مكتبة الكتب المسيحية | كتب قبطية | المكتبة القبطية الأرثوذكسية

كتاب تأملات في مزامير الغروب - البابا شنوده الثالث

28- معونتي من عند الرب

 

أنا يا رب أريد أن أصل إليك، إننى أنشد هذه الترنيمة من ترانيم المصاعد التي يقولها الناس وهم صاعدون إلى أورشليم...

أنت الذي تقدر أن ترشدنى وتوصلنى... معونتى من عند الرب الذي صنع السماء والأرض

أنا لا أتكل على ذراع بشرى في أي شيء.

لأن (الإتكال على الرب خير من الإتكال على البشر الرجاء بالرب خير من الرجاء بالرؤساء)

(مز 117) حقا ملعون من يتكل على ذراع بشر ففى كل ضيقة تصيبنى في العالم أرفع عيني إلى الجبال من حيث يأتي عونى، لا إلى الناس. ان ربنا نفسه، من أجل صالح الناس نظر إلى الناس. فلم ينظروا إليه!! لذلك قال: (طول النهار بسطت يدي إلى شعب مقاوم ومعاند) (إش 65: 2)

إن كان الله ينظر إلى الناس فلا يستجيبون له فماذا يفعلون معنا؟

إن كانوا قد فعلوه بالعود الرطب، فماذا يفعلون بنا؟

St-Takla.org Image: Jesus Christ holding someone's hand, God's care for us - by Amgad Wadea. صورة في موقع الأنبا تكلا: السيد المسيح يسوع يمسك يد شخص آخرـ عناية الله بنا، رعاية الله - رسم أمجد وديع.

معونتى من عند الرب... حتى لو تقدم الناس وعاونونى، يكون الله هو الذي سخر هؤلاء الناس من أجلي.

هو الذي تكلم في قلوبهم من جهتى إنه هو الذي صنع السماء والأرض، وما تزال في يده السماء والأرض إن كان يرسل ملاكا لمساعدتى فهو الذي صنع السماء. وإن كان يرسل بشرا لمساعدتى فهو الذي صنع الأرض

وعندما تقول الذي صنع السماء والأرض، تتذكر قوة الله

وإن كان عمل السموات والأرض أفلا يستطيع أن يعمل معك عملا ينقذ حياتك؟! إن معونته غير محدودة. معونته أكثر مما نحتاج، وأكثر مما نطلب، وأكثر مما نتوقع ومما ننتظر. الذى يتكل على الإنسان قد يخيب إتكاله. أما الذي يتكل على الرب فلن يخسر. يقول المرتل:

(اسم الرب برج حصين يركض إليه الصديق ويتمنع) (أم 13: 10) بعدما ألقوا دانيال في جُب الأسود أتى الملك (داريوس) إلى الجب باكرا جدًا ليرى هل إتكال دانيال على الله إستطاع أن ينجيه وقال له بصوت أسيف:

(يا دانيال عبد الله الحي، هل إلهك الذي تعبده دائمًا قدر أن ينجيك من الأسود) (دا 6: 20) فأجاب دانيال وقال: (إلهى ملاكه وسد أفواه الأسود) حقا، إن معونتى من عند الرب

← انظر كتب أخرى للمؤلف هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت.

وأنت يا أخي في كل مشاكلك -روحية كانت أم مادية- قل هكذا أيضًا:

(معونتى من عند الرب)

إن تعرضت لحرب من الشياطين، أو حرب من الناس الأشرار، قل معونتى من عند الرب. ان كنت متعبا من خطية، أو من مشاكل مادية، قل معونتى من عند الرب. ان كنت متعبا من أفكار وشهوات، أو أحلام، قل معونتى من عند الرب الذي صنع السموات والأرض.

إن المرتل عندما قال هذا، أتته إجابة سريعة (لا يسلم رجلك للزلل فما ينعس حافظك. هوذا لا ينعس ولا ينام حارس

إسرائيل).

أطمئن، إن الله لا يسلم رجلك للزلل، أي لا يسمح أن تسقط. ما دمت تقول معونتى من عند الرب فلن يسلمك الرب لأيدى الأعداء. كثيرون يحاولون أن يجلبوا اليأس إلى نفسك ويقولون ليس له خلاص بإلهه. ولكن هذا المزمور يعطي رجاءًا ويعطي سلامًا، ويعطي إطمئنانًا. لا تخف إذن، إن حافظك لا ينعس ولا ينام

إن إتكلت على إنسان، فسيأتي وقت على هذا الإنسان ينعس فيه وينام، وفي أثناء نومه لا يكون حافظا لك. أما الرب إلهك الذي يحفظك فهو لا ينعس ولا ينام.

إن كنت في ضيقة، أوعى تفكر إن ربنا نايم ومش واخد باله. بل تأكد تمامًا أن الله يرى كل شيء يحدث، ويكتب أمامه سفر تذكرة.

في إحدى المرات كان تلاميذ المسيح مضطربين في السفينة وعندما هاج البحر عليهم، وظنوا أن الرب نائم في مؤخرة السفينة! فأيقظوه وقالوا له: (أما يهمك أن نهلك) (مر4: 35 -40) ولم يكن نائما بل في ذلك الوقت الذي رأوه فيه نائما بالجسد، كان بلاهوته يحفظ البَر والبحر، ويسيطر على السماء والأرض. ولكى يثبت لهم هذا قام وانتهر الريح وقال للبحر:

(إسكت وابكم، فصار هدوء عظيم).

إن الرسول يقول: إن عدونا مثل أسد زائر يجول ملتمسًا من يبتلعه. فكيف ينام الله وعدونا ساهر على هلاكنا؟!

بل إن كان العدو ساهرًا على هلاكنا، فيقينا يكون الله ساهرًا على خلاصنا.

نكون نحن نيامًا، والرب إلى جوارنا ساهر علينا، يحرسنا ويحفظنا. ان طبيعته لا تنام، وطبيعته لا تتعب. وسهره علينا كناية عن عنايته ورعايته، وعدم تركه لنا، وعدم تخليه عنا إنما يريدنا الرب أن نسهر معه.

لا يسلم رجلك للزلل، فما ينعس حافظك

تأملات في مزامير صلاة الغروب كتب البابا شنوده الثالث

رفعت عيني إلى الجبال

---