St-Takla.org  >   articles  >   george-kyrillos  >   metacopt-hymnology
 

مكتبة المقالات المسيحية | مقالات قبطية | المكتبة القبطية الأرثوذكسية

مقال الألحان القبطية وأبعادها الخمسة (متاقبط همنولوجي) - م. جورج كيرلس

5- الأبعاد الخمس للحن: إبشويس إفنوتي Ⲡo̅c̅ ⲫ̀ϯ

 

نص اللحن
1- البُعد الطقسي للحن
2- البُعد التاريخي للحن
3- البُعد الروحي للحن
4- البُعد الموسيقى للحن
5- البُعد العقائدي للحن

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

o̅c̅ ⲫ̀ϯ ⲛ̀ⲧⲉ ⲛⲓⲅⲟⲙ ⲕⲟⲧⲕ ⲟⲟϩ ϫⲩϣⲧ ⲉⲟⲗ ϧⲉⲛ ⲧ̀:
Ⲁⲛⲁⲫ ⲟⲫⲟϩ ⲅⲉⲙ ⲡ̀23ⲛⲓ ⲛ̀ⲧⲁⲓ ⲃⲱ ⲛ̀ⲁ̀ⲗⲟⲗⲓ:
Ⲥⲉⲃⲧⲱⲧⲥ ⲟⲟϩ ⲥⲉⲙ ⲛϩⲧⲥ ⲁⲓ ⲉⲧⲁⲥϭⲟⲥⲓ ⲛ̀ϫⲉ ⲧⲉⲕⲟⲓ ⲛⲁⲙ.
Ⲁ̀ⲗ̅. Ⲁ̀ⲗ̅. Ⲁ̀ⲗ̅.
Ⲥ̀ⲙⲟ ⲉⲛⲓⲥⲓϯ ⲛⲉⲙ ⲛⲓⲥⲓⲙ
Ⲙⲁⲣⲉ ⲡⲉⲕⲛⲁⲓ ⲛⲉⲙ ⲧⲉⲕϩⲓⲣ
Ⲟⲓ ⲛ̀ⲥⲟⲃⲧ ⲙ̀ⲃⲉⲕⲗⲁⲟⲥ,.
ⲓⲟⲥ ⲁⲓⲟⲥ ⲁⲓⲟⲥ ⲕⲣⲓⲟⲥ ⲁⲃⲁⲱⲑ: ⲡ̀ⲗⲥ ⲟ ⲟⲣⲁⲛⲟⲥ ⲕⲉ ⲛ̀ⲅⲏⲥ ⲁⲓⲁⲥ ⲥⲟ ⲇⲟⲝⲏⲥ.

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

1- البُعد الطقسي للحن

لحن: "إبشويس إفنوتى إنتى نى جوم" هو لحن جبار بمعنى الكلمة،

معناه: "أيها الرب إله القوات" و يُسمى بالأسبسمس الواطس.

 

* أولا: ما هو الأسبسمس؟

- " أسبسمس " هى كلمة يونانية معناها " ترحيب – تحية – قُبلة – سلام". وقُبلة السلام أو القبلة المقدسة، هي الممارسة الطقسية التي يبدأ بعدها مباشرةً القداس الإلهي في كل كنائس الشرق.

- يوجد في الكنيسة القبطية نوعان من الأسبسمس: "الأسبسمس الآدام"، و" الأسبسمس الواطس" وهما عبارة عن نغمتين للحنين يُرتل بهم الشعب في القداس الإلهي.

- الأسبسمس الآدام: يُقال قبل مرد الشماس: "قبلوا بعضكم بعضًا بقبلة مقدسة". وأشهر أسبسمس آدام هو الأسبسمس السنوي " افرحي يا مريم العبدة والأم.." (أونوف إممو ماريا). الذى يُقال على مدار السنة الطقسية في الأيام العادية.

- الأسبسمس الواطس: يُقال قبل التسبحة الشاروبيمية مباشرة. وهو: إما أن يكون سنوي " أيها الرب إله القوات.."، أو أن يكون خاص ببعض الأعياد السيدية ويتركب على نفس اللحن. بمعنى؛ بمعنى، ان الذي يحفظ لحن "إبشويس إفنوتي" هو في الحقيقة قد حفظ جميع ألحان الأسبسمسات الواطس لكل المناسبات الطقسية. 

- و يوجد اسبسمس واطس مختصر و هو "الشاروبيم يسجدون لك والسيرافيم يمجدونك صارخين قائلين" ويعقبه مباشرة " التسبحة الشاروبيمية ". ومن هنا نلاحظ إن الكنيسة تتفهم ظروف المؤمنين؛ فوضعت ألحان طويلة، وألحان مختصرة، وتركت حرية التصرف حسب ظروف شعبها المبارك.

 

St-Takla.org Image: Jesus Christ, the true vine, private collection, Egypt, 1732 A.M. (2015-2016 - which corresponds with the year 6257 according to the ancient Egyptian calendar), Coptic art, used with permission - by Gerges Samir (Orthodox Iconographer). صورة في موقع الأنبا تكلا: أيقونة ربنا يسوع المسيح الكرمة الحقيقية، مقتنيات خاصة، مصر، 1732 ش. (2015-2016 م. - والذي يوافق سنة 6257 حسب التقويم المصري القديم)، فن قبطي، موضوعة بإذن - رسم الفنان جرجس سمير: كاتب الأيقونة الأرثوذكسية.

