St-Takla.org  >   books  >   pope-sheounda-iii  >   fear-of-god
 

مكتبة الكتب المسيحية | كتب قبطية | المكتبة القبطية الأرثوذكسية

كتاب مخافة الله - البابا شنوده الثالث

13- تداريب على مخافة الله

 

7- تداريب على مخافة الله:

لكي نصل إلى مخافة الله، حاول أن تسلك في التداريب الآتية:

ضع الله أمام عينيك باستمرار، وتذكر أن أعمالك كلها مكشوفة أمامه.

إنه يرى كل ما تفعله، ويسمع كل ما تقوله. وكما قال القديس مقاريوس الكبير "فلنعلم أن كل ما نعمله عريان ومكشوف لديه، ولا تخفي عليه خافية".

قال القديس الأنباء أشعياء المتوحد "إذا قمت باكر كل يوم، تذكر أنك ستعطي جوابا عن أعمالك. فإنك بذلك لن تخطيء، ومخافة الله تسكن فيك"..

مشكلتنا أننا لا نضع الله أمام أعيننا أثناء ارتكاب الخطية. لذلك نشرب، ولا نتذكر الله! لذلك ليس عبثا قال داود النبي عن الخاطئ في المزمور:

"اللهم إن الناموس قاموا على - ولم يجعلوك أمامهم" (مز 86: 14). ضع الله أمامك إذن، فتخاف ولا تخطئ.

ما أجمل عبارة كان يقولها إيليا النبي وهي:

"حي هو رب الجنود الذي أنا واقف أمامه" (1مل 18: 14).

ولكي نصل إلى مخافة الله، ضع أمامك باستمرار مجد الله وعظمته، فتملك: هيبته فتخاف.

الله الذي هو ملك الملوك ورب الأرباب (رؤ 19: 16). الله العالي، خالق الكل وسيد الكل الذي نحن أمامه مجرد تراب. كيف نتحداه؟!

ضع أمامك أيضًا عدل الله، الذي سيجازي كل واحد حسب عمله (مت 16: 27) (رؤ 22: 12). وقل لنفسك: أين أهرب من عدل الله، أنا المضبوط في الخطايا؟!

ضع أمامك أيضًا صلاح الله وقدسية الله الذي يشمئز من الخطية.

إن كنت أمام أصحابك الأتقياء لا تجرؤ أن تفعل خطية، أو تتلفظ بكلمة غير لائقة، فكم بالأولى أمام الله الكلي القداسة. لذلك أمام صلاحه تخاف أن تخطئ ويملكك الاستحياء.

وأذكر أن الخطية موجهة إلى الله ذاته فتخاف.

كما قال داود النبي في مزمور التوبة "إليك وحدك أخطأت، والشر قدامك صنعت" (مز 50).

أو كما قال يوسف الصديق "كيف افعل هذا الشر العظيم وأخطئ إلى الله؟!" (تك 39: 9). ليتك تحفظ هذه الآية، وترددها كلما حوربت بالخطية. حينئذ تدخل مخافة الله إلى قلبك... شعورك أنك بالخطية تجرح قلب الله المحب، وتحزن روح الله القدوس في داخلك (أف 4: 30)، وترفض شركته معك. كل ذلك يجعلك تخاف.

St-Takla.org Image: A man talking to this spiritual father (a bishop/monk) - Coptic art by Tasony Sawsan, scanned from "Fear of God" - book, by Pope Shenouda III. صورة في موقع الأنبا تكلا: شخص يتحدث مع أبيه الروحي (أسقف/راهب) - رسم فن قبطي حديث لتاسوني سوسن، من كتاب "مخافة الله" - البابا شنوده الثالث.

St-Takla.org Image: A man talking to this spiritual father (a bishop/monk) - Coptic art by Tasony Sawsan, scanned from "Fear of God" - book, by Pope Shenouda III.

