St-Takla.org  >   books  >   pope-sheounda-iii  >   god-and-man
 

مكتبة الكتب المسيحية | كتب قبطية | المكتبة القبطية الأرثوذكسية

كتاب الله والإنسان - البابا شنوده الثالث

63- اللقاء مع الله

 

كل إنسان لا بُد أن تكون له علاقة مع الله. يكون له موقف معه، أو موقف منه.

إن السلبية الكاملة من جهة الله، أو الإنعزالية الكاملة عنه، أمر ليس سهلًا، ولا هو من صالح أحد.

والعلاقة مع الله، هي على أنواع متعددة.

هناك من تكون علاقتهم بالله، هي مجرد علاقة فكر.

الله بالنسبة إليهم مجرد فكر يبحثونه ويتجادلون حول وجوده وصفاته وعمله. الله هو إذن في نظرهم جزء من فلسفة تناقش. علاقتهم به علاقة بالله الذي في الكتب، والذي يتحدث عنه أساتذة علم اللاهوت أو طلاب المعاهد اللاهوتية. إنه فكر يدرس ويقرأ. وربما يفهم أو يناقش.

St-Takla.org                     Divider   فاصل موقع سانت تكلا دوت أورج للكنيسة المسيحية

St-Takla.org Image: Jesus Christ blessing a girl, young woman - Coptic art صورة في موقع الأنبا تكلا: الرب يسوع المسيح يبارك طفلة، فتاة، شابة - فن قبطي

St-Takla.org Image: Jesus Christ blessing a girl, young woman - Coptic art.

صورة في موقع الأنبا تكلا: الرب يسوع المسيح يبارك طفلة، فتاة، شابة - فن قبطي.

والبعض علاقتهم بالله علاقة مناسبات ورسميات.

نتذكره في الأعياد الدينية كعيد الميلاد أو عيد القيامة، أو في بعض المناسبات كالجنازات، حينما نتذكر أن إنسانًا قد رحل إلى جوار ربه، أو أن الله قد أخذه إليه.

وهناك أناس علاقتهم بالله علاقة طقسية بلا روح!

علاقة فروض! يؤدي الإنسان الفرض في موعده، دون أن يحس بوجود الله فيما يفعل! يصلي الصلاة في موعدها. ويقرأ الكتاب المقدس بنظام متبع. وضميره يتعب إن لم يقرأ ولم يصل، لأنه لم يؤد واجبه (الروحي)!

كل هؤلاء، حتى الآن، ليست لهم علاقة بالله.

لا الجدل في الله والإلهيات، ولا تذكاره في المناسبات والرسميات، ولا الطقوس الخالية من الروح، التي هي مجرد فروض وواجبات... لا شيء من هذا كله، يشعر فيه الإنسان أن له علاقة روحية بالله.

العلاقة بالله، هي علاقة قلب بقلب.

تشعر بوجود الله في قلبك، وتشعر بوجودك في قلب الله...

وهذا ما نسميه اللقاء بالله. حيث تكون بيننا وبين الله عشرة وعاطفة.

وفي اللقاء نعرف الله معرفة حقيقية عملية، ونختبره ونحبه ونلتصق به. ونصير واحدًا مع الله في الحب وفي المشيئة.

كثيرون يعيشون في مظاهر دينية، ولا يشعرون بوجود الله في حياتهم. لا تلامس ولا رؤيا. الله في واد، وهم في واد آخر. كما لو كان الله غريبًا عنهم. أو هم غرباء عن الله، أو بينه وبينهم حواجز ومسافات بلا لقاء.

St-Takla.org                     Divider   فاصل موقع سانت تكلا دوت أورج للكنيسة المسيحية

خاطَب الرب إذن، وقل له: أريد يا رب أن ألقاك.

أريد أن أشعر بك في حياتي. أريد أن أعاشرك وأحبك. وتلتهب بك عواطفى. أريدك كما دخلت عقلى، أن تدخل قلبي أيضًا. وكما أقتنع بك فكريًا،؟أن اختبرك عمليًّا. كما قال عنك عبدك أيوب الصديق "بسمع الأذن سمعت عنك. والآن رأتك عيني" (أي 5:42).

St-Takla.org                     Divider   فاصل موقع سانت تكلا دوت أورج للكنيسة المسيحية

إننا إن لم نلتق مع الله هنا على الأرض فلن نتقابل معه هناك في السماء. هنا مذاقة الملكوت.

هنا تبدأ العلاقة مع الله. وهي تبدأ في القلب، حسب طلب الله نفسه "يا ابني أعطني قلبك" (أم26:23). ويقدس الله هذا القلب،؟ ويملؤه حبًا، ويسند فيه رأسه. ويبدأ عربون الملكوت الذي قال عنه الكتاب "ملكوت الله داخلكم" (لو21:17).

إذن اختبار "ملكوت الله داخلكم"، لا بُد أن يسبق ملكوت السموات.

ولكن كيف يمكنك أن تصل إلى عربون الملكوت هذا؟ كيف تصل إلى عشرة الله هذه وإلى اللقاء الدائم معه؟

← انظر كتب أخرى للمؤلف هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت.

