St-Takla.org  >   books  >   helmy-elkommos  >   biblical-criticism
 

مكتبة الكتب المسيحية | كتب قبطية | المكتبة القبطية الأرثوذكسية

كتاب النقد الكتابي: مدارس النقد والتشكيك والرد عليها (العهد القديم من الكتاب المقدس) - أ. حلمي القمص يعقوب

1325- كيف يوصي الله بني إسرائيل بقطع كل شجرة طيبة وطمي جميع عيون المياه وإفساد الحقول الجيدة بالحجارة (2مل 3: 19، 25)؟

 

ج: 1- جاء في سفر الشريعة: "إِذَا حَاصَرْتَ مَدِينَةً أَيَّامًا كَثِيرَةً مُحَارِبًا إِيَّاهَا لِتَأْخُذَهَا، فَلاَ تُتْلِفْ شَجَرَهَا بِوَضْعِ فَأْسٍ عَلَيْهِ. إِنَّكَ مِنْهُ تَأْكُلُ. فَلاَ تَقْطَعْهُ. لأَنَّهُ هَلْ شَجَرَةُ الْحَقْلِ إِنْسَانٌ حَتَّى يَذْهَبَ قُدَّامَكَ فِي الْحِصَارِ؟ وَأَمَّا الشَّجَرُ الَّذِي تَعْرِفُ أَنَّهُ لَيْسَ شَجَرًا يُؤْكَلُ مِنْهُ، فَإِيَّاهُ تُتْلِفُ وَتَقْطَعُ وَتَبْنِي حِصْنًا عَلَى الْمَدِينَةِ الَّتِي تَعْمَلُ مَعَكَ حَرْبًا حَتَّى تَسْقُطَ" (تث 20: 19، 20).

          إذًا الشريعة أوضحت لو أن مدينة صنعت معك حربًا وأنت حاصرتها فلا تتلف شجرها المثمر، وسمحت فقط بقطع الشجر غير المثمر لعمل حصنًا على المدينة. أما الوضع فقد اختلف تمامًا مع موآب، فقد أخبر أليشع النبي الملوك الثلاث ملك إسرائيل وملك يهوذا وملك أدوم، بأن الله سيدفع ليدهم شعب موآب، ثم طلب منهم قائلًا " فَتَضْرِبُونَ كُلَّ مَدِينَةٍ مُحَصَّنَةٍ، وَكُلَّ مَدِينَةٍ مُخْتَارَةٍ، وَتَقْطَعُونَ كُلَّ شَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ، وَتَطُمُّونَ جَمِيعَ عُيُونِ الْمَاءِ، وَتُفْسِدُونَ كُلَّ حَقْلَةٍ جَيِّدَةٍ بِالْحِجَارَةِ" (2مل 3: 19).. فلماذا أوصى أليشع بهذا..؟ لقد أوصى أليشع بهذا لأن موآب عاملت بني إسرائيل بمنتهى القسوة، حتى أن ملك موآب عندما هاجم " نابو " قتل كل الأسرى من الرجال سبعة آلاف نفس وأيضًا قتل نسائهم، وأخذ الأطفال والعبيد وقدمهم ذبائح بشرية لإلهه كموش، فحجر موآب الذي اكتشفه " كلرمون كانو " الفرنسي تُرجمان قنصلية فرنسا في أورشليم سنة 1869م كما رأينا من قبل، وهو حجر أسود بارتفاع متر وعرض 60 سم ومحفوظ الآن في متحف اللوفر بباريس بعد ترميمه لأن العرب حطموه شظايا، فوجدوا عليه 34 سطرًا من بينها قول ملك موآب: "أنا ميشاع ابن كاموش ملك موآب... ملك أبي في موآب ثلاثين سنة. وملكت أنا بعد أبي... أنَّ عمري كان ملك إسرائيل وضايق موآب أيامًا طوالًا، لأن كاموش كان ساخطًا على أرضه. وخلفه أيضًا ابنه أخآب فقال أنا أيضًا أقهر موآب... وكان رجال جاد يسكنون في أرض عطاروت وفي جانب عطروس منذ زمان مديد فحاربت المدينة وافتتحتها، وقتلت كل رجالها فكان ذلك مشهدًا لكاموش وموآب... وقال لي كاموش أمضِ وافتتح نابو (في جانب جبل نبو) على بني إسرائيل فمضيتُ ليلًا وأقمتُ الحرب عليها من الفجر إلى الظهر، فأخذتها، وقتلتُ كل رجالها سبعة آلاف رجل ونساءهم واستحييتُ البنات والعبيد لأني قدمتهم إلى عشتاروت كاموش. وأخذتُ من هناك أنية يهوه (إله العبرانيين) وطرحتها على الأرض أمام كموش.."(1). ولذلك استحق موآب هذه العقوبة القاسية ولاسيما أن أهل موآب هم من نسل لوط، يرتبطون بقرابة مع بني إسرائيل، وأيضًا مما زاد خطية موآب بشاعة أن الرب أعطاهم أرضًا هم وبني عمون، ونهى موسى عن الاقتراب من هذه الأرض، أما بنو موآب فقد سعوا دائمًا للانتقام من شعب الله.

