St-Takla.org  >   books  >   helmy-elkommos  >   biblical-criticism  >   new-testament
 

مكتبة الكتب المسيحية | كتب قبطية | المكتبة القبطية الأرثوذكسية

كتاب النقد الكتابي: مدارس النقد والتشكيك والرد عليها (العهد الجديد من الكتاب المقدس) - أ. حلمي القمص يعقوب

258- قال السيد المسيح عن الناموس: "مَا جِئْتُ لأَنْقُضَ بَـلْ لأُكَمِّلَ" (مت 5: 17)، فهل أعطى الله ناموسًا ناقصًا وجاء لكي يكمله؟

 

س258: قال السيد المسيح عن الناموس: "مَا جِئْتُ لأَنْقُضَ بَـلْ لأُكَمِّلَ" (مت 5: 17)، فهل أعطى الله ناموسًا ناقصًا وجاء لكي يكمله؟

St-Takla.org                     Divider     فاصل موقع الكنيسة القبطية الأرثوذكسية - أنبا تكلا هايمانوت

ج: المقصود بالناموس أسفار موسى الخمسة، والمقصود بالأنبياء بقية أسفار العهد القديم، وقد أبطل الكتبة والفريسيون الناموس بتقليداتهم، إذ اعتبروا أن تقليداتهم ناموسًا، وأنكر الصدوقيون أسفار الأنبياء مكتفين بوصايا الناموس. أما السيد المسيح فقد قصد بالناموس الوصايا الإلهيَّة في العهد القديم، وأوضح تمسكه بكل من الناموس والأنبياء، فهو مصدرهما، وقد جاء ليكمل الناموس، وكل من يستهين بالعهد القديم ويظن أن زمنه قد ولى وفات ولم يعد له فائدة بعد أن أشرقت علينا أنوار العهد الجديد، يقف أمامه قول السيد المسيح له المجد: "لاَ تَظُنُّوا أَنِّي جِئْتُ لأَنْقُضَ النَّامُوسَ أَوِ الأَنْبِيَاءَ. مَا جِئْتُ لأَنْقُضَ بَلْ لأُكَمِّلَ" (مت 5: 17).. فماذا يقصد بتكميل الناموس؟

 

St-Takla.org Image: Ten Commandments: Moses receives the Ten Commandments on Mt. Sinai: (Exodus 31) - from the book: Biblia Ectypa (Pictorial Bible), by Johann Christoph Weigel, 1695. صورة في موقع الأنبا تكلا: موسى النبي يتلقى الوصايا العشر على جبل سيناء: (الخروج 31) - من كتاب: الكتاب المقدس المصور، يوهان كريستوف فيجيل، 1965 م.

St-Takla.org Image: Ten Commandments: Moses receives the Ten Commandments on Mt. Sinai: (Exodus 31) - from the book: Biblia Ectypa (Pictorial Bible), by Johann Christoph Weigel, 1695.

صورة في موقع الأنبا تكلا: موسى النبي يتلقى الوصايا العشر على جبل سيناء: (الخروج 31) - من كتاب: الكتاب المقدس المصور، يوهان كريستوف فيجيل، 1965 م.

1ــ يكمل الناموس بمعنى تحقيق نبوءات العهد القديم التي جاءت عنه، فالسيد المسيح هو كمال الناموس والأنبياء، كما جاءت تعاليمه متوافقة تمامًا مع وصايا الناموس، تكملها ولا تناقضها، وكثيرًا ما اقتبس من أسفار العهد القديم، وكثيرًا ما أشار إلى رجال العهد القديم، فأدرك الجميع أن السيد المسيح جاء ليثبت الناموس لا ليبطله: "أَفَنُبْطِلُ النَّامُوسَ بِالإِيمَانِ. حَاشَا بَلْ نُثَبِّتُ النَّامُوسَ" (رو 3: 31). ويقول "القديس يوحنا الذهبي الفم": "لقد أكمل الأنبياء بقدر ما أكد بأعماله كل ما قيل عنه، فقد اعتاد الإنجيلي أن يقول في كل حالة: "لِكَيْ يَتِمَّ مَا قِيلَ بِالنَّبِيِّ الْقَائِلِ" (مت 1: 22، 23)، وذلك عندما وُلِد وعندما ترنم له الأطفال بالتسبحة العجيبة، وعندما ركب الأتان (مت 21: 5 - 16)، وغير ذلك من الأمثلة الكثيرة. لقد حقَّق هذه الأمور التي ما كان يمكن تحقيقها لو لم يأتِ" (562).

