St-Takla.org  >   books  >   pope-sheounda-iii  >   hope
 
St-Takla.org  >   books  >   pope-sheounda-iii  >   hope

مكتبة الكتب المسيحية | كتب قبطية | المكتبة القبطية الأرثوذكسية

كتاب حياة الرجاء - البابا شنوده الثالث

16- يريد الجميع يخلصون

 

قد يفقد الإنسان رجاءه في الخلاص، لأن أعداءه قد اعتزوا أكثر منه، ولا قدرة له على مقاومتهم، سواء في ذلك أكانوا أعداءه الروحيين، أو مضايقيه في هذا العالم. وهو خلال ذلك يصرخ "إن الغرباء قد قاموا علي، والأقوياء طلبوا نفسي، ولم يسبقوا أن يجعلوا الله أمامهم" (مز 53) "ضاع المهرب مني، وليس من يسأل عن نفسي" (مز 141).

أو قد يفقد خاطئ رجاءه في التوبة، لأنه لا يقدر على الوصول إليها، أو بالأكثر لا يريدها..!

ولكننا نقول لكل واحد من هؤلاء وأمثالهم:

لا تفقد رجاءك. فإن الله يهتم بخلاصك أكثر مما تهتم أنت.. بل هو الذي يسعى لخلاصك. وهذا هو أسلوب الله منذ البدء..

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

بدأ قصة الخلاص منذ أيام أبوينا الأولين آدم وحواء. لقد سقط الاثنان في الخطية، واستحقا حكم الموت. وكان الخلاص لازمًا لهما جدًا. ومع ذلك نرى أن الله نفسه هو الذي سعي لكي يخلصهما..

لا آدم طلب الخلاص. ولا حواء، بل هربا كلاهما من وجه الله، واختفيا خلف الأشجار..!

ما كان الهروب وسيلة عمليه تؤدي إلى الخلاص. ولكن الخلاص لم يكن يشغلهما في ذلك الحين. وكل ما كان يشغلهما هو الخوف والخجل.. ما سمعنا قط أن آدم قال لله: يا رب اغفر، يا رب سامح. أخطأت إليك، فامح ذنبي.. ولا حواء قالت شيئًا من هذا.. ولعل هذه الألفاظ لم تكن في قاموسهما الروحي في ذلك الحين..

وفيما هما لا يبحثان عن خلاص نفسيهما، كان الله يبحث عنهما..

كان ينادي في الجنة "يا آدم، أين أنت؟" (تك 3: 9). كان الله هو الذي يفتش عن آدم وحواء، وهو الذي يفتح الموضوع، ويستدرجهما إلى الكلام ويشرح لهما ما وقعًا فيه من خطأ، وما يستحقانه من عقوبة. ثم يقدم لهما أول وعد بالخلاص، وهو أن نسل المرأة سوف يسحق رأس الحية (تك 3: 15).

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

 صدقوني، لو أن الله ترك الإنسان إلى حريته وحده، أو إلى قدرته وحده.. ما خلص أحد على الإطلاق..!

St-Takla.org Image: Adam and Eve sent out into the world صورة في موقع الأنبا تكلا: طرد حواء وآدم من الجنة

St-Takla.org Image: Adam and Eve sent out into the world

صورة في موقع الأنبا تكلا: طرد حواء وآدم من الجنة

ولكن الله هو الذي يسعى وراء خلاص الكل.. كما أعطانا مثلًا عن سعيه وراء الخروف الضال، ووراء الدرهم المفقود (لو 15).

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

كان الخروف سائرً في ضلاله، لا يدري أين هو، وربما لا يدري ما هو فيه وفيما هو كذلك كان الراعي الصالح مهتمًا بخلاصه. الراعي هو الذي اكتشف ضياع هذا الخروف، وهو الذي بحث عنه وفتش، وجرى وراءه في الجبال والوديان إلى أن وجده. لعلها كانت مفاجأة له، حينما وجد راعيه أمامه، يأخذه في حنان، ويحمله على منكبية فرحًا. حقًا ما أجمل قول الوحي الإلهي عن الرب كراع:

"أنا أرعَى غنمي وأربضها -يقول السيد الرب- وأطلب الضال، واسترد المطرود، وأجبر الكسير، واعصب الجريح.." (حز 34: 15، 16).

