St-Takla.org  >   books  >   pope-sheounda-iii  >   god-and-man
 

مكتبة الكتب المسيحية | كتب قبطية | المكتبة القبطية الأرثوذكسية

كتاب الله والإنسان - البابا شنوده الثالث

28- إلهنا الطيب

 

حَسَنٌ قال ارميا النبي في مراثيه "طيب هو الرب للذين يترجونه. للنفس التي تطلبه" (مرا25:3). فما معنى الطيبة إذن؟

الطيبة هي مزيج من المحبة والوداعة والدماثة واللطف.

والشخص الطيب يكون دائمًا محبًا ووديعًا ولطيفًا ودمث الطبع. وهذه الصفات كلها توجد في الله تبارك أسمه. وهي سمة من طبيعته.

St-Takla.org                     Divider   فاصل موقع سانت تكلا دوت أورج للكنيسة المسيحية

الله الطيب لم يشأ أن يرهبنا بلاهوته، بل تنازل إلينا بطيبته.

وهكذا أمكننا أن نتكلم معه، ونتفاهم معه، ونتناقش معه كأب. وفي وداعته ظهر للإنسان وتكلم معه. بينما هناك أناس إذا ما كبروا، دخلت العظمة إلى قلوبهم، فلا يستطيع أحد أن يتحدث إليهم!! أما الله خالقهم، فمن وداعته ومن طيبته، كان يتكلم مع الإنسان الذي هو تراب ورماد (تك27:18)، والذي هو من خلقه وصنع يديه!!

من طيبة الله أزال حاجز الخوف بينه وبين خليقته.

وهكذا استطاع القديس الأنبا أنطونيوس أن يقول في إحدى المرات "أنا لا أخاف الله!". فلما قال له تلاميذه "هذا الكلام صعب يا أبانا"، أجابهم "ذلك لأني أحبه. والمحبة تطرح الخوف إلى خارج" (1يو18:4).

وهكذا سمح لنا الله أن نكلمه بلا عائق، دون أن يرعبنا لاهوته.

St-Takla.org                     Divider   فاصل موقع سانت تكلا دوت أورج للكنيسة المسيحية

St-Takla.org Image: Jesus is the Good Shepherd: "I am the good shepherd; the good shepherd giveth his life for the sheep" (John 10:11)- from Providence Lithograph Company Bible Illustrations. صورة في موقع الأنبا تكلا: السيد المسيح: "أنا هو الراعي الصالح، والراعي الصالح يبذل نفسه عن الخراف" (يوحنا 10: 11) - من صور الإنجيل من شركة بروفيدينس المطبوعة حجريًا.

St-Takla.org Image: Jesus is the Good Shepherd: "I am the good shepherd; the good shepherd giveth his life for the sheep" (John 10:11)- from Providence Lithograph Company Bible Illustrations.

صورة في موقع الأنبا تكلا: السيد المسيح: "أنا هو الراعي الصالح، والراعي الصالح يبذل نفسه عن الخراف" (يوحنا 10: 11) - من صور الإنجيل من شركة بروفيدينس المطبوعة حجريًا.

هناك نقطة أخرى في طيبة الله، وهي:

إن الله طيب جدًا في عطائه.

من طيبته لم يشأ أن يكون وحده. فأوجد مخلوقات منحها الوجود معه، ومنها نحن. وهكذا خلق الإنسان. ومن طيبته: أنه قبل أن يخلق الإنسان، مهد له كل شيء. خلق له الشمس لضياء النهار، والقمر والنجوم لضياء الليل. وخلق له الأرض ليعيش فيها. وخلق له النبات والحيوان. أوجد له الطعام والسكن. وأوجد له جمال الطبيعة لمتعته... ثم بعد هذا كله خلقه... بحيث لا ينقصه شيء. ووضعه في جنة... ما أعجب هذه الطيبة!

St-Takla.org                     Divider   فاصل موقع سانت تكلا دوت أورج للكنيسة المسيحية

من طيبة الله أنه قال "وأجعل روحي في داخلكم" (حز27:36).

