St-Takla.org  >   Coptic-History  >   CopticHistory_02-History-of-the-Coptic-Church-Councils-n-Christian-Heresies  >   Al-Magame3-Al-Maskooneya
 

تاريخ الكنيسة القبطية الأرثوذكسية

المجامع المسكونية والهرطقات - الأنبا بيشوي

40- نسطور

 

من مدرسة ثيئودور جاء نسطور(1)، الذي ارتبطت باسمه الحقبة الأولى للنزاع الكرستولوجي الكبير. ولد نسطور Nestorius في جرمانيكيا (قيصرية سوريا، كهرمان مراس، في تركيا حاليًا) وهى مدينة بسوريا، ثم أتى إلى أنطاكيا في سن مبكرة.. والتحق بدير أوبريبيوس في أنطاكيا (أنطاكيا التي كانت في ذلك الحين عاصمة الإمبراطورية)، ومن هناك عيّن شماسًا ثم قسيسًا في كاتدرائية أنطاكيا.. ونتيجة للشهرة التي نالها بعد موت الأسقف سيسينوس أسقف القسطنطينية (أي البطريرك) في 24 ديسمبر عام 427م فقد رُفع إلى هذا الكرسي الشهير، وترجّى شعبه أن ينالوا فيه خلفًا لذهبي الفم أسقف القسطنطينية. منذ وقت سيامته في 10 أبريل عام 428 م. أظهر إعجابًا عظيمًا بعمل الوعظ وحماسًا ضد الهراطقة. ففي عظته الأولى خاطب الإمبراطور ثيؤدوسيوس الصغير بالكلمات التالية: "أعطني أيها الإمبراطور الأرض نقية من الهراطقة وأنا سوف أعطيك السماء، ساعدني لأشن

حربًا ضد الهراطقة وأنا سوف أساعدك في حربك ضد الفرس"(2).

St-Takla.org         Image: Nestorius the Heretic or Nastour صورة: تمثال نسطور الهرطوقي أو نستور

St-Takla.org Image: Nestorius the Heretic or Nastour

صورة في موقع الأنبا تكلا: تمثال نسطور الهرطوقي أو نستور

من هذه الكلمات تظهر نبرته المتكبرة، وكأن السماء تحت أمره. والعجيب أنه بمرور الأيام تصبح الكنيسة الوحيدة اليوم التي تعتبر نسطور قديسًا هي كنيسة الفرس في إمبراطورية فارس Persia.

عندما انعقد المجمع المسكوني في أفسس عام 431 م.، كان انعقاده بأمر إمبراطور الإمبراطورية الرومانية الشرقية أي البيزنطية. وكانت هناك حرب مستمرة بين إمبراطورية فارسPersian Empire  والإمبراطورية الرومانية Roman Empire، حتى أن الفرس كانوا يعتبرون أي فارسي تتفق عقيدته مع عقيدة المجمع المسكوني 431 م. خائنًا. ونتيجة لذلك تعرَّض السريان الأرثوذكس سكان إمبراطورية فارس لذبائح شرسة بإيحاء من الأشوريين للإمبراطور بأنهم خونة لأنهم يتبعون قرارات مجمع أفسس المسكوني 431 م.، أي أنهم أتباع  الإمبراطورية الرومانية في العقيدة.

نسطور – لأنه كان بطريرك القسطنطينية أي تابع للإمبراطورية الرومانية- فقد قال للإمبراطور أنه سيساعده في الحرب ضد الفرس. تدور الأيام، والآن كنيسة الفرس هي الوحيدة التي تعتبر نسطور قديسًا لأنها رفضت مجمع أفسس 431 م. وظلت محتفظة بتعاليم ثيئودور الموبسويستي التي انتشرت في الشرق.

أراد نسطور أن يثبت خطأ الأريوسيون. وتساءل الأريوسيون كيف يموت الله الكلمة على الصليب؟ فقالوا إن كان الله الكلمة هو الذي مات على الصليب، إذن اللوغوس مخلوق.. وبذلك أنكروا ألوهيته. فقال نسطور أن الله الكلمة ليس هو يسوع بل سكن في يسوع، وأنه من أجل كرامة الإله الحال في الإنسان يعبد الإنسان مع الإله. وبذلك تكون الأريوسية قد أنكرت ألوهية الابن والروح القدس بينما النسطورية أنكرت ألوهية الفادي المخلص وأدخلت الشرك بالله.

