St-Takla.org  >   books  >   pope-sheounda-iii  >   fear-of-god
 

مكتبة الكتب المسيحية | كتب قبطية | المكتبة القبطية الأرثوذكسية

كتاب مخافة الله - البابا شنوده الثالث

12- تصل إلى مخافة الله بالخشوع واحترام المقدسات

 

6- تصل إلى مخافة الله بالخشوع واحترام المقدسات:

 

إذا وقفت لتصلي، تذكر أمام من أنت واقف؟. أنت واقف أمام ملك الملوك ورب الأرباب.

أمام هذا الإله المهوب، الذي تقف أمامه الملائكة بخشية الشاروبيم والسارافيم: بجناحين يغطون وجوههم، وبجناحين يغطون أرجلهم... والأربعة والعشرون كاهنا الجلوس على عروشهم، يطرحون أكاليلهم أمام عرشه، ويسجدون للحي إلى أبد الآبدين، وهم يقولون: أنت مستحق أيها الرب أن تأخذ المجد والكرامة والقدرة، لأنك أنت خلقت كل الأشياء، وهي بإرادتك كائنة (رؤ 4: 10، 11).

وأنت أين مخافة الله في قلبك أثناء صلاتك؟! ليتك تقف أمامه بالهيبة التي تقف بها أمام رؤسائك! يقول مارإسحق عن مخافة الله أثناء الصلاة.

قف أمام الله في الصلاة، كما لو كنت واقفا أمام لهيب نار.

إن أبانا إبراهيم حينما وقف أمام الله، "شرعت أن أكلم المولَى، وأنا تراب ورماد" (تك 18: 27).

أتقول إنك في صلاتك تكلم أبًا..؟ نعم؟ ولكنه ليس أبًا عاديًّا، وإنما علمنا الرب أن نقول "أبانا الذي في السموات" تذكر إذن عبارة (السموات) هذه، التي هي عرش الله (مت 5: 34). لذلك نحن حينما نصلي، نرفع أعيننا إلى فوق، متذكرين عرش الله في السماء.

مار إسحق يتحدث عن الزي الحسن في أثناء الصلاة. الذي من أهم مظاهره: جمع الحواس، وجمع الفكر.

قف في صلاتك بتوقير، في مهابة، عالمنا أمام من أنت وأقف. قف منتصب القامة. لا تحرك يديك ولا رجليك. ولا تسمح لحواسك أن تنشغل بشيء أخر، ولا أن تقطع صلاتك بأي شيء يستلفت حواسك، فتلتفت إليه وتسرح بعيدًا عن الله. وبين الحين والأخر، تبرهن على احترامك لله. بالانحناء أو الركوع أو السجود، وأنت مركز الفكر في حديثك مع الله.

سألني البعض: لماذا أصلي، وأفكاري تطيش في موضوعات أخرى؟ فقلت له: لأنها صلاة خالية من مخافة الله.

حقًا لو مخافة الله ثابتة في قلبك، لكنت تصلي بفكر مركز، ولا يسرح عقلك في شيء أخر أثناء حديثك مع الله. ولا تظن أن بنوتك لله تنسيك مهابته!! وإن حاول فكرك أن يطيش، أرجعه بسرعة. ربما لم يتعود التركيز بعد... لذلك دربه على الثبات في الرب...

كذلك الذي يصلي بلا فهم، وبلا مبالاة، أو ينسي ما يقول. هذا أيضًا يصلي، وليست مخافة الله في قلبه.

إنه ليس احترامًا لله، أن تتحدث معه هكذا، بلا خشوع، وبلا فهم. أو أن تنشغل بغيره أثناء حديثك معه، أو أن تكلمه وأنت لا تدري ماذا يقول! أو أن تسرع في صلاتك لكي تنتهي منها بسرعة، كأنك قد مللت من الحديث مع الله!! أو لديك أمور أخرى أهم تريد أن تنشغل بها!! أو أسوأ من هذا، أن تقول: ليس لدي وقت للحديث مع الله!! وكل هذا يدل على عدم المخافة.

