دُعِيَ المؤمنون "مسيحيين" أول مرة في أنطاكية (أع 11: 26) نحو سنة 42 أو 43 م. وَيُرَجَّح أن ذلك اللقب كان في الأول كَتُهْمَة تَرِد على ألسنة خصومهم (1 بط 4: 16). فقد ذكر المؤرخ تاسيتُس Tacitus (المولود نحو 54 م.، وكان معروفًا) أن تابِعي المسيح Chrestianos كانوا أُناسًا سَفَلَة عاميين(2) (حيث كان ضدهم سياسيًّا كرجل دولة روماني). ولما قال أغريباس لبولس "بِقَلِيل تُقْنِعُنِي أَنْ أَصِيرَ مَسِيحِيًّا" (أع 26: 28) فالراجِح أنهُ أراد أن يقول إن حُسْن بُرهانك كاد يجعلني أرضى بأن أُعَاب بهذا الاسم.
وقد شاع بمعنيين:
(1) المُقِرّ بالديانة المسيحية.
(2) المؤمن الحقيقي القلبي.
والمعنى الأخير أحسن من الأول. وقد امتد المسيحيون إلى كل أقطار المسكونة فصار عددهم كبيرًا، وهي الديانة الأولى في العالم عبر التاريخ(1)، ما يقرب من ثُلث سكان العالم.
ترد كلمة "مسيحي" أو "مسيحيين" ثلاث مرات في العهد الجديد (أع 11: 26؛ 26: 28؛ 1بط 4: 16). ففي الأصحاح الحادي عشر من سفر أعمال الرسل نجد أول استعمال للكلمة حيث نقرأ: "ودُعي التلاميذ مسيحيين في أنطاكية أولًا، أي المنتمين للمسيح أو أتباع المسيح، وواضح أن هذا الاسم لم يصدر أساسًا عن المسيحيين أنفسهم، كما لم يطلقه اليهود عل أتباع المسيح الذي كانوا يكرهونه ويضطهدون اتباعه، بل كانوا يطلقونه على المؤمنين بالرب " شيعة الناصريين" (أع 24: 5)، فلابد أن الكلمة سكها الوثنيون من سكان أنطاكية عندما انفصلت الكنيسة عن المجمع اليهودي، وحلت محل المجمع جماعة كانت غالبيتها من الأمم الذين آمنوا بالمسيح.
أولًا - السماء التي أطلقها الآخرون على المسيحيين:
قام تلاميذ المسيح بالكرازة بالإنجيل بعد قيامة الرب يسوع من الأموات، وربحوا كثيرين، وبدأ اليهود يرون في أولئك المؤمنين حركة جديدة، فأطلقوا عليهم أربعة أسماء، ليست جميعها من قبيل المديح ، وهذه الأسماء هي:
(1) جليليون:
حيث أن يسوع وغالبية تلاميذه كانوا من الجليل، فكان من الطبيعي أن يُطلق على اتباعه وصف " جليليين ". وقد وصفت الجارية (في بيت رئيس الكهنة) بطرس -في أثناء محاكمة الرب يسوع- بأنه "جليلي" (لو 22: 59؛ انظر أيضًا أع 1: 11؛ 12: 7)، وإن كان استخدام الكلمة هنا يحمل مضمونًا جغرافيًا، ولكن هناك إشارة أكيدة إلى المسيحيين باسم " الجليليين " في كتابات الفيلسوف الوثني " إبكتتيوس " (epictetus-50؟- 135) الذي تأثر كثيرًا باستشهاد المسيحيين من أجل إيمانهم. ومن هنا نرى كيف انتشر الاسم في خلال عقود قليلة حتى بلغ روما حيث كان يعيش: "إبكتتيوس ".
