يجب أن تكون الكنيسة مضاءة بالأنوار وقت الصلاة وخصوصًا في وقت القداس، وليس المقصود بالأنوار في الكنيسة مجرد الإضاءة الضرورية بل تضاء الكنيسة لو كانت الصلاة وضح النهار (دسقولية) فليس الغرض منها الإنارة بل الإشارة إلى حضور الله الساكن في النور ولا يدنى منه (1تي 6: 16) والذي يضيء المسكونة.
وحيث أن الكنيسة تمثل السماء على الأرض، فيجب إذا أن تضاء على مثالها والأنوار كذلك تدل على اشتعال قلوب المسيحيين بالإيمان والمحبة لله ولقديسه وفوق كل ذلك لإظهار الكنيسة في مجد وبهاء.
وكما أنه عندما تجلى السيد المسيح على الجبل مع تلاميذه ظللته سحابة منيرة وأضاء وجهه كالشمس، وصارت ثيابه كالنور، كذلك توقد الشموع أمام المذبح لتذكرنا دائمًا بهذا التجلي المجيد، وأن السيد يتجلى في كنيسته كما فوق ذلك الجبل (مت 17).
ويجب
أن نلاحظ أن إيقاد الأنوار في الكنيسة هو بأمر إلهي، إذا أن أمر أن توقد المنارة في خيمة الاجتماع أمام مائدة البخور وخبز الوجوه. ومعروف أن الأنوار لم تكن رمزًا حتى تبطل بل ظلت وستبقَى، وكانت المنارة تضاء باستمرار في الليل والنهار لأنها كانت تلازم التقدمات، ومعروف أن الذبائح والقرابين كانت تقدم في الصباح والمساءذلك
لأن الرب عمل فصحه ليلًا إذًا أوقدت الشموع والمسارج، ولهذا حافظت الكنيسة على هذا النظام فظلت توقد الشموع والقناديل ولو كانت الصلاة في رابعة النهار، لكي تستحضر للأذهان ما عمله رب المجد تمامًا. قال صاحب ريحانة النفوس ص 131 " بما أن الرب قد تثبت أولً في الليل وكانت أعياد المسيحيين المعروفة بولائم المحبة تصنع مساءً بقى استعمال الضوء بعد ذلك لأجل المشابهة التامة بينهما.وسفر الأعمال يذكر لنا في الإصحاح الـ20 أن التلاميذ كانوا مجتمعين في أول الأسبوع ليكسروا خبزًا... وكانت مصابيح كثيرة في العلية التي كانوا مجتمعين فيها" ومعنى هذا أن المصابيح كانت مضاءة وقت
كسر الخبز واستمرت إلى أن انتهى بولس الرسول من خطابه، وهذا يوافق ما أمر به الرسل كما ورد في الدسقولية " يجب أن تكون الكنيسة مضاءة بأنوار كثيرة على مثال السماء ولا سيما عند قراءة فصول الكتب المقدسة (دسقولية 10: 35) وقد جرت العادة أن تضاعف الأنوار أثناء الخدمة المقدسة وتوقد الشموع أمام الأسرار، وكلما انتقلت من مكان إلى لآخر كالنجم الذي يشير إلى مكان المسيح وجاء في رسالة بطرس الرسول لإقليموس "تُقَاد الأنوار في الكنيسة بالشمع والقناديل وتكون لامعة جدًا".وإيقاد الأنوار في الكنيسة شيء مناسب للدلالة على عظمة الله تعالَى وهو الماسك السبعة الكواكب (رؤ 2: 1) وأمام عرشه سبعة مصابيح نار (رؤ 4: 5) وقد رأى صاحب الجاليان ابن الإنسان بين السبع المنائر
الذهب متسربلً بثوب إلى الرجلين ومتمنطقًا عند ثدييه بمنطقة من ذهب (رؤ 1: 12) والأنوار تناسب الله المتسربل بالمجد والجلال (مز 93: 1؛ 104: 10).والأنوار
تناسب كلام الله، قال القديس إيرونيموس "إن الكنيسة تضيء الأنوار وقت قراءة الإنجيل إظهارًا لفرحها بالبشارة التي سمعتها من الإنجيل عن يسوع نور العالم وقال الحكيم لأن الوصية مصباح والشريعة نور وتوبيخات الأدب طريق الحياة (أم 6: 23) وقال داود النبي "سراج لرجلي كلامك ونورًا لسبيلي" (مز119: 105).فهي تذكرنا بالقديسين الذين يضيئون كالشمس في ملكوت أبيهم (مت 13: 43) وتذكرنا بالدرجة التي أعطانا إياها السيد بقوله أنتم نور العالم. (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات والكتب الأخرى). وانه أتى ليضيء على الجالسين في الظلمة وظلال الموت (لو 1: 78)
وأنه النور الحقيقي الذي ينير لكل إنسان آتيًا إلى العالم (يو 1: 9) وأنه نور العالم ومن يتبعه لا يمشي في الظلام بل يكون له نور الحياة (يو 8: 12) وأنه بنوره نعاين النور. قال داود بنورك يا رب نعاين النور.لأنه إن كانت خدمة العتيقة قد التزمت أن تكون وسط الأنوار فكم بالأولى تكون خدمة الأسرار الإلهية في مجد أكثر، وجلال أوفر على قدر سموها لأنه إن كانت خدمة الموت المنقوشة بأحرف في حجارة، قد
حصلت في مجد فكيف لا تكون بالأولى خدمة الروح في مجد (2كو7:3، 8) ولهذه الأسباب جميعًا استعملت الكنيسة الجامعة الأنوار وقت الخدمة المقدسة حتى أن البروتستانت أنفسهم، مع أنهم لا يستعملون الأنوار وقت صلواتهم يؤكدون هذه الحقيقة فيذكر صاحب كتاب ريحانة النفوس في ص 130 " إن استعمال الشموع في المعابد كان في الجيل الثالث وقال إن إيرونيموس الذي عاش في الجيل الرابع قال إنها كانت تستعمل نهارًا".الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
تقصير الرابط:
tak.la/593v82w