St-Takla.org  >   books  >   pope-sheounda-iii  >   god-and-man
 

مكتبة الكتب المسيحية | كتب قبطية | المكتبة القبطية الأرثوذكسية

كتاب الله والإنسان - البابا شنوده الثالث

19- عهد بين الله والناس

 

الله هو الذي بدأ عهدًا مع الإنسان، كون معه علاقة.

لأنه أراد أن توجد رابطة معه، لها شروط. ومن جانب الله، قد نفذ عهوده وكان أمينًا لكلمته معنا. حتى على الرغم من عدم أمانتنا. وكما قال الكتاب "وإن كنا غير أمناء، فهو يبقى أمينًا لن يقدر أن ينكر نفسه" (2تي 13:2).

ولقد كان عهد الله مع الإنسان عهدًا أبديًا.

St-Takla.org                     Divider   فاصل موقع سانت تكلا دوت أورج للكنيسة المسيحية

وأول عهد أبرمه الله مع الإنسان، كان أيام نوح، قبل وبعد الفلك.

كان شرط الله أن يخرج الإنسان من العالم الرديء المحكوم عليه بالموت والفناء، ويدخل في الفلك، في عهد مع الله، يمنحه الله الحياة والأمن والسلام، في رعايته. ودخل في هذا العهد نوح وبنوه، فباركهم الرب.

وبعد أن رسا الفلك، وبعد أن قدم نوح محرقة مقبولة، اشتم الله منها رائحة الرضا، قال الرب "وضعت قوسي في السحاب، فيكون متى أنشر سحابًا على الأرض، وتظهر القوس في السحاب، أني أذكر ميثاقي الذي بيني وبينكم وبين كل نفس حية... فلا تكون المياه طوفانًا لكل ذي جسد... ميثاقًا أبديًا" (تك12:9-16).

St-Takla.org                     Divider   فاصل موقع سانت تكلا دوت أورج للكنيسة المسيحية

St-Takla.org Image: Noah in the ark receiving a dove with an olive branch, private collection, Egypt, 1730 A.M. (2013-2014), Coptic art, used with permission - by Gerges Samir (Orthodox Iconographer). صورة في موقع الأنبا تكلا: أيقونة نوح البار في الفلك يستقبل حمامة بعود زيتون، مقتنيات خاصة، مصر، 1730 ش. (2013-2014 م. - والذي يوافق سنة 6255 حسب التقويم المصري القديم)، فن قبطي، موضوعة بإذن - رسم الفنان جرجس سمير: كاتب الأيقونة الأرثوذكسية

St-Takla.org Image: Noah in the ark receiving a dove with an olive branch, private collection, Egypt, 1730 A.M. (2013-2014), Coptic art, used with permission - by Gerges Samir (Orthodox Iconographer).

صورة في موقع الأنبا تكلا: أيقونة نوح البار في الفلك يستقبل حمامة بعود زيتون، مقتنيات خاصة، مصر، 1730 ش. (2013-2014 م. - والذي يوافق سنة 6255 حسب التقويم المصري القديم)، فن قبطي، موضوعة بإذن - رسم الفنان جرجس سمير: كاتب الأيقونة الأرثوذكسية

والعهد الثاني أبرمه الله مع أبرام أبي الآباء:

"أخرج من أهلك ومن عشيرتك ومن بيت أبيك... إلى الأرض التي أريك. فأجعلك أمة عظيمة، واباركك وتكون بركة... وتتبارك فيك جميع قبائل الأرض (تك1:12-3).

St-Takla.org                     Divider   فاصل موقع سانت تكلا دوت أورج للكنيسة المسيحية

ثم عهد آخر مع أبرام هو عهد الختان (تك17).

"هذا هو عهدي الذي تحفظونه بيني وبينكم، وبين نسلك من بعدك. يختتن منكم كن ذكر... فيكون علامة عهد بيني وبينكم... وأما الذكر الأغلف الذي لا يختتن في لحم غرلته، فتُقْطَع تلك النفس من شعبها: (تك10:17-14).

وكان الختان يرمز إلى موت الجسد، لننال الحياة.

جزء من الجسد يُقْطَع فيموت عن الجسد والمادة. وكان الختان يرمز إلى المعمودية، التي فيها نموت مع المسيح، لكي نحيا معه... ويقضى العهد بأن الذي لا يختتن يقطع من شعبه، تمامًا كالذى لا يعمد.

St-Takla.org                     Divider   فاصل موقع سانت تكلا دوت أورج للكنيسة المسيحية

نلاحظ أن العهد كان يشمل بعضه بركة، والبعض عقوبة.

البركة كما في العهد الذي ألغى الطوفان والفناء لكل من يدخل الفلك، رمزًا للحياة التي ينالها كل من يدخل الكنيسة التي يرمز إليها الفلك. فينال نفس البركة التي أعطيت لها، داخل الفلك في رعاية الله وحفظه.

