St-Takla.org  >   books  >   fr-youhanna-fayez  >   biblical-proof-1
 

مكتبة الكتب المسيحية | كتب قبطية | المكتبة القبطية الأرثوذكسية

كتاب الدليل الكتابي للإيمان الأرثوذكسي - الجزء الأول - القمص يوحنا فايز زخاري

138- الصوم وآية: «آمِرِينَ أَنْ يُمْتَنَعَ عَنْ أَطْعِمَةٍ قَدْ خَلَقَهَا اللهُ»

 

(5) «آمِرِينَ أَنْ يُمْتَنَعَ عَنْ أَطْعِمَةٍ قَدْ خَلَقَهَا اللهُ»

يعترضون على الصوم النباتي

بكلام القديس بولس الرسول لتلميذه الأسقف تيموثاوس: «وَلكِنَّ الرُّوحَ يَقُولُ صَرِيحًا: إنَّهُ فِي الأَزْمِنَةِ الأَخِيرَةِ يَرْتَدُّ قَوْمٌ عَنِ الإيمَانِ، تَابِعِينَ أَرْوَاحًا مُضِلَّةً وَتَعَالِيمَ شَيَاطِينَ... مَانِعِينَ عَنِ الزِّوَاجِ، وَآمِرِينَ أَنْ يُمْتَنَعَ عَنْ أَطْعِمَةٍ قَدْ خَلَقَهَا اللهُ لِتُتَنَاوَلَ بِالشُّكْرِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَعَارِفِي الْحَقِّ. لأَنَّ كُلَّ خَلِيقَةِ اللهِ جَيِّدَةٌ، وَلاَ يُرْفَضُ شَيْءٌ إذَا أُخِذَ مَعَ الشُّكْرِ، لأَنَّهُ يُقَدَّسُ بِكَلِمَةِ اللهِ وَالصَّلاَةِ» (1تيموثاوس4: 1-5).

 

St-Takla.org Image: "Give me neither poverty nor riches, feed me with the food allotted to me;" (Proverbs 30:8) - from "Standard Bible Story Readers", book 1, Lillie A. Faris. صورة في موقع الأنبا تكلا: "لا تعطني فقرا ولا غنى. أطعمني خبز فريضتي" (الأمثال 30: 8). - من كتاب "قراء قصص الكتاب المقدس الأساسية"، الكتاب الأول، ليلي أ. فارس.

St-Takla.org Image: "Give me neither poverty nor riches, feed me with the food allotted to me;" (Proverbs 30:8) - from "Standard Bible Story Readers", book 1, Lillie A. Faris.

صورة في موقع الأنبا تكلا: "لا تعطني فقرا ولا غنى. أطعمني خبز فريضتي" (الأمثال 30: 8). - من كتاب "قراء قصص الكتاب المقدس الأساسية"، الكتاب الأول، ليلي أ. فارس.

في شَرْحِنا لهذا النَّصِّ الكتابي نلاحظ أَمْرَيْن:

(1) يشير مار بولس الرسول إلى هراطقة يعتبرون الزواج وأكْل اللحوم نوعٌ من النجاسة. فقد تنبأ عن الأزمنة الأخيرة وعن بِدْعة كُلٍّ مِن سيمون ومَرقِيان ومَانِي، الذين ظهروا بعده في الجيل الثالث.

 وحَرَّموا الزواج، واعتبروه مُنافيًا للفضيلة.

 وحَرَّموا أكْل اللحوم مُنقسمِينَ حوله إلى فريقين:

 فريق اعتبر اللحم نجسًـا، لأنه من خِـلْقة إله الشر،

 وفريق ادَّعَى أن قَتْلَ الحيوان خطيئة كقَتْل البشر؛

 ولذلك حَرَّم الفريقان أكْل اللحم باعتباره خطيئة.

لذلك حذَّر بولس الرسول القديس تيموثاوس من هؤلاء الهراطقة، مُحدِّدًا أنه ليس ثَمَّة مأكولاتٌ نجِسَةً في ذاتها؛ "لأنها من خِلْقة إله الشر"، بل كلها «أَطْعِمَةٍ قَدْ خَلَقَهَا اللهُ لِتُتَنَاوَلَ بِالشُّكْرِ.»

(2) إذا كان الرسول بولس يُحارِب هراطقة يمنعون عن الزواج كما يمنعون عن أكْل أنواعٍ مُعيَّنة من الأطعمة، فإن ما ينطبق على الهرطقة الأولى ينطبق على الثانية.

وهنا نسأل متى يكون الامتناع عن الزواج شرًّا وهرطقة؟!