صورة في موقع الأنبا تكلا: شخص يتحدث مع أبيه الروحي (أسقف/راهب) - رسم فن قبطي حديث لتاسوني سوسن، من كتاب "مخافة الله" - البابا شنوده الثالث.

بَكِّت نفسك كهيكل لله يحل الله فيك...

قل لنفسك هل سوف أظل هيكلا لله، ويسكن روح الله في، إن تدنست بالخطية؟! هوذا الرسول يقول "إن كان أحد يفسد هيكل الله، فسيفسده الله. لأن هيكل الله مقدس الذي أنتم فيه هو" (1 كو 3: 16، 17).

وتذكر أيضًا قول الرسول "ألستم تعلمون أن أجسادكم هي أعضاء المسيح، وأجعلها أعضاء زانية؟! حاشا" (1 كو 6: 15).

أيضًا تأتيك مخافة الله أن سلكت في حياة التوبة.

التوبة توصلك إلى مخافة الله. ومخافة الله توصلك إلى التوبة. الذي يسلك في التوبة، يشعر ببشاعة الخطية، وكيف أنها تفصله عن الله وتعرضه للدينونة الرهيبة فيخاف.

والذي يسير في طريق التوبة، يخاف على نفسه من السقوط. ويخاف إن سقط، أن يتطور معه المر إلى أسوأ، من الحواس إلى الفكر، إلى القلب إلى العمل، إلى أن تصبح الخطية عادة عنده تستعبد إرادته لها، فيخاف... ويقول: أن بدأت الخطية وأنا أظن أني مسيطر على الخطية أستطيع أن أتركها في أي وقت!! فلابد سيأتي الوقت الذي تصبح فيه الخطية مسيطرة عليَّ...

← انظر كتب أخرى للمؤلف هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت.

لذلك تصل إلى المخافة، بالمواظبة على محاسبة النفس.

ومع الدقة في ذلك. وكما قيل في بستان الرهبان: يجب أن نحاسب أنفسنا في كل بكرة وعشية: ماذا عملنا مما يحبه الله، وماذا عملنا مما لا نحبه. ونفتقد أنفسنا بالتوبة. وبهذه السيرة عاش القديس الأنبا أرسانيوس.

قال القديس العظيم الأنبا موسى الأسود:

"إذا قمت باكر كل يوم بالغداة، تذكر انك سوف تعطي لله حسابا عن سائر أعمالك في هذا اليوم".

وبهذا تدخل مخافة الله إلى قلبك...

نعم، نحن محتاجون أن نراجع أنفسنا كل يوم، لكي نصل إلى المخافة. نحن محتاجون أن يفحص كل إنسان قلبه، ويري هل فيه عنصر التهاون، أو فيه شيء من اللامبالاة وعدم الاكتراث وعدم الحرص وعدم مخافة الله...

لنرجع إلى بداية الطريق يا أخوتي، أن كنا قد ضللنا علامات الطريق. نرجع إلى المخافة، ومنها نبدأ. ونتدرج منها حتى نصل إلى الحب.

ولندرك علامات عدم المخالفة، ونبعد عنها:

فالذي يسرح مع الخطية ويتفاوض معها، مخافة الله ليست في قلبه. والذي يتكبر ويتعجرف ويقسو على غيره، واضح أنه ليست في داخله مخافة الله. وكذلك من لا يضع يوم الدينونة أمام عينه على الدوام، ويعمل من اجل رهبة ذلك اليوم، هذا أيضًا بعيدا عن مخافة الله. والذي يستغل طول أناة الله استغلالا رديئا، فيصل إلى الاستهتار بدلًا من التوبة، هذا أيضًا لا توجد مخافة الله في قلبه. أعطيك تدريجا أخر سهلا تصل به إلى مخافة الله، وهو:

حاول أن تخاف الله، كما تخاف الناس.!