St-Takla.org Image: Jesus Christ, the true vine, private collection, Egypt, 1732 A.M. (2015-2016 - which corresponds with the year 6257 according to the ancient Egyptian calendar), Coptic art, used with permission - by Gerges Samir (Orthodox Iconographer).

صورة في موقع الأنبا تكلا: أيقونة ربنا يسوع المسيح الكرمة الحقيقية، مقتنيات خاصة، مصر، 1732 ش. (2015-2016 م. - والذي يوافق سنة 6257 حسب التقويم المصري القديم)، فن قبطي، موضوعة بإذن - رسم الفنان جرجس سمير: كاتب الأيقونة الأرثوذكسية.

* ثانيا: ما معنى كلمة " واطس "؟

- "واطس" هو النطق القديم للكلمة القبطية (فاطوس)، ومعناها "عُلّيقة ". وهي الكلمة الأولى من ثيؤطوكية يوم الخميس التي تُقال في تسبحة السَحَر في الكنيسة القبطية. و " العليقة " هى " التي رآها موسى في البرية، والنار مشتعلة فيها، ولم تحترق أغصانها. وهي مثال مريم العذراء غير الدنسة التي أتى منها كلمة الآب." 

- ولقد استخدمت الكنيسة هذه الكلمة " واطس " كاصطلاح طقسي لكي تُشير إلى مجموعة مُميزة من الألحان أو النغمات التي تُقال: 

 

1. إما على مدار الأسبوع كله، كما في الذكصولوجيات التي نرتلها في صلوات رفع بخور عشية وباكر، وهي كلها على وزن " واطس"، أى "ذكصولوجيات واطس".

و تُرَتَل على خمسة أوزان على مدار السنة الطقسية و هم: السنوي، الكيهكي، الصيامي (الصوم المقدس الكبير)، الشعانيني، والفرايحي. 

2. أو في أيام الأربعاء والخميس والجمعة والسبت من كل أسبوع، كما في الابصاليات (و الإبصالية هى ترتيلة أو مديحة) والثيؤطوكيات (من كلمة " ثيؤطوكس" و تعنى والدة الإله ) والألباش (جمع لُبش ومعناها تفسير) التي يُصلّى بها في تلك الأيام. 

3. أو في " الأسبسمس الواطس" الذى يقال في القداس الإلهي مثل لحن " أيها الرب إله القوات، ارجع واطلع من السماء..".

 

* في القداس الإلهى الباسيلي، عندما يصلي الكاهن ويقول: "أنت هو الذي يقف حولك الشاروبيم الممتلئون أعينا، والسارافيم ذوو الستة أجنحة، يسبحون على الدوام بغير سكوت قائلين". هنا يقول الشماس: " ننصت".

- و ما يقوله الكاهن هنا هو من الآية "أنت هو الذي يقف حولك الشاروبيم الممتلئون أعينًا والساروفيم ذو الستة أجنحة" (حز1: 10) و (رؤ4) و(أش 6: 1-7)

 

- و"ننصت" هى كلمة تنبه الشعب لكي يصمت ويصغى وينتبه لترتيل التسبحة الشاروبيمية التي سوف تُقال كما يقول حبقوق النبي: "أما الرب ففي هيكل قدسه. فاسكتي قدامه ياكل الأرض" (حب 20:2) "أسكت قدام السيد الرب.. لأن الرب قد أعد ذبيحة" (صف 7:1) "أسكتوا ياكل البشر قدام الرب لأنه قد استيقظ من مسكن قدسه" (زك 13:2) و أيضًا كما قال القديس يعقوب في خدمة قداسه: "ليسكن كل جسد بشري ويقف منتصبًا بخوف ورعدة لا يفتكر في نفسه فكرًا أرضيًا البتة لأن ملك الملوك ورب الأرباب يوافي ليُذبح ويقدم طعامًا للمؤمنين وتتقدمه مصاف الملائكة مع كل الرئاسات والسلاطين والشاروبيم الكثيري الأعين والساروفيم ذوي الستة أجنحة محجوبي الوجوه هاتفين – هليلويا". 

- ولقد رتبت الكنيسة أن يُمسك شمامسة خدمة المذبح بالمراوح في أيديهم ويروحون بها على المذبح أثناء الترتيل بالتسبحة الشاروبيمية، تعبيرًا عن حضور الملائكة وقت تقديم الذبيحة، كما هو مكتوب في الدسقولية: "ويقدس الأسقف وهو قائم على المذبح والستارة مفروشة والقسوس والشمامسة حواليه يروحون بمراوح مثل أجنحة الكاروبيم" (دسق 38 المجموع الصفوي وجه )124، وأيضًا كما ورد في أوامر الرسل "ويقف شماسان على المذبح من ناحيتيه ويُمسكان مراوح مصنوعة من شئ ناعم لطرد الهوام والذباب لئلا يقع منها شئ في الكأس" (ق 52 من 71 ويفهم من هذين البندين أن الغرض من الترويح بالمراوح ليس فقط التشبه بالكاروبيم بل لطرد الهوام وهذا الأخير تعليل إضافي وثانوي). 

