St-Takla.org  >   books  >   pope-sheounda-iii  >   7-words-on-the-cross
 

مكتبة الكتب المسيحية | كتب قبطية | المكتبة القبطية الأرثوذكسية

كتاب كلمات السيد المسيح على الصليب - البابا شنوده الثالث

9- فاعلية هذه الكلمات في حياتنا

 

هذه الكلمات الغالية التي قالها المسيح على الصليب: فلنضعها نحن في قلوبنا، ولتكن ذات فاعلية في حياتنا... لنقرأ كل كلمة منها في إمعان، ونتفاعل معها... وسنضرب الآن مثالا لتفاعل القلب مع كلمتين منها:

 

* يا أبتاه أغفر لهم...

لقد علمنا الرب أن نقول في الصلاة الربية "اغفر لنا خطايانا، كما نغفر نحن أيضًا لمن أخطأ إلينا". فأصبحت عبارة "يا أبتاه اغفر لهم" شرطًا لازمًا للمغفرة، لك أنت.

فلا يظن أحد منكم انه يمنح المغفرة لغيره عندما يقول "يا أبتاه اغفر لهم". في الواقع انه يأخذ المغفرة لنفسه. لأن شرط الغفران الذي تأخذه أنت، هو أن تغفر لغيرك. "اغفروا يغفر لكم" (لو37:6).

إن السيد المسيح عندما علمنا الصلاة الربية، لم يعلق على أية طلبة منها سوى هذه الطلبة الواحدة، وهكذا قال "فإنه إن غفرتم للناس زلاتهم، يغفر لكم أبوكم أيضًا زلاتكم" (متى14:6، 15).

لذلك فإن لم تغفر أنت للآخرين، إنما تمنع المغفرة عن نفسك، وليس عن الآخرين.

فإن قلت "يا أبتاه أغفر لهم"، يرد عليك قائلًا "وأنا أيضًا أغفر لك". إذن فمغفرتك للناس أمر أنت مضطر إليه، لكي تنال المغفرة أنت أيضًا... فالأفضل أذن أن تغفر من أجل المحبة -كما فعل المسيح- بدلًا من أن تغفر اضطرارا من أجل ان يغفر لك...

من الجائز أن هذه المغفرة تتعبك من الداخل، ولا تكون سهلة على قلبك... كيف أغفر لمن فعل بي كذا وكذا، وأهانني وأتعبني وألصق نفسي بالتراب؟! أقول لك: أحتمل... أنت في الواقع فيما تعطي لهذا الإنسان المغفرة، إنما تعطيها أيضًا لنفسك، فاغفر، لكي يغفر الرب لك. وأقول مرة أخرى: ليتك تغفر عن حب، وليس عن اضطرار.

St-Takla.org Image: Crucifix with Stories of the Passion and the Redemption (photo 3), by a Florentine painter, tempera on wood, 302x2100, last quarter of the 12th century - Uffizi Gallery (Galleria degli Uffizi), Florence (Firenze), Italy. It was established in 1581. - Photograph by Michael Ghaly for St-Takla.org, October 1, 2014. صورة في موقع الأنبا تكلا: أيقونة الصلبوت (صلب السيد المسيح) مع قصص الخلاص والفداء (صورة 3)، لفنان فلورنتي، تيمبرا على خشب بمقاس 302×2100 سم، من الربع الأخير من القرن الثاني عشر - صور متحف معرض أوفيتزي (متحف أوفيزي)، فلورنسا (فيرينزي)، إيطاليا. وقد أنشئ عام 1581 م. - تصوير مايكل غالي لموقع الأنبا تكلاهيمانوت، 1 أكتوبر 2014 م.

St-Takla.org Image: Crucifix with Stories of the Passion and the Redemption (photo 3), by a Florentine painter, tempera on wood, 302x2100, last quarter of the 12th century - Uffizi Gallery (Galleria degli Uffizi), Florence (Firenze), Italy. It was established in 1581. - Photograph by Michael Ghaly for St-Takla.org, October 1, 2014.

صورة في موقع الأنبا تكلا: أيقونة الصلبوت (صلب السيد المسيح) مع قصص الخلاص والفداء (صورة 3)، لفنان فلورنتي، تيمبرا على خشب بمقاس 302×2100 سم، من الربع الأخير من القرن الثاني عشر - صور متحف معرض أوفيتزي (متحف أوفيزي)، فلورنسا (فيرينزي)، إيطاليا. وقد أنشئ عام 1581 م. - تصوير مايكل غالي لموقع الأنبا تكلاهيمانوت، 1 أكتوبر 2014 م.

السيد المسيح على الصليب تقدم ليأخذ مغفرة من الآب عن كل خطايا البشر، فغفر لصالبيه أولًا.

وكأنه يقول للآب "سأغفر لهم كل ما فعلوه بي، لكي تغفر أنت لي".. ليس لكي يغفر له خطاياه، فالمسيح بلا خطية (يو46:8). ولكن يغفر له الخطايا التي يحملها، لأنه "حمل الله الذي يحمل خطايا العالم كله" (يو29:1)، إذ قد "وضع عليه إثم جميعنا" (أش6:53).

قد تقول: كيف أغفر كل ما فعلوه بي... يكفي أنني صامت لا أرد الشر بالشر...

لا يا أخي... أن هذا الصمت لا يكفي. يجب أن تنتصر على نفسك من الداخل، وتغفر.

وعندما تنتصر على نفسك من الداخل، وتغفر، تكون قد صعدت على الصليب.

وعندما تصعد على الصليب. تستطيع أن تقول "لأعرفه وقوة قيامته وشركة آلامه" (في10:3). لقد دخلت في شركة آلامه، صعدت معه على الصليب وغفرت للمسيئين لأنهم لا يدرون ماذا يفعلون.