الشيء الذي تخاف أن تعمله أمام الناس، خف أيضًا أن تعمله أمام الله. والفكر الذي تخاف أن يعرفه الناس، لا تفكر فيه أمام الله. لأن الله يعرفه ويفحصه. كل ما تخاف أن يعرفه الناس، خف أيضًا أن يراه الله فيك. الخطايا الخفية، التي تعملها في الخفاء، وتخشي من ارتكابها أمام الناس، اخجل من ارتكابها أمام الله.

وإلا فأن الله يقول لك إنك لم تجعل لي هيبة عندك. مثل هيبتك لباقي الناس!! لم أتساو في اعتبارك مع إنسان من تراب ورماد! هذا التراب والرماد تعمل له ألف حساب، وأنا لا تعمل لي حسابا أبدا..!

St-Takla.org Image: Arabic calligraphy art (patristic quote): "Someone asked St. Anthony: What should I do to please God? He replied: "Wherever you go: sett the Lord always before you.. And whatever you do, follow the Holy Bible" - Upper hall at St. Demiana Coptic Orthodox Church, Hadara, Alexandria, Egypt - (image 4) - Photograph by Michael Ghaly for St-Takla.org - 23 July 2022. صورة في موقع الأنبا تكلا: "قال أخ للأنبا أنطونيوس: ماذا أعمل لأرضي الله؟ فقال له: أينما تذهب ضع الله أمامك.. وحينما تعمل: اتبع الكتاب المقدس". - القاعة العليا بكنيسة الشهيدة دميانة القبطية الأرثوذكسية، الحضرة، الإسكندرية، مصر - (صورة 4) - تصوير مايكل غالي لموقع الأنبا تكلاهيمانوت - 23 يوليو 2022 م.

St-Takla.org Image: Arabic calligraphy art (patristic quote): "Someone asked St. Anthony: What should I do to please God? He replied: "Wherever you go: sett the Lord always before you... And whatever you do, follow the Holy Bible" - Upper hall at St. Demiana Coptic Orthodox Church, Hadara, Alexandria, Egypt - (image 4) - Photograph by Michael Ghaly for St-Takla.org - 23 July 2022.

صورة في موقع الأنبا تكلا: "قال أخ للأنبا أنطونيوس: ماذا أعمل لأرضي الله؟ فقال له: أينما تذهب ضع الله أمامك... وحينما تعمل: اتبع الكتاب المقدس". - القاعة العليا بكنيسة الشهيدة دميانة القبطية الأرثوذكسية، الحضرة، الإسكندرية، مصر - (صورة 4) - تصوير مايكل غالي لموقع الأنبا تكلاهيمانوت - 23 يوليو 2022 م.

دَرِّب نفسك على مخافة الله في حجرتك المغلقة...

لأنك أن كنت في الخفاء، حيث لا يراك أحد، تسلك في مخافة الله، ففي العلن، في محيط الناس، ستكون مخافتك أكثر. إذن فالإنسان الذي يخاف الله، يحترس من كل الخطايا الخفية.

 تصوروا فتاة مثلًا لا تتصرف في حجرتها الخاصة باستهتار، وتسلك بكل احتشام في حجرتها المغلقة عليها حيث لا يراها أحد... هذه من غير الممكن أن تستهتر خارج بيتها. أن كانت مع نفسها تحتفظ بحيائها وبمخافة الله، فطبيعي وسط الناس سيكون حياؤها أكثر...

إن كانت وهي وحدها في بيتها، إن نظرت ملابسها قد انكشفت قليلا، تسرع بتغطية نفسها في خوف الله، بينما لا أحد يراها، ولكنها تخجل من ذلك أمام الملائكة وأرواح القديسين. فهل تظنونها تفقد حشمتها ومخافة الله في وسط الناس؟! مستحيل...

بل الإنسان الذي يخاف الله، يستحي حتى من الفكر الذي لا يراه أحد.

يستحي من مشاعره الداخلية، ومن نياته الخفية، لأنه يعرف تمامًا أن الله يراها. هذه الخفيات هي واضحة وظاهرة أمام الله لذلك كن حريصًا، وبكّت نفسك على كل فكر غير لائق... وحاسب نفسك على ذلك بشدة، أكثر من شدتك في محاسبة الناس على ما هو ظاهر منهم.