- لقد رأت الكنيسة القبطية الأرثوذكسية إن هذه التسبحة الشاروبيمية ذات أهمية كبيرة، و لذلك صاغت لها ألحان كثيرة. مثل لحن أسباذستى الكبيرالذى يقال في آخره التسبحة الشاروبيمية بلحن آخر((جى أجيوس.. كى ريوس.. صاباؤت)). و أيضًا فهى تُقال باللغة العربية كأسبسمس مختصر: "نى شيروبيم سى أوأوشت" (( الشاروبيم يسجدون لك.. والساروفيم يسبحونك..)) 

- و بعد أن يقول الشماس "ننصت"، يرتل الشمامسة و الشعب هذا الأسبسمس الواطس "إبشويس إفنوتى" أيها الرب إله القوات أرجع وإطلع من السماء،أنظر وتعهد هذه الكرمة، أصلحها وثبتها، هذه التي غرستها يمينك".

 

- وبعدما يرتل الشعب الست طلبات:

- أرجع و أطلع (كوتك أووه جوشت)

- أنظر و تعهد (آناف أووه جيم إبشينى)

- أصلحها و ثبتها (سيبتوتس أووه سيمنيتس)

- يبدأ الشعب بالترتيل والتهليل بـ"هلليلويا" 3 مرات بنفس اللحن.هذا اللحن الممتلئ نشاطا وحيوية وقوة وثباتً ورصانة.

 

* انه من الغريب أن تنتهي الهلليلويات الثلاثة بطلبة موسيمية، حسب التوقيت السنوى في هذا الوقت! ولكن لماذا؟؟ لأن الكنيسة ليست منعزلة عن الحياة العامة،

- ففى أيام الزراعة تطلب من أجل الزروع والعشب.

- وفى أيام الأثمار تطلب من أجل أهوية السماء وثمرات الأرض.

- وفي أيام الفيضان تطلب من أجل مياه الأمطار.

- وفى بداية السنة الجديدة تقول بارك إكليل هذه السنة بصلاحك.

 - و تطلب الكنيسة من أجل الحياة العامة، للزروع والعشب وأهوية السماء وصعود مياه الأنهار، أكثر من مرة في القداس الألهى و ليس فقط في الأسبسمس الواطس.

← انظر مقالات وكتب أخرى للمؤلف هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت.

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

2- البُعد التاريخي للحن

* لحن "إبشويس إفنوتي" مستوحي كلماته الرائعة من المزمور الثمانين (مز 80: 14، 15) وهذا المزمور كتبه آساف إمام المغنيين على الُسوَسن.

- ومزمور آساف له علاقة خاصة بكنيستنا القبطية " أقصد المصرية "، ففى بداية نفس " المزمور (مز 80: 8) " يقول:-

"كرمة من مصر نقلت، طردت أممًا وغرستها. هيأت قدامها فأصلت أصولها، فملأت كل الأرض. غطى الجبال ظلها وأغصانها أرز الله، مدت قضبانها إلى البحر والى النهر فروعها. فلماذا هدمت جدرانها فيقطعها كل عابرى الطريق.. يفسدها الخنزير من الوعر ويرعاها وحش البرية".

- لذلك تطلب الكنيسة مع آساف وتقول لرب الجنود ورب القوات؛ إن هذه الكرمة التي نقلتها من مصر وجعلتها تملأ كل الأرض، تهدمت جدرانها وأفسدتها الخنازير، أرجوك يارب "أصلحها وثبتها". لأن أنت الذى قلت "أنا هو الكرمة الحقيقية وأبى الكرام" وقلت أيضًا "أنا الكرمة وأنتم الأغصان، الذى يثبت في وأنا فيه يأتى بثمر كثير" (يوحنا 15).

 

* ما هى التسبحة الشاروبيمية؟!

 - ان الكنيسة تقدم في خدمة القداس الإلهي أكثر من تسبحة:

1. تسبحة الثلاثة التقديسات: قدوس الله ألخ و هو لحن آجيوس الذى يقال قبل قراءة الإنجيل.

2. تسبحة الملائكة: " المجد لله" و يُصلّى بها في صلاة الصلح.

3. تسبحة الشاروبيم: "قدوس قدوس.. قدوس رب الصاباؤوث" وهى التسبحة التي يطلق عليها القديس غريغوريوس اسم "تسبحة الغلبة والخلاص". وهي التي سمع أشعياء النبي الملائكة يرتلونها أمام العرش الإلهي بخوف (أش 6: 1و2)

- وكل هذه التسبحات تعتبر قديمة جدًا في الكنيسة بدليل:

1. أن جميع الكنائس المسيحية تصلي بها في خدمة القداس.

2. إنها موجودة في جميع رتب الخدمة الإلهية.

3. ذكرها كثير من الآباء الأولون في مؤلفاتهم.

