St-Takla.org  >   books  >   pope-sheounda-iii  >   being-with-god
 

مكتبة الكتب المسيحية | كتب قبطية | المكتبة القبطية الأرثوذكسية

كتاب الوجود مع الله - البابا شنوده الثالث

6- عدم إدراك وجود الله

 

عدم إدراك وجود الله...

 

قد يكون الله مع بعض الناس، ومع ذلك فهم لا يشعرون بوجوده معهم، ربما لشيء في فكرهم، أو لظروف تحيط بهم، تعوقهم عن الإحساس بوجود الله وعمله...

* مثال ذلك: جدعون...

كان الله معه. وقد شهد ملاك الرب بذلك قائلًا له: الرب معك يا جبار البأس (قض6: 12). أما جدعون الذي لم يكن يشعر بوجود الله في حياة الشعب، فقد رد الملاك قائلًا "أسألك يا سيدي: إن كان الرب معنا، فلماذا أصابتنا كل هذه؟ وأين كل عجائبه التي اخبرنا بها آباؤنا..؟"

كان إيمان جدعون في بدايته، يريد أن يلمس بأصابعه...

ولم يكن يتَصَوَّر وجود الله، يتفق مع وجود الضيقات!!

في منطقه وقتذاك: إما أن يكون الله موجودًا معهم، وحينئذ لا يمكن أن تصيبهم الضيقات..! الموجودة دليلًا على عدم وجود الله معهم..!

إنه الإيمان، بدون الصليب! أو الإيمان الذي يريد الحياة سهلة! أو الإيمان الذي يضيع لله توقيتًا عاجلًا لعمله، ولا يستطيع الرب من محرس الصبح إلى الليل (مز130).

St-Takla.org Image: “It is impossible to possess Jesus except through diligence, humility, and continuous prayer.” (A quote from the sayings of Saint Anba Moses The Black) - General scenes, Baramus Monastery (image 229), Wadi El Natrun, Egypt - Photograph by Michael Ghaly for St-Takla.org - 21 October 2018. صورة في موقع الأنبا تكلا: "يستحيل أن نمتلك يسوع إلا بالاجتهاد والاتضاع والصلاة المتواصلة" (من أقوال القديس الأنبا موسى الأسود) - مشاهد متنوعة من دير البرموس (صورة 229)، وادي النطرون، مصر - تصوير مايكل غالي لموقع الأنبا تكلاهيمانوت - 21 أكتوبر 2018 م.

St-Takla.org Image: “It is impossible to possess Jesus except through diligence, humility, and continuous prayer.” (A quote from the sayings of Saint Anba Moses The Black) - General scenes, Baramus Monastery (image 229), Wadi El Natrun, Egypt - Photograph by Michael Ghaly for St-Takla.org - 21 October 2018.

صورة في موقع الأنبا تكلا: "يستحيل أن نمتلك يسوع إلا بالاجتهاد والاتضاع والصلاة المتواصلة" (من أقوال القديس الأنبا موسى الأسود) - مشاهد متنوعة من دير البرموس (صورة 229)، وادي النطرون، مصر - تصوير مايكل غالي لموقع الأنبا تكلاهيمانوت - 21 أكتوبر 2018 م.

*مثال آخر: المجدلية، وتلميذا عمواس...

المجدلية ظهر لها السيد المسيح بعد قيامته، فظنته البستاني. وكان معها ولكنها لم تعرف أنه هو. وعلى الرغم من وجوده معها، كانت لا تزال تفكر أن جسده قد سرق، وربما يكون البستاني سرقه، وتسأل: قُلْ لي أين وضعته؟! (يو20: 14، 15).

وتلميذا عمواس، ظهر لهما أيضًا السيد المسيح، وتحدث معهما، ومع أن قلبها كان ملتهبًا فيها أثناء حديثه معهما، ولكن "أعينهما أمسكت عن معرفته". ولم يدركا أنه هو، إلا بعد اختفائه عنهما! (لو24: 16، 32).

ما أكثر ما يكون الرب معنا، ونحن لا ندرك!

* مثال صموئيل النبي:

تحدث إليه الرب ثلاث مرات في طفولته، وهو لا يميز الصوت، ويظن أنه صوت عالي الكاهن، وليس صوت الله!

وفي المرة الرابعة، لما أجاب "تكلم يا رب فإن عبدك سامع"، كان بناء على نصيحة عالي، وليس لموهبته بالوجود الإلهي، ويميز صوت الله، يتكلم إليه أو على فمه.

* مثال أبينا إبراهيم:

زاره الرب مع ملاكين، ولكنه لم يميز أن هذا هو الرب، ولم يشعر بالوجود الإلهي، بدليل قوله له: "يا سيد، إن كنت قد وجدت نعمة في عينيك، فلا تتجاوز عبدك. ليؤخذ قليل من ماء واغسلوا أرجلكم واتكئوا تحت الشجرة. فآخذ كسرة خبز فتسندون قلوبكم ثم تجتازون" (تك18: 3-5).

ولو شعر أنه موجود في حضرة الله وملائكته، ما كان يحضر كسرة خبز ليسندوا قلوبهم! ما كان يذبح عجلًا، ولا يصنع لهم خبز ملة، ولا يحضر لهم زبدًا ولبنًا..!

