St-Takla.org  >   books  >   iris-habib-elmasry  >   woman-christ
 

مكتبة الكتب المسيحية | كتب قبطية | المكتبة القبطية الأرثوذكسية

كتاب المرأة العصرية في مواجهة المسيح - أ. إيريس حبيب المصري

25- الصدى الداخلي للمشكلات النفسية لدى المرأة

 

هذه العوامل الخارجية التي ضغطت على المرأة وما زال أثر ضغطها واضحًا حتى في مجتمعنا الحديث قد أدت إلى مشاكل نفسية أعاقت انطلاقتها كما أعجزتها عن النمو الصحيح. ولنبدأ ببحث العوائق النفسية ونتائجها:

 

St-Takla.org Image: A Japanese woman. صورة في موقع الأنبا تكلا: سيدة يابانية.

St-Takla.org Image: A Japanese woman.

صورة في موقع الأنبا تكلا: سيدة يابانية.

1. فالصدمة النفسية الأولى هي توكيد للشعور اللاواعي بعدم أهميتها وقلة الأكثرات بها بل والاستخفاف بشخصيتها. فهي كائن ثانوي محض لم يتفضل الله بخلقة إلا لخدمة آدم ودفعه إلى الرضى بالحياة. وهذه المشاعر التي تلاقيها منذ اللحظة الأولى لخروجها من بطن أمها تنشئ فيها الشعور العنيف بالنقص الذي يتزايد مع نموها ونمو مداركها. وهذا الشعور بالنقص في تزايده يؤدي إلى عقد نفسية عديدة متنوعة منها ما تعبر عنه الكنيسة بكلمة "صغر النفس" أو "جزع القلب" الذي يستولي عليها في كثر من ويصبغ تفكيرها وسلوكها إلى حد اصباتها بما يشبه الشلل الفكر يإذ تتراجع أمام أهون المسائل زعما منها بأن الرجل هو وحده الذي يستطيع مواجهة مثل هذه المسائل. ولما كانت المرأة عاطفية بطبيعها وأكثر انقيادا لعاطفيتها فأنها تتنرجس(23) وتعيش في عالم من الوهم يتعارض وعالم الواقع. وكثيرا ما تصطدم البنت بعالم الواقع البعيد كل البعد أن أوهامها وخيالاتها فتمتلئ حزنًا ونكدًا. والمرء الحزين المتنكد يشيع النكد فيمن حوله كما أنه يعجز عن سرعة التصرف وعن انجاز واجبه في وقته. وكل هذه المشاعر الهدامة تكمن في اللاشعور مما يضاعف حدتها. لأن الطبيب متى جهل مصدر الداء صعب عليه تقديم الدواء الناجح. وهذه المشاعر الهدامة الكامنة في اللاشعور تجعل المرأة تضيق ذرعًا بنفسها فتجعل المحيطين بها ينتقدونها ويلومونها.

 

2. ومما يضاعف خطر النرجسة امكان امتدادها إلى العلاقات الزوجية - وهي هنا ليست قاصرة على المرأة بل أنها تشمل الرجل أيضًا. والشخص المتنرجس يريد من شريكة حياته (أو شريكها) أن يكون خادمًا له مطيعًا لرغباته إذا لا يعتبره شخصًا له كرامته الخاصة الواجبة الاحترام، بل ينظر إليه كشيء خاص به ومن ممتلكاته ومثل هذه النظرة تشكل خطرًا مزعجًا على الحياة الزوجية المسيحية التي أوجب الله أن تتصف بصفة الاستدامة إلى حد أن بعض أخواتنا كن يعتبرن استدامة الزواج ثابتة حتى بعد انتقال أزواجهن إلى العالم العلوي إذ تروي لنا سيدة وقور أنه حين توفي جدها كانت جدتها في السابعة والعشرين من عمرها. وتقدم للزواج منها قريب من اقربائها فرفضت رفضًا باتا بقولها: "كيف أريه وجهي حين أصل إليه؟" ومثل هذا الموقف لا تستطيع متنرجسة أن تقفه (ولا متنرجس أيضًا). لأنه موقف الإنسان الذي ارتبط بحب وثيق مع الآخر، ونبع عن هذا الحب احترام وثيق أيضًا. ومثل هذه العواطف الوثيقة ليست ضمن أحاسيس المتنرجس الذي تنصب عواطفه كلها على نفسه كأنه هو وحده محور الكون!

