St-Takla.org  >   Full-Free-Coptic-Books  >   FreeCopticBooks-021-Sts-Church-Sidi-Beshr  >   002-Hatmeyat-Al-Tagasod-Al-Ilahy
 

مكتبة الكتب المسيحية | كتب قبطية | المكتبة القبطية الأرثوذكسية

كتاب حتمية التجسد الإلهي - أ. حلمي القمص يعقوب

69- هل التجسد يعني أن الناسوت حدَّ وحيز اللاهوت، فلم يعد للاهوت تواجد خارج نطاق الناسوت المحدود؟ وكيف حدَّ بطن العذراء الله الغير محدود؟

 

ج : التجسد لا يعني تحيز اللاهوت في الجسد لأن اللاهوت مالئ الكل لا يخلو منه مكان ولا زمان، وبينما كان الله في بطن العذراء لم يخلُ مكان من لاهوته.. عندما ظهر لبني إسرائيل على الجبل فصارت أصوات رعود وبروق علامة على حضوره، ومع هذا فانه لم يخلُ منه مكان في الكون كله، وعندما ظهر لموسى في العليقة وتحدث معه لم يخلُ منه العالم ولم تخلُ منه السموات، إنما ظهر الله على الجبل وفي العليقة بصورة مرئية وهو كائن في كل مكان بصورة أخرى. هكذا الله في تجسده ظهر في الناسوت متحدًا به والناسوت له حيز وحدود ومكان يوجد فيه، فلو كان في المزود أو في جبل قسقام أو في بيت زكا فلن نجد الرب يسوع بناسوته في أي مكان آخر، بينما بلاهوته يملًا الكل.

St-Takla.org Image: Baby Jesus in the manger, Nativity of Christ. صورة في موقع الأنبا تكلا: الطفل يسوع في المذود (مذود البقر)، محل ميلاد المسيح.

St-Takla.org Image: Baby Jesus in the manger, Nativity of Christ.

صورة في موقع الأنبا تكلا: الطفل يسوع في المذود (مذود البقر)، محل ميلاد المسيح.

فليس معنى التجسد أن اللاهوت الغير محدود صار محدودًا في الناسوت، وجاء تعبير الإنجيل دقيقًا أن " الله ظهر في الجسد" (1 تي 3: 16) دون أن يحد أو يحيز هذا الجسد المقدَّس اللاهوت، ولا يمكن أن نُخضِع اللاهوت للمقاييس البشرية المادية، ولكن لكيما نقرب المعنى نضرب بعض الأمثلة التي تساعدنا على فهم هذه الأمور الفائقة:

  1. المصباح : عندما نضئ المصباح فإن زجاج المصباح لا يحجز النور داخله إنما النور يشع ويملأ المكان، فيمكنك أن ترى النور داخل المصباح وخارجه، تراه داخل المصباح متجسدًا في الفتيل المشتعل وتراه خارج المصباح منبعثًا منه.

  2. الهواء : يملًا الرئتين وفي نفس الوقت يملأ الغلاف الجوي، ووجوده في الرئتين لم يمنع وجوده خارجهما.

  3. الشمس: قد توجد في حجرتي وعندما تشرق بأشعتها الذهبية تبدد ظلمات حجرتي وتطهرها من الميكروبات والجراثيم، والحجرة لم تحِد ولم تُحيز قط الشمس بل هي تشرق بأشعتها في أماكن كثيرة.

  4. ماء البحر: لو ملأنا زجاجة من ماء البحر فالماء الذي في الزجاجة هو نفس ماء البحر، ولكن الزجاجة لم تحد وتحيز ماء البحر داخلها.

  5. الموجات الصوتية والضوئية: تنتشر حولنا ومع هذا فلا نسمع الموجات الصوتية ولا نرى الموجات الضوئية، ولكن التلفاز يستطيع أن يُجسّد هذه الموجات في شكل الصورة والصوت دون أن يحِدها أو يُحيزها داخله. فهذه الموجات متجسدة في التلفاز بصورة مسموعة ومرئية، وتعم المكان بصورة أخرى غير مسموعة وغير مرئية.

وجميع التشبيهات السابقة مع الفارق فالشمس يمكن أن تشرق في ملايين الحجرات، ويمكننا أن نملأ ملايين الزجاجات من ماء البحر، وملايين من البشر تمتلأ رئتيهم من الهواء.. إلخ ولكن شخص الرب يسوع هو واحد وحيد فريد ليس له مثيل ولا نظير ولن يكون له قط، فالرب الإله تجسَّد مرة واحدة لم ولن تتكرر قط.

قال القديس أثناسيوس "فلا يتوهمن أحد انه (اللاهوت) أصبح محصورًا في الجسد، أو أن كل مكان آخر أصبح خاليًا منه بسبب حلوله في الجسد أو أن العالم أصبح محرومًا من عنايته وتدبيره طالما كان يحرك الجسد، ولكن ما يدعو إلى الغرابة والدهشة انه وهو "الكلمة" الذي لا يحويه مكان، فإنه هو نفسه يحوي كل الأشياء.. (انظر المزيد عن مثل هذه الموضوعات هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات و الكتب الأخرى). وهكذا حتى مع حلوله في جسد بشري واهبًا إياه الحياة، فقد كان يمنح الحياة للكون في نفس الوقت بلا تناقض .

أما كلمة الله في طبيعة تأنسه، فلم يكن كذلك، إذ لم يكن محصورًا في جسده، لكنه كان بالأحرى يستخدم الجسد، ولذا فانه لم يكن حالًا فيه فحسب، بل كان حالًا فعلًا في كل شيء.. وهذا هو وجه الغرابة انه بينما كان يتصرف كإنسان، كان كلمة الله يُحيي كل الأشياء وكابن كان قائمًا مع أبيه" (تجسد الكلمة 17: 1، 2، 4، 5).

وقال القديس يعقوب السروجي "خرج الكلمة من الآب وأتى وحلَّ في الصبية.. وكان في الصبية وفي نفس الوقت كان في أبيه.. فلم ينقسم عن أبيه، بل هو في حضن الآب منذ الأزل. قبلت العروش الرسالة المكتوبة، وحلَّ هناك كالمحدود وهو غير محدود‍‍‍‍‍‍.. من يستطيع أن يفحصك أيها غير المحوي؟ ‍‍‍.. أتيت من مكان إلى مكان آخر ظاهر، وأنت في الموضعين لم تتركهما.. بالفعل ممتلئ منك المكان الذي أرسلك ويحبك، وخبرك ظاهر في المكان الذي قبلك ويكرّمك.. جعلت لك جسمًا لتظهر به في كل الأرض، ولم تترك مكانك الأصلي في السماء ‍" (1).


الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع

https://st-takla.org/Full-Free-Coptic-Books/FreeCopticBooks-021-Sts-Church-Sidi-Beshr/002-Hatmeyat-Al-Tagasod-Al-Ilahy/Inevitability-of-the-Incarnation__69-Borderline.html

تقصير الرابط:
tak.la/4xsdj6k