لأنه في نفس الحالة، يكون الامتناع عن أطعمة مُعيَّنة شَرًّا وهرطقة.

وواضح أن الامتناع عن الزواج من أجل النُّسْك أو التفرُّغ للعبادة والسُّمُو في الفضيلة والحياة الروحية، ليس هرطقة على الإطلاق.

فقد امتدح الكتاب المقدس البتولية والبتوليين، وقَدَّمَ أمثِلة تُمجِّد البتولية.

قَدَّمَ إيليا النبي البتول الذي صعد إلى السماء، ويوحنا المعمدان كأعظم مواليد النساء. قَدَّمَ مار يوحنا الحبيب البتول الذي رأى رُؤى الرب، ومار بولس الرسول الكارز العظيم الذي قال «حَسَنٌ لِلرَّجُلِ أَنْ لاَ يَمَسَّ امْرَأَةً... فَأُرِيدُ أَنْ تَكُونُوا بِلاَ هَمٍّ. غَيْرُ الْمُتَزَوِّجِ يَهْتَمُّ فِي مَا لِلرَّبِّ كَيْفَ يُرْضِي الرَّبَّ، وَأَمَّا الْمُتَزَوِّجُ فَيَهْتَمُّ فِي مَا لِلْعَالَمِ كَيْفَ يُرْضِي امْرَأَتَهُ. إنَّ بَيْنَ الزَّوْجَةِ وَالْعَذْرَاءِ فَرْقًا: غَيْرُ الْمُتَزَوِّجَةِ تَهْتَمُّ فِي مَا لِلرَّبِّ لِتَكُونَ مُقَدَّسَةً جَسَدًا وَرُوحًا. وَأَمَّا الْمُتَزَوِّجَةُ فَتَهْتَمُّ فِي مَا لِلْعَالَمِ كَيْفَ تُرْضِي رَجُلَهَا.» (1 كورنثوس 7: 7، 32-35). وفوق الكُل أمَّنا العذراء دائمة البتولية والدة الإله القديسة الطاهرة مريم.

← انظر كتب أخرى للمؤلف هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت.

وتحدَّثَ الرب عن البتولية إذ قَالَ لَهُ تَلاَمِيذُهُ: «إنْ كَانَ هكَذَا أَمْرُ الرَّجُلِ مَعَ الْمَرْأَةِ، فَلاَ يُوافِقُ أَنْ يَتَزَوَّجَ!» فَقَالَ لَهُمْ: «لَيْسَ الْجَمِيعُ يَقْبَلُونَ هذَا الْكَلاَمَ بَلِ الَّذِينَ أُعْطِيَ لَهُم، لأَنَّهُ يُوجَدُ خِصْيَانٌ وُلِدُوا هكَذَا مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِهِمْ، وَيُوجَدُ خِصْيَانٌ خَصَاهُمُ النَّاسُ، وَيُوجَدُ خِصْيَانٌ خَصَوْا أَنْفُسَهُمْ لأَجْلِ مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ. مَنِ اسْتَطَاعَ أَنْ يَقْبَلَ فَلْيَقْبَلْ» (مت19: 10-12)

إنما المنع عن الزواج على أنه نجاسة، هرطقةٌ حاربها الرسول فقال: «يَرْتَدُّ قَوْمٌ عَنِ الإيمَانِ... مَانِعِينَ عَنِ الزِّوَاجِ» (1تيموثاوس4: 1-3)

هكذا أيضًا: المَنْع عَنْ أَطْعِمَةٍ قَدْ خَلَقَهَا اللهُ لِتُتَنَاوَلَ بِالشُّكْرِ على أنها نجِسَة هو هرطقة لا نقبلها. أما الامتناع الاختياري عن بعض الأطعمة؛ لضَبْطِ النفس وتقوية الإرادة والتغلُّب على الشهوة، والسُّمُو الروحي، فهو فضيلة تُسمَّى الصوم.

الصوم والبتولية إذن فضيلتان نترَفَّع فيهما عن أمْرٍ جائز وحلال؛ طلبًا للسمو الروحي.

الزواج ليس شرًا، ولكن البتولية أفضل.

أكْلُ اللحوم ليس شرًا، ولكن الصوم فضيلة.

