ربنا له صفات كثيرة، فربنا أزلى، وأبدى، وموجود في كل مكان، ويعرف الخفيات والظاهرات... إلخ.
لكنى أريد أن أكلمكم في هذه الليلة عن قوة الله.
الله قوى، ونحن نقول قدوس الله، قدوس القوى، قدوس الحي الذي لا يموت. ونحن نفتخر بأننا في حماية إله قوى.
ربنا ليس قوى فقط، وإنما أيضًا قادر على كل شيء.
البعض له قدرة في ناحية معينة، ولكن لا يوجد أحد له قدرة على كل شيء، وعلى كل أحد.
وبهذه المناسبة في مرة من المرات، كانت تقول إحدى المدرسات في مدارس الأحد أن الله قادر على كل شيء فوقفت إحدى التلميذات وقالت للمدرسة ليس من المعقول أن الله قادر على كل شيء؟ فسألتها المدرسة لماذا تقولين إنه غير قادر على كل شيء؟ فقالت التلميذة مثلا غير قادر على الخطية، فالله لا يستطيع أن يظلم، لا يستطيع أن يقسو.
طبعا الإجابة على هذه النقطة أن الخطية ليست قدرة، وإنما الخطية ضعف. فالإنسان الظالم ليس له قدرة على العدل، والإنسان الخاطئ ليست له قدرة على البر، والإنسان السارق ليس له قدرة على الأمانة، فالخطية ضعف وليست قدرة.
 |
* نقطة أخرى هامة في قوة الله، أن قوة الله قوة ذاتية.
بمعنى أن بقية الناس قدرتهم ممنوحة لهم وليست في ذاتهم، فالعقل البشري في قوته استطاع أن يصعد إلى القمر، استطاع أن يكتشف أشياء كثيرة ومخترعات عجيبة يقدمها، مثل الكومبيوتر والموبايل فون، والفيس بوك وما شابه ذلك. فيمكن أن يكون له عقل جبار ويستطيع أن يفعل أشياء عجيبة، ولكن هذا العقل هة هبه من الله. ومع ذلك الإنسان الذي يصل إلى مخترعات كثيرة لا يقدر على أمور أخرى، فليس قادرا على كل شيء.
* أو الطبيعة فالنار لها قوة، والزلازل له قوة، والسيول الجارفة لها قوة. ولكن الله هو الذي خلق هذه الطبيعة وهو الذي أعطاها هذه القوة.
من قوة الله صنع المعجزات.
أتذكر في أحد الأيام كان لة صداقة كبيرة مع الدكتور خيرى السمرة أستاذ المخ والأعصاب بالجامعة، وكان يوجد يوم كل عام نجتمع في منزله بحضور مجموعة من الأساتذة والمفكرين، وأجيانا يقول لهم إنكم تستطيعون أن تسألوا البابا في أي شيء. وفي أحدى المرات كان موضوع المناقشة عن المعجزة. ومن ضمن ما قلته وقتذاك توجد كعجزتان لا خلاف لنا فيهم إطلاقا مسلمين ومسيحيين. وهما معجزة الخلق. أن الله يخلق من العدم. والعلم لا يستطيع أن يأتي بنتيجة في هذا الموضوع. والموضوع الآخر معجزة إقامة الموتى والعلم يقف حائرا أمامها.
فالمعجزة هي الشيء الذي يعجز العقل عن فهمه.
هي ليست ضد العقل، إنما هي مستوى فوق العقل. وربنا قادر على المعجزات وهو صانع العجائب وحده، كلها من عمل قدرته.
الله قوي ولا يوجد له منافس في قوته.
لا يوجد أحد يستطيع أن ينافس الله في قدرته لا ملوك، ولا رؤساء، ولا الشيطان نفسه. والشيطان كثيرًا ما حدث أن الله أوقف مؤامراته، وأخيرا سيأخذه الله ويضعه في البحيرة المتقدة بالنار والكبريت.
ومع ذلك ربنا قد يمنح القوة لبعض من خلائقه.
فمن الجائز أن يعطى الملائكة قوة تصنع بها المعجزات. ومن الجائز أيضًا أن يعطى البشر قوة لعمل المعجزات.
← انظر كتب أخرى للمؤلف هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت.
الله قوى جدًا في عملية الإنقاذ والحماية.
فيقول داود في المزمور "يمين الرب صنعت قوة، يمين الرب رفعتنى. فلن أموت بعد بل أحياء، وأحدث بأعمال الرب".
من العبارات الجميلة في قوة الله، كلمة موسى أمام البحر الأحمر، الناس منزعجون البحر أمامهم وفرعون خلفهم بمركباته، ويقول موسى النبي هذه العبارة الجميلة: "الرب يقاتل عنكم وأنتم تصمتون". هذه العبارة لم تقل للشعب فقط أمام البحر الأحمر، وإنما تقال لنا جميعا.
