St-Takla.org  >   books  >   anba-yoannes  >   apostolic-church
 

مكتبة الكتب المسيحية | كتب قبطية | المكتبة القبطية الأرثوذكسية

كتاب الكنيسة المسيحية في عصر الرسل - الأنبا يوأنس أسقف الغربية

94- منهج الكرازة

 

منهج الكرازة(38):

لا نعدو الحقيقة إن قلنا أن سفر الأعمال لم يدخر لنا نماذج كاملة لعظات الرسل الكرازية. اللهم إلا عظة القديس بطرس في يوم الخمسين، وعظة للقديس بولس ألقاها في المجمع اليهودي في أنطاكية بيسيدية (أع 13: 16-41)، وخطاب وجهه في أثينا في الأريوس باغوس إلى جماعة من الفلاسفة (أع 17: 22-31)، ولم تتح له فرصة إكماله... يضاف إلى ذلك بعض الأحاديث والإشارات العابرة، التي توضح جوهر الخدمة الكرازية، بالإضافة إلى رسائل الرسل... وسنأخذ خطابي بولس الرسول المذكورين نموذجين للكرازة بين اليهود وبين الأمم.

والآن نستعرض عظة بولس الرسول في المجمع اليهودي في أنطاكية بيسيدية:

(أ) بدأ بذكر تاريخ الأمة اليهودية المجيد، وكيف اختارهم الله من بين الشعوب، واعتنى بهم. لكنه أشار إلى أن هذا الماضي المجيد لم يكن إلا إعدادًا لمستقبل ذي مجد أعظم.

(ب) أشار إلى أن أنبياء اليهود شهدوا لمجيء المسيا، لا ليبطل الناموس بل ليتمه.

(ج) رؤساء اليهود في أورشليم رفضوا المسيا وصلبوه لكنهم بهذا تمموا كل ما كُتب عنه.

(د) الحكام -دون أن يعرفوا- قتلوا المسيا، لكن الله أقامه من الأموات، ودلل على ذلك بشهادة شهود أظهر لهم نفسه حيًا مرارًا كثيرة بعد قيامته، وبشهادة داود في المزمور الثاني.

(هـ) وختم حديثه بأن الله يدعوهم لغفران خطاياهم، الأمر الذي لا يستطيع موسى أن يهبه لهم. ثم حذرهم أيضًا من رفض هذه الدعوة، كما تنبأ الأنبياء.

وواضح مما تقدم أن الرسل في كرازتهم لليهود، كان من الطبيعي أن يقصروا كلامهم على إثبات أن يسوع المسيح الذي صُلب، هو عينه المسيا الذي ينتظره اليهود، والذي تنبأ عنه الأنبياء، وأنه قام من بين الأموات، وأنه سيأتي في انقضاء الدهر ديَّانًا للعالم...

← انظر كتب أخرى للمؤلف هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت.

 

St-Takla.org Image: "Preach the word! Be ready in season and out of season. Convince, rebuke, exhort, with all longsuffering and teaching" (2 Timothy 4:2) - Unknown illustrator. صورة في موقع الأنبا تكلا: "اكرز بالكلمة. اعكف على ذلك في وقت مناسب وغير مناسب. وبخ، انتهر، عظ بكل أناة وتعليم" (تيموثاوس الثانية 4: 2) - لفنان غير معروف.

St-Takla.org Image: "Preach the word! Be ready in season and out of season. Convince, rebuke, exhort, with all longsuffering and teaching" (2 Timothy 4:2) - Unknown illustrator.

صورة في موقع الأنبا تكلا: "اكرز بالكلمة. اعكف على ذلك في وقت مناسب وغير مناسب. وبخ، انتهر، عظ بكل أناة وتعليم" (تيموثاوس الثانية 4: 2) - لفنان غير معروف.

أما عن خطاب بولس في محفل فلاسفة أثينا، ولو أن الرسول لم تتح له فرصة إكماله، إلا أنه يحوي نقاطًا أساسية وهامة في تبشير الأمم:

(أ) بينما -في كرازته لليهود- يستشهد بولس بكلمة الله(39)، إذ به في كرازته للأمم يستهِد بالطبيعة المخلوقة.