 

* اليوم تكون معي في الفردوس:

قُلْ لنفسك: لكي اسمع هذا الوعد من المسيح، ينبغي أن أقول كما قال اللص "نحن بعدل جوزينا"...

إن اللص اليمين لم يعتف من الآلام التي وقعت عليه، إنما طلب مغفرة في الأبدية، فكن مثله، ولا تكن مثل اللص الذي طلب أن ينزل المسيح من على الصليب وينزله معه "يخلص نفسه وإيانا"..

مسكين هذا الجاهل، إن في نزول المسيح عن الصليب هلاكا للعالم أجمع. لو كان هذا اللص يسعى لخلاص نفسه، لقال: انتظر يا رب قليلا على الصليب، من أجلي، لكي لا أهلك... أرجوك يا رب، احتمل من أجلي، أحتمل حتى الموت لتدفع ثمن خطاياي...

← انظر كتب أخرى للمؤلف هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت.

كن يا أخي روحانيًّا كاللص اليمين الذي فكر في أبديته، ولا تكن جِسْدَانيًّا كاللص الشمال الذي فكر في خلاص جسده فقط...

ولا تهرب من الضيقات التي تقع عليك، بل في كل ضيقة قُلْ عبارة اللص التائب "نحن بعدل جوزينا"..

وكما تطلب من الرب أن يذكرك في ملكوته، اذكره أنت أيضًا على الأرض، والصق قلبك بمحبته...

ولا تطلب أن يذكرك الرب فقط على الأرض بل في ملكوته إن كان في الأرض مسامير أو صليب، لا يهم... المهم هو مصيرك في الملكوت.

لا يهم أن نقضى حياتنا الأرضية هنا على الصليب... إنما المهم أن نكون مع الرب في فردوسه...

لا تفكر أن تنزل من على صليبك، بل احتمل واصبر. لقد قال الرب للص "اليوم تكون معي في الفردوس"، لأنه قبل إيمانه واعترافه وتوبته.

وأنت، هل قدمت للرب اعترافًا وتوبة وإيمانًا حتى تستحق أن تكون معه في الفردوس؟

إن لم تكن قد فعلت، فابدأ من الآن...

اشترك في الآلام معه، لكي تتمجد أيضًا معه.

وتذكر أن عبارة "اليوم تكون معي في الفردوس" هي عبارة مشجعة جدًا، تمنع اليأس، وتهب الرجاء.

إن كان اللص قد نال الوعد بالفردوس، على الرغم من كل شروره وخطاياه، فلا تيأس أنت مهما كانت خطاياك.

إن كانت توبة اللص قد قبلت، وهو في آخر ساعات حياته، فلا تيأس أنت إن كانت حياتك السابقة كلها قد أكلها الجراد وضاعت هباءًا.

عبارة "اليوم تكون معي في الفردوس" تعطينا أيضًا مثالًا عمليًّا لسرعة استجابة الصلوات.

حالما قال "اللص اذكرني يا رب"، أتاه الرد سريعا "اليوم تكون معي في الفردوس".. إذن لا تمل من الصلاة والطلبة، ولا تبرح من فمك عبارة "اذكرني يا رب..".. قُلْهَا في كل حين، ومن أعماق قلبك، وبإيمان. وثق أنه سيستجيب.

لا تترك العدو يحاربك بالخجل، حتى لا تطلب. إن العشار في عمق خجله قال "ارحمني يا رب". واللص وهو عارف بخطيئته، قال "اذكرني يا رب".

هكذا نحن أيضًا، مع أن الخزي يغطي وجوهنا بسبب خطايانا، ومع أنه ليس لنا وجه نرفعه إلى الرب، وليست لنا دالة ولا حجة ولا معذرة، إلا أننا من أجل حنانه هو ومحبته هو وغفرانه، سنظل نقول عبارة "اذكرني يا رب"، إلى أن ننال منه الوعد بالفردوس...

إن الرب لم يكتف فقط بأن يعطي اللص وعد بالفردوس، وإنما بالأكثر أعطاه وعدا أن يكون معه. لان أهم ما في الفردوس أن نكون مع الرب...

نعم، إن الفردوس بدون الرب لا قيمه له، ولا نعيم فيه، ولا يصح أن يدعى فردوسًا... إن النعيم الحقيقي هو أن نكون مع الرب... يكون الرب وسط شعبه... يتمتعون به، بحبه، وبصحبته، وبنوره... وبأبوته، وحنانه...

لذلك لا تطلب الفردوس، بل أطلب الرب نفسه...

اطلب أن تكون معه، تتأمل وجهه المفرح البشوش، كما قال داود: لوجهك يا رب التمس. لا تحجب وجهك عني...

والعجيب في قصة هذا اللص، أنه أخذ وعدا بالوجود مع الله في الفردوس، على الرغم من أنه لم يعش مع الله على الأرض...

بل مجرد ساعات قليلة قضاها مع الرب حسنا، استطاعت أن تمنحه صحبة الرب إلى الأبد. لأنها كانت ساعات ذات عمق، عمق شديد، وصل بها إلى أعماق قلب الله.

ليس المهم إذن في طول الوقت الذي نقضيه مع الرب، بل في عمقه. كلمة واحدة بعمق تقتدر كثيرًا في فعلها... قُلْ هذه الكلمة...

وَعِش في عمق الصلة، لتصل إلى أعماق الله...


الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع

https://st-takla.org/books/pope-sheounda-iii/7-words-on-the-cross/effect.html

تقصير الرابط:
tak.la/26ycvqd