وفى اعترافك أمام الأب الكاهن، لا تجعل اعترافك سهلًا.

أي لا تذكر الاعتراف بالخطية بأسلوب عادى كأنه مجرد قصة ترويها... وإنما ليكن ذلك في خجل، وفي ندم، وفي حزن بسبب سقوطك. واعرف أنك تذكر ذلك أمام الله نفسه في سمع أب الكاهن. وبمقدار ندمك وحزنك، تدخل مخافة الله إلى قلبك.

ولكي تصل إلى مخافة الله، لا تجعل العالم يطوي في طياته.

بحيث تصير في دوامة من المشغوليات لا تبقى لك وقتًا تفكر فيه في حياتك وأبديتك ومصيرك!! وبحيث يختفي اسم الله من فكرك، وتنساه وتنسى وصاياه... وبالتالي لا تكون مخافته في قلبك وفي ذاكرتك.

إنما بين الحين والحين، انسحب من هذه الدوامة، وانظر إلى الله، الذي هو دائمًا ناظر إليك...

وكما قال أحد الشيوخ في بستان الرهبان "في كل شيء تصنعه ـ اعلم أن الله ينظر إليك دائمًا، لتكون مخافته فيك".

إذا أردت أيضًا أن تخاف الله، عاشر الذين يخافونه.

لكي تتعلم من سلوكهم مخافة الله، ولكي يدخل إلى قلبك الحرص والتدقيق الذي فيهم. ومن الناحية الأخرى احترس جدًا من خلطة المستهترين، لأن خلطتهم تبدد مخافة الله فيك، وتشجعك على اللامبالاة. لذلك اضبط نفسك جيدًا، حتى لا تتأثر بالأوساط الخارجية الخاطئة التي لا تخاف الله... بل ابعد عن المجالس التي ليست فيها مخافة الله.

كذلك لكي تصل إلى المخافة، احذر من التذمر على الله.

وابعد عن معاتبة الله في كل أمر، وكأنك تنسب إليه كل ما ينالك من فشل، وكل ما تصيبك من ضيقات.

إن الإنسان الذي باستمرار يأتي بالملامة على الله، ويقول له: لما تفعل بي يا رب هكذا؟ لماذا تتسبب في فشلي وفي ضياعي..؟ لماذا تعاملني بهذا الأسلوب..؟ مثل هذا الإنسان، بهذا التذمر يبعد كثيرًا عن مخافة الله.

بل قد يصل البعض إلى التجديف، من دوام تذمرهم على الله وبعض الشعوب وصلت بهذا التذمر إلى الإلحاد!

أما أنت فإن عاتبت أحيانًا على فشل ما، إنما عاتِب نفسك، وليس الله. بهذا تصل إلى مخافة الرب...

ولكي تصِل إلى مخافة الله، لا تذكر اسم الله إلا بكل إجلال واحترام "ولا تنطق باسم الله باطلًا" (خر 20: 7).

لا تستخدم اسم الله باستهانة، وفي أية مناسبة تستحق أو لا تستحق، لأن اسم الله قدوس هو... ولا تجعل اسم الله سهلًا على لسانك، ولو عن طريق الدالة!! فالدالة لا تمنع توقيرك لله... وتذكر أنك في كل صلاة ربيه، تقول لله "ليتقدس اسمك".

فالذي يذكر اسم الله بالإجلال، تدخل مخافة الله في قلبه.

وبعد، ها نحن قد تحدثنا كثيرًا عن الوسائل التي توصلنا إلى مخافة الله... أحب بعد ذلك أن انتقل بك إلى العلاقة بين مخافة الله ومحبة الله...


الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع

https://st-takla.org/books/pope-sheounda-iii/fear-of-god/exercises.html

تقصير الرابط:
tak.la/2g3tf64