 

2- اعتاد الموآبيون تقديم ذبائح بشرية لإلههم كموش لكيما ينعم عليهم بالقوة والخصب والنماء وحفظ النباتات والثمار، ولذلك أراد بنو إسرائيل تحطيم تلك الأسطورة، فقطعوا الأشجار المثمرة وطمروا الحقول الخضراء، فلو كان كموش إلهًا لحافظ على الأشجار والحقول، أما ما فعله بنو إسرائيل فيؤكد لأهل موآب أن كموش ليس إلهًا على الإطلاق، ويقول " القس وليم مارش": "وتقطعون كل شجرة طيبة: أن هذا العمل مخالف لقوانين الحرب والإنسانية، ولكن الأرض والساكنين فيها للرب. وعرف الموآبيون وجميع أعمالهم وأفكارهم وما كان من الخطر على شعبه وعلى الدين الحق لو بقوا كما هم في حال الراحة والأمان. وديان الأرض لا يصنع إلاَّ عدلًا"(2).

 

3- ربما قول أليشع ينم عما سيفعله هؤلاء الملوك في غضبتهم ضد موآب، وأن هذا لم يكن أمرًا إلهيًا، فيقول " الأرشيدياكون نجيب جرجس": "النص هنا:

أ  - إما أن أليشع يتنبأ فيه بما سيفعله الملوك في حدة غضبهم سواء كان مخالفًا للناموس أو موافقًا له لأن الوحي يذكر الوقائع كما حدثت أو تحدث.

ب - وإما أن الرب وهو واضع الناموس وله السلطان على التصرف به في الحالات الشاذة مع الشعوب العاتية جدًا تأديبًا وعقابًا لها، أذن لشعبه أن يفعلوا هذا مع الموآبيين الذين... أغاظوا الرب بأفعالهم وعباداتهم الوثنية للإله (كموش) فأمر الرب الملوك الثلاثة بتحريم الكثير مما كان هذا الشعب يتنعم به ويفتخر ويتجبر:

(1) فأذن للملوك (أن يهدموا كل مدينة محصنة) حيث كانوا يتجبرون ويتباهون بها.

(2) (وكل مدينة مختارة) أي مختارة لأنها كانت من عوامل غرورهم أيضًا.

(3) وأن يقطعوا (كل شجرة طيبة) لأنها تنجست بعباداتهم الردية لأنهم مثل باقي الشعوب كانوا يعبدون آلهتهم (تحت كل شجرة خضراء) وأراد الله أن ينبذ كل آثار العبادة الوثنية.

(4) وأن يطمُّوا (يردموا) العيون والآبار، ويفسدوا (كل حقله جيدة) فيغطوها بالحجارة، لأنهم في تنعمهم ورفاهيتهم طغوا وتجبروا ونسوا الرب، فأراد الرب أن يشعرهم بالجوع والعطش ويشل حركتهم ليرجعوا إلى صوابهم... فحرَّم بعض ما كانوا يتمتعون به ولكنه لم يُحرّم الموآبيين أنفسهم"(3).

_____

الحواشي والمراجع لهذه الصفحة هنا في موقع الأنبا تكلاهيمانوت:

(1) المطران يوسف الدبس - تاريخ الشعوب المشرقية في الدين والسياسة والاجتماع جـ 2 ص 369 - 371.

(2) السنن القويم في تفسير أسفار العهد القديم جـ 4 (ب) ص 370.

(3) تفسير الكتاب المقدَّس - سفر الملوك الثاني ص 48.


الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع

https://st-takla.org/books/helmy-elkommos/biblical-criticism/1325.html

تقصير الرابط:
tak.la/tjs8aak