St-Takla.org  >   books  >   fr-youhanna-fayez  >   biblical-proof-1
 

مكتبة الكتب المسيحية | كتب قبطية | المكتبة القبطية الأرثوذكسية

كتاب الدليل الكتابي للإيمان الأرثوذكسي - الجزء الأول - القمص يوحنا فايز زخاري

120- الصوم في الموعظة على الجبل

 

محتويات: (إظهار/إخفاء)

التعليم بالأعمال قبل الأقوال
كلمات رب المجد عن الصوم
العبادة الفردية السِّرِّية
العبادة الجماعية
الصلاة الجماعية
الصدقة الجماعية
اعتراض

[4] الصوم في الموعظة على الجبل

فوق جبل الموعظة الشهيرة، تحدث رب المجد عن الصوم وعلَّمهم قائلًا: «وَمَتَى صُمْتُمْ فَلاَ تَكُونُوا عَابِسِينَ كَالْمُرَائِينَ، فَإنَّهُمْ يُغَيِّرُونَ وُجُوهَهُمْ لِكَيْ يَظْهَرُوا لِلنَّاسِ صَائِمِينَ. اَلْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إنَّهُمْ قَدِ اسْتَوْفَوْا أَجْرَهُمْ. وَأَمَّا أَنْتَ فَمَتَى صُمْتَ فَادْهُنْ رَأْسَكَ وَاغْسِلْ وَجْهَكَ، لِكَيْ لاَ تَظْهَرَ لِلنَّاسِ صَائِمًا، بَلْ لأَبِيكَ الَّذِي فِي الْخَفَاءِ. فَأَبُوكَ الَّذِي يَرَى فِي الْخَفَاءِ يُجَازِيكَ عَلاَنِيَةً.» (متى6: 16-18).

 

التعليم بالأعمال قبل الأقوال

بالحياة العملية والمثال، علَّمنا ربُّ المجد فضيلة الصوم بصومه في البرية أربعين يومًا (متى4، لوقا 4). وبالموعظة والأقوال عاد ليُعَلِّمَنا الصوم من خلال موعظته على الجبل (متى6).

فحياة ربنا يسوع المسيح تُذَكِّرنا بوصيته «أَمَّا مَنْ عَمِلَ وَعَلَّمَ، فَهذَا يُدْعَى عَظِيمًا فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ» (متى5: 19).

فالعمل قبل التعليم، أو التعليم بالحياة والقُدوة قبل التعليم بالموعظة. تمامًا كوصية القديس بولس الرسول للأسقف تيموثاوس «لاَحِظْ نَفْسَكَ (أعمالك وحياتك) وَالتَّعْلِيمَ (للآخرين) وَدَاوِمْ عَلَى ذَلِكَ، لأَنَّكَ اذَا فَعَلْتَ هَذَا تُخَلِّصُ نَفْسَكَ وَالَّذِينَ يَسْمَعُونَكَ أَيْضًا». (1تيموثاوس4: 16)

فخدمة أورشليم (حياتنا) أولًا، ثم اليهودية (أُسْرَتنا)، والسامِرة (جِيرَاننا) وإلى أقصى الأرض.

 

St-Takla.org Image: Jesus and the Sermon on the Mount - from "The Book of Books in Pictures", Julius Schnorr von Carolsfeld, Verlag von Georg Wigand, Liepzig: 1908. صورة في موقع الأنبا تكلا: السيد المسيح في الموعظة على الجبل - من كتاب "كتاب الكتب بالصور"، جوليوس شنور فون كارولسفيلد، فيرلاج فون جورج ويجاند، ليبزيج، 1908 م.

St-Takla.org Image: Jesus and the Sermon on the Mount - from "The Book of Books in Pictures", Julius Schnorr von Carolsfeld, Verlag von Georg Wigand, Liepzig: 1908.

صورة في موقع الأنبا تكلا: السيد المسيح في الموعظة على الجبل - من كتاب "كتاب الكتب بالصور"، جوليوس شنور فون كارولسفيلد، فيرلاج فون جورج ويجاند، ليبزيج، 1908 م.

كلمات رب المجد عن الصوم

احتشدت الجموع، وارتفع الرب يسوع فوق الجبل. ولما جلس فتح فاه وعلمهم، وكانت العظة الشهيرة تحمل الفضائل الثلاث أركان العبادة، الصَّدَقة (مت6: 1-4)، والصلاة (مت6: 5-15)، والصوم (مت6: 16-18)

وهنا ينبغي أن ندرك أن العبادة نوعان: فردية سِرِّيَّة، وجماعية جَهْرِيَّة،

تلك هِيَ صلواتنا وأصوامنا العامة التي تشترك فيها الكنيسة كلها.

