St-Takla.org  >   books  >   anba-bishoy  >   five-senses
 
St-Takla.org  >   books  >   anba-bishoy  >   five-senses

مكتبة الكتب المسيحية | كتب قبطية | المكتبة القبطية الأرثوذكسية

كتاب الحواس الخمسة - الأنبا بيشوي

5- الصوم بين الجسد والروح | فلسفة الصوم

 

صوم

الذي يعيش بالجسد فقط، يضعف كيانه الروحي، ويقول معلمنا بولس الرسول: “لأَنَّ الْجَسَدَ يَشْتَهِي ضِدَّ الرُّوحِ وَالرُّوحُ ضِدَّ الْجَسَدِ، وَهَذَانِ يُقَاوِمُ أَحَدُهُمَا الآخَرَ” (غل5: 17). فلا بُد أن تصوم الحواس خاصة في فترات الصوم..

St-Takla.org                     Divider فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

St-Takla.org Image: Face (nose, mouth and chin) - from the book: Picture puzzles, or, How to read the Bible by symbols, by Beard, Frank, 1899. صورة في موقع الأنبا تكلا: الوجه (الأنف - الفم - الذقن) - من كتاب ألغاز مصورة: كيف تقرأ الكتاب المقدس من خلال الرموز، فرانك بيرد، 1899 م.

St-Takla.org Image: Face (nose, mouth and chin) - from the book: Picture puzzles, or, How to read the Bible by symbols, by Beard, Frank, 1899.

صورة في موقع الأنبا تكلا: الوجه (الأنف - الفم - الذقن) - من كتاب ألغاز مصورة: كيف تقرأ الكتاب المقدس من خلال الرموز، فرانك بيرد، 1899 م.

بين الجسد والروح

كما أن الجسد يحتاج إلى الطعام المادى ليحيا وينمو، هكذا أيضًا الروح تحتاج إلى الغذاء الروحي لكي تحيا وتنمو.

لهذا قال السيد المسيح: “لَيْسَ بِالْخُبْزِ وَحْدَهُ يَحْيَا الإِنْسَانُ بَلْ بِكُلِّ كَلِمَةٍ تَخْرُجُ مِنْ فَمِ اللهِ” (مت4: 4). وبقوله: “لَيْسَ بِالْخُبْزِ وَحْدَهُ” كان يقصد أنه إلى جوار الخبز المادي اللازم لحياة الإنسان من جهة جسده، فإن هناك كلمة الله لحياة الإنسان من جهة روحه.

وقال أيضًا السيد المسيح: “اَلْكلاَمُ الَّذِي أُكَلِّمُكُمْ بِهِ هُوَ رُوحٌ وَحَيَاةٌ” (يو6: 63)، وقال: “أَنَا هُوَ الْخُبْزُ الْحَيُّ الَّذِي نَزَلَ مِنَ السَّمَاءِ. إِنْ أَكَلَ أَحَدٌ مِنْ هَذَا الْخُبْزِ يَحْيَا إِلَى الأَبَدِ. وَالْخُبْزُ الَّذِي أَنَا أُعْطِي هُوَ جَسَدِي الَّذِي أَبْذِلُهُ مِنْ أَجْلِ حَيَاةِ الْعَالَمِ” (يو6: 51). فنحن نحيا بكلام الله في الأسفار المقدسة، كما نحيا بالشركة في التناول من جسد الله الكلمة.

← انظر كتب أخرى للمؤلف هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت.

St-Takla.org                     Divider فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

فلسفة الصوم

الصوم الحقيقي هو صوم إنسان غير منشغل بالجسد على الإطلاق “فَإِنْ كَانَ لَنَا قُوتٌ وَكِسْوَةٌ فَلْنَكْتَفِ بِهِمَا” (1تى6: 8) نكتفي بأقل شيء، كما قال السيد المسيح لمرثا: “مَرْثَا مَرْثَا أَنْتِ تَهْتَمِّينَ وَتَضْطَرِبِينَ لأَجْلِ أُمُورٍ كَثِيرَةٍ. وَلَكِنَّ الْحَاجَةَ إِلَى وَاحِدٍ” (لو10: 41، 42).. كثيرًا ما نُضيِّع وقتًا كثيرًا، كان يجب أن نستفيد به خاصةً في الأصوام.

إن صوم الحواس يُقدّسها، فقد قال السيد المسيح: “إِنْ كَانَتْ عَيْنُكَ بَسِيطَةً؛ فَجَسَدُكَ كُلُّهُ يَكُونُ نَيِّرًا. وَإِنْ كَانَتْ عَيْنُكَ شِرِّيرَةً فَجَسَدُكَ كُلُّهُ يَكُونُ مُظْلِمًا” (مت6: 22، 23). فإن كنت تصوم عن بعض الأطعمة ولكن عينك تنظر إلى العالم؛ يتدنس جسدك.

