St-Takla.org  >   books  >   pope-sheounda-iii  >   man
 
St-Takla.org  >   books  >   pope-sheounda-iii  >   man

مكتبة الكتب المسيحية | كتب قبطية | المكتبة القبطية الأرثوذكسية

كتاب من هو الإنسان؟ - البابا شنوده الثالث

66- انشغال الفكر

 

إنه أسلوب وقائي وإيجابي تتخلص به من الأفكار، من قبل أن تجئ.

لأنه إن انشغل فكرنا بالله، نصل إلى محبة الله. وإن تعمقت محبة الله في قلوبنا، تصير طبيعتنا غير قابلة لأفكار العدو.

مثل إنسان قوي في صحته. إذا حاربه ميكروب، لا يستطيع أن يقوى عليه. أو شخص محصن ضد مرض معين، فذلك المرض لا يجد له مجالًا عنده. أنه لا يترك نفسه حتى تصيبه الأمراض ثم يعالجها!! بل يتخذ الوسائل التي تمنع أصابته بالمرض.

فالإنسان الروحي يحصن نفسه ضد الأفكار الشريرة، بأن يملأ قلبه وعقله بمحبة الله ومحبة الخير.

لذلك نقول له:

أشغل عقلك، قبل أن يأتي الشيطان ليشغله.

أشغل عقلك بالفكر الصالح، بالتأملات والقراءات الروحية، قبل أن يأتي عدو الخير، ويقدم لك أفكارًا من عنده.

لأنه إن كان لإنسان سكن. وتركه فارغًا، قد يأتي أناس أشرار ويحتلونه ويسكنونه. وإخراجهم منه ربما يحتاج إلى تعب وجهد. أما إن كان في هذا المسكن نور وأثاث وكراسي مثلًا في شرفاته، فإنه لا يجرؤ أحد أن يدخله عنوة، إذ يخاف من ساكنيه. ويرى أنه إن أقدم على ذلك سيتعرض للمخاطرة...

هكذا إن كنت منشغل الفكر، يعرف الشيطان أنك لست متفرغًا له، فيتركك ولو إلى حين...

فإن كنت منشغلًا باستمرار، يحتار كيف يدخل إليك... ليس فقط بسبب الانشغال الروحي، بل حتى الانشغال العلمي أيضًا، والانشغال بالعمل، وبالأنشطة المتعددة، وحتى الانشغال بالرياضة أو الفن، أو العمل اليدوي.

St-Takla.org Image: Thinking young man, contemplation, thoughts - with a church dome and a cross behind him صورة في موقع الأنبا تكلا: شاب، رجل يفكر، التأمل، متأمل، الأفكار - مع قبة كنيسة وصليب خلفه

St-Takla.org Image: Thinking young man, contemplation, thoughts - with a church dome and a cross behind him

صورة في موقع الأنبا تكلا: شاب، رجل يفكر، التأمل، متأمل، الأفكار - مع قبة كنيسة وصليب خلفه

لذلك فإن الطلبة المجتهدين، الذين يشغلوا عقولهم دائمًا بدراستهم، يكونون غير متفرغين لأفكار الخطية. كما يقول المثل:

عقل الكسلان معمل للشيطان.

وبالتالي فإن الطلبة المهملين لدراستهم، يكونون أكثر تعرضًا لأفكار الخطية. لأن عقولهم غير منشغلة، فيأتي الشيطان ويعشش فيها...

اشغل عقلك أذن بشيء مفيد، سواء كان مفيدًا لروحياتك وأبديتك، أو مفيدًا لمعرفتك وثقافتك، أو مفيدًا لخدمتك.

اشغل عقلك بقراءات وتأملات، بفكر نافع لك...

لكن أن كنت في فراغ، وعقلك في فراغ، ما أسهل أن يقول لك الشيطان: اسمح لي أن أجلس معك وأسليك...

أحكي لك حكاية، أقدم لك فكرة من عندي، ما دمت لا تجد شيئًا تفكر فيه... وهكذا يسرح بك من موضوع إلى موضوع، حتى يدخلك بالتمام إلى مجاله، ويسيطر على تفكيرك. أو على الأقل يضيع وقتك في ما لا يفيد...

 إن آباءنا القديسين الذين كانوا يتدربون على الصلاة الدائمة، أو يرددون صلاة "يا رب يسوع" مئات أو آلاف المرات، كان عقلهم ينشغل بهذه الصلاة، بحيث يرددها تلقائيًا... فإن سكت الواحد منهم، يظل عقله منشغلًا بهذه الصلاة، بدون جهد منه، وبدون أن يدفعه لتردادها.

هكذا أيضًا من يشل عقله بآيات يرددها،أو بموضوع روحي يتأمله، أو بقصة من الكتاب المقدس أو من سير القديسين...

لذلك في خروجك من بيتك، لا تترك نفسك للطريق يرتب لك ما تفكر فيه.

لا تترك عقلك سائبًا، دون فكر معين يربطه وينشغل به. لا تتركه للقاءات وللمناظر وللأحاديث، ترسم له مسار تفكيره، وتقدم له الفكر الذي يشغله والوقود الذي يشعله... ما أسهل عندما تخرج من بيتك أن تأخذ معك آية أو مزمورًا، أو موضوعًا روحيًا، أو في الصباح اقرأ فصلًا من الكتاب، وتخيَّر لك معنى من معانيه يصحبك في الطريق أو مزمورًا تحفظه، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في أقسام أخرى. وليكن ذلك موضوعًا لتفكيرك. وهكذا أن هاجمك فكر، يجدك مشغولًا، وأبوابك مغلقة أمامه.

والعقل لا يستطيع أن يفكر في موضوعين في وقت واحد، وينشغل بهما بنفس العمق...

فإن أعطيت عمق فكرك لشيء مفيد. سيطفو أي فكر آخر على سطح عقلك، وينقشع بسرعة.لأنك غير مهتم به وغير متفرغ له... فإن أردت أن تقي نفسك من حروب الأفكار، عليك بالآتي:

قَدَّم لعقلك طعامًا روحيًا، قبل أن يقدم له العالم طعامًا رديًا.

كذلك ينفعك أن يكون لك مذكرة روحية، تسجل فيها بعض أفكار تركت في نفسك أثرًا طيبًا.

تفتح هذه المذكرة بين الحين والآخر، لتقرأ ما قد خزنته فيها، وتجتره كما يجتر الجمل غذاء سبق له تخزينه من جوفه. وتسرح في تلك الأفكار الجميلة. وتضيف إليها أفكارًا أخرى نافعة.

أما إن كانت في عقلك أفكار خاطئة مترسبة من زمن قديم، فحاول أن تطهر عقلك منها بعد الاستعمال، وبإحلال غيرها مكانها...

كذلك لا تشغل عقلك بأفكار تافهة، لا هي خير ولا شر. ولكنها قد تتطور ولا تستطيع ضبطها...

[وقد حدثتك عن هذا الأمر باستفاضة في كتاب"حياة التوبة والنقاوة" هنا في موقع الأنبا تكلا في باب نقاوة الفكر]...

وحاول أن تنقي قلبك من الداخل، لأن القلب النقي لا تخرج منه أفكار خاطئة.

وقد قال السيد الرب في ذلك "لا تقدر شجرة جيدة أن تصنع ثمارًا ردية، ولا شجرة ردية أن تصنع أثمارًا جيدة" (مت18:7).


الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع

https://st-takla.org/books/pope-sheounda-iii/man/busy.html

تقصير الرابط:
tak.la/q34smdk