هو الذي يطلب ويسترد، وهو الذي يجبر ويعصب، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في أقسام أخرى. العمل، وليس عملنا نحن.. أليس هذا أمرًا يبعث الرجاء في النفس؟

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

وفي مثال الدرهم المفقود، نرى نفس الوضع، وبأسلوب أعمق:

الدرهم لا يملك حياة، ولا عقلًا ولا فكرًا ولا إرادة.. ولا يدري إلى أين هو قد تدحرج، وأين استقر به الأمر. وأيضًا لا يعرف كيف يرجع إلى كيس صاحبه أو جيبه..

وقد كان الدرهم المفقود رمزًا إلى كثيرين من نوعه..

كان رمزًا لكثيرين ممن لا حياة لهم ولا إرادة.. وكان رمزًا أيضًا للضآلة.. فلو أن الأرملة كانت فقدت مائه جنيهًا ذهبًا، لكان من المعقول أن تبحث عنها وتفتش أما مجرد درهم واحد ينال منها كل ذلك الاهتمام، فهو أمر يدعو إلى التأمل، ويضع أمامنا عمقًا في الرجاء وهو:

إن الله يبحث عن خلاصك، مهما بدا قدرك ضئيلًا!

لقد ضرب الله لنا مثل الدرهم لنعرف قيمة النفس عنده.

لأنه قد يسأل بعضهم ما قيمة هذا الدرهم الضئيل، حتى يصير هذا البحث الجاد عنه، وهذا الفرح وهذه الوليمة عند العثور عليه؟! إن كل هذا رمز لاهتمام الرب بالنفس الواحدة، مهما كانت تبدو ضئيلة الشأن. ويعبر المثل عن سعي الله لخلاصنا حتى لو لم نسع نحن، وفرحة بخلاصنا وفرح الملائكة أيضًا.

ألست أنت عند الله أفضل من درهم واحد مفقود؟!

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

ثِق أن نفسك ثمينة في نظرة الله إليها، مهما كانت تبدو ضئيلة في نظر الناس، أو في نظرك أنت.. مثل المرأة السامرية التي سعي الرب لخلاصها، وهي محتقرة في نظر الناس.. ومثل زكا العشار الذي ذهب الرب إلى بيته، وهو في نظر الكل رجل خاطئ لا يستحق (لو 19: 7).

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

حقًا أن الرب يسعى لخلاصنا، ويفرح بذلك جدًا..

كما أخذ الخروف الضال، "وحمله على منكبيه فرحًا" (لو 15: 5)، وكما قال إنه "يكون فرح في السماء بخاطئ وحد يتوب" (لو 15: 7)، وكما فرح برجوع الابن الضال، وذبح له العجل المسمن، وكما فرح بالعثور على الدرهم المفقود (لو 15: 23، 9). إنه يسعى لخلاصنا أكثر مما نفتش نحن عن أبديتنا. وما أجمل ما قاله الرسول عنه إنه:

"يريد أن الجميع يخلصون، وإلى معرفة الحق يقبلون" (1 تي 2: 4).

وقيل عنه أيضًا إنه لا يشاء موت الخاطئ، بل أن يرجع ويحيا (حز 18: 23). ونقول عنه في آخر كل صلاة من صلوات الأجبية: "الداعي الكل إلى الخلاص من أجل الموعد بالخيرات المنتظرة"..

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

إن عمل الله ليس فقط أن يفرح بتسبيح السارافيم، أو بنقاوة الملائكة، أو بكرازة الرعاة، أو بجهاد القديسين، إنما هو يفرح بخاطئ واحد يتوب أكثر من تسعة وتسعين بارًا لا يحتاجون إلى توبة (لو 15: 7).


الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع

https://st-takla.org/books/pope-sheounda-iii/hope/wants.html

تقصير الرابط:
tak.la/f7485sh