St-Takla.org  >   books  >   pope-sheounda-iii  >   love
 
St-Takla.org  >   books  >   pope-sheounda-iii  >   love

مكتبة الكتب المسيحية | كتب قبطية | المكتبة القبطية الأرثوذكسية

كتاب المحبة قمة الفضائل - البابا شنوده الثالث

62- كيف صَلَّى القديسون

 

وتأمل كيف كان القديسون يصلون؟ وكيف كانت محبتهم لله تظهر في صلواتهم.

أولئك الذين كانوا يكلمون الله بقلوبهم، ولو صمتت ألسنتهم... وكما قال الشيخ الروحاني: سكت لسانك، لكي يتكلم قلبك. وسكت قلبك لكي يتكلم الله. ومن هنا يبدو أن صلواتهم كانت حديثًا متبادلًا مع الله: يحدثونه بقلوبهم، ويتحدث هو في قلوبهم. وفيما يتكلمون مع الله، يستمعون إلى صوته في قلوبهم.

وكل كلمة يقولونها في في صلواتهم، كانوا يتعمقون في معناها جدًا، ويلتذون بها، حتى قيل عنهم:

"ومن حلاوة اللفظة في أقواهم، ما كانوا يشاءون أن يتركوها ليقولوا لفظة أخرى".

كانت كلمات الصلاة حلوة في أفواههم، ولها عمق وتأثير على نفوسهم، حتى كان يعز عليهم أن يتركوها إلى غيرها... أن يتركوها إلى غيرها... أين هذا، من الذين يصلون، وهم لا يدركون معنى ما يقولون! أو يصلون بسرعة حتى ينتهوا من الصلاة ويعودا إلى مشاغلهم!! أما القديسون فمن حلاوة صلتهم بالله في صلواتهم، ما كانوا يريدون أن يختموا الصلاة، ويكتفوا بهاذ الحديث الجميل بينهم وبين الله وأثره العميق في نفوسهم.

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

كانت الصلاة لهم وقت متعة روحية، تسبح فيها الروح خارج نطاق الجسد والماديات...

St-Takla.org Image: Wooden hand Cross, winning in Jesus صورة في موقع الأنبا تكلا: صليب يد خشبي، الانتصار في المسيح

St-Takla.org Image: Wooden hand Cross, winning in Jesus

صورة في موقع الأنبا تكلا: صليب يد خشبي، الانتصار في المسيح

كانت لذتهم في الصلاة، أو بمعنى أدق: لذتهم في العشرة الإلهية أثناء الصلاة ومن أجل هذه المتعة الروحية، تركوا العالم وكل ما فيه، لكي يتفرغوا لعمل الصلاة، حيث يتمتعون باللقاء مع الله، ويشعرون بوجودهم معه، أو بوجوده معهم.

وكثيرًا ما كانوا ينسون أنفسهم وكل ما يحيط بهم. مثلما حدث مع القديس يوحنا القصير الذي طرق الجمال بابه ليحمل عمل يديه من القفف ليبيعها. فكان في كل مرة يدخل قلايته ليحضر القفف له، يختطف عقله في الصلاة فينسى...

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

وكثيرًا ما كان الله ينعم على هؤلاء القديسين بحالة روحية أثناء الصلاة فلا يدرون هم في الجسد أم خارج الجسد.

كما حدث للقديس بولس الرسول (2 كو12: 2، 3).

أحيانًا يتمتعون برؤى روحية، أو يدخلون في حالات من الدهش. أو يجدون عقلهم منشغلًا بكلام الصلاة. دون أية حركة إرادية منهم، بحيث لا يستطيعون إيقافه عن الصلاة، ولا يريدون. ولعل هذا بعض ما قصده الشيخ الروحاني بقوله "ليتكلم قلبك"...

ويتمتعون أثناء صلواتهم بسيل من المعاني الروحية يتوارد على أذهانهم، وما كان يخطر على بالهم من قبل. وربما العبارة الواحدة تأخذ معنى جديدًا في كل صلاة، حتى ليقولوا مع داود النبي "اكشف يا رب عن عيني، لأرى عجائب من شريعتك" (مز119).

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

تتحول صلاتهم إلى حب. ويتحول حبهم إلى مناجاة، وتتحول مناجاتهم إلى متعة روحية...

وفي هذه المتعة، يتمنون لو بقوا هكذا قائلين مع التلاميذ عند جبل التجلي "جيد يا رب أن نكون ههنا" (مر9: 5)، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في أقسام أخرى... وهذا يحدث حينما يكون المصلي في حالة روحية معينة، فيها الحب والعاطفة والفهم والتركيز، والانشغال الكلي بالله، والموت الحسي والعقلي عن كل ما حوله. ويذكرنا هذا بالقديس يوحنا الأسيوطي حينما سألوه "ما هي الصلاة الروحية؟" فأجاب "هي الموت عن العالم"...

ومن أجل اختطاف عقلهم أحيانًا أثناء الصلاة، كانوا يصلون وهم وحدهم في مكان خلوتهم.

فلا يرى أحد مشاعرهم أثناء الصلاة، ولا ما يشغل عقلهم وقتذاك، أو ما يحدث لهم من رؤى أو من دهش... أو كيف يدغدغ حب الله حواسهم حتى ينطبق عليهم قول عذراء النشيد " فإني مريضة حبًا" (نش2: 5).

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

أما أنت يا أخي إن كنت لم تصل بعد إلى شيء من هذا:

فنصيحتي لك أن تلتصق بالرب على قدر ما تستطيع أثناء الصلاة، وتبعد نفسك عن طياشة الفكر، وتركز ذهنك في كلمات الصلاة، وتصحبها بكل عواطفك ومشاعرك. وكلما حان انتهاء الصلاة، حاول أن تستمر، وأن تقول للرب "امكث معي يا سيدي" (مت 24: 29)...

وحاول في بعض الأوقات أن ترتفع عن مستوى الطلب.

وتدرَّب في صلاة الحب، أن يكون طلبك الوحيد هو الله وليس غيره.

كما قال داود النبي "طلبت وجهك، ولوجهك يا رب ألتمس. لا تحجب وجهك عني" (مز27: 9)... مثل هذه الصلاة تعبر عن الحب.

اتخذ الله صديقًا لك، وحبيبًا، وراعيًا وحافظًا ومرشدًا. وافهم في قلبك تمامًا أنك لا تستطيع الاستغناء عن محبته لحظة واحدة وطرفة عين. حينئذ تجد المحبة التي في قلبك قد ظهرت في صلاتك.


الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع

https://st-takla.org/books/pope-sheounda-iii/love/prayed.html

تقصير الرابط:
tak.la/76ftpxh