St-Takla.org  >   books  >   fr-tadros-malaty  >   john-cassian
 

مكتبة الكتب المسيحية | كتب قبطية | المكتبة القبطية الأرثوذكسية

كتاب القديس يوحنا كاسيان: حياته، كتاباته، أفكاره - القمص تادرس يعقوب ملطي

13- عرض لكتاب الغضب، من سلسلة المؤسسات (الدساتير) لنظام الشركة

 

الكتاب الثامن: الغضب

 

عالج القديس يوحنا كاسيان خطية الغضب بفكر كتابي حيّ وعملي.

الغضب أشبه بسحابة قاتمة تحل على القلب فتفقده القدرة على البصر. يفقد الإنسان الحكمة والفهم حتى إن تطلع إليه الكل كإنسان حكيم، ويفقد كرامته حتى إن بجَّله الجميع.

St-Takla.org Image: A couple of fathers talking (image 61), conversation, discussion, saints, monks - AI art, idea by Michael Ghaly for St-Takla.org, 30 January 2024. صورة في موقع الأنبا تكلا: اثنان من الآباء يتحدثان (صورة 61)، محادثة، مناقشة، قديسان، رهبان - فن بالذكاء الاصطناعي، فكرة مايكل غالي لموقع الأنبا تكلاهيمانوت، 30 يناير 2024 م.

St-Takla.org Image: A couple of fathers talking (image 61), conversation, discussion, saints, monks - AI art, idea by Michael Ghaly for St-Takla.org, 30 January 2024.

صورة في موقع الأنبا تكلا: اثنان من الآباء يتحدثان (صورة 61)، محادثة، مناقشة، قديسان، رهبان - فن بالذكاء الاصطناعي، فكرة مايكل غالي لموقع الأنبا تكلاهيمانوت، 30 يناير 2024 م.

بالغضب تفقد النفس استنارة الروح القدس، فيفقد علاقته بالله، ويخسر إخوته حتى الأعزاء لديه جدًا، بل ويفقد نفسه.

كثيرًا ما نبرر الغضب بالظروف المحيطة بنا وأخطاء الغير، بينما جرثومة الغضب تكمن في أعماق النفس الداخلية، لذا لاق بنا أن نلوم أنفسنا لا إخوتنا.

يظن البعض أن الهروب من الناس أو العزلة هي علاج للغضب... إنه هروب، بينما يبقى الغضب كامنًا في الأعماق حتى يجد الفرصة لكي يعبر عن نفسه في الوقت المناسب.

 

يرى القديس أوغريس أن أثر الغضب هو أن يلهب الغضب بالأكثر الذي يقودنا إلى حالة شيطانية[42]، ويرى أن للغضب أربع علامات:

* يهيج النفس طوال اليوم، خاصة أثناء الصلاة.

* يقدم أمام عيني الشخص صورة المعتدي عليه.

* تثير فيه مخاوف أثناء الليل وفي الأحلام.[43]

* أهم علامة هي أنه يربك عمل العقل الذي هو التأمل[44]. وهذا هو السبب في أن الغضب يقف عائقًا عن ممارسة الصلاة[45].

← انظر كتب أخرى للمؤلف هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت.

 

أما علاجه فكما يقول القديس أوغريس [تهدأ ثورة الغضب بالترنم بالمزامير والصبر والعطاء[46].]

* يجب قلع سم الغضب القاتل من جذوره في أعماق النفس، لأنه إذا بقي روح الغضب واستقر في قلوبنا أظلمت عقولنا وفقدت قدرتها على الرؤية، لأن الغضب يصيب بالعمى وبظلمة ضارة تجعل الرؤية الروحية مستحيلة. فلا تقدر على الحكم الصائب في أمرٍ من الأمور، بل يتعذر علينا التأمل الصالح الذي ينمي الحكمة فينا، بل لا نقدر أن نثبت في الصلاح، أو نقبل النور الحقيقي الروحي، لأنه مكتوب: "عيني قد تعكرت من الغضب" (مز 31: 29).

