St-Takla.org  >   books  >   helmy-elkommos  >   biblical-criticism  >   new-testament
 

مكتبة الكتب المسيحية | كتب قبطية | المكتبة القبطية الأرثوذكسية

كتاب النقد الكتابي: مدارس النقد والتشكيك والرد عليها (العهد الجديد من الكتاب المقدس) - أ. حلمي القمص يعقوب

229- لماذا جاءت التجربة على الجبل (مت 4: 1 - 11) بعد المعمودية؟ وعندما أُصعد يسوع من الروح إلى البرية ليُجرَّب من إبليس (مت 4: 1) أين كانت حريته الشخصية؟

 

س229: لماذا جاءت التجربة على الجبل (مت 4: 1 - 11) بعد المعمودية؟ وعندما أُصعد يسوع من الروح إلى البرية ليُجرَّب من إبليس (مت 4: 1) أين كانت حريته الشخصية؟

St-Takla.org                     Divider     فاصل موقع الكنيسة القبطية الأرثوذكسية - أنبا تكلا هايمانوت

St-Takla.org Image: Jesus tempted by the devil - from "The People's Bible". صورة في موقع الأنبا تكلا: الشيطان يغوى السيد المسيح - من كتاب "إنجيل الشعب".

St-Takla.org Image: Jesus tempted by the devil - from "The People's Bible".

صورة في موقع الأنبا تكلا: الشيطان يغوى السيد المسيح - من كتاب "إنجيل الشعب".

ج: أولًا: ارتباط التجربة بالمعمودية:

1ــ كتب القديس متى ما حدث بالضبط بأمانة كاملة وصدق تام، فبعد أن تعمَّد يسوع المسيح من يوحنا المعمدان، وسُمع صوت الآب عن شخصية المُعمَّد: "هذَا هُوَ ابْني الْحَبِيبُ" (مت 3: 17)، قد اشتهى الشيطان أن يتأكد من تلك المقولة، أو على الأقل أن يشكك يسوع في بنوته للآب، وروح اللَّه الكاشف كل شيء لم ينتظر قدوم الشيطان للمسيح، بل اقتاد المسيح إلى الجبل ليُجرَّب من إبليس، حتى يُحقّق هزيمة ساحقة على الشيطان ويغزو مملكته. وكما أن أبونا الأول آدم بعد أن خُلِق على صورة اللَّه ومثاله، وعاش سعيدًا فرحًا مع حواء في الفردوس، حسده الشيطان وأسقطه وكان سقوطه مدويًا. هكذا جاء المسيح آدم الثاني بعد أن أعلنت السماء عن شخصيته ليجابه إبليس ويهزمه ويسحقه لأن إبليس سبق وسحق آدم صورة اللَّه.

ويقول "مار ديوناسيوس يعقوب ابن الصليبي": " كما اتفق ذلك لآدم بعد أن كُوّن على صورة اللَّه إذ قاتله الشيطان وأسقطه، فكان سقوطه سببًا لسقوط أولاده من بعده. كما أن انتصار المسيح على الشيطان في محاربته له بعد المعمودية كان سببًا لإنهاض أبنائه من ذلك السقوط وتبريرهم" (423). ويقول "القديس يوحنا الذهبي الفم": " ذهب الشيطان إلى الإنسان (آدم) ليجربه، لكن إذ لا يستطيع الشيطان أن يهاجم المسيح، ذهب المسيح إليه" (424).

 

2ــ حلَّ الروح القدس على المسيح ومسحه لكيما يبدأ خدمته ويغزو مملكة الظلمة، ويبشر بالملكوت القريب، وبالطبع أثار هذا حفيظة الشيطان، لأن بداية الملكوت السمائي هيَ بلا شك نهاية لمُلك الشيطان، فحيثما بدأ العمل الإلهي يبدأ للوقت الشيطان في حروبه، ولذلك قال يشوع بن سيراخ: " يابُنيَّ إن أقبلتَ لخدمة الرب الإله. فأثبُتْ على البرّ والتقوى وأعْددْ نفسكَ للتجربة" (سي 2: 1).

