St-Takla.org  >   books  >   helmy-elkommos  >   biblical-criticism
 

مكتبة الكتب المسيحية | كتب قبطية | المكتبة القبطية الأرثوذكسية

كتاب النقد الكتابي: مدارس النقد والتشكيك والرد عليها (العهد القديم من الكتاب المقدس) - أ. حلمي القمص يعقوب

690- كيف رأى موسى مع شيوخ بني إسرائيل الله وعاشوا (خر 24: 9-11) مع أن الله لا يراه أحد قط ويعيش (خر 33: 20) وقال لموسى أيضًا "إن صعدتُ لحظة في وسطكم أفنيتكم" (خر 33: 5) و"الله لم يره أحد قط" (يو 1: 18) [راجع أيضًا تث 4: 12، 15، 36]؟ وما هو المقصود بالأكل والشرب في حضرة الله؟ وهل أخذت التوراة الصورة المادية لله من الشعوب الوثنية؟(1)

 

ويقول عاطف عبد الغني " تلك المشاهد التوراتية ترسم صورة الإله المادية لبني إسرائيل في بحثهم الدائم عن هذا الإله المادي، يمسكونه بأيديهم وتلمسه أبصارهم على مثال الشعوب التي جاوروها فتأثروا بوثنيتها"(2).

St-Takla.org Image: Moses then led the leaders up the mountain where they saw God but He spared their lives. Under God’s feet was something that looked like a pavement of bright blue marble. The leaders ate and drank on the mountain. (Exodus 24: 9-11) - "Moses at Mount Sinai" images set (Exodus 19 - 24): image (30) - Exodus, Bible illustrations by James Padgett (1931-2009), published by Sweet Media صورة في موقع الأنبا تكلا: "ثم صعد موسى وهارون وناداب وأبيهو وسبعون من شيوخ إسرائيل، ورأوا إله إسرائيل، وتحت رجليه شبه صنعة من العقيق الأزرق الشفاف، وكذات السماء في النقاوة. ولكنه لم يمد يده إلى أشراف بني إسرائيل. فرأوا الله وأكلوا وشربوا" (الخروج 24: 9-11) - مجموعة "موسى على جبل سيناء" (الخروج 19 - 24) - صورة (30) - صور سفر الخروج، رسم جيمز بادجيت (1931-2009)، إصدار شركة سويت ميديا

St-Takla.org Image: Moses then led the leaders up the mountain where they saw God but He spared their lives. Under God’s feet was something that looked like a pavement of bright blue marble. The leaders ate and drank on the mountain. (Exodus 24: 9-11) - "Moses at Mount Sinai" images set (Exodus 19 - 24): image (30) - Exodus, Bible illustrations by James Padgett (1931-2009), published by Sweet Media

صورة في موقع الأنبا تكلا: "ثم صعد موسى وهارون وناداب وأبيهو وسبعون من شيوخ إسرائيل، ورأوا إله إسرائيل، وتحت رجليه شبه صنعة من العقيق الأزرق الشفاف، وكذات السماء في النقاوة. ولكنه لم يمد يده إلى أشراف بني إسرائيل. فرأوا الله وأكلوا وشربوا" (الخروج 24: 9-11) - مجموعة "موسى على جبل سيناء" (الخروج 19 - 24) - صورة (30) - صور سفر الخروج، رسم جيمز بادجيت (1931-2009)، إصدار شركة سويت ميديا

ويقول الدكتور أحمد حجازي السقا " الحق الذي لا ريب فيه -كما يبدو من هذا الموقف الرهيب- أن موسى صعد إلى الجبل، ومكث أربعين ليلة وطلب رؤية الله، فامتنعت عليه الرؤيا. ثم أعطاه الله الشريعة مكتوبة على ألواح. ثم رجع فوجد قومه يعبدون العجل... ثم اختار سبعين رجلًا ولما تواقحوا بطلبهم رؤية الله، أخذتهم الرجفة. هذا هو الترتيب المنطقي لهذه الحوادث، ولا يمكن الاعتراف بأن الأشراف السبعين رأوا الله وأكلوا وشربوا - كما هو ظاهر من النص - لأن الرؤية إذا كانت قد امتنعت على موسى، فعليهم هم ممتنعة من باب أولى. ولأنه قال لموسى لا يقدر أن يراني أحد ويعيش"(3).