وهكذا جعلنا هيكلًا لروحه القدوس، وأصبح روحه يسكن فينا (1كو16:3).

وفي تجسده دعانا أخوة له. ولم يستح أن يكون بكرًا وسط إخوة كثيرين. قائلًا: أخبر باسمك إخوتي (عب11:2، 12). بل قال عن الفقراء "مهما فعلتموه بأحد إخوتي هؤلاء الأصاغر، فبي قد فعلتم" (مت40:25). وقال للمريمتين بعد القيامة -عن تلاميذه- "اذهبا وقولا لأخوتي أن يمضوا إلى الجليل. هناك يرونني" (مت10:28).

St-Takla.org                     Divider   فاصل موقع سانت تكلا دوت أورج للكنيسة المسيحية

ومن طيبة الله إنه اتخذ له وكلاء وسفراء من بني البشر.

فقيل "يجب أن يكون الأسقف بلا لوم كوكيل لله" (تي 7:1). وقال عن هؤلاء الوكلاء "يا ترى من هو الوكيل الأمين الحكيم الذي يقيمه سيده على عبيده، ليعطيهم طعامهم في حينه..." (لو42:12). وقال الرب أيضًا عن موسى النبي: "إنه وكيل على كل بيتي" (عد7:12).

وجعلنا أيضًا سفراء عنه، ننادى أن اصلحوا مع الله (2كو20:5).

St-Takla.org                     Divider   فاصل موقع سانت تكلا دوت أورج للكنيسة المسيحية

ومن طيبته أن شريعته ينسبها إلى موسى النبي، فيقول: شريعة موسى.

فقال لليهود "إن موسى -من أجل قساوة قلوبكم- أذن لكم أن تطلقوا نساءكم" (مت8:19) بينما الذي أذن هو الله، على فم موسى... حتى الأسفار المقدسة نسبها إلى أولاده من البشر، رجالًا ونساء. فيقال سفر صموئيل، وسفر أشعياء، وسفر ارميا. وأيضًا سفر راعوث وسفر استير... كلها وحي الله، ولكنه بطيبته ينسبها إلى البشر.

من طيبة الله الملابس التي أعدها لهارون للمجد والبهاء.

فقال لموسى النبي "واضع ثيابًا مقدسة لهرون أخيك، للمجد والبهاء، وتكلم جميع حكماء القلوب الذين ملأتهم روح حكمة أن يصنعوا ثياب هرون لتقديسه ليكهن لي" (خر2:28، 3). أي مجد تعطيه يا رب لواحد من خليقتك؟! إن المجد هو لك وحدك!! ونعجب أن السيد المسيح يقول عن تلاميذه للآب "وأنا أعطيتهم المجد الذي أعطيتني..." (يو22:17).

إنه حقًا الإله الطيب الذي يمجد أولاده، إذ قيل في الكتاب "الذين سبق فعرفهم، سبق فعينهم... وهؤلاء مجدهم أيضًا" (رو29:8، 30).

St-Takla.org                     Divider   فاصل موقع سانت تكلا دوت أورج للكنيسة المسيحية

من طيبة الله، أنه أوجد خيرًا في الأرض كلها.

أرسل خيراته مطرًا من السماء على الأرض، وجعل خيراته نباتًا وثمرًا وزهرًا في الأرض، وأرسل لنا خيرًا من تحت الأرض، ينابيع وغازًا وبترولًا، ومعادن لا تُحْصَى في الجبال وفي باطن الأرض ذهبًا وفضة ونحاسًا وغير ذلك... عجيب هو كرم يديه الذي أغدقته طيبته علينا...

St-Takla.org                     Divider   فاصل موقع سانت تكلا دوت أورج للكنيسة المسيحية

ومن طيبته أنه جعل في المخلوقات غير الناطقة صفات يُقْتَدَى بها.

فجعل النشاط الذي لا يهدأ في النملة، والتنظيم العجيب في حياة النحل. والوفاء المذهل في طبيعة الكلب، والذكاء في صفات الثعلب. والبساطة في طبع الحمامة. كما جعل في الدجاجة الحنو على فراخها (مت37:23)...

