وهنا أثار قوله "قَبْلَ أَنْ يَكُونَ إِبْرَاهِيمُ أَنَا كَائِنٌ" غضب اليهود وجعلهم يحنقون عليه ويقرروا موته رجمًا بالحجارة "فَرَفَعُوا حِجَارَةً لِيَرْجُمُوهُ". لماذا؟ لأنهم اعتقدوا أنه يجدِّف علي الله وينسب لنفسه ما للَّه ويُسَمِّي نفسه باسم اللَّه، أي يقول " أني أنا الله ". كيف ذلك؟ لأنَّ كلامه هذا له أكثر من مغزى كلَّها تدلّ علي أنَّه يقول صراحة "أنَّه اللَّه"!
أولًا : يقول أنه قبل أنْ يُوجد إبراهيم، منذ حوالي 2000 سنه ق. م، كان هو موجودًا. أي أنه يؤكِّد علي وجوده السابق، قبل إبراهيم. وبالتالي علي وجوده السابق للتجسُّد والميلاد من العذراء، فقد كان موجودًا قبل أنْ يظهر علي الأرض، وهذا يعني أنه كائنًا في السماء.
ثانيًا: يقول بالحرف الواحد "أَنَا كَائِنٌ"، وهذا القول يعني حرفيًا "أنا أكون" و"الكائن" وباليونانية " Ego eimi ـ έγώ ειμί ـI Am ". وهو هنا يستخدم نفس التعبير الذي عبَّر به اللَّه عن نفسه عندما ظهر لموسي النبيّ في العلِّيقة وعندما سأله موسي عن اسمه فقال "اهْيَهِ الَّذِي أَهْيَهْ" (وَمَعْنَاهُ أَنَا الْكَائِنُ الدَّائِمُ). وَأَضَافَ: " هَكَذَا تَقُولُ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ: " أَهْيَهْ (أَنَا الْكَائِنُ)، هُوَ الَّذِي أَرْسَلَنِي إِلَيْكُمْ ". " وَقَالَ أَيْضًا لِمُوسَى: " هَكَذَا تَقُولُ لِشَعْبِ إِسْرَائِيلَ: إِنَّ الرَّبَّ « يهوه ـ الكَائِنَ " إِلهَ آبَائِكُمْ، إِلَهَ إبْرَاهِيمَ وَإسْحقَ وَيَعْقُوبَ قَدْ أَرْسَلَنِي إِلَيْكُمْ. هَذَا هُوَ اسْمِي إِلَى اْلأَبَدِ، وَهُوَ الاسْمُ الَّذِي أُدْعَى بِهِ مِنْ جِيلٍ إِلَى جِيلٍ" (خر 3: 14-15). أي أنَّ الرب يسوع المسيح يُعطي لنفسه نفس الاسم الذي عبَّر به اللَّه عن نفسه "أنا الكائن الدائم ـ الكائن الذي يكون " والذي يساوي يهوه ( الكائن ) الذي هو اسم الله الوحيد في العهد القديم. أي أنه يقول لهم " أنا الكائن الدائم " الذي ظهر لموسي في العليقة، وهذا ما جعل اليهود يثورون عليه ويحنقون لأنهم أدركوا أنه يعني أنه هو "اللَّه" نفسه "الكائن الدائم". وهذا الاسم لا يمكن أنْ يُطلَق علي غير اللَّه ذاته والذي يقول اللَّه عنه " أَنَا الرَّبُّ ( يهوه = الكائن ) هَذَا اسْمِي وَمَجْدِي لاَ أُعْطِيهِ لِآخَرَ " (اش42: 8).
ثالثًا: كما أنه الرب يسوع المسيح يستخدم في قوله هذا، الزمن الحاضر (المضارع) " أكون ـ έγώ ειμί ـ I am " والذي يدل علي الوجود المستمر، بلا بداية وبلا نهاية، وهو هنا يعني أنه " الكائن " دائمًا، والذي " كان " أزلًا " بلا بداية، والذي سيكون " يأتي " أبدًا بلا نهاية، الموجود دائمًا في الماضي بلا بداية، والحاضر دائمًا، والمستقبل بلا نهاية، كقوله في سفر الرؤيا " أَنَا الأَلِفُ وَالْيَاءُ، الْبِدَايَةُ وَالنِّهَايَةُ، الأَوَّلُ وَالآخِرُ" (رؤ22: 13) (اقرأ مقالًا آخرًا عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في قسم الأسئلة والمقالات).
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
تقصير الرابط:
tak.la/d8xwgwg