وبركة كالعهد الذي أعطى لإبراهيم، لما اعتزل العالم لأجل الله...

وهناك عقوبة لمن ينكث العهد، كعقوبة من لا يختتن.

والبركة والعقوبة كلاهما، تراهما معًا في العهد المكتوب عهد

الناموس، كما هو واضح في (تث28). من جهة البركات التي ينالها من يسمع لكلمات الرب، واللعنات التي تحل على من لا يسمع لها.

← انظر كتب أخرى للمؤلف هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت.

St-Takla.org                     Divider   فاصل موقع سانت تكلا دوت أورج للكنيسة المسيحية

هذا العهد الذي أعطاه الرب لموسى كان مرشوشًا بالدم، وكان لأول مرة عهدًا مكتوبًا، ولكل الشعب، ومعه بركة ولعنة.

"وأخذ (موسى) كتاب العهد، وقرأ في مسامع الشعب. فقالوا كل ما تكلم به الرب نفعل ونسمع له. وأخذ موسى من الدم ورش على الشعب، وقال هذا هو دم العهد الذي قطعه الرب معكم على جميع هذه الأقوال" (خر6:24-8).

كانت الوصايا العشر عهدًا بين الله والناس...

لذلك نرى أنها كتبت على لوحين سُمِّيا (لوحي العهد). وكانا يوضعان في تابوت يُسَمَّى (تابوت العهد). وكان تابوت العهد يرمز إلى حضور الله مع الناس، الله وسط شعبه. وكان حفظ الوصايا، يعني أن الله يكون لهم إلهًا، وهم يكونون له شعبًا، وعلى هذا العهد أعطاهم الرب الوصايا. هم يحفظونها، وهو يحفظهم ويباركهم.

St-Takla.org                     Divider   فاصل موقع سانت تكلا دوت أورج للكنيسة المسيحية

بل أن كل وصايا الله وكل كتابه، كانت عهدًا.

ولهذا فإن كتاب الله في القديم كان ولا يزال يُسَمَّى (العهد القديم). وكتابه بعد مجيء المسيح يُسَمَّى (العهد الجديد). إن هذا الكتاب يمثل عهدًا بيننا وبين الله. لقد صرنا مؤمنين على أساسه، أساس الإلتزام بكل الوصايا التي فيه.

كلما تبصر الكتاب المقدس، تذكر عهدًا بينك وبين الله.

طالما نحن أولاد الله، وطالما نحن في الإيمان، فإننا ملتزمون بهذا العهد، أن تحفظ كل ما في هذا الكتاب... ونقول كما قال آباؤنا من قبل "كل ما تكلم به الرب نفعل ونسمع له"... وهو أيضًا عهد مرشوش بالدم...

St-Takla.org                     Divider   فاصل موقع سانت تكلا دوت أورج للكنيسة المسيحية

وهكذا يقول بولس الرسول عن السيد المسيح أنه "وسيط لعهد قد تثبت على مواعيد أفضل" (عب6:8).

نعم، إنها مواعيد أفضل، فقط كانت الأرض في العهد القديم ترمز إلى أرض الأحياء في العهد الجديد، وكونها تفيض لبنًا وعسلًا، فهذا يرمز إلى ما لم تره عين، وما لم تسمع به أذن، وما لم يخطر على قلب بشر. وكثرة البنين ترمز إلى انتشار الإيمان، وكثرة المؤمنين، طول العمر يرمز إلى الأبدية...

St-Takla.org                     Divider   فاصل موقع سانت تكلا دوت أورج للكنيسة المسيحية

هناك عهد آخر نقيمه مع الله في المعمودية.

فإننا في المعمودية نجد الشيطان وكل أفعاله الشريرة وكل حيله وكل أفكاره وكل جنوده، ونقول له صراحة "أجحدك، أجحدك، أجحدك"...

فهل نحن ما زلنا نجحد الشيطان ونوفى لعهودنا؟

كذلك نحن في المعمودية نتعهد بإيماننا بالرب والسير في طرقه، في الحياة الجديدة التي فيها لبسنا المسيح.

St-Takla.org                     Divider   فاصل موقع سانت تكلا دوت أورج للكنيسة المسيحية

وعهد آخر نتعهد به للرب في التناول وفي التوبة.

أما عن عهد التناول، فيقول لنا الرب "لأنه في كل مرة تأكلون من هذا الخبز، وتشربون من هذه الكأس، تبشرون بموتى، وتعترفون بقيامتي، وتذكرونني إلى أن آجيء"...

فهل نحن كلما تناولنا نبشر بموت الله من أجلنا، وموتنا معه، ونبشر بقيامته التي أقامنا بها من موت الخطية وهل نحن نذكره ونظل نذكره إلى أن يأتي في مجيئه الثاني؟!