(ب) يقدم لهم -في أسلوب واضح- مفاهيم سليمة عن الله وطبيعته بكل الجوانب الأساسية (الله واحد، روح، كلي الوجود والقدرة، عنايته بالخليقة، وحدة الجنس البشري وقدراته، عبادة الروح).

(ج) يدعوهم للتوبة، ويعلن لهم أن الله مستعد أن يتغاضى عن أزمنة الجهل.

(د) أعلن لهم عن الدينونة العامة التي بها سيدين الله المسكونة كلها بالعدل بيسوع المسيح.

(هـ) وثمة ركن أساسي في الكرازة للأمم، وهو مطالبتهم بقطع صلتهم بالأوثان... وهكذا قال للوثنيين في لسترة الذين أرادوا أن يذبحوا له هو وبرنابا كآلهة: "نبشركم أن ترجعوا عن هذه الأباطيل إلى الإله الحي الذي خلق السماء والأرض والبحر وكل ما فيها" (أع 14: 15).

وكشيء مكمل لمضمون هذه العظة نقول، إن الرسول في منهجه الكرازي بين الوثنيين، كان يكشف لهم ضلال البشر الشنيع بعيدًا عن الإله الحقيقي، وأن جميع البشر زاغوا وفسدوا وأعوزهم مجد الله، وأنهم في حاجة إلى مخلص(40).

 

ونلاحظ الآتي على منهج القديس بولس الكرازي كمثال:

(أ) حُسْن الاستهلال في أحاديثه، الأمر الذي يهيئ قلوب سامعيه للاستماع إلى حديثه الذي سيقدمه... ففي أنطاكية بيسيدية استعرض أمام اليهود أمجادهم التاريخية. وفي الأريوس باغوس امتدح الأثينيين على تدينهم على الرغم من أن روحه احتدت فيه حينما رأى المدينة مملوءة أصنامًا(41) (أع 17: 16، 22).

(ب) على الرغم مما اتسمت به عظاته الكرازية من صراحة وشجاعة وحزم ووضوح، لكنه احترم سامعيه، وقدر في عطف احتياجاتهم الروحية، وجهلهم بالحقائق التي يدعو هو إليها.

(ج) انتفاعه بكل ما قدمته له بيئة سامعيه وظروفهم من أجل نجاح رسالته. مثال ذلك: المذبح المكتوب عليه: "لإله مجهول" في أثينا والعبارة التي اقتبسها من بعض شعرائهم الوثنيين: "لأننا به نحيا ونتحرك ونوجد"... وهو بهذا يسير على المبدأ الذي أوضحه: "صرت لليهود كيهودي لأربح اليهود، وللذين تحت الناموس كأني تحت الناموس لأربح الذين تحت الناموس، وللذين بلا ناموس كأني بلا ناموس، مع أني لست بلا ناموس لله بل تحت ناموس المسيح لأربح الذين بلا ناموس. صرت للضعفاء كضعيف لأربح الضعفاء. صرت للكل كل شيء لأخلص على كل حال قومًا" (1كو 9: 20-22).

_____

الحواشي والمراجع لهذه الصفحة هنا في موقع الأنبا تكلاهيمانوت:

(38) Harnack, Missions...pp. 381-386; Allen, Missionary Methods, pp. 87-96;. Smyth; The Story of St. Paul's life, pp. 64, 65.

(39) هذا أمر طبيعي، لأنه كما يقول بولس عنهم "لهم التبني والمجد والعهود والاشتراع والعبادة والمواعيد. ولهم الآباء ومنهم المسيح حسب الجسد" (رو 9: 4، 5).

(40) انظر (الرسالة إلى رومية 1-3؛ 1كو12: 2؛ 1تس 1: 9، 10).

(41) ليس هذا رياء من جانب بولس، فقد كانوا بالفعل متدينين بحسب مفهومهم، وإن كانوا مخطئين...


الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع

https://st-takla.org/books/anba-yoannes/apostolic-church/kerygma-approach.html

تقصير الرابط:
tak.la/xk6gbap