 

- و لقد أورد الأنبا ساويرس ابن المقفع في القرن العاشر الميلادي (تنيح بعد سنة 987 م) نص التسبحة الشاروبيمية، وعقب عليها، وقال: ".. وبعد الإنجيل يقدس (الكاهن) الله مع الملائكة، لأن الكاهن يقول: "أنت الذي تقف قدامك الملائكة الكاروبيم الكثيرو الأعين، والساروفيم ذوو الستة الأجنحة يسبحونك على الدوام بغير سكوت قائلين، يجاوبه كل من في الكنيسة بصوت واحد قائلين: " قدوس قدوس قدوس رب القوات السموات والأرض ممتلئتان من مجدك الأقدس". هذا التقديس يقوله جميع الذين يحضرون الكنيسة، يقدسون الله الثالوث بهذه الثلاث تقديسات. وهو أيضًا يقدسهم من خطاياهم كما قال على لسان إشعياء النبي "إن الذي يمجدني أنا أمجده، والذي يقدسني أنا أقدسه". فبهذا التقديس يتقدس المؤمن من خطاياه.

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

3- البُعد الروحي للحن

 

* أولا: " أيها الرب اله القوات "

- حكمة الكنيسة هى ان طلبتها في هذا اللحن تكون من الرب إله القوات "إبشويس إفنوتى إنتى نى جوم".. ما يجعلك تشعر انك مستند على إله قوى، إله صاحب قوات وعظائم، لذا فهو أولا يستحق التسبيح، و لذلك يقول داود في (المزمور 150) "سبحوه في فلك قوته. سبحوه على قواته، سبحوه ككثرة عظمته"

- ان الله يصنع قوات كثيرة لكي يقودنا إلى التوبة، لكن ماذا لو صنع قوات وعجائب ولم نتب؟!، بالتأكيد سوف يوبخنا مثلما وبخ " كورازين – بيت صيدا " اللى صُنعت فيها أكثر قواته، لأنها لم تتب، فيقول: "لو صُنعت في صور وصيداء القوات المصنوعة فيكما لتابتا قديما في المسوح والرماد".(مت 11: 20، 22). فالمسيح كان يذهب لبلاد كثيرة ولكنه "لم يصنع هناك قوات كثيرة لعدم إيمانهم" (مت 13: 58).

- والكنيسة في لحن "إبشويس إفنوتى" تصرخ للرب إله القوات بفرح وتسبح بصوت عظيم، فتجعل الشعب يحيا و يشعر بهذه اللحظات المُبهجة التي عاشها كل جمهور التلاميذ عندما دخل المسيح أورشاليم راكبا على جحش إبن آتان، "وإبتدأ كل جمهور التلاميذ يفرحون ويسبحون الله بصوت عظيم لأجل جميع القوات التي نظروا".(لو 19: 37) لأن "عظيم هو ربنا وعظيم القوة".(مز 147: 5) ويستطيع أن يعطينا روح القوة مثل ما قال بولس الرسول: و"لأن الله لم يعطنا روح الفشل بل روح القوة والمحبة والنصح".(2 تى 1: 7).

- انه رب إله قوات وقوى، حتى رحمته قوية، ولذلك يقول داود في (المزمور 103) "لأنه مثل إرتفاع السموات فوق الأرض قويت رحمته على خائفيه" (مز 103: 11) و كان هذا سر محبة داود له "أحبك يارب ياقوتى".(مز 18: 1)

 

* ثانيا: "أنظر وتعهد هذه الكرمة "

- حقيقةً اننى عندما أسمع أو أرنم لحن "إبشويس إفنوتى" وتأتي جملة: "أنظر وتعهد هذه الكرمة " ( آناف أووه جيم إبشينى إنتاى فو إن آلولى)، أتذكر الشجرة التي رآها نبوخذ نصر الملك في حلم "في وسط الأرض وطولها عظيم" كما ورد في سفر دانيال: " فكبرت الشجرة وقويت فبلغ علوها إلى السماء ومنظرها إلى أقصى كل الأرض.12 وأوراقها جميلة وثمرها كثير وفيها طعام للجميع وتحتها إستظل حيوان البر وفى أغصانها سكنت طيور السماء وطعم منها كل البشر.13.. وإذا بساهر وقدوس نزل من السماء. 14فصرخ بشدة وقال هكذا:إقطعوا الشجرة وأقِضبوا أغصانها وإنثروا أوراقها وابذروا ثمرها ليهرب الحيوان من تحتها والطيور من أغصانها. 15 لكن أتركوا ساق أصلها في الأرض.. " (دا 4: 11 إلخ.). لو أننا يارب كالشجرة المثمرة وابتعدنا عنك، ففسدت أغصاننا وذبلت أوراقنا، فأنت ستترك فينا ساق أصلٍ في الأرض لكي تعمل فينا مرة أخرى، وتصلح وتثبت هذا الساق. "قصبة مرضوضة لا يقصف وفتيلة مدخنة لا يطفئ"(متى 12: 20).

- وهذا ما يأكده لنا سفر أيوب: "لأن للشجرة رجاء. إن قُطعت تُخلف أيضًا ولا تُعدم خراعيبها. ولو قدم في الأرض أصلها ومات في التراب جذعها.9 فمن رائحة الماء تُفرخ وتُنبت فروعًا كالغرس".(أي 14 أية 7) و بالمناسبة، ان الخراعيب هي الأغصان الطويلة الناعمة.

- ولذلك يقول الكاهن في سر الكاثوليكون: "أيها الرب إلهنا الذي من قِبَل رسلك القديسين أظهرت لنا سر إنجيل مجد مسيحك..أحرس قطعيك وإجعل هذه الكرمة تكثر، هذه التي غرستها يمينك.."