على أن أبانا إبراهيم أدرك أنه في حضرة الله فيما بعد، لما أعلن له الله ذاته.

*مثال اللص الشمال:

كان إلى جوار الرب على الصليب، ولم يستفيد من هذه العشرة الإلهية، بل كان يجدف عليه. ولم يدرك أنه هو، حتى يقول له مع زميله اللص اليمين "اذكرني يا رب متى جئت في ملكوتك". بل ظل يستهزأ به. ومات هذا اللص في خطيئته ولم يستطيع أن يقول مع بولس الرسول "مع المسيح صلبت" (غل2: 20) لأنه لم يؤمن أنه المسيح. إنه لم يمت مع المسيح كاللص اليمين وإنما مات إلى جواره، وقلبه بعيد عنه.

← انظر كتب أخرى للمؤلف هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت.

* مثال الظُلْمَة لم تدركه:

عاش المسيح وسط أهله وعشيرته، ولم يدركوا أنه هو. "إلى خاصته جاء، وخاصته لم تقبله" هذا النور الحقيقي أشرق في الظلمة "والظلمة لم تدركه" (يو1: 5، 11). ومع أنه عاش بينهم، لم يشعروا بوجوده، بل قالوا عليه إنه ضال، ومضل، وكاسر للسبت، وناقض للشريعة، وقالوا إنه ببعلزبول يخرج الشياطين. ورفضوه وقدموه للصلب...

وحتى أهل قريته لم يؤمنوا به، وعيروه بأنه إبن النجار، حتى قيل "ليس نبي بلا كرامة إلا في وطنه"!

كل هؤلاء وأمثالهم، كان الله موجودًا معهم، ولكنهم لم يتمتعوا بالوجود الإلهي، ولم ينالوا بركته وفاعليته.

إن الوجود مع الله، ليس مجرد وجود مكاني، إنما هو وجود قلبي وعاطفي وعملي، له آثاره...

*مثال الشيطان:

في قصة أيوب، كان الشيطان واقفًا في الحضرة الإلهية "جاء بنو الله ليمثلوا أمام الرب. وجاء الشيطان أيضًا في وسطهم" (أي 1: 6). ومرة أخرى "جاء الشيطان أيضًا في وسطهم، ليمثل أمام الرب" (أي 2: 1). وكان له شرف الحديث مع الله. ولكنه لم يستفيد شيئًا، ولم يتمتع بالوجود في حضرة الله، بل أضاف إلى شره شرًا.

وفي التجربة على الجبل، التقى الشيطان بالرب، وبنفس الأسلوب أضاف إلى شره شرًا، ولم يتمتع بالوجود مع الله.

وأمثلة بعض الخطاة:

قايين وقف أمام الله مرتين: مرة نصحه فيها الرب وأرشده، ولكنه لمن يستفيد شيئًا لأن قلبه لم يكن مع الله، واستسلم للخطية الرابضة. والمرة الثانية وقف في الحضرة الإلهية، ولم يتمتع بالوجود الإلهي، إنما استمع إلى دينونته (تك4: 6، 9).

والشاب الغني تمتع بالحضرة الإلهية إلى لحظات، ونظر إليه الرب يسوع وأحبه. ولكنه خرج من المقابلة حزينًا، لأنه كان ذا أموال كثيرة، ولم يستفيد من نصيحته الرب.

وبالمثل أولئك الذين دعاهم الرب للخدمة فاعتذروا.

وبالمثل العبد البطَّال صاحب الوزنة الواحدة.

ويعوزنا الوقت إن ضربنا أمثلة لأشخاص وجدوا في حضرة الله ولم يستفيدوا بل أدينوا. لذلك قلنا إنه ليس وجودًا مكانيًا هذا الذي نعينه، بل وجوده في القلب، في حب...

إن كانت مأساة، أنك توجد في حضرة الله، ولا تشعر به فمأساة أكثر أن توجد في حضرته وتحاربه، وتأخذ دينونته، أو توجد في حضرته في لا مبالاة.

كالذين يحضرون إلى الكنيسة، ويقفون أمام الله، في بيته، بتهاون، أو بفكر شارد. أو الذين يتناولون من الأسرار المقدسة، كعادة، بلا عمق، ويخرجون من التناول ليخطئوا كما كانوا...

لذلك كله، نحب أن تكون المشاعر متناسبة مع الوجود الإلهي.

وكم من مرة، تقابل مع الرب الكتبة والفريسيون والصدوقيون والكهنة وشيوخ الشعب، ولكن قلوبهم لم تكن معه، ونيتهم لم تكن صافية للاستفادة منه، بل أن بعضهم كان يسعى أن يصطاده بكلمة. لذلك كان وجودهم مع الرب دينونة عليهم وليس نفعًا.

كذلك الفريسي الذي استضافه في بيته وليس في قلبه، وكان يرقب والمرأة الخاطئة تسكب دموعها على قدميه، ويدينه في فكره. ولم يَسْتَفيد من الوجود في حضرة الله.


الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع

https://st-takla.org/books/pope-sheounda-iii/being-with-god/no-perception.html

تقصير الرابط:
tak.la/wnv5xva