(2) ناصريون:
كان يطلق على الرب يسوع: "يسوع الناصري " أو " يسوع الذي من الناصرة" [ارجع مثلًا إلى (مت 2: 23؛ 26: 71؛ مرقس 1: 24؛ 10: 47؛ أع 2: 22؛ 3: 6؛ 4: 10؛ 6: 14؛ 22: 8؛ 26: 9)]، فكان من الطبيعي أن يطلق على أتباعه اسم "الناصريين" الذي استخدمه الخطيب "ترتلس" أمام فيلكس الوالي، في اتهامه لبولس بأنه "مقدام شيعة الناصريين" (أع 24: 5). وبلا شك، أنه لم يكن يستخدمه من باب المديح، بل بالحري للتحقير، ولا نعلم مدى قبول المسيحيين لهذا الاسم، وإن كان بعض المسيحيين من اليهود والغنوسيين أطلقوا على أنفسهم اسم الناصريين، ويسمى أحد الأناجيل الأبوكريفية " إنجيل الناصريين".
(3) أتباع الطريق:
لم تكن المسيحية مطلقًا إيمانًا مجردًا، بل كانت طريق حياة. وكانت طريق الحياة الجديدة واضحة جدًا أمام من يحيطون بهم، وللمسيحيين أنفسهم، لأنهم أصبحوا يتبعون أسلوب حياة الرب يسوع المسيح، أي طريقة حياته وتعليمه، وسرعان ما أصبحت كلمة " الطريق " تعني " المسيحيين ". وهكذا أرسل شاول (الرسول بولس فيما بعد) إلى دمشق ليلقي القبض على أي أناس يجدهم " من الطريق" (أع 9: 2). ولعل المسيحيين أنفسهم استخدموا نفس التعبير في وصف أنفسهم، فقد أشار لوقا إلى الحركة المسيحية بأنها " الطريق" (أع 19: 9، 23؛ 24: 22)، وهو الاسم الوحيد الذي استخدمه المسيحيون وغير المسيحيين لوصف الحركة الجديدة.
(1) مسيحيون:
كما سبق القول، كان المؤمنون في أنطاكية هم أول من أطلق عليهم هذا الوصف. فحيث كُرز بالإنجيل للأمم كما لليهود، ظهر أن المسيحية شيء آخر غير اليهودية، وأنها ديانة جديدة. وحيث أن المؤمنين كانوا يتحدثون دائمًا عن المسيح، وأطلق عليهم الاسم " مسيحيون "، ولعلها كانت تنطوي أساسًا على نوع من التهكم. ويبدو أن المسيحيين أنفسهم لم يتقبلوا هذا الاسم بصدر رحب في البداية، ولكنه على توالي الأيام، التصق بهم وصاروا يعرفون به. وكما سبق القول، يظهر هذا الاسم ثلاث مرات في العهد الجديد، فنجد أول استخدامه في (أع 11: 26)، حين أطلق أولًا على المؤمنين في أنطاكية. وبعد ذلك يقول أغريباس الملك -متهكمًا- للرسول بولس: "بقليل تقنعني أن أصير مسيحيًا" (أع 26: 28). ثم يقول الرسول بطرس: "لا يتألم أحدكم كقاتل أو سارق... ولكن إن كان كمسيحي، فلا يخجل، بل يمجد الله" (1بط 4: 16). ولا يرد هذا الاسم إلا في القرن الثاني، إذ كان إغناطيوس الأنطاكي هو أول مسيحي يطلق على المؤمنين أسم " مسيحيين ". كما كتب بلليني (الحاكم الروماني للمنطقة التي أرسل إليها الرسول بطرس رسالته الأولى) للامبراطور تراجان عن أناس قدموا أمامه بتهمة أنهم " مسيحيون "، ومنذ ذلك الوقت أصبح المؤمنون بالمسيح يشتهرون بهذا الاسم، وليس ثمة ما هو أفضل من أن يُسمى المؤمنون بالمسيح باسم " مسيحيين " لإعلان انتمائهم للمسيح وتشبههم بحياته.
ثانيًا - الأسماء التي أطلقها المسيحيون على أنفسهم كجماعة:
أطلق المسيحيون على أنفسهم بضعة أسماء، بعضها للأفراد، والبعض الآخر لهم كجماعة، فثمة ثلاثة أسماء أطلقت عليهم كلل:
(1) كنيسة:
كان يطلق على كل بني إسرائيل - في العهد القديم - اسم " الجماعة"، كمال أن الجماعات التي كانت تعتبر نفسها "إسرائيل الحقيقي"، استخدمت نفس الكلمة. فقد استخدمها كتبة مخطوطات البحر الميت (وادي قمران)، كما استخدمها المسيحيون الأوائل، فكثيرًا ما أشار المسيحيون إلى أنفسهم باسم " الكنيسة أو الجماعة " أي " جماعة الرب ".