قال البعض أنه سوف يتم خطف البنات المسيحيات غير المحجبات، فخاف البعض، وبعض المدارس المسيحية في ذلك اليوم كانت أجازة، وبعض البنات اللأتى خفن وضعن إيشارب في جيوبهن. ولكن موسى النبي قال: "الرب يدافع عنكم وأنتم تصمتون"..
وقيل في مرة من المرات أن الأقباط لا بُد أن يدفعوا الجزية، ولا يؤدون الخدمة العسكرية. الرب يقاتل عنكم وأنتم تصمتون. وبعد ذلك غير البعض ذلك الكلام وقال أنا لم أقصد ذلك..!
الله عجيب في إنقاذه.
* فمثلا دانيال النبي في وقت من الأوقات وقد قيل من يسجد لأي إله آخر يلقى في جب الأسود، ففتح النافذة المطلة على أورشليم وأمام جميع الناس صلى إلى الله. فألقى في جب الأسود، ولم تستطيع الأسود أن تفعل به شيئا. فقال دانيال بعد ذلك "إلهي أرسل ملاكه فسد أفوه الأسود".
إن خفت في يوم من أحد وظننت أنه كالأسد ويريد أن يفترسك. قل لا بُد إلهي يرسل ملاكه ليسد أفواه الأسود. فالأسود أيضًا من خليقة الله، الله يسمح لهم بأن يفترسوا أو لا يسمح، فهم ليسوا بخارجين عن نطاق الكونترول الخاص بالله.
* الثلاثة فتية ألقوا بهم في أتون النار، ولم تؤذهم النار. فالنار أيضًا الله هو خالقها، وهو الذي يتحكم فيها، ويأمرها بأن لا تقترب من الثلاثة فتية، ولا شعرة من رؤوسهم تحترق، ولا ملابسهم تدخلها رائحة النار. الله هو إله النار أيضًا يسكتها.
* مثل آخر داود وجليات. من هو داود بالنسبة إلى جليات الرجل الضخم ورمحه كنول النساجين. وداود الصغير الأشقر مع حلاوة في عينين يتقدم ويقول له "اليوم الرب يحبسك في يدي". ما هذه اليد أيها الصغير؟! ولكن داود يقول كلمة لطيفة: "الحرب للرب، والرب قادر أن يغلب بالكثير وبالقليل". وفعلًا حبس جليات في يد داود الصغيرة التي أمسكت بهذا الجبار وألقت به على الأرض. فلقد كانت كلمة موسى ترن في أذن داود "الرب يدافع عنكم وأنتم تصمتون".
يقول الكتاب عن الكنيسة "إن أبواب الجحيم لن تقوى عليها".
* جازت أيام نيرون الإمبراطور الرومانى العظيم القوى الجبار الذي لا يعرف الله، وأيام ديوقلديانوس أخطر حاكم أتعب المسيحيين في العصر الرومانى، وجازت أيام المماليك، والرب يقاتل عنكم وأنتم تصمتون.
* مثال ذلك نقل الجبل المقطم. فقوة الله كانت في الموضوع لدرجة أن الحاكم نظر إلى بابا الكنيسة وقال له "أمان يا بابا أمان"، فغير المستطاع عند الناس مستطاع عند الله.
فالله أيضًا يمكن أن يعمل في قلوب هؤلاء الأقوياء وفي أفكارهم.
فنحميا وهو واقف أما أرتحشستا ملك الفرس، أعطاه الرب نعمة في عينيه، حتى أن أرتحشستا ملك الفرس يقول لنحميا الذي كان أحد المسبيين في بلاد الفرس: أذهب لبناء أسوار أورشليم، ويعطيه خطابات للولاة والحكام، ويعطيه معونات. فالله يتكلم في قلب هذا الرجل.
وأيضًا تكلم في قلب الملك أحشويرش وأعطى إستير نعمة في عينيه، فإذ بها تنقذ الشعب كله.
وإذا بمردخاى ينجو من اضطهاد هامان له. والصليب الطويل الذي أراد هامان أن يصلب عليه مردخاى، لم يصلب عليه إلا هامان وحده.
فالله يصنع أعاجيب ويتكلم في قلوب الآخرين.
صدقوني حتى دون أن نطلب فالله من نفسه ينزل ويصنع خلاصًا دون أن نطلب، مثلما حدث في أيام موسى النبي.
حقًا إن الله قوي. ونحن نفتخر بأننا في حماية إله قوي.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/pope-sheounda-iii/troubled/god-is-strong.html
تقصير الرابط:
tak.la/m9qtj3a