← انظر كتب أخرى للمؤلف هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت.

 

فالعبادة الفردية السِّرِّية:

يقول عنها رب المجد بلغة الفرد «فَمَتَى صَنَعْتَ صَدَقَةً» (متى6: 3)، «وَمَتَى صَلَّيْتَ» (متى6: 5)، «وَأَمَّا أَنْتَ فَمَتَى صُمْتَ» (متى6: 17)، ويتطلب هذا النوع من العبادة، الخَفاء والسِّرِّية؛ ولذلك يقول رب المجد:

في الصدقة: «فَلاَ تُعَرِّفْ شِمَالَكَ مَا تَفْعَلُ يَمِينُكَ، لِكَيْ تَكُونَ صَدَقَتُكَ فِي الْخَفَاءِ. فَأَبُوكَ الَّذِي يَرَى فِي الْخَفَاءِ هُوَ يُجَازِيكَ عَلاَنِيَةً» (مت6: 3، 4)

وفي الصلاة: «وَأَمَّا أَنْتَ فَمَتَى صَلَّيْتَ فَادْخُلْ إلَى مِخْدَعِكَ وَأَغْلِقْ بَابَكَ، وَصَلِّ إلَى أَبِيكَ الَّذِي فِي الْخَفَاءِ. فَأَبُوكَ الَّذِي يَرَى فِي الْخَفَاءِ يُجَازِيكَ عَلاَنِيَةً.» (متى6: 6).

وفي الصوم: «وَأَمَّا أَنْتَ فَمَتَى صُمْتَ فَادْهُنْ رَأْسَكَ وَاغْسِلْ وَجْهَكَ، لِكَيْ لاَ تَظْهَرَ لِلنَّاسِ صَائِمًا، بَلْ لأَبِيكَ الَّذِي فِي الْخَفَاءِ. فَأَبُوكَ الَّذِي يَرَى فِي الْخَفَاءِ يُجَازِيكَ عَلاَنِيَةً» (متى6: 18،17).

 

أما العبادة الجماعية

والتي لا ينبغي أن تلغيها العبادة الفردية، هي عبادة تشترك فيها الكنيسة كلها بالروح الواحد والنفس الواحدة، كما كانت الكنيسة الأولى في عصر آبائنا الرُّسُل. حتى قال عنها سفر الأعمال «هَؤُلاَءِ كُلُّهُمْ كَانُوا يُواظِبُونَ بِنَفْسٍ وَاحِدَةٍ عَلَى الصَّلاَةِ وَالطِّلْبَةِ» (أعمال1: 14). كما أشار لها القديس بولس الرسول قائلًا: «جَسَدٌ وَاحِدٌ، وَرُوحٌ وَاحِدٌ، كَمَا دُعِيتُمْ أَيْضًا فِي رَجَاءِ دَعْوَتِكُمُ الْوَاحِدِ» (أفسس4: 4). هذا الجسد الواحد لابُدَّ أن يكون صائمًا في وقت واحد، وهذه الروح الواحدة لابُدَّ أن تُقدِّم عبادة روحية واحدة في ذات الوقت، وهذه هِيَ العبادة الجماعية في الكنيسة المقدسة.

 

الصلاة الجماعية

كانت الكنيسة مُجتَمعة (في بيت مار مرقس الرسول الذي تحول إلى أول كنيسة في العالم) تُصلِّي من أجل القديس بطرس الرسول أثناء سجنه، إذ يقول سفر الأعمال «وَأَمَّا الْكَنِيسَةُ فَكَانَتْ تَصِيرُ مِنْهَا صَلاَةٌ بِلَجَاجَةٍ إلَى اللهِ مِنْ أَجْلِهِ» (أعمال12: 5).

وقَبِلَ الرب هذه الصلاة الجماعية في الكنيسة، فأرسل ملاكه وأخرج مار بطرس من سجنه. فأسرع الرسول بعد خروجه إلى الكنيسة في بيت مار مرقس «ثُمَّ جَاءَ وَهُوَ مُنْتَبِهٌ إلَى بَيْتِ مَرْيَمَ أُمِّ يُوحَنَّا الْمُلَقَّبِ مَرْقُسَ حَيْثُ كَانَ كَثِيرُونَ مُجْتَمِعِينَ وَهُمْ يُصَلُّونَ» (أعمال12: 12).