ومن طيبته أعطى للحيوانات الضعيفة وسيلة تهرب بها من القوية.

فالأسد أقوى بكثير من الغزال، يمكنه أن يفترسه. ولكن الله منح الغزال سرعة في الجري ينجو بها من الأسد. كذلك فإن الكلب يستطيع أن يفترس القط. ولكن الله منح القط قدرة أن يتسلق الشجر وبعض المرتفعات التي لا يستطيع أن يتسلقها الكلب. وهكذا يهرب القط منه. كذلك الفأر وهو حيوان صغير يمكن أن يبطش به الإنسان والحيوان، منحه الله قوة على الحفر والاختباء، يمكن أن يهرب بها، وهكذا دواليك.

St-Takla.org                     Divider   فاصل موقع سانت تكلا دوت أورج للكنيسة المسيحية

ومن طيبة الله صبره على كثير من الخطاة.

كان من الممكن أن يجازى كل مخطئ فور خطيئته. ولكنه لا يفعل، بل يطيل أناته، معطيًا فرصة للخاطئ أن يتوب، كما فعل مع أوغسطينوس ومريم القبطية وموسى الأسود الذين لم يأخذهم في سقطاتهم، بل صبر عليهم هم وعديد من أمثالهم، حتى رجعوا عن طريقهم الرديئة، بل صاروا قديسين...

ولكن الخاطئ الذي يطيل الله أناته عليه، فيستهتر بالأكثر، هذا يقول له الرسول "أفتظن أيها الإنسان... أنك تنجو من دينونة الله. أم تستهين بغِنَى لطفه وإمهاله وطول أناته، غير عالم أن لطف الله إنما يقتادك إلى التوبة" (رو3:2، 4).

← انظر كتب أخرى للمؤلف هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت.

St-Takla.org                     Divider   فاصل موقع سانت تكلا دوت أورج للكنيسة المسيحية

وأيضًا من عمق طيبة الله العجيبة: معاملته للشيطان.

أولًا لم يخلقه الله هكذا، بل خلقه ملاكًا من طائفة الكاروبيم، وصفه سفر حزقيال النبي بأنه "الكاروب المنبسط المظلل" (خر14:28). وأنه "ملآن حكمة، كامل الجمال" (خر12:28). هكذا كان، ولكنه سقط وتمرد، وأسقط معه الكثير من الملائكة، كما أضل وخدع الملايين من البشر، ولا يزال في تحديه لملكوت الله. ومع ذلك فإن الله لم يفنه ولم يبده. وبيد الله أن يفعل ذلك ويفنيه في لحظة. أية طيبة هذه أن يبقى عقوبته له إلى آخر الزمان؟!

لقد فقد الشيطان قداسته الأولى. ولكن من طيبة الله أنه لم يسحب منه طبيعته الملائكية وقدرة تلك الطبيعة.

فلا يزال بتلك الطبيعة التي تستطيع أن تتحرك في لمح البصر من مكان لآخر... الطبيعة التي بها يوسوس في العقول والقلوب، والتي يستطيع بها أن يظهر في شكل ملاك نور (2كو14:11)، والتي لها قدر كبير من الحيلة والذكاء، كما قيل عن الحية التي أغوت حواء إنها كانت أحيل حيوانات البرية (تك1:1). وبقى الشيطان بعد سقطته، يعمل، وله سلطان. كما قال السيد المسيح لمعارضيه عنهم وعن الشيطان "هذه ساعتكم وسلطان الظلام" (لو53:22).

ومن طيبة الله أن سمح له بالجولان في الأرض والتمشي فيها (أي 7:1) (أي 2:2). وسمح له أن يجرب أيوب الصديق، وأن يعطل أحد الملائكة كما ورد في سفر دانيال النبي (دا13:10)، حتى خلصه منه ميخائيل رئيس الملائكة!! بل أكثر من هذا كله سمح له بالتجربة على الجبل، حتى تجرأ في جسارته، فانتهره الرب بقوله "اذهب يا شيطان" فذهب (مت10:4).

