St-Takla.org  >   books  >   helmy-elkommos  >   biblical-criticism
 

مكتبة الكتب المسيحية | كتب قبطية | المكتبة القبطية الأرثوذكسية

كتاب النقد الكتابي: مدارس النقد والتشكيك والرد عليها (العهد القديم من الكتاب المقدس) - أ. حلمي القمص يعقوب

1199- كيف يصف الكتاب المقدَّس "يوناداب" بالحكمة، وهو الذي خطط لأمنون ليزني مع أخته (2صم 13: 3 - 5)؟ وهل خطايا الزنا بالمحارم عرفت طريقها في قصر داود؟

 

يقول " علاء أبو بكر": "كيف يصف الرب (يوناداب) ابن أخي داود (شمعي) حكيم جدًا، على الرغم من أنه نصح وخطط لأمنون ابن داود ليزني بأخته (ثامار ابنة داود) وأخت أبشالوم، وبهذا العمل تسبَّب في إشعال الحرب بين أبشالوم وداود أبيه؟ (2صم 13: 3 - 14) فهل يريد الرب أن نقتدي بمثل هذه الشخصية القذرة التي تدعونا لزنى المحارم، وإشعال الفتن بين الابن وأبيه لدرجة تصل إلى تجييش الجيوش والحرب؟ أم هل فقد رشده ولا يستطيع التمييز بين الصالح لتعليم البشر وهدايتهم وبين الغث الذي يُفسد البشرية؟ وهل نسى الرب ما قاله في جزاء من يزني بابنة أبيه (لا 20: 17)"(1).

ويقول " ليوتاكسل": "لقد عرف التاريخ كثرة من حوادث سفاح القربى التي تماثل سفاح أمنون... فقد كانت هذه الظاهرة منتشرة عند الشعوب القديمة كلها، ولكن ما يثير الدهشة في عملية اغتصاب أمنون لأخته هو، أن هذا الأخير صرَّح عن شهوته الدنيئة لإبن عمه يوناداب، وهذا يعني أن عائلة داود مسيح الرب المقدَّس، كانت على درجة كبيرة من الانحلال الخلقي، إذ سعى واحد من أبنائه، الذي يستطيع أن يملك من القحبات ما شاء، إلى مضاجعة أخته سعيًا لا مرد له، وقد ساعده في ذلك ابن عمه"(2).

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

ج: 1- قال الكتاب: "وكان يوناداب رجلًا حكيمًا جدًا" (2صم 13: 3) ولكن حكمته هذه ليست من الله، إنما هي حكمة شيطانية، فيوناداب من أشر الشخصيات التي جاء ذكرها في الكتاب المقدَّس، فمشورته الشريرة أثمرت قتل أخين من أبناء داود، وتدمير حياة أختهم ثامار، ولم يأت ذكره في الكتاب إلاَّ مرتين، في هذه المرة عندما رسم الخطة الشيطانية لصديقه أمنون للإيقاع بأخته، والمرة الثانية في ذات الإصحاح عندما طمأن داود أن ليس كل أبنائه قتلوا بل أمنون فقط هو الذي قتل (2صم 13: 32، 35).

ولا أحد ينكر أن أبناء الظلمة لهم حكمتهم المظلمة، فقال السيد المسيح: "لأن أبناء هذا الدهر أحكم من أبناء النور في جيلهم" (لو 16: 8) ومثل حكمة يوناداب هي التي تحدث عنها أرميا النبي قائلًا: "خزى الحكماء ارتاعوا وأُخذوا. ها قد رفضوا كلمة الرب فأية حكمة لهم" (أر 8: 9) وقال بولس الرسول " لأن حكمة هذا العالم هي جهالة عند الله لأنه مكتوب الآخذ الحكماء بمكرهم" (1كو 3: 19).. فما أبعد حكمة يوناداب الشريرة الشيطانية عن الحكمة السمائية؟!:".. ليست هذه الحكمة نازلة من فوق بل هي أرضية نفسانيَّة شيطانية... وأما الحكمة التي من فوق فهي أولًا طاهرة ثم مسالمة مترفّقة مذعنة مملؤة رحمةً وأثمارًا صالحة عديمة الريب والرياء" (يع 3: 15، 17) والحكمة الأرضية لا بُد أن تُباد: "لأنه مكتوب سأبيد حكمة الحكماء وأرفض فهم الفهماء" (1كو 1: 19).