وتطلق كلمة "كنيسة" على جميع المؤمنين بالمسيح في كل العالم، كما على أي جماعة محلية منهم. ولهذا كثيرًا ما يستخدم العهد الجديد كلمة "كنيسة" (بالمفرد) للدلالة على الكثير من الجماعات المسيحية معًا (أع 9: 31؛ 2كو 1: 1). فكلمة "الكنائس" في (أع 9: 31) هي في اليونانية "الكنيسة" بالمفرد(1). وقلما تُسْتَخْدَم كلمة "كنائس" [بالجمع (أع 15: 41؛ 16: 5)]. فكل جماعة وكل الجماعات تستمتع بحضور الرب وسطها (مت 16:18؛ 18: 17)، فقد اشتراها بدمه (أع 20: 28).
(2) جمهور:
وهي كلمة شبيهة بكلمة "كنيسة" لوصف المسيحيين كجماعة. وكثيرًا ما تشير مخطوطات البحر الميت إلى جماعة إسرائيل الحقيقيين بلفظ "الكثيرين" أو الجمهور. كثيرًا ما استخدمت هذه الكلمة للإشارة إلى المسيحيين الأوائل (أع 4: 32، 6: 5، 15: 12)، كما تظهر في كتابات أكليمندس الروماني (96م؟) وفي "راعي هرماس" (القرن الاثني الميلادي)، ولعلها كانت اختصارًا لعبارة "جمهور الأبرار" أو "جمهور الله" أو ما أشبه. وعندما كان المسيحيون يستخدمون كلمة " الجمهور " كانوا يقصدون بها كل جماعة المسيحيين.
(3) رعية:
استخدمت كلمة "رعية" أو "رعية الله" للدلالة على المسيحيين (أع 20: 28؛ 1بط 5: 2، 3) (كما اسْتُخْدِمَت في كتابات أكليمندس الروماني)، وقد سبق أن جاء في الكتابات اليهودية الأبوكريفية والزائفة (سفر أخنوخ الأول 90؛ مزامير سليمان 17: 45)، كما استخدمها الرب يسوع (يو 10: 16)، فأصبحت تطلق على المسيحيين باعتبارهم رعية الله والله هو راعيهم.
ثالثًا - الأسماء التي استخدمها المسيحيون لوصف أنفسهم كأفراد:
وثمة تسع كلمات استخدمها المسيحيون الأوائل لوصف أفرادهم:
(1) تلميذ:
لقد تبع الرب يسوع جماعة من الرجال والنساء، كانوا يصغون لأقواله وتعليمه، ويلاحظون حياته، ويحاولون الاقتداء به، وستجد المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلاهيمانوت في صفحات قاموس وتفاسير الكتاب المقدس الأخرى. فباعتباره المعلم، أُطلق على أتباعه - كما كانت العادة - اسم " تلاميذ" (مت 10: 1؛ لو 6: 17؛ يو 6: 66). وكان أمر الرب يسوع لتلاميذه: "اذهبوا وتلمذوا جميع الأمم ، وعمدوهم باسم الآب والابن والروح القدس" (مت 28: 19، 20). فكان من المنطقي جدًا أن يطلق على المسيحيين الأوائل اسم " تلاميذ يسوع الناصري " أو " التلاميذ " فقط (أع 6: 1، 2، 7؛ 9: 36؛ 11: 26) لأنهم فكانوا يواصلون تعليمه، ويحيون حياة الاقتداء به، فكانوا يبدون كمدرسة أو جماعة حية تمثل تعليم السيد عمليًا. وتؤكد لنا رسالة يوحنا الرسول الأولى أن من يحفظون وصايا المسيح هم الذين يحبون الله محبة حقيقية (1يو 2: 3-6؛ 3: 10، 11).
