St-Takla.org  >   books  >   pope-sheounda-iii  >   lord-how
 

مكتبة الكتب المسيحية | كتب قبطية | المكتبة القبطية الأرثوذكسية

كتاب يا رب لماذا..؟ - البابا شنوده الثالث

5- عتاب داود مع الله

 

ما أكثر عتاب داود مع الله! لعلها إحدى الميزات التي تتميز بها المزامير...

1- انظروا مثلًا الدالة التي يتكلم بها في المزمور العاشر، فيقول للرب معاتبًا:

"يا رب لماذا تقف بعيدًا؟! لماذا تختفي في أزمنة الضيق؟!" (مز 10: 1)

ربما لو قلنا هذه العبارة لأحد أصدقائنا من البشر، لا يحتملها..! ولكن الله يقبل هذا الكلام... وعبده داود عنده الجرأة أن يقول "يا رب لماذا؟".

ويكمل داود عتابه فيقول: "في كبرياء الشرير، يحترق المسكين... والخاطف يجدف، يهين الرب... كل أفكاره أنه لا إله". ويتابع داود عتابه فيقول "قُمْ يا رب يا الله ارفع يدك. لا تنس المساكين.." لماذا يا رب تختفي وقت الضيق؟ قُمْ. اعمل خلص رعيتك. لماذا يقولون لا إله! أو لماذا يقولون: "ليس له خلاص بإله"؟! "تأوه الودعاء. قد سمعت يا رب" (مز 10: 17).

إنه إنسان يكلم الله بصراحة، ويعاتبه...

لماذا نبحث عنك في وقت الضيق، فلا نجدك؟! وكأنك تقف بعيدًا، وكأننا لسنا من أولادك، والله يقبل كل هذا الكلام... على الرغم من أنه يعمل، ولكننا نحن الذين لا نبصر عمله...

 

2- ويعود داود ليقول "يا رب لماذا؟" في (المزمور 44)، حيث يصف متاعبه، ويعاتب الرب قائلًا: "قد رفضتنا وأخجلتنا" إلى أن يقول للرب في نفس المزمور (مز 44: 12):

"بِعت شعبك بغير مال، وما ربحت بثمنهم".

"اليوم كله خجلي أمامي، وخَزِيَ وجهي قد غطاني، ومن صوت المعير والشاتم، من وجه عدو منتقم". ويختم داود عتابه بقوله:

"استيقظ. لماذا يا رب تتغافى؟ أنتبه... لماذا تحجب وجهك وتنسى مذلتنا وضيقتنا.." (مز 44: 23، 24).

إن داود يفتح فلبه لله، ويشرح مشاعره كما هي. لا يتصنع كلامًا...

إن شكر يشكر من عمق قلبه وهو مبتهج. أما إن كان متضايقًا، فإنه يعاتب... وفي ل ذلك لا يغضب الله من صراحته ولا من عتابه. بل أن السيد المسيح له المجد يقول عن مزامير داود: قال داود بالروح (مت 22: 43).

عتاب داود لله يدل على آمرين: محبة الله وسعة صدره من جهة، وجرأة داود وصراحته ودالته من جهة أخرى...

← انظر كتب أخرى للمؤلف هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت.

 

St-Takla.org Image: A crying man, praying beside the Holy Cross,, with an angel around him - Coptic art. صورة في موقع الأنبا تكلا: رجل يبكي وهو يصلي بجانب الصليب المقدس، وملاك حوله - فن قبطي.

St-Takla.org Image: A crying man, praying beside the Holy Cross,, with an angel around him - Coptic art.

صورة في موقع الأنبا تكلا: رجل يبكي وهو يصلي بجانب الصليب المقدس، وملاك حوله - فن قبطي.

