St-Takla.org  >   books  >   fr-youhanna-fayez  >   biblical-proof-1
 

مكتبة الكتب المسيحية | كتب قبطية | المكتبة القبطية الأرثوذكسية

كتاب الدليل الكتابي للإيمان الأرثوذكسي - الجزء الأول - القمص يوحنا فايز زخاري

117- حَنَّة النَّبِيَّة الأرملة المُتَعَبِّدة: أول صائمة فيما بين العهدين

 

[1] حَنَّة النَّبِيَّة الأرملة المُتَعَبِّدة

 أول صائمة فيما بين العهدين

يُعتبَر الإصحاح الثاني من إنجيل القديس لوقا الرسول الطبيب، هو أول إشارة في كتاب العهد الجديد عن الصوم.

حينما امتدح الروح القدس على فم مار لوقا، تلك النَّبِيَّة العظيمة حَنَّة بنت فنوئيل، وقال عنها:

«وَكَانَتْ نَبِيَّةٌ، حَنَّةُ بِنْتُ فَنُوئِيلَ مِنْ سِبْطِ أَشِيرَ، وَهِيَ مُتَقدِّمَةٌ فِي أَيَّامٍ كَثِيرَةٍ، قَدْ عَاشَتْ مَعَ زَوْجٍ سَبْعَ سِنِينَ بَعْدَ بُكُورِيَّتِهَا. وَهِيَ أَرْمَلَةٌ نَحْوَ أَرْبَعٍ وَثَمَانِينَ سَنَةً، لاَ تُفَارِقُ الْهَيْكَلَ، عَابِدَةً بِأَصْوَامٍ وَطَلِبَاتٍ لَيْلًا وَنَهَارًا. فَهِيَ فِي تِلْكَ السَّاعَةِ وَقَفَتْ تُسَبِّحُ الرَّبَّ، وَتَكَلَّمَتْ عَنْهُ مَعَ جَمِيعِ الْمُنْتَظِرِينَ فِدَاءً فِي أُورُشَلِيمَ.» (لوقا2: 36-38).

 

St-Takla.org Image: She started telling everyone in Jerusalem who had been awaiting the coming of the Savior that the Messiah had finally arrived. (Luke 2: 38) - "Simeon and Anna meet baby Jesus" images set (Luke 2:21-40): image (7) - The Gospels, Bible illustrations by James Padgett (1931-2009), published by Sweet Media صورة في موقع الأنبا تكلا: "فهي في تلك الساعة وقفت تسبح الرب، وتكلمت عنه مع جميع المنتظرين فداء في أورشليم" (لوقا 2: 38) - مجموعة "سمعان وحنة يقابلان يسوع" (لوقا 2: 21-40) - صورة (7) - صور الأناجيل الأربعة، رسم جيمز بادجيت (1931-2009)، إصدار شركة سويت ميديا

St-Takla.org Image: Anna the Prophetess, the daughter of Phanuel:  She started telling everyone in Jerusalem who had been awaiting the coming of the Savior that the Messiah had finally arrived. (Luke 2: 38) - "Simeon and Anna meet baby Jesus" images set (Luke 2:21-40): image (7) - The Gospels, Bible illustrations by James Padgett (1931-2009), published by Sweet Media

صورة في موقع الأنبا تكلا: حنة بنت فنوئيل: "فهي في تلك الساعة وقفت تسبح الرب، وتكلمت عنه مع جميع المنتظرين فداء في أورشليم" (لوقا 2: 38) - مجموعة "سمعان وحنة يقابلان يسوع" (لوقا 2: 21-40) - صورة (7) - صور الأناجيل الأربعة، رسم جيمز بادجيت (1931-2009)، إصدار شركة سويت ميديا

صوم تَعَبُّدِي

· ليست ثَمَّة مشكلة معينة قادت تلك النَّبِيَّة العجوز العظيمة حَنَّة[26] لكي تصوم نحو أربع وثمانين سنة، تلتمس حَلَّها.