إن مخافة الله تمنحك احترام الله في صلاتك.

وأيضًا الخشوع في الصلاة يوصلك إلى مخافة الله.

وتدخل في هذا الخشوع، ألفاظ الاتضاع التي تستخدمها في الصلاة. كأن تبدأ صلاتك بعبارات التمجيد والتسبيح، وتقول "من أنا يا رب حتى أتحدث إليك؟! أنا التراب والرماد، أنا الخاطئ المتدنس...

كذلك تذكر اسم الرب بكل إجلال، وليس مثل الذين يقولون "قدوس، قدوس، رب الجنود. مجده ملء كل الأرض" (أش 6: 3) فتهتز الأساسات لصلواتهم.

St-Takla.org Image: Two men praying in front of the tomb - intercession - St. Cyril VI Shrine (image 83) - Saint Mina Monastery, Mariut, Alexandria, Egypt - Photograph by Michael Ghaly for St-Takla.org - September 2009. صورة في موقع الأنبا تكلا: رجلان يصليان أمام جثمان قداسة البابا، الشفاعة - مزار البابا كيرلس (صورة 83) - دير مارمينا العجائبي، مريوط، الإسكندرية، مصر - تصوير مايكل غالي لموقع الأنبا تكلاهيمانوت - سبتمبر 2009 م.

St-Takla.org Image: Two men praying in front of the tomb - intercession - St. Cyril VI Shrine (image 83) - Saint Mina Monastery, Mariut, Alexandria, Egypt - Photograph by Michael Ghaly for St-Takla.org - September 2009.

صورة في موقع الأنبا تكلا: رجلان يصليان أمام جثمان قداسة البابا، الشفاعة - مزار البابا كيرلس (صورة 83) - دير مارمينا العجائبي، مريوط، الإسكندرية، مصر - تصوير مايكل غالي لموقع الأنبا تكلاهيمانوت - سبتمبر 2009 م.

وكما تظهر مخافة الله في صلاتك، تظهر أيضًا في علاقتك بكتاب الله وبيت الله، وكل ما يتعلق بالله...

فتدخل إلى الكنيسة بكل احترام، وأنت تصلي في قلبك وتقول للرب "أما أنا فبكثرة رحمتك أدخل إلى بيتك، وأسجد قدام هيكل قدسك بمخافتك" (مز 5: 7) اشعر وأنت في الكنيسة، أن هذا هو بيت الله وبيت الملائكة، وبيت العبادة. واذكر قول المزمور:

"لبيتك ينبغي التقديس يا رب كل الأيام" (مز 93: 5).

هذا التقديس يمنحك مهابة للكنيسة، ومهابة للهيكل، ومهابة للأسرار المقدسة وللصلوات...

ولا تتكلم في الكنيسة مع أحد في الصلوات، فهذا يدل على عدم احترامك للكنيسة، وعدم احترامك للصلاة. وانشغالك عنها بالكلام، ودم اشتراكك في الصلاة. وكل هذا يدل على أنك قد دخلت إلى الكنيسة بغير مخافة الله! ليتك تذكر قول أبينا يعقوب أبي الآباء:

"ما أرهب هذا المكان. ما هذا إلا بيت الله، وهذا باب السماء" (تك 28: 17).

نعم رآه مكانًا رهيبًا، وخاف، على الرغم من محبة الله التي أظهرها له في ذلك المكان، وافتقاده بالسلم السمائي، وينظره للملائكة.

لا شك أن المكان الذي يحل فيه الرب، هو مكان رهيب والمكان الذي يحل فيه الروح القدس عاملًا في الأسرار المقدسة، هو مكان رهيب.

← انظر كتب أخرى للمؤلف هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت.