ليتنا في الصوم نتدرب ألا نشاهد البرامج المعثرة بالتليفزيون لأنها أكثر شيء يحل الصوم.. “مَنْ لَهُ أُذُنَانِ لِلسَّمْعِ فَلْيَسْمَعْ” (مت11: 15).

الإنسان الروحي يعرف حقيقة الأمور، وليس لديه وقت لهذه الأشياء. إن كان أحد مرتبطًا بعمل روحي؛ أو بصلواته بالمزامير، يمكنه أن يشاهد قداس العيد في التليفزيون، يكفي هذه المشاهدة ليسمع كلمة ربنا ويأخذ بركة. فالتليفزيون ليس هو خطية في حد ذاته، إنما العِبرة فيما تأخذه منه وتتأثر به. إن كان أحد يشاهد نشرة الأخبار ليسمع خبرًا مهمًا يريد أن يعرفه، لا خطأ في هذا. فلسنا نحارب الجهاز نفسه، لكننا نحارب الأسلوب الخاطئ في استخدام الجهاز. لا بُد من الحرص في استخدام هذه الأشياء، قال القديس بولس الرسول: “كُلُّ الأَشْيَاءِ تَحِلُّ لِي لَكِنْ لَيْسَ كُلُّ الأَشْيَاءِ تُوافِقُ. كُلُّ الأَشْيَاءِ تَحِلُّ لِي وَلَكِنْ لَيْسَ كُلُّ الأَشْيَاءِ تَبْنِي” (1كو10: 23). هناك أمور تبنى وأخرى تهدم، أهم ما في الأمر هو الهدف.

فصوم حاسة البصر؛ هو ألا تنظر للناس نظرة شهوانية شريرة. وليس هذا فقط بل مجرد تطلعك لما حولك بروح الفضول، هذا يسبب نوعًا من إفطار الحواس. وماذا يستفيد الصائم وهو لا ينقطع عن مشاهدة وسائل الإعلام كالتليفزيون؟

كذلك بالنسبة لحاسة الشم: إذا تعوّد أحد على استخدام العطور، فعلى الأقل في فترات الصوم لا يستخدم هذه الروائح لكي يحيا الصوم في طابع نسكى وتقشف يبعد فيه عن تنعمات الجسد وحواسه، حتى الأمور التي ليست في حد ذاتها خطية، ولكن في أوقات معينة لا بُد أن يبعد عنها ليعطى فرصة لحواسه الروحية أن تتقد بنار الروح القدس وتستنير بالنعمة الإلهية.

أيضًا في صوم حاسة التذوق، لا توجد خطية في الأطعمة الدسمة كالزبد واللبن والجبن واللحوم وغيرها؛ لكن لا تؤكل في فترات الصوم. فالصوم ليس كما يظن البعض أنه عدم الأكل، أو تغيير نوع الطعام. لكنه انقطاع كامل عن الطعام ثم تناول أطعمة نباتية. فالطعام بكل أنواعه ليس خطية في حد ذاته، ولكن الإنسان الذي يصوم ويصلّى؛ يشعر بحرارة العبادة؛ حرارة الروح؛ فيستطيع أن يدخل إلى أعماق العبادة الروحية، ويتذوق حلاوة ربنا.

أتعجب لمن ينشغل في أسبوع الآلام بتجهيز أطعمة ومأكولات متنوعة تمهيدًا للإفطار في عيد القيامة! كيف تستطيع العين أن تنظر هذه الأطعمة في هذا الأسبوع؟! أذية وخسارة روحية كبيرة تلحق بالإنسان الذي لا يستطيع أن يفهم قيمة هذه الأيام المقدسة، هذا من ناحية الفم أو حاسة التذوّق..

لكن أين صوم اللمس؟ أين صوم الأذن؟ أين صوم الجسد كله؟!

من أجل ذلك يجب أن تصوم حاسة اللمس أيضًا، فمن له حاسة اللمس الروحية؛ يتلامس مع محبة الله، ويتلامس مع قداسة الله ويشعر ويحس بوجوده.

وهكذا لا بُد أن تصوم أذن الإنسان عن سماع أحاديث العالم، فمجرد سماع أي حديث غير الأحاديث الروحية يُعتبر إفطارًا لحاسة السمع. يجب أن نأخذ الصوم بطريقة جدّية.


الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع

https://st-takla.org/books/anba-bishoy/five-senses/fasting.html

تقصير الرابط:
tak.la/3mpp4dd