التجارب الضيقات والآلام والأمراض والكوارث تجلب الدموع أحيانًا.
وبخاصة لو شعر الإنسان بالتخلي أو أنها عقوبة بسبب خطاياه.
وهنا يدخل في البكاء عامل روحي، سببه شعور الإنسان أن النعمة قد فارقته، أو أن الله يسلمه إلى أيدي أعدائه.. فيحزن لذلك ويبكي.
فأحيانًا يبكي توبة وندمًا.
وأحيانًا يبكي في عِتاب مع الله.
ولعل هذا ما فعله داود تجاربه وضيقاته، حينما قال في المزمور:
"لماذا يا رب تقف بعيدًا؟ لماذا تختفي في أزمنة الضيق؟" (مز 10: 1).
والرب يسمح أحيانًا بالتجارب، لا تخليًا منه، وإنما لفائدتها الروحية.
لأن الإنسان في وقت المذلة تجلب له انسحاق القلب، وتواضع الروح، وفيضًا من الدموع يشعره بضعفه، ويزيل منه كل أسباب ومظاهر الكبرياء.
وقد يرى الله أن دموع أحد أبنائه قد جفت بلذة العالم..
فيسمح له بالتجارب والضيقات، لكي تعصر عينيه بعد أن تعصر قلبه..
والله لا يمنع هذه التجارب حتى عن قديسيه. وفي هذا يقول المزمور: "كثير هي أحزان "بلايا "الصديقين، ومن جميعها ينجيهم الرب" (مز 34: 19).
إنه يسمح بهذه البلايا أن تصيب قديسيه. فإن أتت بنتائجها الروحية، حينئذ ينجيهم منها.
وهنا أحب أن أفرق بين نوعين من التجارب ونوعين من الدموع..
نوع علماني والآخر روحي..
هناك تجارب مادية أو عالمية، تصيب الإنسان، في ماله أو جاهه، أو مركزه، فيبكي حزنًا لذة ضائعة من ملاذ هذه الدنيا.. وربما في بكائه يتذمر ويتضجر، حتى على الله نفسه!! كأن الله كان سببًا في بلاياه!
مثل هذا الإنسان دموعه خطية.
ولسنا عن هذا النوع نتحدث.
إن دموعه تدل على محبته العالم والأشياء التي في العالم، التي تبيد وشهوتها معه (1يو 2: 16، 17).
والإنسان الزاهِد في الدنيا وملاذها، لا يتأثَّر بهذه الأمور، بل يقول: "الرَّبُّ أَعْطَى وَالرَّبُّ أَخَذَ، فَلْيَكُنِ اسْمُ الرَّبِّ مُبَارَكًا" (أي 1: 21).
وإنسان آخر كلما تضغط عليه التجارب، يشعر بتفاهة الدنيا، ويشتاق إلى عالم أفضل، هذا إنسان روحي.
إن بكى، يبكي خوفًا من تخلى النعمة عنه. أوانه يكون قد أحزن الرب، فتركه إلى هموم العالم. (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات والكتب الأخرى).
هذا الإنسان بكاؤه روحي ممزوج بالتوبة وتواضع القلب، وممزوج بالاعتراف أيضًا. وقد يقول في قلبه: إن ما حدث لي، أقل بكثير مما أستحقه بسبب خطاياي. وخير لي أن أستوفَى البلايا على الأرض كلعازر المسكين (لو 16: 25).
أو يقول مع المرتل في المزمور:
"خير لي يا رب أنك أذللتني، حتى أتعلم حقوقك" (مز 119: 71).
إن مثل هذه الدموع تجلب للقلب عزاء، لأن الله يكون قد فبلها كرائحة سرور قدامه، وقبل دوافعها الروحية أيضًا..
وقد تكون التجارب من الضغط حروب الشياطين، ويبكي الإنسان شاعرًا بضعفه، طالبًا من الرب معونة.
فشعور الإنسان بأنه أضعف من أن يقاتل هذه القوَى الروحية، قد يجلب دموعًا، خوفًا من أن يسقط..
أو أن أفكار العدو تكون قد نجست إنسان الله، فيبكي حِرْصًا على نقاوة قلبه وفكره وشعوره، ويجاهد طالبًا نعمة الله معه.
وعن هذه الحرب الروحية، أرسل بولس الرسول موبخًا العبرانيين بقوله:
"لم تقاوموا بعد حتى الدم مجاهدين ضد الخطية" (عب 12: 4).
هذا الجهاد حتى الدم، تدخل الدموع عنصرًا فيه. حيث يخاطب الرب قائلًا "أنصت إلى دموعي" (مز 119) ولا تتخل عني، لأني بدونك لا أستطيع أن أفعل شيئًا (يو 15:5).
هناك سبب أخر للدموع وهو:
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
تقصير الرابط:
tak.la/f5b9mmb