من أجل هذا، لما اقترب موسى من موضع يكلمه فيه الله قال له الرب، ليدخل الخشية إلى قلبه:

"اخلع حذائك من رجليك. لأن الموضع الذي أنت واقف عليه أرض مقدسة" (خر 3: 5).

ونفس الكلام قيل أيضًا ليشوع النبي (يش 5: 15). إن خلع الحذاء يرمز أيضًا إلى خلع كل الأمور المادية والأرضية، أثناء وجودك في بيت الله... كما يدل على احترام المكان المقدس.

على الأقل نقف في الكنيسة بمخافة الله، ونجلس فيها -وقت الجلوس- بمخافة الله، لا نتكلم مع مَن يجلس إلى جوارنا ونحكي!! ونعلق على ما نسمعه وما نراه!! إن الذي يفعل هكذا، ليست فيه مخافة الله. وكذلك الذي يدخل إلى الكنيسة وفي يده مجلة، أو في جيب قميصه علبة سجاير!!

الذي لا يوقر بيت الله، طبيعي لا يوقر الله نفسه. فإن وقر الله، سيوقر بيته.

نقول هذا ونحن نأسف لبعض المسئولين في الكنيسة من خدامها، الذين يدخلون إلى الكنيسة بسلطان، بغير هيبة للمكان، يأمرون وينهون، ويرفعون صوتهم، ويمشون في عظمة!! ولا يفرقون بين بيت الله وبيوتهم الخاصة!!

أما الذي يهاب الكنيسة، فمن الطبيعي أن يهاب الهيكل بالأكثر.

ولذلك فنحن في كنيستنا القبطية لا ندخل إلى الهيكل مطلقا بأحذيتنا، كما تفعل كنائس الغرب!! ولا نسمح بالدخول إلى الهيكل، إلا لخدام المذبح فقط. ونحن نسجد أمام الهيكل. والأب الكاهن يبخر الهيكل ونحيط الهيكل بلون كبير من المهابة، وبالأكثر مذبح الله الذي يوجد داخله، والذي نرفع حوله البخور...

أما الذين لا يهابون الهيكل ولا المذبح، فسيأتي وقت عليهم لا يهابون فيه الأسرار المقدسة أيضًا!!

المهابة أيضًا ينبغي أن تشمل الكتاب المقدس.

لذلك فعند قراءة الإنجيل في الكنيسة المقدسة، يصيح الشماس قائلًا "قفوا بخوف من الله، وانصتوا لسماع الإنجيل المقدس" فيقف الشعب كله احترامًا، ورئيس الكهنة ينزع تاجه من فوق رأسه خشوعًا أمام كلمة الله. بل قبل قراءة الإنجيل، يصلي الكاهن أوشية يقول فيها للرب "أجعلنا مستحقين أن نسمع ونعمل بأناجيلك المقدسة، بطلبات قديسيك". ويرفع البخور ونقبل الإنجيل.

فهل بنفس الاحترام نتعامل مع الكتاب في بيوتنا؟

هناك أشخاص قد يضعون الكتاب المقدس في أي مكان في بيوتهم. وقد يكون تائها وسط الكتب! أما الإنسان الروحي الذي يخاف الله، فلا يضع شيئا فوق الكتاب المقدس.

الكتاب المقدس لا يوضع فوقه إلا الصليب أو كتاب مقدس أخر هكذا نحترمه ونوقره. كذلك نقرأ الكتاب في توقير داخل بيوتنا. وبقدر ما نهاب الكتاب، نهاب أيضًا الوصايا المكتوبة فيه، وتدخل مخافة الله في قلوبنا.

ينبغي أن يفرق كل إنسان بين قراءة الكتاب المقدس وقراءة أي كتاب آخر.

فلا تقرأ الكتاب وأنت نائم، أو وأنت مستلق في استرخاء، أو وأنت تشرب كوبًا من الشاي. كل هذه الأخطاء تطرد مخافة الله من قلبك.

