الأحد، وكان رئيسًا لتحرير مجلة مدارس الأحد، له فيها مقالات عديدة... ونظرًا لتعدد أنشطته الروحية والخدمات الدينية الكثيرة التي ألقيت على عاتقه لم يجد بُدًّا من التفرغ لها والتكريس للخدمة والاستقالة من عمله كمدرس.
وهكذا أعطى الشاب نظير درسًا نافعًا لِمَن يريد أن يحيا حياة التكريس، كان قدوة صالحة وموجهًا مثاليًا لمن يرغب في ترك عمله للتكريس الكامل - لأن كثيرين سقطوا إذ بعد ما كرسوا نفوسهم وتركوا أعمالهم لم يستثمر التكريس كل وقتهم ومالوا للتراخي والكسل على حساب السيد المسيح.
وأول كتاب ظهر له وهو في حياة التكريس في العالم قبل أن يترهب هو كتاب انطلاق الروح، كتاب ممتع شيق يصف فيه أحاسيسه الروحية -التي تنساب خلال سطوره- وصفا صادقًا، وكما جاء في مقدمة الكتاب: "بدأت هذه التأملات في نفس تتجه إلى الانطلاق من هذا العالم لتتجه نحو البرية حيث حرية العابد، وانطلاق المتوحد. وحين وضع الكاتب قلمه عند آخر سطر فيها، كان قد انطلق ليبدأ بالفعل حياة انطلاق الروح وليتجه بعقله وقلبه وكل قدرته نحو السماء ليتعمق شيئًا فشيئًا في انطلاقه بالروح كالملائكة والقديسين...
ومما قاله قبل انطلاقه من العالم إلى البرية:
"لست أريد شيئًا من العالم" فليس في العالم شيء أشتهيه أما هذه الرغبات والآمال العالية فقد تخلصت منها منذ زمان.
"لست أريد شيئًا من العالم" لأن العالم أفقر من أن يعطيني...
"لست أريد شيئًا من العالم" لأن كل ما أريده هو التخلص من العالم، أريد أن أنطلق منه...
"لست أريد شيئًا من العالم" لأني أبحث عن الباقيات الخالدات، وليس في العالم شيء يبقى إلى الأبد، كل ما فيه إلى فناء، والعالم نفسه سيفني ويبيد، وأنا لست أبحث عن فناء.
"لست أريد شيئًا من العالم" لأن هناك من أطلب منه، هناك الغني القوي الذي وجدت فيه كفايتي ولم يعوزني شيء أنه يعطيني قبل أن اطلب منه، يعطيني النافع الصالح لي. ومنذ وضعت نفسي في يده لم أعد أطلب من العالم شيئًا...
وهكذا استرسل الشاب نظير في روحانياته وتأملاته العميقة إلى أن قال:
حدث في تلك الليلة والتي وضعناها من ضمن كتاب انطلاق الروح هنا في موقع الأنبا تكلا... "أناس قد كرسوا كل حياتهم لله فكانت كل دقيقة من أعمارهم تنفق في الخدمة...
وهكذا كانوا يعتبرون الخدمة الروحية عملهم الرئيسي ويرون باقي أعمال العالم أمورًا ثانوية...
ومما قاله في ختام كتابه الذي ضم الكثير من ألوان الشعر:
وقد ختم كتابه هكذا:
_____
(1) توضيح من الموقع: كان يوجد في الكتاب نص الشعر، ولكنه موجود بالفعل في الموقع في قسم كلمات الترانيم، فلم نشأ التكرار. وستجده بالضغط على الروابط لكل شعر منهما.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/youssef-habib/pope-shenouda/consecration.html
تقصير الرابط:
tak.la/8pw9rm4