وفى رسالة.. ليوحنا أسقف أنطاكية، يؤكد نسطور أنه في وقت وصوله إلى القسطنطينية وجد خصومًا (متضادين) موجودين فعلًا.  لقّب أحد أطرافهم القديسة العذراء بلقب "والدة الإله"، والآخر بأنها مجرد "والدة إنسان". (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات والكتب الأخرى).  وحتى يتم التوسط بينهما قال إنه اقترح عبارة "والدة المسيح" معتقدًا أن كلا الطرفين سوف يرضى بها(3).. من ناحية أخرى فإن سقراط يروى أن "الكاهن أنسطاسيوس صديق نسطور، الذي أحضره معه إلى القسطنطينية قد حذَّر سامعيه يومًا ما، في عظة أنه لا يجب أن يطلق أحد على مريم لقب والدة الإله qeoto,koj لأن مريم كانت إنسانة والله لا يمكن أن يولد من إنسان"(4). هذا الهجوم على الاعتقاد القديم والمصطلح الكنسي المقبول حتى ذلك الوقت، سبب هياجًا عظيمًا واضطرابًا وسط الإكليريكيين والعلمانيين. وتقدّم نسطور نفسه ودافع عن خطاب صديقه في عدة عظات. واتفق أحد الأطراف (المتضادة) معه، وعارضه الآخر..

وفقًا لهذا التقييم للأمر، فإن نسطور لم يجد النزاع قائمًا بالفعل في القسطنطينية، ولكنه مع صديقه أنسطاسيوس كانا أول من أثاره. ومع ذلك فإن العظات الموجودة لدينا، كما ذكرنا، والتي ألقاها في هذا الموضوع لا زالت محفوظة لنا جزئيًا، وهي كافية بالتمام لدحض تأكيدات الكثيرين غير الدقيقة بأن نسطور في الواقع لم يعلِّم شيئًا ذا سمة هرطوقية. ففي خطبته الأولى هتف بعاطفة [ إنهم يسألون إن كان من الممكن أن تدعى مريم والدة الإله. لكن هل لله أُم إذًا؟ في هذه الحالة يجب أن نعذر الوثنية التي تكلمت عن أمهّات للآلهة، لكن بولس لم يكن كاذبًا حينما قال عن لاهوت المسيح (عب7: 3) أنه بلا أب، بلا أم، بلا نسب. لا يا أصدقائي لم تحمل مريم الله..  المخلوق لم يحمل الخالق إنما حملت الإنسان الذي هو أداة اللاهوت. لم يضع الروح القدس الكلمة، لكنه أمد له من العذراء المطوَّبة، بهيكل حتى يمكنه سكناه.. أنا أكرِّم هذه الحُلة التي استفاد منها من أجل ذاك الذي احتجب في داخلها ولم ينفصل عنها.. أنا أفرِّق الطبائع وأوحِّد التوقير. تبصَّر في معنى هذا الكلام. فإن ذاك الذي تشكّل في رحم مريم لم يكن الله نفسه لكن الله اتخذه.. وبسبب ذاك الذي اتَّخَذَ فإن المُتَّخَذْ أيضًا يدعى الله ](5)..

St-Takla.org Image: Nestorius, the heretic Archbishop of Constantinople (386-450) - from "History of the Church and Heretics" book, Volume I, by Gottfried Arnold, Romeyn de Hooghe, Sebastiaan Petzold, 1701. صورة في موقع الأنبا تكلا: نسطور المهرطق، بطريرك القسطنطينية (386-450) - من صور كتاب "تاريخ الكنيسة والهراطقة"، ج1، تأليف: جوتفرايد أرنولد، رومين دي هوغ، سيباستيان بيتزولد، إصدار 1701 م.

St-Takla.org Image: Nestorius, the heretic Archbishop of Constantinople (386-450) - from "History of the Church and Heretics" book, Volume I, by Gottfried Arnold, Romeyn de Hooghe, Sebastiaan Petzold, 1701.

صورة في موقع الأنبا تكلا: نسطور المهرطق، بطريرك القسطنطينية (386-450) - من صور كتاب "تاريخ الكنيسة والهراطقة"، ج1، تأليف: جوتفرايد أرنولد، رومين دي هوغ، سيباستيان بيتزولد، إصدار 1701 م.

من السهل أن نرى أن نسطور قد تبنّى وجهة نظر معلمه ثيئودور الموبسويستى..  وقد أنذره كثير من كهنته بالانسحاب من شركته ووعظوا ضده. وصرخ الشعب "لدينا إمبراطورًا، لكن ليس لدينا أسقف". والبعض ومنهم علمانيون تكلّموا ضده علنًا حينما كان يعظ، وبالأخص شخصًا باسم يوسابيوس وهو بلا شك نفس الذي صار فيما بعد أسقف دورليم، والذي على الرغم من كونه علمانيًا في ذلك الوقت، إلا أنه كان أول من كانت له نظرة ثاقبة وعارض الهرطقة الجديدة.  لهذا السبب استعمل نسطور لقب "الرجال البؤساء"(6) عنه وعن بعض الرهبان الذين وجهوا إلى الإمبراطور اتهامًا ضد نسطور واستدعى الشرطة ضدهم، وتم جلدهم وسجنهم(7). (أي جلد مجموعة من الرهبان ومن ضمنهم يوسابيوس المحامى الذي صار أسقف دورليم فيما بعد).