وواضح أن هذه الصلاة الجماعية في الكنيسة، غير الصلاة التي قال عنها الرب «وَأَغْلِقْ بَابَكَ، وَصَلِّ إلَى أَبِيكَ الَّذِي فِي الْخَفَاءِ. فَأَبُوكَ الَّذِي يَرَى فِي الْخَفَاءِ يُجَازِيكَ عَلاَنِيَةً» (متى6: 6)

ومَثَلٌ آخر للصلاة الجماعية: اجتماع الصلاة الذي كان يُعمَل دائمًا عند النهر خارج مدينة فِيلِبِّي. إذ يقول سفر الأعمال «وَفِي يَوْمِ السَّبْتِ خَرَجْنَا إلَى خَارِجِ الْمَدِينَةِ عِنْدَ نَهْرٍ حَيْثُ جَرَتِ الْعَادَةُ أَنْ تَكُونَ صَلاَةٌ». (أعمال16: 13). ويشير نفس الإصحاح «وَحَدَثَ بَيْنَمَا كُنَّا ذَاهِبِينَ إلَى الصَّلاَةِ» (أعمال16: 16). هذا بلا شك اجتماع صلاة مُعلَن، يذهب الناس إليه. ومن أجل الصلاة الجماعية العلنية سُمِّيَت الكنيسة بيت الصلاة. (متى21: 13)، (لوقا19: 46)، (مرقس11: 17)

وهكذا نجتمع اليوم في الكنيسة، نُصَلِّي صلوات القداس العَلَنِية الجماعية.

 

الصدقة الجماعية

على نحو ما كانت هناك صلوات جماعية، كانت هناك أيضًا صدقات جماعية أو العطاء العام الذي نضعه في الصندوق أمام الجميع. وهذا غير الصدقات السِّرِّية الفردية، كمِثل المرأة التي وضعت الفَلْسَيْن في القصة الشهيرة التي سَجَّلَها القديسين مرقس ولوقا الرسولين «وَجَلَسَ يَسُوعُ تُجَاهَ الْخِزَانَةِ، وَنَظَرَ كَيْفَ يُلْقِي الْجَمْعُ نُحَاسًا فِي الْخِزَانَةِ... فَجَاءَتْ أَرْمَلَةٌ فَقِيرَةٌ وَأَلْقَتْ فَلْسَيْنِ، قِيمَتُهُمَا رُبْعٌ» (مرقس12: 41، 42).

 وَتَطَلَّعَ فَرَأَى الأَغْنِيَاءَ يُلْقُونَ قَرَابِينَهُمْ فِي الْخِزَانَةِ، وَرَأَى أَيْضًا أَرْمَلَةً مِسْكِينَةً أَلْقَتْ هُنَاكَ فَلْسَيْنِ.» (لوقا21: 1-2).

ومدح الرب عطاء الأرملة العَلَنِي في المَجْمع وسط الجماعة وقال: «بِالْحَقِّ أَقُولُ لَكُمْ: إنَّ هذِهِ الأَرْمَلَةَ الْفَقِيرَةَ أَلْقَتْ أَكْثَرَ مِنَ الْجَمِيعِ، لأَنَّ هؤُلاَءِ مِنْ فَضْلَتِهِمْ أَلْقَوْا... وَأَمَّا هذِهِ فَمِنْ إعْوَازِهَا، أَلْقَتْ كُلَّ الْمَعِيشَةِ الَّتِي لَهَا». (لوقا21: 3، 4).

هكذا أيضًا يوجد الصوم الجماعي، ولذلك قال السيد المسيح «وَمَتَى صُمْتُمْ» (متى6: 16) بالجَمْع. فالصوم لِلْكُلِّ، ولكن البعض يَتصرَّفون بافتخار والبعض باتضاع، وهذا التصرُّف هو أسلوب فردي؛ ولذلك قال «وَأَمَّا أَنْتَ فَمَتَى صُمْتَ فَادْهُنْ» (متى6: 17).

 

اعتراض

يعترضون بأن الرب قال «وَمَتَى صُمْتُمْ»، وهذا معناه أن الصوم شيء اختياري، يمكن أن يحدث أو لا يحدث حسب ظروف الشخص. وبالطبع هذا استنتاج خاطئ. فقد قال الرب «وَمَتَى جَاءَ الْمُعَزِّي الَّذِي سَأُرْسِلُهُ أَنَا إلَيْكُمْ» (يوحنا15: 26)، ولم يكن معنى هذا أن مجيء الروح القدس يمكن أن يحدث أو لا يحدث، بل كان معناه أنه هناك ميعاد ثابت لحلول الروح القدس في يوم الخمسين، ميعادًا مُحددًا قد رُمِز له منذ العهد القديم.

وبهذا المعنى قال الرب «وَمَتَى صَلَّيْتَ... مَتَى صَنَعْتَ صَدَقَةً» فهل الصلاة والصَّدَقة أمور غير واجبة تحدث أو لا تحدث؟!!


الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع

https://st-takla.org/books/fr-youhanna-fayez/biblical-proof-1/fasting-sermon.html

تقصير الرابط:
tak.la/mv8bpkx