 

ثانيًا: إصعاد الروح ليسوع ليُجرَّب وحرية المسيح الشخصية:

1ــ بعد أن مسح الروح القدس السيد المسيح لبدء الخدمة اقتاده إلى البرية، والروح القدس ليس غريبًا عن يسوع المسيح لأنه هو روحه، إذًا أُقتيد يسوع من روحه القدوس إلى البرية، فدخل للتجربة بكامل حريته وإرادته وليس رغمًا عنه، ويقول "القديس جيروم": " لم يصعد إلى البرية كمن هو مُلزَم أو من هو أسير، إنما أُقتيد باشتياق إلى المعركة" (425). ولاحظ أن الروح القدس اختار البرية كميدان للمعركة... فلماذا البرية؟.. لأنه بحسب الفكر اليهودي أن البرية والأماكن الخربة والقبور هيَ أماكن سكنى الأرواح الشريرة، فاقتاد الروح القدس الرب يسوع إلى عرين الأسد لينزع عنه قوته ويهشم أسنانه، فيصير عدوًا مغلوبًا منهزمًا يستطيع أي طفل مسيحي مؤمن أن يسخر منه، فقد هزم السيد المسيح في هذه التجربة الشيطان، ثم اكتملت هزيمته الساحقة بالصليب.

2ــ قاد الروح القدس الرب يسوع إلى العزلة في البرية، حيث الهدوء، وأيضًا ليلاقي إبليس بعيدًا عن زحام العالم، يلاقيه في جو من الصوم والصلاة، ويقول "متى هنري": " إنه أُقتيد للدخول في ساحة الوغي. لم يدفع نفسه إليها أو يحشر نفسه فيها حشرًا، لم يصعد إليها بنفسه ولكنه أُصعد إلى البرية من الروح: " وَكَانَ يُقْتَادُ بِالرُّوحِ فِي الْبَرِّيَّةِ" (لو 4: 1)، " وَلِلْوَقْتِ أَخْرَجَهُ الرُّوحُ إِلَى الْبَرِّيَّةِ" (مر 1: 12). إن الروح الذي استقر عليه كحمامة هو روح الوداعة والتواضع ومع ذلك فهو روح الجراءة والشجاعة والإقدام" (426). وأيضًا التَقَى السيد المسيح عدو الخير في جراءة وجسارة وإقدام، فهو القائل: " رَئِيسُ هذَا الْعَالَمِ يَأْتِي وَلَيْسَ لَهُ فِيَّ شَيْءٌ" (يو 14: 30).

3ــ كانت هناك ضرورة أن السيد المسيح يواجه الشيطان ويهزمه قبل أن يغزو مملكته بالخدمة والكرازة، وهذا ما حدث في البرية، فانتصر المسيح على عدو الخير ثلاث مرات علامة كمال النصرة، وكملت وتأكدت هزيمة عدو الخير على الصليب، والأمر العجيب أن في هاتين المرتين كان السيد المسيح له المجد في موقف الضعف، ففي المرة الأولى كان يعاني من الجوع الشديد بعد صوم أربعين يومًا، وفي المرة الثانية كان جسده كله قد سُخِن بالجراحات... فعلًا لقد فعل الرب يسوع بالضعف ما هو أعظم من القوة.

_____

الحواشي والمراجع لهذه الصفحة هنا في موقع الأنبا تكلاهيمانوت:

(423) الدر الفريد في تفسير العهد الجديد جـ 1 ص140.

(425) المرجع السابق ص79.

(426) ترجمة القمص مرقس داود - تفسير إنجيل متى جـ 1 ص83.


الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع

https://st-takla.org/books/helmy-elkommos/biblical-criticism/new-testament/229.html

تقصير الرابط:
tak.la/zty7b7p