St-Takla.org  >   books  >   helmy-elkommos  >   biblical-criticism
 

مكتبة الكتب المسيحية | كتب قبطية | المكتبة القبطية الأرثوذكسية

كتاب النقد الكتابي: مدارس النقد والتشكيك والرد عليها (العهد القديم من الكتاب المقدس) - أ. حلمي القمص يعقوب

1183- كيف يعد الله داود بثبات مملكته (2صم 7: 16) ثم تزول هذه المملكة بعد انقسامها، فتتعرض المملكة الشمالية للسبي على أيدي الأشوريين سنة 722 ق.م.، والمملكة الجنوبية أيضًا تتعرض للسبي على أيدي البابليين سنة 586 ق.م؟

 

يقول " علاء أبو بكر " بعد أن وعد الله داود بثبات مملكته إلى الأبد (2صم 7: 13 - 16): "فلماذا لم يحمي الرب كرسي داود ومملكته؟ فقد زالت سلطنة آل داود، وتسلط عليهم الأشوريون بقيادة سرجون الثاني سنة 722 ق.م.، والبابليون بقيادة بختنصر سنة 586 ق.م. وهل لم يعلم الرب بعلمه الأزلي أن عبده ورسوله داود سيزني بزوجة جاره، ثم يقتله، ويخون جنوده؟ فكيف يحميه ويحمي مملكته وهو يُضلّل خلق الله ويفتري على الله بالكذب"(1).

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

ج: 1 - قال الله لداود بلسان ناثان النبي: "ويَأمن بيتك ومملكته إلى الأبد أمامك. كرسيك يكون ثابتًا إلى الأبد" (2صم 7: 16) وغني عن البيان أن وعود الله وعود مشروطة، فعندما وعد الله الآباء البطاركة بأرض الموعد، كان هذا شريطة تبعية الآباء ونسلهم لله وسلوكهم في وصاياه، فقال الله لهم: "إن سمعتم لصوتي وحفظتم عهدي تكونون لي خاصة من بين جميع الشعوب. فإن لي كل الأرض. وأنتم تكونون لي مملكة كهنة وأمة مقدَّسة" (خر 19: 5، 6) وطالما سار داود ونسله في طاعة الله فأن مملكته تثبت إلى أبد هذا الدهر، وقد حقق الله وعده لداود إذ أقام سليمان أبنه ملكًا خلفًا له، وأعطاه نعمة بناء هيكل الرب، ولكن لا بُد أن تكون رغبة ابن داود أن يظل ابنًا لله، لأن الله يحترم الحرية الشخصية جدًا، فالملك الذي يصر على رفضه لله، لن يجبره الله على أن يكون ابنًا له، وعندما سلك ملوك يهوذا في خطايا شعوب الأرض فأن الله أدبهم، وكان يتخلى عنهم مؤقتًا فكانت الشعوب تستعبدهم بقسوة، ومتى صرخوا للرب كان يخلصهم، ومتى رجعوا لله كان يرجع إليهم، وسفر القضاة خير شاهد على ذلك، وعندما ضل الملك والشعب، وشربوا الإثم كالماء، ولم تجدي معهم التحذيرات والإنذارات الإلهيَّة سمح الله بسبيهم إلى أرض بابل فذاقوا الأمرين لمدة سبعين عامًا، ولكن الله أبقى لهم بقية، وأقام لهم "كورش" أول ملوك فارس فسمح لهم بالعودة، بل شجعهم على هذا، وسمح لهم ببناء بيت الرب، بل أعاد الأواني المقدَّسة التي سلبها نبوخذ نصر، وعندما أصر أبناء داود على شرهم بعد العودة من السبي زالت مملكة داود الأرضية، وتشتتت في أرجاء الأرض.

 

St-Takla.org Image: Six Sons of David at Hebron: Amnon - Chileab - Absalom - Adonijah - Shephatiah - Ithream - from The Nuremberg Chronicle, book by Hartmann Schedel, 1493. صورة في موقع الأنبا تكلا: أبناء داود في حبرون: أمنون - كيلآب - أبشالوم - أدونيا - شفطيا - يثرعام - من كتاب تاريخ نورنبيرج، بقلم هارتمان شيدل، 1493 م.

St-Takla.org Image: Six Sons of David at Hebron: Amnon - Chileab - Absalom - Adonijah - Shephatiah - Ithream - from The Nuremberg Chronicle, book by Hartmann Schedel, 1493.

صورة في موقع الأنبا تكلا: أبناء داود في حبرون: أمنون - كيلآب - أبشالوم - أدونيا - شفطيا - يثرعام - من كتاب تاريخ نورنبيرج، بقلم هارتمان شيدل، 1493 م.

2- بينما تعاقبت عدة عائلات على حكم مملكة إسرائيل الشمالية، فإن ملوك مملكة يهوذا الجنوبية كانوا من نسل داود، لمدة أكثر من 400 سنة، وأحيانًا يكون المقصود من قول الكتاب " إلى الأبد " أي إلى زمن طويل، مثل قول الكتاب عن العبد الذي لا يريد أن يتحرَّر في السنة السابعة، فإن سيده يثقب أذنه " فيخدمه إلى الأبد" (خر 21: 6) والمقصود طبعًا طوال حياته، لأن هذا العبد لن يعيش إلى الأبد، والأمثلة عديدة وكثيرة في الكتاب المقدَّس.