إن مقتطفات عظة أخرى موجهة كليةً ضد تبادل الخواص communicatio idiomatum  (أي تبادل الألقاب الإلهية والإنسانية للسيد المسيح في مقابل خواصه الإنسانية والإلهية) وبالتحديد ضد عبارة "تألّم الكلمة"، ولكن خطابه الرابع ضد بروكلوس(8) هو الأكثر الأهمية ويحوى الكلمات التالية: [إنهم يدعون اللاهوت معطى الحياة قابلًا للموت، ويتجاسرون على إنزال اللوغوس إلى مستوى خرافات المسرح، كما لو كان (كطفل) ملفوفًا بخرق ثم بعد ذلك يموت.. لم يقتل بيلاطس اللاهوت - بل حُلة اللاهوت. ولم يكن اللوغوس هو الذي لف بثوب كِتّاني بواسطة يوسف الرامي.. لم يمت واهب الحياة لأنه من الذي سوف يقيمه إذًا إذا مات.. ولكي يصنع مرضاة البشر اتخذ المسيح شخص الطبيعة الخاطئة (البشرية).. أنا أعبد هذا الإنسان (الرجل) مع اللاهوت ومثل آلات صلاح الرب.. والثوب الأرجواني الحي الذي للملك..  ذاك الذي تشكَّل في رحم مريم ليس الله نفسه.. لكن لأن الله سكن في ذاك الذي اتخذه، إذًا فإن هذا الذي اتُّخِذَ أيضًا يدعى الله بسبب ذاك الذي اتخذه. ليس الله هو الذي تألم لكن الله اتصل بالجسد المصلوب.. لذلك سوف ندعو العذراء القديسة ثيئوذوخوس qeodocoV (وعاء الله) وليس ثيئوتوكوس qeotokoV (والدة الإله)، لأن الله الآب وحده هو الثيئوتوكوس qeotokoc، ولكننا سوف نوقّر هذه الطبيعة التي هي حُلة الله مع ذاك الذي استخدم هذه الحُلة، سوف نفّرق الطبائع ونوحّد الكرامة، سوف نعترف بشخص مزدوج ونعبده كواحد ](9).

من كل ما تقدم نرى أن نسطور.. بدلًا من أن يوحّد الطبيعة البشرية بالشخص الإلهي، هو دائمًا يفترض وحدة الشخص الإنساني مع اللاهوت.. لم يستطع أن يسمو إلى الفكرة المجردة، أو يفكر في الطبيعة البشرية بدون شخصية، ولا اكتسب فكرة الوحدة التي للطبيعة البشرية مع الشخص الإلهي. لذلك فإنه يقول حتمًا أن المسيح اتخذ شخص البشرية الخاطئة، ويستطيع أن يوحِّد اللاهوت بالناسوت في المسيح خارجيًا فقط، لأنه يعتبر الناسوت شخصًا كما هو مبيَّن في كل الصور والتشبيهات التي يستخدمها.

_____

الحواشي والمراجع لهذه الصفحة هنا في موقع الأنبا تكلاهيمانوت:

(1) C.J. Hefele, A History of the Councils of the Church, Vol III, p.9-17, AMS Press 1972, reprinted from the edition of 1883 Edinburgh.

(2) Socrates, History of the Church from A.D. 305-439, Nicene and Post Nicene Fathers, edited by Schaff, P. & Wace, H., WM. B. Eerdamns Publishing Company, Grand Rapids Michigan 1979, series 2, Vol. II, Book 7, Chapter 29, p. 169.

(3) Mansi, t. v. p. 573; Hardouin, t.i.p. 1331.

(4) According to Cyril of Alexandria (Ep. vi. p. 30, Ep. ix. P.37, Opp.t.v.ed. Aubert; and in Mansi, t. iv. p. 1014).

(5) Marius Mercat. ed. Garnier-Migne, p. 757 sqq.

(6) Marius Merc. l.c. p.770 ; Cyrill. Opp. t. iv. P.20; Tillemont, t. xiv. p. 318.

(7) In Hardouin. t. i. p. 1336; Mansi, t. iv. p.1102.

(8) أسقف سيزيكوس.

(9) In Marius Merc. l.c. pp. 789-801.


الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع

https://st-takla.org/Coptic-History/CopticHistory_02-History-of-the-Coptic-Church-Councils-n-Christian-Heresies/Al-Magame3-Al-Maskooneya/Encyclopedia-Coptica_Councils_40-Christological-Controversies-06-Hartakat-Nastoor.html

تقصير الرابط:
tak.la/3cym25s