إذن ليس كل مَنْعٍ عن أطعمة ينطبق عليه هذا النص: «يَرْتَدُّ قَوْمٌ عَنِ الإيمَانِ... مَانِعِينَ عَنِ الزِّوَاجِ، وَآمِرِينَ أَنْ يُمْتَنَعَ عَنْ أَطْعِمَةٍ قَدْ خَلَقَهَا اللهُ لِتُتَنَاوَلَ بِالشُّكْر» (1تيموثاوس 4: 1-3)

ومع ذلك: ففي مجمع أورشليم الرسولي أمر الآباء الرُّسُل المؤمنين: «لأَنَّهُ قَدْ رَأَى الرُّوحُ الْقُدُسُ وَنَحْنُ،... أَنْ تَمْتَنِعُوا عَمَّا ذُبحَ لِلأَصْنَامِ، وَعَنِ الدَّمِ، وَالْمَخْنُوقِ، وَالزِّنَا» (أعمال15: 20)

فهل بهذا أمسى الآباء الرُّسُل مُرتَدِّين عن الإيمان، تابعين أرواحًا مُضِلَّة وتعاليم شياطين؟؟ حاشا...

والقديس بولس الرسول قال «حَسَنٌ أَنْ لاَ تَأْكُلَ لَحْمًا وَلاَ تَشْرَبَ خَمْرًا وَلاَ شَيْئًا يَصْطَدِمُ بِهِ أَخُوكَ أَوْ يَعْثُرُ أَوْ يَضْعُفُ» (رو14: 21).

فَمنَع بذلك الطعام الذي يُعثِر الأخَ، فقال عن نفسه «إنْ كَانَ طَعَامٌ يُعْثِرُ أَخِي فَلَنْ آكُلَ لَحْمًا إلَى الأَبَدِ، لِئَلاَّ أُعْثِرَ أَخِي» (1كورنثوس8: 13).

فهل بهذا ارتَدَّ القديس بولس الرسول عن الإيمان تابعًا أرواحًا مُضِلَّة وتعاليم شياطين؟؟!! حاشا...

إذن ليس كلُّ مَنْعٍ عن أطعمة خطيئة وهرطقة

بل إن ما يقصده الرسول بولس هنا نوع آخَر من المَنْع.

غير (1) الامتناع عن الأطعمة من أجل الصوم.

غير (2) الامتناع عن الأطعمة من أجل الابتعاد عن عثرة الآخرين.

إنما المَنْع عن أطعمة خلقها الله؛ لتُتَناول بالشُّكْر، باعتبار أنها نجِسة، أو أنها من صُنْع إلَهِ الشر. هذا هو الارتداد عن الإيمان واتِّباع الأرواح المُضِلَّة وتعاليم شياطين.

 

وهنا نسأل؟ بل نعجب!

لماذا لقَّب الرسول بولس «آمِرِينَ أَنْ يُمْتَنَعَ عَنْ أَطْعِمَةٍ» بأنهم «المرْتَدّينُ عَنِ الإيمَانِ». ما دَخْلُ الإيمان في تَصَرُّفٍ بسيط كهذا؟!

المشكلة ليست في المَنْع عن الأطعمة، بل في الهدف الذي من أجله يُمتَنع عن هذه الأطعمة. فهناك امتناع يحمِل في داخله إنكارَ وحدانية الله.

ذلك لأن هؤلاء الهراطقة نادوا بالامتناع عن تلك الأطعمة، على أنها نجسةُ؛ لأنها من صُنْع إله الشر، وهذا يعني وجود إلَه آخَر، إلَه للخير وإلَه للشَّر، وهذا هو إنكار وحدانية الله.

وهناك امتناع آخَر يحمِل داخله فكرة عدم خَيْرِيَّة الله أو عدم قداسته، باعتبار أن الله خالق لبعض الأطعمة النجسة في حد ذاتها.

تلك الأفكار المُضِلَّة قال عنها الرسول «تَابِعِينَ أَرْوَاحًا مُضِلَّةً وَتَعَالِيمَ شَيَاطِينَ».

 

هذا هو المنْعُ الخاطئ

أما المنْع في الأصوام عن الأطعمة، فهو منْع اختياري، ليس باعتبار نجاسة هذه الأطعمة، ففي أوقاتٍ أُخرى (وقت الفِطْر) نأكلها بِشُكْرٍ؛ لأنها خليقة الله. وكُلُّ خَلِيقَةِ اللهِ جَيِّدَةٌ، إنما نحن نمتنع اختياريا عن طعامٍ حلال نُسْكًا وزُهدًا وتَقْويةً للإرادة، سَواءَ كان هذا الامتناع:

· امتناعًا كاملًا فترة معينة ننقطع فيها عن كل طعام. أو

· امتناعًا جزئيًّا عن الأطعمة الحيوانية.


الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع

https://st-takla.org/books/fr-youhanna-fayez/biblical-proof-1/fasting-order.html

تقصير الرابط:
tak.la/rr8hca8