(2)عبيد :
فخمسة من كتبة أسفار العهد الجديد يصفون أنفسهم بالقول: "عبد (أو خادم) يسوع المسيح" (رو 1: 1؛ غل 1: 10؛ في 1: 1؛ كو 4: 12؛ 2تي 2: 24؛ تي 1: 1؛ يع 1: 1؛ 2بط 1: 1؛ يهوذا 1؛ رؤ 1: 1). وكثيرًا ما تدل كلمة "عبيد" على المسيحيين، فلماذا يطلق عليهم هذا الوصف؟ كان الله في العهد القديم يعتبر ملكًا عظيمًا، وكان رعايا الملوك يعتبرون عبيدًا لهم إذ كان الملك يستطيع أن يفعل برعاياه كما يشاء، وقد وجد بنو إسرائيل أنفسهم في نفس العلاقة مع الله فكانوا "عبيده".
وكثيرًا ما تعني عبارة "عبد الملك" أن الشخص يشغل مركزًا مرموقًا في خدمة الملك، فكان يعتبر لقبًا مشرفًا. وقد كان موسى نفسه يدعى "عبد الله" (عد 12: 7، 8؛ رؤ 15: 3)، فكان لقب "عبد" يدل على الكرامة والخضوع في نفس الوقت. وليس من السهل معرفة المعنى المقصود في كل حالة في العهد الجديد، فقد يكون الطاعة والخضوع (1كو 7: 22؛ في 2: 7). ولكن في تطبيقه على الكتبة من الرسل، فالأرجح أن المقصود هو إضفاء الكرامة، وفي نفس الوقت تدل على الطاعة للمسيح، فهو قد أمرهم، وهم أطاعوا، حيث أن الطاعة كانت صفة مميزة لكل المسيحيين، فأصبح يطلق على أعضاء الكنيسة "عبيد المسيح ".
(3) مدعوون ومختارون:
في العهد القديم، دعا الله إسرائيل ليكونوا "شعبًا مختارًا"، "مدعوًا من الله". ويقدم لنا العهد الجديد "الرب يسوع" كأسمى "مُخْتار من الله" (1بط 2: 4) كنا أن أتباعه "مختارون ومدعون" (رو 1: 6؛ 16: 13؛ كو 3: 12؛ 2تي 2: 10؛ 1بط 1: 2؛ 2يو 1، 13؛ يهوذا 1؛ رؤ 17: 14)؛ كما نجد نفس المعنى في (مت 22: 14). وهذا اللقب يد على المركز المتميز للمسيحيين في خطة الله، كوارثين لمواعيده ، كما يدل أيضًا على أن مركزهم لا يتوقف على استحقاقهم، فقد اختارهم الله وهم بعد ضعفاء لا يستطيعون أن يفعلوا شيئًا (رو 5: 6) ، وبذلك تنتفي الكبرياء والافتخار، لأن الله قد منحهم هذا المركز من نعمته الغنية.
(4)أبرار :
الشخص البار هو الذي يقف تقيًا نقيًا أمام الله، وكان شخصية بارزة في العهد القديم. ونجد في العهد الجديد الكثير من الآيات المقتبسة من العهد القديم بهذا الخصوص (حب 2: 4؛ مع رو 1: 17؛ مز 14: 1؛ مع رو 3: 10؛ مز 34: 16؛ مع 1بط 3: 12). والرب يسوع هو المثال الأعلى للبر، بل هو البار الوحيد (1بط 3: 18؛ 1يو 2: 1). وقد أصبح المسيحيون أبرارًا في المسيح الذي صار لهم "حكمة من الله وبرًا وقداسة وفداء" (1كو 1: 30)، ولذلك فإنهم يدعون " أبرارًا" (رو 5: 19؛ غل 3: 11؛ 1بط 4: 18؛ رؤ 22: 11).