St-Takla.org                     Divider   فاصل موقع سانت تكلا دوت أورج للكنيسة المسيحية

من طيبة الرب أيضًا موقفه من يهوذا الخائن.

اختاره ضمن الإثني عشر، وهو عالم بما سيفعله. وضمن التلاميذ أعطاه السلطان أن يصنع الآيات والعجائب (مت1:10، 4). بل ميزه بإن كان الصندوق معه، وكان من مهنته أن يعطي منه للفقراء (يو4:12-6) على الرغم من أن الرب كان يعرف بأن يهوذا يسرق مما يُلْقَى في الصندوق (يو6:12)! ومن طيبته أن جعله يجلس إلى جانبه على العشاء ويغمس اللقمة ويعطيه (يو26:13).

St-Takla.org                     Divider   فاصل موقع سانت تكلا دوت أورج للكنيسة المسيحية

ومن طيبة الرب: وعوده العجيبة.

"ما لم تره عين، ولم تسمع به أذن، ولم يخطر على قلب بشر، ما أعده الله للذين يحبونه" (1كو9:2). وقوله "حيث أكون أنا، تكونون أنتم أيضًا" (يو3:14). وأصبحت الميزة التي تميز أورشليم السمائية في الأبدية أنها "مسكن الله مع الناس. وهو سيسكن معهم وهم يكونون له شعبًا" (رؤ3:21).

لذلك جميل في طيبة الله، أنه لما تجلى على جبل طابور، لم يتجل وحده، بل تجلى أيضًا معه موسى وإيليا، وكانا يتكلمان معه (مر2:9-5).

St-Takla.org                     Divider   فاصل موقع سانت تكلا دوت أورج للكنيسة المسيحية

ومن أبرز الصور لطيبة الله مغفرته.

إنه مستعد أن يترك للإنسان الماضي الأثيم كله، في مقابل التوبة... من الصعب على البشر أن يغفروا لغيرهم، وبخاصة إن كثرت سيئاتهم. أما الله العجيب في مغفرته، فهو يغفر الكل للكل... جميع الخطايا لجميع الناس. ويقول "اصفح عن أثمهم، ولا أذكر خطيتهم بعد" (أر34:31) "مصالحًا العالم لنفسه، غير حاسب لهم خطاياهم" (2كو19:5). بل يمحو خطاياهم، ويغسلها فتبيض كالثلج (أش18:1). وهذا الخاطئ -إذا تاب- "كل معاصيه التي فعلها، لا تذكر عليه" (حز22:18).

St-Takla.org                     Divider   فاصل موقع سانت تكلا دوت أورج للكنيسة المسيحية

ومن طيبة الله أنه يذكر العمل الطيب، مهما كان صغيرًا.

قال عن الزرع الجيد إنه يثمر ثلاثين وستين ومائة (مت23:13). فجعل من طيبته أن الذي يثمر ثلاثين هو أيضًا زرع جيد... ومن طيبته أنه قبل الذي أتى إليه في الساعة الحادية عشرة من النهار (مت9:20). وكذلك من طيبته قبوله توبة اللص اليمين على الصليب في آخر ساعات حياته (لو43:23). وقال أيضًا إن الذي يقدم مجرد كأس ماء بارد لأحد الصغار، فإنه لا يضيع أجره (مت42:10). ومن طيبته قوله عن الشجرة التي لم تعط ثمرًا ثلاث سنوات"... اتركها هذه السنه أيضًا... فإن صنعت ثمرًا، وإلا ففيما بعد نقطعها" (لو8:13، 9).

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

حقًا، إنه من طيبة الله: احتماله.

لقد احتمل كل الفجار والفاسدين والخطاة، بل احتمل أيضًا الملحدين والمجدفين، والعلماء والفلاسفة الذين يشككون الغير في وجوده، بل ويهزأون باسم الله، وينكرون معجزاته!! من من البشر يستطيع أن يحتمل جزءًا من كل هذا؟!


الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع

https://st-takla.org/books/pope-sheounda-iii/god-and-man/good-god.html

تقصير الرابط:
tak.la/cy5z5g6