St-Takla.org  >   books  >   pope-sheounda-iii  >   ten-commandments-6-you-shall-not-murder
 

مكتبة الكتب المسيحية | كتب قبطية | المكتبة القبطية الأرثوذكسية

كتاب الوصايا العشر (الكتاب الثالث): لا تقتل - البابا شنوده الثالث

38- لنفرض أن صحة الجسد تعارضت مع صحة الروح، فماذا نفعل؟ وأيهما أفضل؟

 

سؤال

لنفرض أن صحة الجسد تعارضت مع صحة الروح، فماذا نفعل؟ وأيهما أفضل؟

 

الجواب

في بعض الأوقات يضغط الإنسان على نفسه من أجل الروح. إن الهدف من الحياة ليس هو ترفيه الجسد، كلا، بل ينبغي تفضيل الروح على الجسد.

لذلك فإن أصحاب النفوس الكبير يضغطون على أجسادهم من أجسادهم من أجل تحقيق الأهداف العالية التي أمامهم. وحسنًا قال الشاعر:

وإذا كانت النفوس كبارًا         تعبت في مرادها الأجساد

مثال ذلك، طالب مجتهد، يذاكر ويضعف جسده، لكي يؤدي واجبه ويصل إلي النجاح، فتستريح روحه. فإذا أنهك هذا الطالب جسده، لا نقول عنه إنه يقتل نفسه. لأنه ما أسهل عليه أن يستعبد قوته، بإن تستريح جسده فيما بعد، ويعوض ما فقده أثناء المذاكرة، وكم من أناس هدهم المرض هدًا، ثم عادوا فاسترجعوا قوتهم بعد حين...

كذلك الإنسان الذي يخلص في عمله الروحي، أو يتعب في خدمة الرب: من الجائز أن يتعب جسده وتضعف صحته. ولكنه في ذلك يقدم حياته قربانًا لله، مثل الشمعة التي تضئ للآخرين بينما تذوب هي وتظل تذوب حتى تنتهي...

St-Takla.org Image: The five senses: touch, sight, hearing, taste and smell. صورة في موقع الأنبا تكلا: الحواس الخمسة: حاسة اللمس - حاسة النظر - حاسة السمع - حاسة التذوق - حاسة الشم.

St-Takla.org Image: The five senses: touch, sight, hearing, taste and smell.

صورة في موقع الأنبا تكلا: الحواس الخمسة: حاسة اللمس - حاسة النظر - حاسة السمع - حاسة التذوق - حاسة الشم.

عبارة "يقتل نفسه" تنطبق على الشخص الذي يضيع صحته بسبب أخطاء متعبة له، وبغير هدف سام. مثل الشخص الذي يضيع صحته في التدخين. مثل هذا الإنسان أية فائدة تعود على المجتمع من تدخينه؟! بالعكس، فإن الدخان الذي ينفخه من فمه يضر الآخرين... إنه يضيع صحته وماله في مقابل لا شيء... إنه عبارة عن طاقة مبددة. صحته طاقة مبددة، وكذلك ماله.

وعبارة "طاقة مبددة" تنطبق أيضًا على الابن الضال الذي: "أنفق ماله في عيش مسرف". هكذا كل إنسان ينفق في عيش مسرف. أما الشخص الذي يتعب في الخدمة، فهذا إنما يضحي بحياته من أجل الآخرين. وشتان بين القتل والتضحية.

لذلك عندما نرى بعض الكهنة ينهكون صحتهم في سبيل خدمة الرب. لا يصح أن نقول نقول إنهم يقتلون أنفسهم، بل نقول إنهم يستشهدون، يضحون بأنفسهم من أجل الآخرين...

وهكذا رأينا قديسًا عظيمًا مثل بولس الرسول يقول: "من يضعف وأنا لا أضعف، من يفتر وأنا لا ألتهب" (2كو 11). في الأتعاب أكثر، في الضربات أوفر... في الميتات مرارًا كثيرة.." (2 كو 11).

وعاش هذا القديس العظيم في مرض وتعب. لا نستطيع أن نقول لمثل هذا إنك تقتل نفسك بل نقول إنك شهيد أو شبه شهيد، وبالمثل كل إنسان يتعب من أجل مثل عليا وضعها أمامه.

