St-Takla.org  >   books  >   fr-tadros-malaty  >   mary-1-orthodox-faith
 

مكتبة الكتب المسيحية | كتب قبطية | المكتبة القبطية الأرثوذكسية

كتاب القديسة مريم في المفهوم الأرثوذكسي - القمص تادرس يعقوب ملطي

34- حاجتها إلى الخلاص

 

مع كل ما بلغته القديسة مريم من جمالٍ روحيٍ، فإن كمالها واختيارها كوالدةٍ الإله ومجدها... هذا كلّه خلال نعمة الله المجانية، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في مواضِع أخرى. كانت في حاجة إلى الخلاص كإخوتها في البشريَّة، وقد صارت مثالًا فريدًا في تمتُّعها بالخلاص ونموها الدائم في الرب. لهذا تُسَبِّح الله قائلة: "تُعظِّم نفس الرب، وتبتهج روحي بالله مخلِّصي" (لو 1: 46-47).

يقول العلامة أوريجينوس: [يحدث تساؤل: كيف تعظِّم نفسي الرب؟ حقًا إن كان الرب لا يَقْبَل الزيادة ولا النقصان وهو بلا تغيير، فإلى أي مدى يمكن لمريم أن تقول هذا؟: "تُعَظِّم نفسي الرب"؟... كلما كبرت صورة (المسيح فيَّ) وصارت بهيّة في أعمالي وأفكاري وأقوالي، تُحسب قد كبرت صورة الرب وتمجّد... وكما أن صورة الرب تزداد بهاءً فينا، فإنَّنا إذ نخطئ تصغر الصورة وتبهت[136].]

St-Takla.org Image: Statue of Saint Mary the Mother of Jesus at the top of the church - Chiesa San Marco: St. Mark Church, Milan (Milano) Italy. Its groundbreaking was on 1245, but completed on 19th century. - Photograph by Michael Ghaly for St-Takla.org, October 4, 2014. صورة في موقع الأنبا تكلا: تمثال السيدة مريم العذراء والطفل يسوع أعلى مبنى الكنيسة - صور كنيسة القديس مرقس (مارمرقس)، ميلانو (ميلان)، إيطاليا. وقد بدأت عام 1245 ولكن انتهى البناء في القرن التاسع عشر. - تصوير مايكل غالي لموقع الأنبا تكلاهيمانوت، 4 أكتوبر 2014.

St-Takla.org Image: Statue of Saint Mary the Mother of Jesus at the top of the church - Chiesa San Marco: St. Mark Church, Milan (Milano) Italy. Its groundbreaking was on 1245, but completed on 19th century. - Photograph by Michael Ghaly for St-Takla.org, October 4, 2014.

صورة في موقع الأنبا تكلا: تمثال السيدة مريم العذراء والطفل يسوع أعلى مبنى الكنيسة - صور كنيسة القديس مرقس (مارمرقس)، ميلانو (ميلان)، إيطاليا. وقد بدأت عام 1245 ولكن انتهى البناء في القرن التاسع عشر. - تصوير مايكل غالي لموقع الأنبا تكلاهيمانوت، 4 أكتوبر 2014.

إذ تعمقت جذور محبة الكنيسة للقديسة مريم، نتطلَّع إليها بكونها أكثر قداسة من كل الخليقة السماوية لكنها في نفس الوقت هي عضو طبيعي في الجنس البشري. فنحن لا نعزلها عن البشرية، مدعين أنها وُلِدَت بغير الخطية الجدية، كما لو كانت ليست من زرع بشر. هذه الحقيقة أعلنتها الثيؤطوكية التالية[137]:

"يا لغِنَى الله وحكمته، الرحم الذي تحت الحكم أنجب أولادًا بغير ألم المخاض،

صارت ينبوع الخلود، أتت بعمانوئيل بغير زرع بشرٍ، ليُحَطِّم فساد طبيعتنا".

هكذا تضع الكنيسة تمييزًا فاصلًا بين حياة القديسة قبل لحظة التجسد (كابنة آدم الوارثة للحكم)، وبعدها (تقدَّست بالكمال للتجسد الإلهي)، ففي ثيؤطوكية أخرى نقول[138]:

"الروح القدس ملأك تمامًا، ملأ كل جزءٍ في جسدكِ ونفسكِ، يا مريم والدة الإله!"

أعلنت القديسة مريم بنفسها فرحها بالله مخلصها، إذ كانت هي أيضًا محتاجة إلى الخلاص. في هذا يقول القدّيس أمبروسيوس: [إذ أراد الرب أن يُخَلِّص العالم، بدأ عمله بمريم، حتى أنه خلال الخلاص الذي أُعد للجميع تكون هي الأولى تنعم بثمرة الخلاص المُقَدَّم بواسطة الابن[139].]

ويقول القديس أغسطينوس: [من آدم خرجت مريم، التي ماتت بسبب الخطيئة. آدم مات بسبب الخطيئة. أما جسد الرب النابع عن مريم فمات ليُحَطِّم الخطيئة[140].]

أخيرًا فإن هذا المفهوم الأرثوذكسي حفظ كنيستنا بعيدًا عن كل مبالغة أو خلط بين ما يخص السيد المسيح وأمّه. فإننا لا نجد لاهوتي أرثوذكسي يدعو القديسة مريم "شريكة في الخلاص co-redemptrix، كما لا نُقَدِّم لها عبادة بل نُقَدِّم لها تكريمًا ومديحًا...

بمعنى آخر في الكنيسة الأرثوذكسية يوجد تمييز واضح بين المسيح والقديسة مريم أمه، فلا ينسب لها ما يخص السيد المسيح.

_____

الحواشي والمراجع لهذه الصفحة هنا في موقع الأنبا تكلاهيمانوت:

[136] In Luc. hom 8: 2.

[137] ثيؤطوكية الخميس.

[138] ثيؤطوكية السبت.

[139] Exp. In Luc, 2:17.

[140] W.J. Burghardt: The Testimony of the Patristic Age concerning Mary's death Maryland 195, P. 11.


الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع

https://st-takla.org/books/fr-tadros-malaty/mary-1-orthodox-faith/need-for-salvation.html

تقصير الرابط:
tak.la/pdm3bfr