 

3- هناك جانب آخر لهذا الوعد وهو الخاص بالسيد المسيح ابن داود، فإن مُلكه مُلكًا أبديًا، فالسيد المسيح هو ابن داود بحسب الجسد، وكثيرًا ما نادوه: "يا يسوع يا ابن داود " وفي دخوله أورشليم صرخ الشعب: "أوصنا يا ابن داود " وهذا ما أوضحه المزمور 89: "لا أنقض عهدي ولا أغير ما خرج من شفتي. مرة حلفتُ بقدسي إني لا أكذب لداود. نسله إلى الدهر يكون وكرسيه كالشمس أمامي" (مز 89: 34 - 36) وشرح بولس الرسول مملكة ابن الله فقال: "وأما عن الابن كرسيك يا الله إلى دهر الدهور" (عب 1: 8) وقال بطرس الرسول عن داود: "فإذ كان نبيًا وعلم أن الله حلف له بقسمٍ أنه من ثمرة صُلبه يقيم المسيح حسب الجسد ليجلس على كرسيه" (أع 2: 30) وما جاء في سفر صموئيل من ثبات مملكة داود تردد صداه عبر صفحات الكتاب:

أ - " لأنه يُولد لنا ولد ونُعطى ابنًا... لنمو رياسته وللسلام لا نهاية على كرسي داود وعلى مملكته ليثبتها ويعضدها بالحق والبر من الآن وإلى الأبد" (أش 9: 6، 7).

ب - " ويخرج قضيت من جزع يسَّى... ويحل عليه روح الرب والفهم.." (أش 11: 1، 2).

ج - " ها أيام تأتي يقول الرب وأقيم لداود غصن برّ ٍ فيملك ملك وينجح ويجري حقًا وعدلًا في الأرض" (أر 23: 5).

د - " وأقيم عليها راعيًا واحدًا فيرعاها عبدي داود هو يرعاها وهو يكون لها راعيًا. وأنا الرب أكون لهم إلهًا وعبدي داود رئيسًا في وسطهم" (حز 34: 23، 24).

هـ- " بعد ذلك يعود بنو إسرائيل ويطلبون الرب إلههم وداود ملكهم" (هو 3: 5).

و - " يسوع المسيح... الذي سبق فوعد به بأنبيائه في الكتب المقدَّسة. عن ابنه الذي صار من نسل داود من جهة الجسد" (رو 1: 1 - 3).

ز - " وها أنت ستحبلين وتلدين ابنًا وتسمينه يسوع. هذا يكون عظيمًا وإبن العلي يُدعى ويعطيه الرب الإله كرسي داود أبيه. ويملك على بيت يعقوب إلى الأبد ولا يكون لمُلكه نهاية" (لو 1: 30 - 33).

ومملكة سليمان التي ساد فيها السلام وعم كانت رمزًا لمملكة السيد المسيح.

 

4- أكد القرآن على مراحم الله وعطاياه لشعبه. ومن أمثلة النصوص التي تؤيد هذا:

أ - " يا بني إسرائيل أذكروا نعمتي التي أنعمت عليكم وإني فضلتكم على العالمين" (البقرة 2: 47) ويتكرّر نفس النص في البقرة 122.

ب - قال موسى لشعبه: "أغير الله أبغيكم إلهًا وهو فضَّلكم على العالمين" (الأعراف 7: 140).

ج - " ولقد أتينا بني إسرائيل الكتاب والحُكم والنبوءة ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على العالمين" (الجاثية 45: 15).

ورغم هذه النعم، فأن القرآن يؤكد أن شعب بني إسرائيل تعرضوا للعقوبة:

أ - " وضُربت عليهم الذلَّة والمسكنة وباء وبغضب من الله ذلك بأنهم كانوا يكفرون بآيات الله ويقتلون النبيين بغير الحق" (البقرة 2: 61).

ب - " ضُربت عليهم الذلَّة أين ما ثُقفوا إلاَّ بحبل من الله وحبل من الناس وباءوا بغضب من الله وضُربت عليهم المسكنة ذلك بأنهم كانوا يكفرون بآيات الله ويقتلون الأنبياء بغير حق" (آل عمران 3: 112).

فلماذا يقبل الناقد ما جاء في القرآن، ويرفض ما جاء في الكتاب المقدَّس، رغم أن ما جاء في القرآن مطابق لما جاء في الكتاب المقدَّس في هذه الجزئية.

 

5- الله بعلمه الأزلي الأبدي يعلم أن داود سيسقط في خطية عظيمة وينزلق إلى الزنا والقتل ولكنه يعلم أيضًا أنه سيؤدبه، وأن داود سيقدم توبة قوية جبارة تصير مثلًا للأجيال، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في أقسام أخرى. ولو كان الله يقصر وعوده على الكاملين الذي لا يخطئون فأنه لن يجد إنسانًا واحدًا يستحق هذه الوعود، لأنه لا يوجد مولود امرأة بلا خطية.

_____

الحواشي والمراجع لهذه الصفحة هنا في موقع الأنبا تكلاهيمانوت:

(1) البهريز في الكلام اللي يغيظ جـ 1 س 202 ص 135، 136.


الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع

https://st-takla.org/books/helmy-elkommos/biblical-criticism/1183.html

تقصير الرابط:
tak.la/nx3vg9j