(5)قديسون :
لقد دعا الرب بني إسرائيل ليكونوا " قديسين " أي مكرسين لله (خر 22: 31؛ لا 11: 44). وكان الرب يسوع هو "قدوس الله" (مرقس 1: 24). ونجد خلفية هذا اللقب في نبوة دانيال (دا 7: 18، 21-27) ارجع أيضًا إلى لغة (مز 79: 2)، فالمؤمنون مقدسون في المسيح (1كو 1: 2). وكانت كلمة " قديس " عند الرسول بولس من أحب الأسماء للمسيحيين [(رو 1: 7؛ 8: 27؛ 12: 13؛ 15: 25، 26، 31؛ 16: 2، 15)، علاوة على 31 مرة أخرى في رسائل الرسول بولس]. كما يرد هذا الاسم أربع عشرة مرة في سفر الرؤيا، كما يستخدمه آخرون من كتَّاب العهد الجديد (عب 12: 10؛ 13: 24؛ يهوذا 3). ويفترض هذا الاسم أن يجتهد المسيحيون أن يكونوا مقدسين (1تي 4: 3؛ عب 12: 10؛ رؤ 22: 11)، فقد انفرزوا لله وصاروا " كهنوتًا مقدسًا "، تركوا طريق العالم (1بط 2: 5، 9؛ 1: 15، 16). وعلاوة على ذلك فإنهم أبناء الدهر الآتي الذين سيملكون مع المسيح على الأرض، فما أمجده من اسم للمؤمنين!
(6)مؤمنون :
وهو أمر منطقي أن يسمى من يؤمنون بالرب يسوع المسيح " بالمؤمنين " (وتترجم أحيانًا " بالأمناء ") حيث أن العهد الجديد يشدد على أهمية " الإيمان بالمسيح "، وهو لا يعني مجرد الإيمان العقلي، بل تسليم الشخص بجملته للمسيح. فالمسيحيون مدعوون لأن يسلموا حياتهم وذواتهم للرب الذي اشتراهم بدمه. ومع أن أسفار العهد الجديد تشدد على ضرورة الإيمان بالمسيح، إلا لأنها قلما تطلق على المسيحيين اسم " مؤمنين " كاسم علم (أع 4: 32؛ 10: 45؛ 19: 18؛ 1تي 4: 3، 12)، ولكن تستخدم نفس الكلمة في مواضع أخرى وصفًا وليس علمًا (كما في أع 2: 44؛ 15: 5؛ 18: 27)، فمعنى كلمة "مؤمن" هو أنه شخص قد آمن إيمانًا شخصيًا بالرب يسوع وسلَّمه نفسه بالكامل.
(7)أحباء (أصدقاء):
فقد دعا الرب يسوع تلاميذه " أحباء" (لو 12: 4؛ يو 15: 14، 15)، فكان من الطبيعي أن يدعو المسيحيين بعضهم بعضًا " أحباء " وكانت بعض الجماعات الفلسفية في اليونان، يدعون أنفسهم بهذا الوصف، وتترجم نفس الكلمة مرة واحدة إلى " أصدقاء" (أع 27: 3).
(8)أخوة (أخوات):
هناك دليل قوي على أن اليهود -في زمن المسيح- كانوا يدعون بعضهم البعض "إخوة" (أع 2: 29، 37؛ 7: 2؛ 22: 5؛ 28: 21؛ رو 9: 3)، فكان من الطبيعي أن يدعو المسيحيون (من اليهود) بعضهم البعض بنفس هذا اللفظ، " إخوة " أو أخوات "، فالكلمة في اليونانية تشمل الذكر والأنثى (أع 1: 15، 16؛ 9: 30؛ 11: 1). كما كان أعضاء المجتمعات الدينية الأممية، يدعون أيضًا [(أع 17: 14؛ رو1: 13؛ 1كو 1: 1، 10)، عشرات المرات في رسائل الرسول بعضهم بعضًا بنفس هذه الكلمة، لذلك وجد طريقه إلى كنائس الأمم بولس إلى كنائس الأمم]. فعلاوة على كلمة "تلميذ" (في سفر أعمال الرسل) و"قديسين" (وهي على الدوام بالجمع - في كتابات الرسول بولس، وفي سفر الرؤيا)، كان لقب " إخوة " أشهر الألقاب المستخدمة بين المسيحيين، بل هو اللقب الوحيد المستخدم في رسالة يعقوب، وفي رسالة يوحنا الرسول الأولى.