3- ويعود داود في (المزمور 74) فيقول للرب: (لماذا؟) مرة أخرى "لماذا رفضتنا يا الله إلى الأبد؟ لماذا يدخن غضبك على غنم مرعاك..؟ حتى متى يا الله يعير المقاوم، ويهين العدو أسمك إلى الغاية؟ لماذا ترد يدك ويمينك؟!" (مز 74: 1، 10)

ثم يقول:

"لا تُسَلِّم للوحوش نفس يمامتك" (مز 74: 19)

لم يختم عتابه بقوله: "قُمْ يا الله. أقم دعواك. أذكر تعيير الجاهل إياك اليوم كله.." إنه يعتبر تعبيرات الجاهل تعبيرات لله نفسه. لأنه لو كان الله قد قام وأنقذ، ما كان العدو الجاهل يفعل هذا كله...

 

4- وفي (المزمور 79) يقول داود للرب معاتبًا: "اللهم أن الأمم قد دخلوا ميراثك، نجسوا هيكل قدسك" (مز 79: 1).... "إلى متى يا رب تغضب كل الغضب، وتتقد كالنار غيرتك... لا تذكر علينا ذنوب الأولين" إلى أن يقول للرب:

"لماذا يقول الأمم أين هو إلههم" (مز 79: 10).

وهنا لا يعاتب الرب فقط على تعديات الأمم وتعبيراتهم، إنما يعاتبه أيضًا على غضبه

لولا أنك يا رب غضبت علينا وتركتنا، ما كان الأمم يفعلون بنا كل هذا... إذن لماذا يا رب تغضب، فلماذا يستمر غضبك "أعنا يا الله وخلصنا من أجل أسمك نحن شعبك وغنم رعايتك" (مز 79: 9، 13)...

 

5- ونفس العتاب، ونفس كلمة لماذا؟ يتكرر في (مزمور 80)، وفي (مزمور 88) حيث يقول داود: "يا رب الجنود، إلى متى تدخن على صلاة شعبك؟" إلى أن يقول معاتبًا:

"قد أطعمتهم خبز الدموع، وسقيتهم الدموع بالكيل".

جعلتنا نزاعًا عند جيراننا، وأعداؤنا يستهزئون (مز 80: 4 -6). ويختم العتاب في هذا المزمور بقوله: "أرجع. اطلع من السماء... أنر بوجهك علينا فنخلص"

 

6- ويقول داود معاتبًا الرب في (المزمور 88).

"لماذا يا رب ترفض نفسي؟ لماذا تحجب وجهك عني" (مز 88: 14)

هذا المزمور بالذات مملوء بالعتاب، حيث يقول للرب: "على استقر غضبك. وبكل تياراتك أذللتني" (مز 88: 7) "أبعدت عني معافى... عيني ذابت من الذل. دعوتك يا رب كل يوم بسطت إليك يدي. أفلعلك للأموات تصنع عجائب... لماذا يا رب ترفض..."

 

7- ما أكثر العتاب في مزامير داود. لسنا نستطيع أن نحصيه في هذا المجال. لكننا نود أن نحتم اقتباسنا من داود بقوله في (المزمور 89):

"حتى متى يا رب تختبئ كل الاختباء؟! حتى متى يتقد كالنار غضبك..؟ أين مراحمك الأولى..؟" (مز89:46، 47).

إنه يُذَكِّرنا أيضًا بما قاله في المزمور التسعين: "ارجع يا رب حتى متى..؟ فرحنا كالأيام التي فيها أذللتنا، كالسنين التي رأينا فيها شرا" (مز 90: 13، 15).

هذا العتاب، وهذه الصراحة، وعبارة ((يا رب لماذا؟)).. ليس هذا كله موجودا في مزامير داود فقط، إنما نجد هذا الأسلوب في أسفار أخرى في الكتاب المقدس، وعند أنبياء وقدس كثيرين...


الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع

https://st-takla.org/books/pope-sheounda-iii/lord-how/reproach-with-god.html

تقصير الرابط:
tak.la/3h8k5s5