 

2- أكمل السيد المسيح الناموس بأنه وُلِد " تَحْتَ النَّامُوسِ" (غل 4: 4) وخضع للناموس وتمم مطالبه فخُتن في اليوم الثامن، وخضع لوالديه، وقدَّس السبت، وصعد للهيكل في الأعياد، وفي عماده قال ليوحنا المعمدان: "لأَنَّهُ هكَذَا يَلِيقُ بِنَا أَنْ نُكَمِّلَ كُلَّ بِرّ" (مت 3: 15).. لقد أكمل السيد المسيح كل بر لذلك قال لليهود: "مَنْ مِنْكُمْ يُبَكِّتُنِي عَلَى خَطِيَّة" (يو 8: 46) كما قال لتلاميذه: "رَئِيسَ هذَا الْعَالَمِ يَأْتِي وَلَيْسَ لَهُ فِيَّ شَيْءٌ" (يو 14: 30).

 

3- أكمل السيد المسيح الناموس إذ أوضح الفهم الصحيح له وكشف عن عمق الشريعة وهدفها الحقيقي، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في مواضِع أخرى. وجاء في "التفسير التطبيقي": "كانت الشريعة في العهد القديم، ثلاثة أقسام: قسم طقسي، وقسم مدني، وقسم أدبي:

( أ ) كانت الشريعة الطقسية ترتبط بصورة خاصة بعبادة بني إسرائيل. انظر مثلًا (لا 1: 2، 3) وكان الهدف الأساسي منها أن يشير إلى الرب يسوع المسيح، فلم تعد هذه الشرائع لازمة بعد موت المسيح وقيامته، ولكن بينما نحن غير مقيدين بالشرائع الطقسية، فإن المبادئ التي وراءها، أي أن نعبد اللَّه ونحبه، مازالت سارية، وكثيرًا ما اتهم الفريسيون الرب يسوع بأنه تعدى على الشريعة الطقسية.

(ب) كانت الشريعة المدنية تطبيقًا لشريعة اللَّه على الحياة اليومية في إسرائيل (انظر مثلًا تث 24: 10، 11)، ولأن المجتمع العصري والثقافة الحديثة يختلفان اختلافًا جذريًا، فلا يمكن تطبيق كل هذه التوجيهات بحرفيتها، ولكن المبادئ وراء هذه الوصايا، هيَ لكل الأزمنة ويجب أن تقود سلوكنا، وقد تممها يسوع كما لنا.

(جـ) الشريعة الأدبية: (مثل الوصايا العشر) هيَ أمر مباشر من اللَّه، يلزم طاعته طاعة كاملة (انظر مثلًا خر 20: 13)، فقد أطاع يسوع الشريعة الأدبية تمامًا، فهيَ طبيعة اللَّه ومشيئته، وهيَ مازالت ملزمة حتى اليوم" (563).

ويقول "دكتور وليم إدي": "فلا يمكن أن يزول حرف الناموس بدون أن يكون قد تم بالروح والحق. فإذا نظرنا إلى الناموس الطقسي باعتبار أنه رمز وظل الخيرات العتيدة رأينا أنه زال بالمسيح وأما جوهره فلكونه جزءًا من كلام اللَّه يدوم إلى الأبد في السماء (1 بط 1: 25) فزوال مازال من الناموس كزوال البراعم والأزهار عند تكوين الثمر الكامل وحلوله محلها" (564).