* ثالثًا: " أصلحها وثبتها، هذه التي غرستها يمينك "

- أما بالنسبة لهذا الجزء: "أصلحها وثبتها" (سيبتوتس أووه سيمنيتس)، "هذه التي غرستها يمينك" ( ثاى إيتاستشوسى إنجى تيك أووى نام) ؛ فهيا بنا لنرى، ما الذى يفسد الكرم؟!

- يقول أشعياء النبى في (إش 24: 5) "والارض تدنست تحت سكانها لانهم تعدوا الشرائع، غيروا الفريضة نكثوا العهد الابدي... ناح المسطار ذبلت الكرم أنّ كل مسروري القلوب بطل فرح الدفوف انقطع ضجيج انقطع ضجيج المبتهجين بطل فرح العود. لا يشربون خمرا بالغناء. يكون المسكر مرا لشاربيه ". هذا هو تأثير الخطية والدنس، تجعل الكرم يذبل و يجعلنا محتاجين إلى إله القوات بنفسه لكي يجىء و يصلح ويثبت الكرمة التي غرستها يمينه.

- لكي ييجىء ويعمل كما عمل في سفر حزقيال (حز 17: 22) "هكذا قال السيد الرب وآخذ انا من فرع الارز العالي واغرسه واقطف من راس خراعيبه غصنا واغرسه على جبل عال وشامخ. في جبل اسرائيل العالي اغرسه فينبت اغصانا ويحمل ثمرا ويكون ارزا واسعا فيسكن تحته كل طائر كل ذي جناح يسكن في ظل اغصانه. فتعلم جميع اشجار الحقل اني انا الرب وضعت الشجرة الرفيعة ورفعت الشجرة الوضيعة ويبّست الشجرة الخضراء وافرخت الشجرة اليابسة. أنا الرب تكلمت وفعلت".

 

- ولذلك فان الكنيسة في قداس الموعوظين تردد على مسامعنا كلام الله الكرمة الحقيقية لكي نثبت فيه، مثلما يقول مار يوحنا (يو 15): "انا الكرمة الحقيقية وابي الكرّام, كل غصن فيّ لا يأتي بثمر ينزعه وكل ما يأتي بثمر ينقيه ليأتي بثمر اكثر, انتم الآن انقياء لسبب الكلام الذي كلمتكم به اثبتوا فيَّ وأنا فيكم. كما ان الغصن لا يقدر ان يأتي بثمر من ذاته ان لم يثبت في الكرمة كذلك انتم ايضا ان لم تثبتوا في. انا لكرمة وانتم الاغصان. الذي يثبت فيّ وانا فيه هذا يأتي بثمر كثيرلانكم بدوني لا تقدرون ان تفعلوا شيئ. ان كان احد لا يثبت فيّ يطرح كالغصن فيجف ويجمعونه يطرحونه في النار فيحترق ". و نحن نطلب بإلحاح دائم و نقول له: "أصلحها وثبتها" (سيبتوتس أووه سيمنيتس)

 

- يقول داود في (مز 68: 9): "مطرا غزيرا نضحت يا الله.ميراثك وهو معي انت اصلحته".. نعم هو فقط الذى يقدرأن يُصلّح، حتى لو قال بولس الرسول لأهل غلاطية (غل 6): " 1 ايها الاخوة ان انسبق انسان فأخذ في زلة ما فأصلحوا انتم الروحانيين مثل هذا بروح الوداعة ناظرا إلى نفسك لئلا تُجرّب انت ايضا. 2 احملوا بعضكم اثقال بعض وهكذا تمموا ناموس المسيح". نحن سوف نصلح الروحانيين مثل هذا، لكن لا يوجد غير الله الذى يستطيع أن يصلح هذه الكرمة. هو الرب إله القوات، الذى يقول عنه القديس بطرس الرسول في رسالته الأولى الأصحاح الثالث: "الذى هو (يسوع المسيح) في يمين الله إذ قد مضى إلى السماء وملائكة وسلاطين وقوات مُخضعة له".(1 بط 3: 22)

 

- الله هو الوحيد الذى يقدر أن يُصلح ويأسس ويُثبت مثلما يقول داود في (المزمور 24) "للرب الارض وملؤها. المسكونة وكل الساكنين فيها .لانه على البحار اسسها وعلى الانهار ثبتها"، و أيضًا في (مزمور 87) لبني قورح يقول "اساساته في الجبال المقدسة. الرب احب ابواب صهيون اكثر من جميع مساكن يعقوب .قد قيل بك امجاد يا مدينة الله.. ولصهيون يقال هذا الانسان وهذا الانسان ولد فيها وهو العلي يثبتها إلى الأبد". و يقول أيضًا في (المزمور 40) "انتظارا انتظرت الرب فمال اليّ وسمع صراخي واصعدني من جب الهلاك من طين الحمأة واقام على صخرة رجليّ. ثبت خطواتي 3 وجعل في فمي ترنيمة جديدة تسبيحة لالهنا". وإبشويس افنوتى هى الترنيمة التي نقولها نحن لكي يثبت الله خطواتنا ويثبت هذه الكرمة يصلحها ويثبتها (سيبتوتس أووه سيمنيتس).