· ولا هِيَ طِلْبَة ترجوها تلك الهَرِمَة التي بلغ عُمرُها نحو المائة أو أكثر (باعتبار أنها تزوجت وَتَرَمَّلَت في سن السادسة عشر على الأقل).

· فلم يكُن صوم النَّبِيَّة العظيمة ضِمن الصوم الطلبي، أدنى أنواع الصيام، بل هو صوم روحي من أعلى طِراز.

· لقد شهد الروح القدس عن صومها قائلًا: «نَحْوَ أَرْبَعٍ وَثَمَانِينَ سَنَةً، لاَ تُفَارِقُ الْهَيْكَلَ، عَابِدَةً بِأَصْوَامٍ وَطَلِبَاتٍ لَيْلًا وَنَهَارًا» (لوقا2: 37).

← انظر كتب أخرى للمؤلف هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت.

 

· وهذه الشهادة فيها ثلاث نقاط على الأقل:

(1) الصوم التَّعَبُّدِي الروحي

وفي هذا يقول الكتاب: «عَابِدَةً بِأَصْوَامٍ». والصوم التَّعَبُّدِي هو أرقى أنواع الأصوام؛ لأنه لا يهدف لشيء، بل الله وحده هو هدفه.

 

درجات الصلاة والصوم:

كما للصلاة أنواع ودرجات، هكذا للصوم أيضًا. فهناك صلاة الطِّلْـبة، وفيها طِلْبات جسدية وطِلْبات روحية. وهناك صلاة التوبة، وفوق هذا بل وأعظم منها توجد صلاة التسبيح، وفيها تذوب اهتماماتنا بأنفسنا ويبقى فقط اهتماماتنا بالله وحده. وفيها نشترك مع الملائكة المُسبِّحين فنسبح معهم اسم إلهنا «قُدُّوسٌ قُدُّوسٌ قُدُّوسٌ، الرَّبُّ الْإلَهُ الْقَادِرُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ، الَّذِي كَانَ وَالْكَائِنُ وَالَّذِي يَأْتِي»[27] (رؤيا4: 8)

«آمِينَ! الْبَرَكَةُ وَالْمَجْدُ وَالْحِكْمَةُ وَالشُّكْرُ وَالْكَرَامَةُ وَالْقُدْرَةُ وَالْقُوَّةُ لإلَهِنَا إلَى أَبَدِ الآبِدِينَ. آمِينَ»[28] (رؤيا 7: 12).

ما أروع تسبيحك يا إلَهِي

حينما أقف أمامك في هذه الآونة...

ليست لي طِلْبَة...

ليست لي طِلْبَة... جسدية كانت أم روحية

فحتى طَلِباتي الروحية لحياتي، تتصاغر أمامك عندما أشْخَصُ إليك.

فكل ما أرجوه، أن تَقْبَلني لأنْدَسَّ وسط الحشود الملائكية الهائلة.

فتَقْبَل صوتي مع غير المرئيين، وتحسِبَني مع القوات السمائية.

فأقول معهم: «قُدُّوسٌ قُدُّوسٌ قُدُّوسٌ» لك القوة. لك المجد إلى الأبد».

ما أروعك... فأنت موضوع اهتمامي وفرحي. كَمَالَاتُكَ وصِفاتك مُتْعَة

 الروح، أتأمَّل فيها فأجِدها بَهِجة العقل وراحة النفس.

والصوم أيضًا

هكذا في الصوم أيضًا،

توجد أصوام طلبية، من أجل مُشكلة معينة،

وأصوام للتذلل أمام الله في توبة نقية وَهِيَ أرقى.

وفوق كل هذا وأعظم منه، يوجَد الصوم التَّعَبُّدِي. وفيه نُقَدِّم أجسادنا ذبيحة حُبٍّ مُتَعَبِّدة، خاضعة لله. إنها ذبيحة تسبيح لله.