هناك مَنْ يبدأون قراءة الكتاب بصلاة. وهذا أفضل. كما يصلي الكاهن قائلًا "أجعلنا مستحقين أن نسمع ونعمل بأناجيلك المقدسة". مجرد السماع يحتاج إلى صلاة وإلى استحقاق، وإلى رفع بخور في الكنيسة. فلنأخذ من هذا دروسًا.

تلزمنا أيضًا المخافة في كل ما يتعلق بالله.

المخافة أثناء حضور القداس الإلهي. هذه المخافة التي يفقدها البعض، وهم يستمعون إلى القداس المذاع أو إلى القداس المسجل على شريط كاسيت أو شريط فيديو. فيستمعون وهم منشغلون ببعض أمور البيت، أو وهم في العربة مركزين في قواعد المرور وهم جلوس!! يستحسن في العربة استبدال القداسات المسجلة، بألحان أو عظات أو تراتيل...

كذلك من احترام القداس أن تحضر إليه مبكرًا، ولا تخرج أثناءه، بل بعد سماع البركة والتسريح. وكذلك كل أنواع المخافة التي تتعلق بالتناول: مثل الاستحقاق للتناول من توبة وصلح وصوم، والهيبة أثناء التناول وعدم التزاحم، والصلاة قبل التناول وبعده، والحرص الجسدي أيضًا...

إن الذي يهاب الكنيسة والهيكل والتناول، لا بُد أن مخافة الله تسكن في قلبه.

كذلك الذي يهاب رجال الله من ملائكة وبشر. فيهاب الملاك الحارس له، ويستحي من أن يخطي أمامه، ويهاب ملائكة المذبح والذبيحة، وملائكة الكنيسة.

كذلك الذي يهاب أرواح الذين انتقلوا، ويخاف أن ينظروا إليه وهو في حالة خطية، أو يروا أي منظر له يعمله في الخفاء، أو أي رياء يظهر به أمام الناس!

كذلك الذي يهاب رجال الكهنوت عمومًا، وأيضًا الأب الروحي الإرشاد الروحي، عالما أنهم وكلاء لله على الأرض (تي 1: 7) ووكلاء سرائر لله (1كو 4: 1).

لا شَك أن الذي يهاب ملائكة الله، ورجال الله، وقديسي الله، لا بُد أن مخافة الله تدخل إلى قلبه.

بل أن كثيرين يحترمون مجرد أيقونة القديس. والكنيسة تبخر أمام أيقونات القديسين المدشنة، وترتل الألحان تمجيدا للملائكة والقديسين. فكم بالأولَى خالقهم.

وكما نوقر رجال الرب، نوقر أيضًا يوم الرب. فالذي بكل مخافة، يخشَى أن يكسر تقديس يوم الرب، لا بُد أن تكون مخافة الله ساكنة في قلبه.

وبنفس الوضع الذي يخشى أن يكسر وصية الصوم لأي سبب من الأسباب، ولا يتهاون في ذلك، لا بُد أن تكون مخافة الله ساكنة في قلبه.

كذلك يصل إلى مخافة الله من يحرص على عهوده مع الله، ويوفي للرب نذره.

ولا يحاول أن ينذر نذرًا، أن يتفاوض في الأمر، من حيث الوفاء بالنذر، أو تغيره أو تأجيله، غير واضع في قلبه أن نذره هو اتفاق بينه وبين الله واجب الاحترام والهيبة، كما قال الكتاب "خير لك أن تنذر، من أن تنذر ولا تفي" (جا 5: 5).

إن الالتزام بالنذور والعهود، توصل الإنسان إلى مخافة الله. وكسر النذر يطرد مخافة الله من القلب.


الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع

https://st-takla.org/books/pope-sheounda-iii/fear-of-god/reverence.html

تقصير الرابط:
tak.la/sqw55p7