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

4- البُعد الموسيقى للحن

1. البعد الموسيقي للقسم الأول من لحن "إبشويس إفنوتى"

- من الناحية الموسيقية؛ اللحن ملىء بالوقار، ومليء بالقوة الموسيقية من بدايته إلى نهايته. وانه لمن المنطقى جدًا أن يبدأ اللحن بداية رصينة، لكي تُعبر عن الرب إله القوات من جهة ولكى تُعبر عن قوة طلبة الشعب الذى يصرخ لإله القوات ويقول له "إرجع وإطلع وأنظر وتعهد وأصلح وثبت هذه الكرمة" من جهة أخرى.

- شعب يطلب 6 طلبات في آنٍ واحد، فكيف اذًا تكون موسيقية اللحن لهذه الطلبات؟!! ضعيفه؟! غير معقول!، فهو لابد أن يكون؛ قوى، رزين، راسخ، ثابت.. لابد أن يكون "إبشويس إفنوتى".

- و لذلك فان لحن "إبشويس إفنوتى" يبدأ من مقام "راست"، وكلمة "راست" كلمة فارسية معناها المستقيم. ومقام الراست هو مقام غير موجود في الغرب، ولا يمكن عزفه على الآلات الغربية التي لايوجد بها إمكانية الميكروتون. فدليل ال Armatora لهذا المقام يحتوى على ميكروتون أو "ربع تون" على درجة ال"مى" )المى سيكاه).

- وكان يجب هنا أن يحتوى المقام أيضًا على نغمة ال"سى ميكروتون " لكن اللحن تجاوزها وذهب لل سي بيمول"، وهذا ما يميز ألحان الكنيسة القبطية، أنها متحررة من القيود، ولذلك فانه يُمكن، و بذكاء موسيقى شديد، أن يُعطى اللحن الواحد أكثر من طابع مقامى أو أكثر من "موود"، عند تغيير النغمة التي يستقر عليها ؛ فيستقر تارة على الـ"فا" وتارة على الـ"مى" وتارة أخرى على الـ"رى"، وتارة على الـ"دو"، النغمة الوحيدة التي تدلنا على مقام "الراست".

- أما سرعة لحن "إبشويس إفنوتى" فهى تبدأ ب 100 نبضة في الدقيقة. و تعتبر سرعة اللحن من أهم الخصائص المميزه للحن. فتغيير سرعة اللحن يمكن أن تغير طبيعة اللحن من مفرح لحزين، ومن حماسي إلى محبط.

- ميزان اللحن هنا هو ميزان ثنائى بسيط. و بالمناسبة، ان ألحان الكنيسة القبطية لا تحتوى على أوزان وضروب كثيرة مثل الموسيقى العربية وموسيقات الخليج مثلا. لأن كثرة الإيقاعات والأوزان والضروب العنيفة تُحرك الجسد، والكنيسة القبطية لا تهدف إلى حركية الجسد، بل إلى حركية الروح.. حركية المشاعر نحو الله. و لذلك، يمكن أن نجد في الموسيقى القبطية مقامات كثيرة وتحولات مقامية غاية في التعقيد وسلالم موسيقية مختلفة تصعد و تهبط كثيرًا، أما الإيقاعات فهى في غاية البساطة والوقار والخشوع، إيقاعات بسيطة ثنائية مثل هذا اللحن، أو رباعية، وقليل جدًا ثلاثية، و هناك أيضًا ألحان متحررة تمامًا من الإيقاعات، ما يُسمى باللحن الـ"أدليبي" Addlibitum مثل؛ لحن البولس والابركسيس وأجزاء كبيرة من المزمور الإدريبي، ولحن آبيكران.

 

* و لكي نفهم صياغة اللحن؛ فاللحن في مجمله ينقسم إلى قسمين:

- القسم الأول: له طبيعة ومقام وسرعة وصياغة خاصة به. ويتكون داخليًا من أربعة أجزاء متشابهة؛

- جزء أ: مقدمة لا تتكرر وهى "أبشويس إفنوتى حتى خين إتفى" و معناها:

 "أيها الرب إله القوات إرجع وأطلع من السماء".

 

- جزء ب: و هو مشابه للجزء (أ) في اللحن والسرعة والمقام لكن يختلف في السياق الميلودى أو اللحنى ؛ " إى أناف أووه جيم إبشينى إنتاى فو إن ألولى سيب توتس أووه سيم نيتس، ثاى إيتاس إتشوس إنجى تيك أووى نام" و معناه "أنظر وتعهد هذه الكرمة، أصلحها وثبتها، هذه التي غرستها يمينك".

 

- جزء ب1: تمامًا مثل الجزء "ب" ولكن بكلمات هى"هليلويا 3 مرات وبعدها تقال طلبة من أجل الزروع والعشب.

 

- جزء ب2: وهو إعادة للجزء "ب1" ( اعادة جزئية ) وكلماته " ما ريه بيك ناى نيم تيك هيرينى" لتكن رحمتك وسلامك.

 

- ويُختم القسم الأول بأجزاؤه الأربعة بطلبة جميلة "فلتكن رحمتك وسلامك. حصنا لشعبك"، "ماريه بك ناى نيم تيك هيرينى. أوى إنسوبت إمبكلاؤوس" و هذه الطلبة هى الجزء الرابع المشابه في الصياغة والمقام والطابع للجزئين السابقين له و لكنه أقصر منهم.