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

ج: 1- لا أحد يستطيع أن يعاين الجوهر الإلهي، فالله في جوهر لاهوته لا يمكن لأي كائن أن يتطلع إليه، ولذلك قيل عن الشاروبيم والسيرافيم القريبين من العرش الإلهي أنهم يغطون وجوههم بجناحين، وأرجلهم باثنين ويطيرون باثنين. وإن كان يستحيل على الإنسان أن يحملق في الشمس وقت الظهيرة بالعين المجردة، فكيف يستطيع أن يتطلع إلى خالق الشمس؟! وما رآه موسى وهرون وأبنيه ناداب وأبيهو والسبعون شيخًا ما هو إلاَّ النذر اليسير جدًا من المجد الإلهي، وهو ما عبَّر عنه الكتاب قائلًا بأنهم نظروا " تحت رجليه شبه صنعة من العقيق الأزرق الشفاف وكذات السماء في النقاوة" (خر 24: 10) لكنهم لم يستطيعوا أن يرفعوا وجوههم نحو الله. لقد أختبر هؤلاء الوجود في الحضرة الإلهية، لكنهم لم يعاينوا اللاهوت. لقد رأوا الله بعين العقل وليس رؤية العين، وما رآه شيوخ إسرائيل رآه فيما بعد بعض الأنبياء مثل أيوب، وأشعياء، وحزقيال " كمنظر حجر العقيق الأزرق" (خر 1: 26) وقال موسى لله " أرني مجدك " فهو يعلن بوضوح كامل أن الإنسان ليس لديه المقدرة على رؤية الله بالحكمة البشرية ولا القدرة العقلية، إنما طلب من الله أن يعلن له عن ذاته.

 

2- ظل الشعب أسفل الجبل، وصعد موسى وهرون وبنيه والشيوخ ولكنهم لم يقتربوا. أما موسى وحده هو الذي أقترب بحسب التعليمات الإلهية " ويقترب موسى وحده إلى الرب وهم لا يقتربون. وأما الشعب فلا يصعد معه" (خر 24: 2).. " وفي اليوم السابع دُعي موسى من وسط السحاب. وكان منظر مجد الله كنار آكلة على رأس الجبل أمام عيون بني إسرائيل" (خر 24: 17) وحتى موسى لم يعاين مجد الله الكامل، ولذلك طلب فيما بعد قائلًا لإلهه " أرني مجدك" (خر 33: 18) ولهذا قال الله له " لا تقدر أن ترى وجهي لأن الإنسان لا يراني ويعيش" (خر 33: 20) وعبارة وجه الله إشارة إلى جوهر لاهوته.

 

3- يقول القديس أيرينيئوس " الإنسان بنفسه لا يستطيع أن يرى الله ولكن لأن الله يريد أن يُظهِر ذاته، لذلك فأنه يُرى عند الذين يختارهم في الوقت الذي يريده وبالقدر الذي يشاء"(4)(5).

 

4- يقول أحد الآباء الرهبان بدير مارمينا العامر " لا صلة بين النصين الواردين في السؤال، فالنص (خر 24: 9 -11) يعبر عن رؤية شيوخ بني إسرائيل للرب. أما ما ورد في (خر 33: 5) فلا يتكلم عن رؤيتهم له. لكنه تعبير عن عدم رضى الله عن تصرفاتهم، وهذا واضح من الآيتين السابقتين لهذه الآية، وهما {إني لا أصعد في وسطك لأنك شعب صلب الرقبة. لئلا أفنيك في الطريق. فلما سمع الشعب هذا الكلام السوء ناحوا ولم يضع أحد زينته عليه} (خر 33: 3، 4)"(6).

 

St-Takla.org Image: The king said, ‘Praise the God of Shadrach, Meshach, and Abednego! He sent His angel and rescued these men who serve and trust Him. They disobeyed my orders and risked their lives rather than bow down and worship any god except their own.’ (Daniel 3: 28) - "Three men stand up for god" images set (Daniel 3:1-30): image (11) - Daniel, Bible illustrations by James Padgett (1931-2009), published by Sweet Media صورة في موقع الأنبا تكلا: "فأجاب نبوخذنصر وقال: «تبارك إله شدرخ وميشخ وعبدنغو، الذي أرسل ملاكه وأنقذ عبيده الذين اتكلوا عليه وغيروا كلمة الملك وأسلموا أجسادهم لكيلا يعبدوا أو يسجدوا لإله غير إلههم" (دانيال 3: 28) - مجموعة "الثلاثة فتية يشهدون لله" (دانيال 3: 1-30) - صورة (11) - صور سفر دانيال، رسم جيمز بادجيت (1931-2009)، إصدار شركة سويت ميديا

St-Takla.org Image: The king said, ‘Praise the God of Shadrach, Meshach, and Abednego! He sent His angel and rescued these men who serve and trust Him. They disobeyed my orders and risked their lives rather than bow down and worship any god except their own.’ (Daniel 3: 28) - "Three men stand up for god" images set (Daniel 3:1-30): image (11) - Daniel, Bible illustrations by James Padgett (1931-2009), published by Sweet Media

صورة في موقع الأنبا تكلا: "فأجاب نبوخذنصر وقال: «تبارك إله شدرخ وميشخ وعبدنغو، الذي أرسل ملاكه وأنقذ عبيده الذين اتكلوا عليه وغيروا كلمة الملك وأسلموا أجسادهم لكيلا يعبدوا أو يسجدوا لإله غير إلههم" (دانيال 3: 28) - مجموعة "الثلاثة فتية يشهدون لله" (دانيال 3: 1-30) - صورة (11) - صور سفر دانيال، رسم جيمز بادجيت (1931-2009)، إصدار شركة سويت ميديا