← انظر كتب أخرى للمؤلفة هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت.

 

3. ولما كانت كل قوة كامنة داخل النفس لا بُد لها من مخرج سواء في ذلك القوة النافعة والقوة الضارة، فإن المرأة التي تجيش في داخلها الأحاسيس الهدامة تعبر عنها بطريقة هدامة أيضًا.

فالغيرة العنيفة التي تسيطر على بعض النساء مرجعها إلى عدم الاستقرار النفسي النابع من عقدة النقص ومن الشعور اللاواعي بأنها غير مرغوب فيها. وهي بإزاء هذا الشعور تريد أن تثبت وجودها.

وكلنا يعرف مثلًا كيف أن امرأة جاهلة قبيحة الوجه تنجح في إبعاد زوجها عن أهله وعن أصدقائه وقد يستغرب البعض منا هذا النجاح.

ولكن الجواب على هذا الاستغراب هو أن الجاهلة القبيحة تريد حفظ التوازن بينها وبين المتعلمة والجميلة بوسائلها الخاصة من التحايل والمكر والتملق وغير ذلك مما تأباه المرأة الواثقة بنفسها.

ومن وسائل التعبير عن الشعور بالنقص الثرثرة: فتتكلم كثيرًا ولا يتناول كلامها الكثير غير نقد هذه وإيجاد اللوم على تلك، والأحاديث التي توصف اللغة الدارجة أنها "كلام فارغ" لا هدف منه غير الهدم وتقترن الثرثرة، الميوعة والضحك المستمر- والهدف منهما استلفات النظر، وبخاصة لأن بعض النساء يزعمن أن الميوعة من أقوى الوسائل في لفت نظر الرجل. ومن مستلزمات الميوعة الاستعراضية - فهي تسعى إلى استعراض مفاتنها الجسمية خاصة، لأن هذه المفاتن سلاح قوي في متناولها. ونظرة واحدة إلى الموضة التي تتغير وتتشكل من موسم إلى موسم تبين لنا إلى أي مدى تسعى المرأة إلى الأستعراضية. ولئن احتج البعض بأن التغيير يضفي على الحياة شيئًا من البهجة فالجواب أن الموضة المتغيرة ليست لمجرد التنويع وأن هناك وسائل عديدة للتغيير والتنويع غير هذا التهالك على تغيير الزي، كما أن التنويع في الملابس يمكن أن يحدث من غير أن يجعل من المرأة دمية متحركة مثيرة. وليس من شك في أن المرأة يوم أن تشعر بالاستقرار النفسي وتشعر بالأطمئنان إلى أنها محبوبة ومرغوب فيها لشخصيتها ولقيمتها في حد ذاتها، يوم أن يحدث هذا فإن الكثير من الاستعراضية والثرثرة والنرجسة سيزول. لأنها ستدرك يومذاك أنها مخلوق له كرامته الخاصة. إلا أنه يجب على الرجل أن يتخلص من النرجسة هو أيضًا لأنه إن ظل يعتبر المرأة شيئًا يتملكه وليس شخصًا كريمًا له منزلته عند من افتداه فالصراع بين الجنسين سيزداد حدة.

_____

الحواشي والمراجع لهذه الصفحة هنا في موقع الأنبا تكلاهيمانوت:

(23) أصل كلمة "النرجسة" يرجع إلى أسطورة يونانية مؤداها أن شابًا من أولاد أنصاف الآلهة والجنيات أسمه «نارسسيوس» ) أي "نرجس" كان جميلًا جدًا. وقد قيل لأمه انه سيعيش طويلًا إن هو استطاع أن لا يرى نفسه في المرآة إطلاقًا. ولكنه لسبب ما رأى صورته منعكسة على صفحة بحيرة، فاستهوته إلى حد أنه جلس يتأملها حتى هزل ومات. ولقد استعمل فرويد اسمه للتعبير عن الشخص الذي يتقوقع في نفسه، وتنصب كل انفعالاته على نفسه فقط، فَيُصاب بمرض الزعم بأنه مركز الحياة، مُتَنَاسِيًا كل شيء وكل إنسان غيره.


الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع

https://st-takla.org/books/iris-habib-elmasry/woman-christ/internal-echo.html

تقصير الرابط:
tak.la/2m4khd3