 

- القسم التانى من اللحن و يمكن تسميته "ج"، هو جزء يختلف تماما في المقام و في السرعة وفى الصياغة عن القسم الأول، و يُطلق عليه اسم: "التسبحة الشيروبيمية".

 

2. البعد الموسيقي للقسم التاني من لحن "إبشويس إفنوتى"

- " ان هذا اللحن يبدأ من حيث لا ينتهى و ينتهى من حيث لا يبدأ ".

لما؟! لأن لحن "إبشويس إفنوتى" ياخدنا في نهايته لمقام آخر وسرعة أخرى.. فهو يأخدنا لمكان آخر، حيث القدوس رب الصاباؤوت رب الجنود وهو جالس على العرش و يقف أمامه الكاروبيم الكثيرِ الأعين، والساروفيم ذوو الستة الأجنحة يسبحوه على الدوام بغير سكوت قائلين "قدوس".

 

- انه لمنظر مهيب بديع مبهج، فكيف اذن يمكن للحن أن يعبر عن هذا المنظر؟!! هل ننتظر أن يستمر اللحن بنفس السرعة وبنفس المقام وبنفس الطابع و كأن شيئا لم يتغير!!، مستحيل!. فهنا لابد للحن أن ينقلب رأسًا على عقب، و هذا هو تمامًا ما حدث في نهاية اللحن عندما جاءت كلمة "أجيوس كيريوس صاباؤت".

- لو أنهم ذهبوا لأيًا من الملحنين ودارسي التأليف الموسيقي، وطلبوا منه أن يلحن "إبشويس إفنوتى"، كان بالتأكيد سيقف عند هذه القطعة و يُغير المقام والميزان والموود والسرعة، و لكن دعونى لا أخفي عنكم شيئًا، انه حتما كان سيذهب إلى مقام موسيقي كبير، أى مقام كبير مناسب لكي يعبر به عن هذا المنظر البديع المهيب المبهج. لكن انظروا معى ماذا فعل هذا الأب الملحن مسوقا بالروح؟!! لقد ذهب إلى مقام "صبا"!.. المقام الحزين!.. نعم!.. انه مقام حزين و لكن بالعبقرية الموسيقية والإحساس الروحى المرهف، استطاع أن يُعبر عن هذا المنظر العجيب!.

- ولكن الحقيقة ان تغيير المقام هنا ليست هو المشكلة، انما المشكلة الحقيقية هي؛ كيف استطاع أن ينتقل من المقام السابق " الراست" إلى المقام الجديد "الصبا"! فهما مقامين مختلفين تمامًا و ليس لهم أى علاقة ببعضهم البعض!. و لكن كل شىء يمكن تحقيقه بالخبرة و الذكاء الموسيقي الحاد.

 

- لقد نفذ هذا الأب العبقرى عملية التحويل المقامى على مراحل:-

- الأولى: تبطئ تدريجى لسرعة اللحن.

- الثانية: " كرونا " أى، اطالة زمن آخر نغمة.

- الثالثة: تغييرالسرعة من 100 نبضة في الدقيقة إلى 60 نبضة في الدقيقة.

- الرابعة: التمهيد بنغمة واحدة وهى الـ"فا" و تكرارها أربع مرات

- الخامسة: تكرار تيمة صغيرة ثلاث مرات.

 

- كل هذه المراحل لكي يحول من مقام الراست إلى المقام العجيب "الصبا" بدون أن يشعر المُصلّى بالتعب، ولكى ينقل المُصلّى إلى هذا المنظر المهيب الذى شاهده يوحنا الرائى.

 شكرا لك أيها القديس على تعبك وإهتمامك والمجهود الذى بذلته لكي تُعبر لنا عن كل كلمة في اللحن ولكى تعيشنا في بهاء هذا المنظر المهيب، العرش الإلهى وحوله الشاروبيم والسيرافيم.

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

5- البُعد العقائدي للحن

- لقد ذكر القديس كليمندس من آباء القرن الثاني، التسبحة الشاروبيمية في مؤلفاته وفسرها وقال: " أي قدوس أنت يالله الآب. قدوس أنت يالله الإبن. وقدوس أنت أيها الروح القدس. ثالوث مقدس إله واحد منفرد ومقدس. بتثليث الأقانيم نسجد له وبوحدانية الجوهر نمجده". و ترتلها الكنيسة للدلالة على أن يسوع واحد من الأقانيم الثلاثة ليس فقط في السماء وقبل التجسد بل في التجسد وفي القبر وعلى المذبح وفي كل مكان وزمان.