هكذا كان صوم تلك النَّبِيَّة المتعبدة التي لم تفارق الهيكل أربع وثمانين سنة، من هذا النوع الأمثل للصوم، الصوم التَّعَبُّدِي. حتى قال الكتاب: «أَرْبَعٍ وَثَمَانِينَ سَنَةً، لاَ تُفَارِقُ الْهَيْكَلَ، عَابِدَةً بِأَصْوَامٍ وَطَلِبَاتٍ لَيْلًا وَنَهَارًا»

 بل كان صومًا روحيًا للنمو الروحي.

 كما كان مُقترِنًا بالصلاة والسَّهَر والالتصاق ببيت الرب.

 

(2) الصوم والالتصاق ببيت الرب

 تميَّزت حَنة النَّبِيَّة، بل امتازت بحياة الالتصاق ببيت الرب التصاقًا مذهلًا «أَرْبَعٍ وَثَمَانِينَ سَنَةً، لاَ تُفَارِقُ الْهَيْكَلَ، عَابِدَةً بِأَصْوَامٍ».

وكلمة الهيكل هنا لا تَعْنِي قُدْس الأقداس بل تَعْنِي مكانًا مُلحَقًا بالهيكل مُخَصَّصًا للنِّساء المُتَعَبِّدات.

أين نحن من هذه، في محبة بيت الرب إلهنا؟!.

أنُحِبُّ مِثْلها بيتَ الرب؟، وإن لم نستطع أن نصِلَ إلى مستواها العالي في الالتصاق الكامل ببيت الرب، فعلى الأقل فلْنُحِب بَيتَه ونفرح بوجودنا فيه. وعندما ندخل إلى الكنيسة المقدسة، ننسى كل ما هو خارج؛ لنحيا ساعات الصلاة القليلة في شركة وتأمل بلا شرود ذِهْن.

 

(3) الصوم مع الصلاة الدائمة

هكذا قال الكتاب عن تلك المتعبدة «عَابِدَةً بِأَصْوَامٍ وَطَلِبَاتٍ لَيْلًا وَنَهَارًا» (لوقا2: 37). وكلمة الطَّلِبَات تَعْنِي الصلوات، اِستُخدِمت في اللُّغة من باب إطلاق الجُزْء على الكُل. وقد كانت حَّنة تَقرِن صَومها الطويل، بصلواتها المُتَّصلة ليلًا ونهارًا. فقد شبه الآباء القديسون الصوم كجهاد روحي، والصلاة التي بها نطلب نعمة الله، بمِجْدَافَيِّ قارب مُبْحِر، إذا حَرَّكْتَ دَفَّة واحدة، دارَ القارِبُ حول نفسه دون أن يتحرك إلى الإمام خطوة واحدة، ويظَلُّ دون حَركة إلى أن تتحرك الدَّفَتَيْن معًا. فبالنعمة والجهاد، بالصلاة والصوم، تسير حياتنا إلى الأمام في حياة الروح.

وهذه الصلوات التي كانت لحَنة النَّبِيَّة لم تكن صلاة قصيرة، بل صلوات متصلة ليلًا ونهارًا.

_____

الحواشي والمراجع لهذه الصفحة هنا في موقع الأنبا تكلاهيمانوت:

[26] حَنَّة (بِفَتْح الحاء) اسم امرأة، أما حِنَّة (بكسر الحاء) اسم نبات وهو (الحِنَّاء).

[27] "قدوس" ثلاث مرات لتقديس الثالوث القدوس "قدوس الله الآب. قدوس ابنه الوحيد. قدوس الروح القدس"، كما في (إشعيا6: 2).

[28] نَصُّ ضِمن سُباعيات الرؤيا، وهي صفات يُسبِّح الله بها جميعُ الملائكة والقسوس والحيوانات الأربع غير المتجسدين.


الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع

https://st-takla.org/books/fr-youhanna-fayez/biblical-proof-1/fasting-anna.html

تقصير الرابط:
tak.la/pnsga8d