أم نحن نتناول ونتعهد للرب بتعهدات كثيرة، ثم ننساها بعد يوم أو يومين من التناول وكأننا لم نتعهد بشيء! ولم نلتزم بشيء يوم تناولنا!

ومما يدل على أن التناول عهد بيننا وبين الله، أن يوم الخميس الذي أعطى الرب فيه هذا العهد لتلاميذه القديسين، يوم أعطاهم جسده ودمه، نسميه في الكنيسة خميس العهد، ونحتفل به عيدًا، متذكرين عهدًا نقطعه مع الرب في كل تناول...

St-Takla.org                     Divider   فاصل موقع سانت تكلا دوت أورج للكنيسة المسيحية

ونحن نبرم تعهدات مع الله في كل نذورنا.

وكثير ما تضغط علينا الأمور، في أمراض أو ضيقات، أو طلبات ورغبات لنا، فنظل ننذر نذورًا قد تكون فوق طاقتنا، وفوق احتمال تنفيذنا، ثم نحاول بعد ذلك أن نتخلص منها، أو نغيرها ونبدلها، أو نؤجلها وننسى في كل ذلك قول الكتاب:

"خير لك ألا تنذر، من أن تنذر ولا تفي" (جا5:5)...

إن العهد مع الله، تجب له الجدية والإلتزام.

ينبغي أن نعرف مع من نتفق، ومع من نتعهد: مع الله الخالق، غير المحدود غير المدرك، رب الأرباب...

St-Takla.org                     Divider   فاصل موقع سانت تكلا دوت أورج للكنيسة المسيحية

ولا بُد أن نعرف عقوبة من يحنث العهد...

وقد أوضح بولس الرسول هذه العقوبة في رسالته إلى العبرانيين فقال "كم عقوبة أشر تظنون أنه يحسب مستحقًا، من داس ابن الله، وحسب دم العهد الذي قدس به دنسًا، وازدرى بروح النعمة... مخيف هو الوقوع في يد الرب" (عب29:10، 30).

St-Takla.org                     Divider   فاصل موقع سانت تكلا دوت أورج للكنيسة المسيحية

إن كل عهود الرب مع الآباء هي معنا نحن شخصيًا.

وفي هذا يقول موسى النبي "الرب إلهنا قطع معنا عهدًا حوريب، ليس مع آبائنا قطع الرب هذا العهد، بل معنا نحن الذين هنا اليوم جميعًا أحياء" (تث2:5، 3).

نعم، معنا نحن قطع الرب تلك العهود، ونحن ملتزمون بكل تلك العهود التي وردت في الكتاب.

St-Takla.org                     Divider   فاصل موقع سانت تكلا دوت أورج للكنيسة المسيحية

إن عهودنا مع الرب مرشوشة بالدم، معتمدة على دم المسيح.

كل النِّعَم التي ننالها في الأسرار المقدسة، هي من استحقاقات دم المسيح.

ولذلك فإن الرسول يقول عن تقديس المؤمن "دم العهد الذي قدس به... فنحن في سر المعمودية تمحى خطايانا بدم المسيح، وكذلك في سر التوبة. وفي سر التناول نأخذ من دم المسيح... وهذا الدم يقدس كل شيء"...

St-Takla.org                     Divider   فاصل موقع سانت تكلا دوت أورج للكنيسة المسيحية

ما أجمل قول داود النبي "تعهدات فمي باركها يا رب" (مز119). وهكذا نطلب من الرب قوة التنفيذ.

ولكني أعجب من أمرين: أحدهما أن يتعهد الإنسان بأشياء فوق طاقته، ويدرك ذلك وقت التنفيذ. وإذ لا يستطيع، يتضح أمامه إنه تعهد بلا دعى. وربما يكون قد تعهد أيضًا بدون مشورة، دون أن يرجع إلى أب إعتراف ويأخذ موافقته.

والأمر الثاني الذي أعجب له، هو العقوبات التي يفرضها الإنسان على نفسه أمام الله وفي تعهده.

وما أبشع أن يقول شخص في تعهده: إذا لم أفعل كذا، إضربنى يا رب بالعمى، أو خذ ابني، أو خذ حياتي...

إذ يعجز عن التنفيذ، أو يعجزه التنفيذ، ويتشكك من العقوبة، ويخاف...

St-Takla.org                     Divider   فاصل موقع سانت تكلا دوت أورج للكنيسة المسيحية

ومع ذلك، إن كنا لا نتعهد تعهدات جديدة، فنحن ملزمون بتعهداتنا في الإيمان، وفي المعمودية، وفي التوبة والتناول... إننا في حياتنا المقدسة مع الرب، لا نبرم تعهدًا جديدًا، إنما نحن نجدد تعهداتنا القديمة.

ليت الرب يمنحنا قوته، لكي نكون أمناء له...


الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع

https://st-takla.org/books/pope-sheounda-iii/god-and-man/covenant.html

تقصير الرابط:
tak.la/5g27ksc