إن أصحاب المبادئ الذين يفنون ذواتهم من أجل مبادئهم، هؤلاء لا يقتلون ذواتهم بل يمجدونها ويتوجونها بالأكاليل. وعندما يخرجون من الجسد، "يستريحون، وأتعابهم تتعبهم".

← انظر كتب أخرى للمؤلف هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت.

وهكذا أيضًا الآباء الذين أتعبوا أجسادهم بالنسك الشديد في البراري والقفار، وبالسهر والصوم والجهاد في الصلوات والمطانيات. أولئك لم يقتلوا ذاتهم، بل جعلوا أنفسهم في حالة أفضل. ورفعوا الروح فوق الجسد فأصبح مقدسًا ساميًا...

بولس الرسول كان يقول: "حاملين في الجسد كل حين إماتة الرب يسوع... لأننا نحن الأحياء نسلم دائمًا للموت من أجل يسوع، لكي تظهر حياة يسوع في جسدنا المائت" (2 كو 4: 10، 11) ويقول: "من أجلك نمات كل النهار" (رو 8 36) وأيضًا: "الموت يعمل فينا" (2 كو 4: 12). فالذي يفني جسده من أجل الله ونشر ملكوته، لا نسمي عمله قتلًا، بل تقدمة صالحة للرب.

تمامًا مثلما يضع واحد فينا حفنة بخور في الشوريا، فتحترق ولكن تعطي رائحة ذكية للرب. ثم ننظر إلي البخور في الشوريا فلا نجده. هل إحترق؟ نعم، لكي يشتم منه الرب رائحة الرضا... هكذا أيضًا حياة بعض الناس مثل رائحة بخور، تحترق أجسادهم تعبًا وبذلًا وتضحية، ويقبلها الله قربان طاهرًا ذكيًا.

يا إخوتي مصير الجسد إنه سينتهي، فيا ليته ينتهي من أجل عمل صالح، كثير من الناس يفنون أجسادهم من أجل أغراض عالمية، فياليتنا نحن نقدم أجسادنا من أجل الروح، كما قال الرسول: "أطلب إليكم أيها الأخوة أن تقدموا أجسادكم ذبيحة مقدسة مرضية عند الله عبادتكم العقلية" (رو 12:1).

من هذا النوع أيضًا النساك والعباد الذين تتحول أجسادهم إلي جلد على عظم، لكن قوة روحية عظيمة تكون في ذلك الجسد النحيل المسكين، والروح تكون في عنفوانها.

بعكس ذلك أشخاص يربون أجسادهم، مثل شاة تُقَدَّم للذبح. فماذا يفيدهم ذلك؟ لا شيء الجسد سيدركه العفن. وبعد الموت يضعون عليه أطياب وروائح لتمنع رائحة العفنة.

أما أنتم فقدموا أجسادكم ذبيحة مقدسة مرضية عند الله. واضعين أمام اعيننا باستمرار قول القديس بولس الرسول: "لذلك لا نفشل، بل وإن كان إنساننا الخارجي يفني. فالداخل يتجدد يومًا فيومًا" (2 كو 4: 16).

ويجب أن نفرق بين قتل النفس والاستشهاد...

إن الذي يقتل نفسه يرتكب جريمة لا يرضاها الله، ولكن الذي يستشهد ينال إكليلًا ومجدًا. فيمكن للإنسان أن يضع نفسه لأجل الرب أو لأجل الآخرين. وقد يعاني الجسد كثيرًا، ولكن الروح ترتفع وتسمو. وفي كل ذلك يعزينا قول بولس الرسول: "لأننا نعلم أنه إن نقض بيت خيمتنا الرضي، فلنا في السموات بناء من الله، غير مصنوع بيد، أبدي" (2 كو 5:1).

فاجعلوا إهتمامكم بالروح أولًا، وقبل كل شيء. واجعلوا الجسد مجرد خادم يحقق رغبات الروح: يضئ من أجلها ويبذل، ويحتمل...

ولا ترفهوا أجسادكم ترفيها يقتل الروح، وأيضًا لا تقتلوها. الطريق الهادئ المعتدل هو الطريق الحكيم. فاسلكوا فيه.


الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع

https://st-takla.org/books/pope-sheounda-iii/ten-commandments-6-you-shall-not-murder/health.html

تقصير الرابط:
tak.la/99vd4pj