5- تقول الإكليريكية ماريان صبحي حنا يوسف - إكليريكية طنطا " في قول الوحي " رأوا إله إسرائيل " يعني أن الله سمح بأن يتجلى مجده أمامهم بصورة ما، حتى يمكنهم أن يشاهدوا وميضًا من هذا المجد ويتأكدوا من وجود الله بالفعل ويكونوا شهودًا لذلك بصفتهم نواب الشعب، ويغلب أن تجلي الرب لهم كان في شبه إنسان بدليل أنهم رأوا تحت رجليه شبه العقيق الأزرق، وهذا يشبه ما ورد في إشعياء النبي " رأيت السيد جالسًا على كرسي عالٍ ومرتفع" (أش 6: 1) وحزقيال النبي قال " وفوق المقبَّب الذي على رؤوسها شبه عرش كمنظر حجر العقيق الأزرق وعلى شبه العرش شبه كمنظر إنسان عليه من فوق" (حز 1: 26) وقال نبوخذ نصر عندما ألقى بالثلاث فتية في آتون النار " ها أنا ناظر أربعة رجال محلولين يتمشون في وسط النار وما بهم ضرر ومنظر الرابع شبيه بابن الآلهة" (دا 3: 25) وقال دانيال النبي " كنت أرى في رُؤى الليل وإذا مع سحاب السماء مثل أبن إنسان" (دا 7: 13) ولا يوجد تناقض بين هذا وبين ما جاء في الكتاب " لأن الإنسان لا يراني ويعيش" (خر 33: 20) فالإنسان لا يستطيع أن يرى اللاهوت غير المنظور وغير المحدود"(7).

 

6- عندما قال الكتاب " فرأوا الله وأكلوا وشربوا " قصد من ذلك أنهم لم يموتوا بسبب رؤية مجد الله، إنما عاشوا ومارسوا حياتهم العادية من أكل وشرب. كما أنهم قد يكونوا صنعوا وليمة ابتهاجًا برؤية مجد الرب، وهذا يتفق مع وصية الرب لشعبه فيما بعد " وتذبح ذبائح سلامة وتأكل هناك وتفرح أمام الرب إلهك" (تث 27: 7) فإن ذبيحة السلامة تُقدم لأجل الشكر على إحسانات الرب (لا 7: 11، 12) وهل هناك إحسانًا أكثر من رؤية مجد الله؟!!

 

7- لم يصوّر سفر الخروج الله في صورة مادية كأوثان الأمم التي تلمس بالأيدي، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في أقسام أخرى. إنما كل ما جاء في سفر الخروج القول " وتحت رجليه شبه صنعةٍ من العقيق الأزرق الشفَّاف وكذات السماء في النقاوة" (خر 24: 10) ولم يصف سفر الخروج إله إسرائيل، بل كل ما قاله " ورأوا إله إسرائيل".

 

8- لم يتواقح شيوخ إسرائيل بطلب رؤية الله كقول الناقد، بل أنهم لم يطلبوا أساسًا رؤية الله، إنما الله هو الذي أظهر لهم القليل من مجده، وما جاء في سفر الخروج هو الذي يعبر عن الحقيقة، لأن من كتب هذه الأحداث هو الذي عاصرها عيانًا، وهو موسى النبي، فالموقف لا يحتمل التغيير أو التعديل على الإطلاق، كما أن القرآن الذي أعتمد عليه الدكتور السقا لم يذكر أن السبعين شيخًا تواقحوا عندما طلبوا رؤية الله، فأخذتهم الرجفة، إنما قال أنهم خشوا من عقاب الله بسبب عبادة العجل، ولهذا أخذتهم الرجفة " ولما سكت عن موسى الغضب أخذ الألواح... وأختار موسى قومه سبعين رجلًا لميقاتنا فلما أخذتهم الرجفة قال ربّ لو شئت أهلكتهم من قبل وإياي أتهلكنا بما فعل السفهاء منا أن هي إلاَّ فتنتك تضل بها ما تشاء وتهدي من تشاء أنت ولينا فاغفر لنا وارحمنا وأنت خير الغافرين" (سورة الأعراف 154، 155).

_____

الحواشي والمراجع لهذه الصفحة هنا في موقع الأنبا تكلاهيمانوت:

(1) البهريز جـ 1 س118، س333.

(2) أساطير التوراة ص 36.

(3) نقد التوراة ص 146.

(4) Against Her IV , 20 , 5.

(5) شرح سفر التكوين - دير القديس أنبا مقار ص 561.

(6) من إجابات أسئلة سفر الخروج.

(7) من أبحاث النقد الكتابي.


الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع

https://st-takla.org/books/helmy-elkommos/biblical-criticism/690.html

تقصير الرابط:
tak.la/cv3ccvf