 

2- هل الكتاب المقدَّس يدعونا للتمثل بحكمة يوناداب الشيطانية..؟! من يقول هذا إلاَّ الشيطان..؟! متى يفهم النُقَّاد أنه ليس من الضروري أن الكتاب يُقيّم كل تصرف ويحكم عليه سواء كان صحيحًا أم خاطئًا..؟! من الواضح أن الكتاب يخاطب أناس ذو عقول تزن الأمور، فالكتاب عندما أوضح حقيقة هذه الحكمة ونهايتها المأساوية وثمارها المُرة لا يحتاج أن يقل لنا يجب أن نتجنب مثل هذه الحكمة، ولا يحتاج الكتاب أن يقل عن الظلمة أنها ظلمة والنور أنه نور، وقد أوضح الله لنأمن من خلال هذه القصة أن للخطية حلقات، ومن حلقاتها حلقة الحكمة الشريرة، لكيما نحذرها، ونلتمس الحكمة من الله نفسه ومن رجاله الأتقياء، وليس من الأشرار مثل أخيتوفل، وإيزابل، ويونادات... إلخ، ولا يصح أيضًا أن أحدًا يتساءل بأسلوب ساخر عن العزة الإلهيَّة قائلًا: "هل فقد الله رشده..؟ هل نسى الله؟ " فمن اللباقة أن ينتقي الإنسان الألفاظ عندما يتحدث عن الله.

 

3- لم يصرح أمنون لأبن عمه يوناداب عن رغبته الدنيئة، ولكن يوناداب هو الذي لاحظ تغيُّر حالته النفسية، لأنه كان يلتقي به من صباح إلى صباح، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في أقسام أخرى. فسأله: "لماذا ياإبن الملك أنت ضعيف هكذا من صباح إلى صباح. أما تخبرني" (2صم 13: 4) ولا يؤخذ هذا دليلًا على أن عائلة داود، مسيح الرب القدوس، أنها كانت على درجة كبيرة من الانحلال الخلقي.

 

4- قد يتساءل البعض: لماذا ذكر الكتاب هذه القصة المخجلة؟ وما هو الهدف التربوي من ذلك..؟ نقول أن خطية الزنا بالمحارم منتشرة في كل عصر، ولاسيما في المناطق العشوائية التي ينام فيها الأولاد ملاصقين لأخواتهم، فذكر الكتاب هذه القصة المخجلة لكيما يُعلّم الشباب التمسك بالنقاوة وضبط النفس، والبُعد عن مصادر الشهوة ومشورات أصدقاء السوء، والاعتبار من نتائج هذه الخطية المآسويَّة التي ضاع ضحيتها أثنين من أجمل الشباب بالإضافة للدمار النفس الذي لحق بثامار، وعظم حزن داود وزوجتيه والدتا أمنون وأبشالوم وبقية أفراد الأسرة، التي لحق بها العار والدماء. وأيضًا وجود مثل هذه القصص المخزية في الكتاب المقدَّس تُعدُّ دليلًا قويًا على عدم تعرض الكتاب المقدَّس للتحريف، لأنه لو تعرض للتحريف لكان بالأولى حذف مثل هذه القصص المشينة.

_____

الحواشي والمراجع لهذه الصفحة هنا في موقع الأنبا تكلاهيمانوت:

(1) البهريز في الكلام اللي يغيظ جـ 1 س392 ص 274، 275.

(2) التوراة كتاب مقدَّس أم جمع من الأساطير ص 351.


الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع

https://st-takla.org/books/helmy-elkommos/biblical-criticism/1199.html

تقصير الرابط:
tak.la/g6vkpst