St-Takla.org                     Divider   فاصل موقع سانت تكلا دوت أورج للكنيسة المسيحية

نصيحتي لك. انشغل بالله دائمًا. اقرأ عنه وعن عمله في الكنيسة اقرأ عن علاقته بقديسيه، وعن صفاته الجميلة. واقرأ عن يد الله في الأحداث... حينئذ سيتحرك قلبك بحبه وستجد قلبك مستعدًا باستمرار للقاء مع الله...

والقلب المستعد هو قلب يشتاق إلى الله وإلى الحياة معه.

هو القلب الذي يقول في صلاته "كما يشتاق الإيل إلى جداول المياه، كذلك اشتاقت نفسي إليك يا الله. عطشت نفسي إلى الله، إلى الإله الحي. متى أجيء وأتراءى قدام الله" (مز1:42، 2). "يا الله أنت إلهي. إليك أبكر. عطشت إليك نفسي" (مز1:63).

St-Takla.org                     Divider   فاصل موقع سانت تكلا دوت أورج للكنيسة المسيحية

حقًا. لا يمكن أن تلتقي بالله، إن لم تحبه.

بالحب تلتقي به. وكلما به، تزداد حبًا له. يلتذ قلبك بحبه، ويصبح اسمه على لسانك كل حين. تقول له كما قال المرتل في المزمور: محبوب هو اسمك يا رب. فهو طول النهار تلاوتى" (مز119). وكما نقول له في التسبحة "اسمك حلو ومبارك، في أفواه قديسيك". اللقاء بالله إذن هو لقاء حب. هو لقاء قلب بقلب.

إن الله يجد كثيرين يعظون عنه، ويجد من يبنون له بيوتًا، من يفسرون شريعة. ولكن المهم أين الذين يحبونه؟

St-Takla.org                     Divider   فاصل موقع سانت تكلا دوت أورج للكنيسة المسيحية

إن الله لا يريد فقط الذين يلتقون به، بل بالأكثر الذين يثبتون فيه.

فقد تلتقي به يومًا، ثم تبعد عنه شهورًا. تذوقه فتحبه، ثم تترك محبتك الأولى (رؤ4:2). يجذبك العالم فتنشغل به، وتفتر محبتك لله... لذلك ف؟إن الرب يريد الثبات فيه. يقول "اثبتوا فيَّ وأنا فيكم" (يو4:15). كما يثبت الغصن في الكرمة، وكما يثبت الجسد في الرأس... حقًا "إن هذا السر العظيم" (أف32:5).

St-Takla.org                     Divider   فاصل موقع سانت تكلا دوت أورج للكنيسة المسيحية

ليس الأمر إذن هو مجرد لقاء، إنما سكنى... سكنى الله فيك...

كما يقول الكتاب "إنكم هيكل الله، وروح الله يسكن فيكم" (1كو16:3). نعم، ينظر الله إلى قلبك النقي المحب، ويقول "ههنا موضع راحتى إلى الأبد". ههنا أسكن لأني أشتهيته" (مز14:132)... إنه لقاء دائم، لا بعد عنه...

أنت تنادي وتقول "آمين، تعال أيها الرب يسوع" (رؤ20:22)... تعال يا رب واسكن في. سأفتح لك الأبواب كلها. فيجيبك الرب في حب كما قال لزكا العشار "ينبغي أن أمكث اليوم في بيتك" (لو5:19).

St-Takla.org                     Divider   فاصل موقع سانت تكلا دوت أورج للكنيسة المسيحية

إذن اللقاء بالرب، هو لقاء في الداخل، وليس في الخارج. كثيرون يبحثون عن الله هنا وهناك، بينما الله داخلهم وهم لا يشعرون.

الله موجود في كل مكان: حواليك وداخلك، وأنت لا تشعر.

لما أدرك أوغسطينوس هذه الحقيقة، قال عبارته المشهورة "كنت يا رب معي. ولكنني من فَرْط شقوتي لم أكن معك"...

إذن الإلتقاء بالله، معناه الشعور بالله في حياتك.

وكأنك تقول: أنت يا رب في داخلي. أنت معي. أما أنا فينقصني الحس والإدراك. وتنقصني الحواس المدربة التي أستطيع بها أن أرى الله، وأن أحسه في حياتي! لذلك "افتح يا رب عيني الغلام فيرى" (2مل17:6)... فكثيرون كان الرب معهم ويكلمهم، ولم يشعروا به ولا عرفوه! مثلما حدث مع تلميذي عمواس (لو15:24، 16).

St-Takla.org                     Divider   فاصل موقع سانت تكلا دوت أورج للكنيسة المسيحية

الله إذن موجود في حياتك. ما أكثر أن يلتقي بك، وأنت لا تعرف.

يعمل فيك بزيارات النعمة وعمل روحه القدس، وأنت لا تشعر... يشعل روحك أحيانًا، ويوقظ ضميرك أحيانًا أخرى، ويشترك مرات معك في العمل، وربما تظن أنك تعمل وحدك!! كل هذا، وحواسك غير مدربة على الشعور بوجود الله! ليتك تدرب نفسك على الشعور بيد الله في حياتك وفي حياة الناس. وتدرب نفسك أيضًا على الإحساس بيد الله في الأحداث. حينئذ تقول في أعماقك:

قد وجدته، رأيته، تقابلت معه في كل ما يحدث...


الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع

https://st-takla.org/books/pope-sheounda-iii/god-and-man/meeting-with-god.html

تقصير الرابط:
tak.la/4rrcv8d