 

4- أكمل السيد المسيح الناموس بتكميل نصوصه، فلو تصوَّرنا أن الناموس يمثل الماء الذي يملأ نصف الكوب، فالسيد المسيح لم يسكبه، إنما ملأ النصف الثاني حتى امتلأ الكوب وفاض... كان في الناموس الكفاية ليقودنا للمسيح، وهذا ما قاله الكتاب: "قَدْ كَانَ النَّامُوسُ مُؤَدِّبَنَا إِلَى الْمَسِيحِ" (غل 3: 24) وبعد أن جاء المسيح لم نعد تحت وصاية الناموس: "لَسْنَا بَعْدُ تَحْتَ مُؤَدِّبٍ" (غل 3: 25) (راجع كتابنا: رسالة غلاطية ص222 - 246). ويقول "القديس أغسطينوس": "العبارة: "مَا جِئْتُ لأَنْقُضَ بَلْ لأُكَمِّلَ " لها معنيان، وسننظر في كل المعنيين. فقد قصد الرب إما تكميل ما كان ناقصًا في الناموس، أو تنفيذ ما ورد فيه. لنتأمل في المعنى الأول، فالذي يكمل ما كان ناقصًا لا ينقض ما قد أوجده بل يثبته بإضافة ما يكمله، لذلك أعقب الرب قائلًا: "فَإِنِّي الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ إِلَى أَنْ تَزُولَ السَّمَاءُ وَالأَرْضُ لاَ يَزُولُ حَرْفٌ (ι ) وَاحِدٌ أَوْ نُقْطَةٌ وَاحِدَةٌ مِنَ النَّامُوسِ حَتَّى يَكُونَ الْكُلُّ ".

فإن كانت الإضافة كاملة فبالأولى تكون البداءة كاملة. لذلك يُفهَم قوله: "لاَ يَزُولُ حَرْفٌ وَاحِدٌ أَوْ نُقْطَةٌ وَاحِدَةٌ مِنَ النَّامُوسِ " على أنها تعبير عن كمال الناموس. لقد أشارة بحرف صغير، لأن حرف (ι ) أصغر الحروف إذ يتكون في خط صغير، ثم أشار إلى النقطة وهيَ التي توضع على الحرف، مظهرًا بذلك أن لأصغر الأجزاء في الناموس قيمة" (565).

نهى الناموس عن القتل، فجاء السيد المسيح ونهى عن الغضب، فيقول "القديس يوحنا الذهبي الفم" عن الغضب: "ليس شيء أكثر خطورة من الحنق، ولا أقسى من الغضب! " كما قال: "يوجد سُكْر بالغضب أكثر خطورة من السُكْر بالخمر" (566).

ويقول "ر. ت فرانس" أن كلمة "لأكمل" تحمل المعاني الآتية: "أ- أنجز، حقَّق، أطاع.

ب- أظهر المعنى الكامل.

جـ- تمم أي أتى بالأمر إلى النهاية المقصودة، وذلك عن طريق الإعلان النهائي للقصد الإلهي الذي سبق وأشار إليه العهد القديم" (567).

_____

الحواشي والمراجع لهذه الصفحة هنا في موقع الأنبا تكلاهيمانوت:

(562) تفسير العهد الجديد في مجلد واحد - إصدار دار الثقافة المسيحية بالقاهرة ص116.

(563) التفسير التطبيقي ص1883.

(564) الكنز الجليل في تفسير الإنجيل جـ 1 شرح بشارة متى ص63.

(567) التفسير الحديث للكتاب المقدَّس - العهد الجديد - إنجيل متى ص117.


الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع

https://st-takla.org/books/helmy-elkommos/biblical-criticism/new-testament/258.html

تقصير الرابط:
tak.la/86fbgsw