 

- و يقول القديس كيرلس عن الرؤيا التي رآها أشعياء النبي إنها كانت خاصة عن الكلمة الأزلي فسبق النبي وشاهده "لابسًا جسدًا كبشر وجالسًا على عرش عال ومرتفع وأذياله تملأ الهيكل. والسارفيم واقفون فوقه لكل واحد ستة أجنحة باثنين يغطي وجهه وباثنين يغطي رجليه وباثنين يطير وهذا نادى ذاك وقال: " قدوس قدوس قدوس رب الجنود مجده ملء كل الأرض"(أش 6: 1-3)

- ويؤكد كلامه هذا، يوحنا الإنجيلي الذى قال أن أشعياء رأى مجده وتكلم عنه (يو12: 41) أي رأى مجد الإبن الكلمة المتجسد وكانت الملائكة تصرخ ثلاثًا إعلانًا بأنه واحد من الأقانيم الثلاثة ويدعونه ربًا لأنه مساو للآب والروح القدس في الذات والجوهر وكمال الصفات ويدعونه رب الصباؤوت أي رب الجنود لأنه لبس جسدنا وصلب ومات ولم يتغير في طبيعته الإلهية عما كان قبل التجسد بل قهر الخطية والموت والشيطان وأعطانا الخلاص. وقال أنهم بأجنحتهم كانوا يسترون وجوههم وأرجلهم دلالة على أنهم لا يدركون لاهوته ولا يفحصون أمر ناسوته. وقد وافقه القديس أغسطينوس وغيره من الآباء.

* لماذا ترتل الكنيسة بهذه التسبحة الشاروبيمية قبل تقديس الأسرار؟

- إشارة إلى أن بشارة الملاك تقدمت تجسد الرب (لو 1: 26) ولذلك أيضًا، تقديس الملائكة يتقدم حضوره على المذبح دلالة على حضوره في الإفخارستيا.

- يقول القديس أمبروسيوس:

" إننا معشر البشر لا يمكنا أن نجد شيئًا لنمدح به ابن الله أفضل من أن ندعوه قدوسًا كما تخبرنا الكتب المقدسة أن الملائكة يسبحونه ويمجدونه بها وكما أننا جميعًا نرفع عقولنا إلى السماء ونشترك مع الملائكة في التسبيح ونشترك في الخبز الواحد كذلك نكون جميعنا جسدا واحدًا وبنيانًا واحدًا مقدسًا لله".

- و يقول القديس "إغريغوريوس": " يرتَل هذا التسبيح للدلالة على الصلح والإتحاد أي اتحاد الملائكة مع البشر واتفاقهم معهم في التسبيح – وللدلالة على أنهم صاروا ( الملائكة والبشر) بالمسيح يسوع كنيسة واحدة".

- وكأن الكنيسة تريد أن تقول لنا أن الذي رآه أشعياء وتكلم عن مجده وسمع الملائكة يسبحونه قائلين قدوس الخ" هو هو الحاضر بذاته في الإفخارستيا على المذبح والشاروبيم قيام حوله يهتفون له ويقدمون لجلاله التسبيح والتقديس ليل نهار بلا فتور لأن كل الأرض امتلأت من مجده وتقدم له الذبيحة الغير الدموية من مشرق الشمس إلى مغربها (امل 1: 11) وتريد أيضًا أن تؤكد على اتحادنا العتيد مع الملائكة في تقديمه يوم نملك مع المسيح في السماء مع جمهور المفديين، وعلى اتفاق الكنيستين: المجاهدة والمنتصرة في تمجيد الله.

* لما يوجد أكثر من لحن نتغنى فيه بهذه التسبحة الشاروبيمية. لماذا؟

- يجيب على هذا السؤال ابن العسال في تفسيره لسفر الرؤيا، و يقول:

"ان التسبيح والتقديس غذاء الروحانيين ولذتهم وهي لذة لا يشبعون منها ولا يملون ولهذا قال صاحب الرؤيا أنهم لا يزالون ليلًا ونهارًا يسبحون الله – قائلين قدوس الخ – بل يزيد طلبهم فيها كلما كثر استعمالها ولذا لا يفترون عن التسبيح ليلًا ونهارًا. فوجب على كل من شاء أن يقتدي بالملائكة ويتمثل بهم وبتسبيحهم وبوظيفتهم وسعادتهم أن يتسامى متنزهًا عن الأرضيات وأن يسبح الله بهدوء وخشية صارخًا بملء الورع قائلًا قدوس قدوس قدوس الخ." و نحن نرتلها اعترافًا بأن الذى يمجده ويسبحه الأطفال الرضع يوم أحد الشعانين على الأرض هو هو ابن الله، المُسبح من الشاروبيم في السماء وأنه حاضر بذاته على المذبح ليس في المجد فقط كما رآه أشعياء بل في الجسد والدم الكريمين.

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

((تأمل))

يا إلهي العجيب في رحمتك

أطلبوا من الله معي في هذا اللحن العجيب لكي تكون رحمته وسلامه حصنا لشعبه، ولننتهز هذه الفرصة الرائعة ونشترك في هذه التسبحة الشاروبيمية لنسبح مع الملائكة تسبحة الغلبة والخلاص.

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

أرجو أن أكون قد استطعت أن أبسط وأن أشرح كل الأبعاد والمعانى الروحية والعقائدية والموسيقية والطقسية والتاريخية التي تكمن وسط نغمات و كلمات هذا اللحن الرائع، وأن أكون قد جعلتك أيها القارىء تشعر بالرب إله القوات، و تشعر بإنه حقًا يستطيع أن يرجع ويطلع ويصلح ويثبت هذه الكرمة التي غرستها يمينه.


الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع

https://st-takla.org/articles/george-kyrillos/metacopt-hymnology/epshios-efnouty.html

تقصير الرابط:
tak.la/86jvb5f