وقد يمدحنا الناس كحكماء، ولكننا لن نكون حكماء إذا لازمنا الغضب، لأنه مكتوب: "الغضب يسكن مستريحًا في صدر الأحمق" (جا 7: 10)[LXX]. وهو ما يعرضنا لفقدان ميراث الحياة الأبدية. وقد يظهر لنا أننا نفهم الطبيعة الإنسانية وندرك أسرارها، ولكن إذا ظل الغضب فينا، تم فينا ما هو مكتوب: "الغضب يدمر الحكماء" (أم 15: 1)[LXX]. ويحرمنا الغضب من إدراك "برّ الله"، لأننا بسبب الغضب نفقد الإفراز، ومع أن الناس قد يقولوا عنا أننا قديسون وكاملون إلا أنه مكتوب "غضب الإنسان لا يصنع برّ الله." (يع 1: 20)[47].

* يحاول البعض تبرير الغضب، هذا المرض القاتل للنفس، بأدلة من الأسفار الإلهية التي يفسرونها تفسيرًا غير لائق. يقول هؤلاء أن الغضب ليس ضارًا حتى إذا غضبنا على الإخوة الذين يخطئون، لأن الله نفسه يسخط ويغضب على الذين لا يريدون أن يعرفوه، أو يعرفونه ومع ذلك يرفضونه. ومن الأمثلة التي يقدمونها كلمات الأسفار: "غضب الرب واشتعل سخطه على شعبه"( مز 106: 40). أو عندما يصلي النبي ويقول: "يا رب لا توبخني بغضبك، ولا تؤدبني بسخطك" (مز 6: 1). ولا يفهم هؤلاء أنهم عندما يحاولون بهذا الإصرار على تأكيد وتبرير الغضب إنما يقودون غيرهم إلى التمسك برذيلة ضارة وفي نفس الوقت يمزجون ضلال شهوة جسدانية بنقاء الله غير المحدود والذي هو مصدر كل نقاءٍ[48].

* عندما نقرأ أن الله غضب وسخط فأننا لا يجب أن نفكر في أن هذه انفعالات بشرية. بل يجب أن نفكر فيما يليق بالله الحر من كل هذه الانفعالات، أو بكلمات أخرى يجب أن نراه مثل القاضي الذي يحاكم وينتقم من الأعمال الشريرة ويرد الشر على فاعليه. هنا يُوصف بمفرادات خاصة تولد فينا الخوف من الله الذي سوف يحاكم على كل عمل ضد إرادته. ولكن يجب أن نتذكر أن الطبيعة الإنسانية تعودت على الخوف من الذين يغضبون ولذلك السبب تتراجع عن الشر خوفًا من غضب هؤلاء. وفي حالات القضاة المشهورين بالعدل الصارم، يخاف منهم الأشرار، لأنهم يعرفون أنهم سوف يوقعون بهم عقوبة صارمة وهذا وحده يزرع الخوف والشعور بالندم في قلوب الأشرار. ولكن القضاة العادلون لا يحكمون ولا يصدرون أحكامًا تحت تأثير انفعالات الغضب. بل هذه الانفعالات إذا وجدت فيهم تجعلهم يعجزون عن إصدار الأحكام العادلة. ومع أن القضاة لا يعرفون الغضب، إلا أن الأشرار بسبب ذنوبهم وخوفهم من الحكم، يتوقعون الغضب عندما يحاكمون وبسبب شعورهم بالذنب يخافون حتى من القضاة الودعاء المعتدلين، لأن صدور أي حكم على إنسان شرير يجعل المذنب يشعر بسخط وغضب الحكم ولا يصف قرار القاضي الذي يعاقبه إلا بأنه قرار غضب وسخط[49].

_____

الحواشي والمراجع لهذه الصفحة هنا في موقع الأنبا تكلاهيمانوت:

[42] Letter, 59.

[43] Praktikos 11.

[44] Ibid 63.

[45] Ibid 26.

[46] Ibid 15.

[47] De institutis caenoborum, Book 8:1.

[48] De institutis caenoborum, Book 8:2.

[49] De institutis caenoborum, Book 8:4.


الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع

https://st-takla.org/books/fr-tadros-malaty/john-cassian/institutes-summary-anger.html

تقصير الرابط:
tak.la/6a87xjg