فكل مسيحي كان يعتبر أخًا للمؤمنين، كما كان المؤمنون كجماعة يدعون " إخوة" (مت 23: 8)، وهو لقب يدل على الصلة الوثيقة بين المؤمنين، فهي كصلة الدم (بل هي أقرب، ارجع إلى مرقس 10: 28-31). وتتضمن الكلمة في رسالتي يعقوب ويوحنا الأولى، أن المسيحيين الفقراء لهم حق عند إخوتهم الذين في حال أفضل (يع 2: 15؛ 1يو 3: 10-18؛ 4: 20، 21). كما أنها تدل على المساواة بين أعضاء المجتمع المسيحي.
(9)أبناء الله:
يشير العهد القديم إلى بني إسرائيل بأنهم أبناء الله (خر 4: 22؛ إش 1: 2؛ هو 11: 1). وإلى الملك -بخاصة- بأنه "ابن الله" (مز 2: 7). وكانت أهم مميزات هذه النبوة، هي المشابهة بـ"الآب"، فلأن الملك يعتبر ابنًا لله، كان عليه أن يقضي بالعدل مثل الله. وامتد استعمال الكلمة ليشمل كل الأبرار لأنهم يسلكون مثل أبيهم (هو 1: 10). وكان من الطبيعي أن يدعو الرب يسوع كل الذين يسلكون بالبر، "أبناء الله" أو "أولاد الله" مؤكدًا مشابهتهم لله (مت 5: 9، 45؛ لو 6: 35؛ 20: 36). وقد استخدمت الكنيسة هذه الكنية لجميع المؤمنين تأكيدًا لله أبيهم (رو 8: 14؛ 9: 8؛ أف 5: 1؛ في 1يو 3: 1، 2، 10؛ 5: 1، 2).
وليس من الجائز أن يقول شخص إنه من أبناء الله، متى كان يرتكب الشر. فهذه الكنية تشير إلى أن المسيحيين هم الذين اختارهم الله ليكونوا أبناء له، أعضاء في عائلته (يو 1: 12؛ 11: 52؛ رو 8: 16-21؛ غل 3: 26). والفكرتان متكاملتان، فكل من صار عضوًا في عائلة الله، عليه أن يسلك كما يليق بهذه العائلة.
وعبارة "أبناء الله" ترد دائمًا في صيغة الجمع عند الإشارة إلى المؤمنين، أما في صيغة المفرد فلا تطلق إلا على الرب يسوع المسيح "ابن الله الوحيد".
_____
(1) إحصاء عام 2010: حوالي 2,2 مليار من الجنس البشري - إحصاء 2020 م. 2,382 مليار نسمة (31,11% من البشر).
(2) لاحظ أن تاسيتس (56-120 م.) كان رجلًا رومانيًّا وطنيًّا، وكان من رجال الدولة(3)(4) Roman senator
، ولم يُظهِر أي تعاطف مع المسيحيون، بل بالعكس كان ضدهم، لذا كانت أوصافه لهم صعبة كما ظهر بعاليه. ولكن ميزة شهادته هي كونها من الإثباتات التاريخية الأولى للتاريخ المسيحي (من مصادر غير مسيحية)، حيث ذكر المسيحيون، بل وذكر قصة موت السيد المسيح على يد بيلاطس البنطي(5).(3) Josephus, the Bible, and history by Louis H. Feldman 1997. ISBN 90-04-08931-4 page 381
(4) Jesus as a figure in history: how modern historians view the man from Galilee by Mark Allan Powell 1998. ISBN 0-664-25703-8 page 33.
(5) P.E. Easterling, E. J. Kenney (general editors), The Cambridge History of Latin Literature, page 892 (Cambridge University Press, 1982, reprinted 1996). ISBN 0-521-21043-7
._____
(1) انظر حاشية الكتاب المقدس ذي الشواهد، وكتاب الحياة.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
تقصير الرابط:
tak.la/yq4zy5f