St-Takla.org  >   books  >   helmy-elkommos  >   biblical-criticism  >   new-testament
 

مكتبة الكتب المسيحية | كتب قبطية | المكتبة القبطية الأرثوذكسية

كتاب النقد الكتابي: مدارس النقد والتشكيك والرد عليها (العهد الجديد من الكتاب المقدس) - أ. حلمي القمص يعقوب

537- ما هيَ علاقة القديس لوقا ببولس الرسول؟ وهل تأثر القديس لوقا بفكر بولس الرسول في كتاباته؟ وهل عندما قال بولس الرسول: "حَسَبَ إِنْجِيلِي" (رو 2: 16، 16: 25، 2 تي 2: 8) كان يقصد إنجيل لوقا؟

 

س537: ما هيَ علاقة القديس لوقا ببولس الرسول؟ وهل تأثر القديس لوقا بفكر بولس الرسول في كتاباته؟ وهل عندما قال بولس الرسول: "حَسَبَ إِنْجِيلِي" (رو 2: 16، 16: 25، 2 تي 2: 8) كان يقصد إنجيل لوقا؟

St-Takla.org                     Divider فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

ج: 1- تلمذة القديس لوقا على يد بولس الرسول: عندما سمعت كنيسة أورشليم أن الإيمان بدأ ينتشر في أنطاكية أرسلت برنابا الرسول للخدمة هناك، وبرنابا استدعى معه شاول الطرسوسي ليشاركه الخدمة، فتعرَّف القديس لوقا على شاول وتتلمذ على يديه، وصاحبه في رحلاته، وعندما ظهر رجل مكدوني في رؤيا الليل لبولس الرسول يقول له: "اعْبُرْ إِلَى مَكِدُونِيَّةَ وَأَعِنَّا" (أع 16: 9) بدأت كرازة بولس الرسول في أوربا وبصحبته القديس لوقا، في الرحلة التبشيرية الثانية نحو سنة 50م، فسافروا من ترواس في تركيا إلى مدينة فيلبي في اليونان، ومن هنا بدأ يتغير أسلوب القديس لوقا في كتابته في سفر الأعمال، إذ بدأ يكتب ليس كمؤرخ مدقق يتتبع الأخبار، إنما كشاهد عيان مُستخدمًا ضمير الملكية للجمع " نحن" و " نا" فيقول: "فَلَمَّا رَأَى الرُّؤْيَا لِلْوَقْتِ طَلَبْنَا أَنْ نَخْرُجَ إِلَى مَكِدُونِيَّةَ مُتَحَقِّقِينَ أَنَّ الرَّبَّ قَدْ دَعَانَا لِنُبَشِّرَهُمْ. فَأَقْلَعْنَا مِنْ تَرُوَاسَ وَتَوَجَّهْنَا... فَأَقَمْنَا... خَرَجْنَا... فَجَلَسْنَا وَكُنَّا نُكَلِّمُ... فَأَلْزَمَتْنَا... جَارِيَةً بِهَا رُوحُ عِرَافَةٍ اسْتَقْبَلَتْنَا" (أع 16: 10 - 16).

وترك بولس الرسول القديس لوقا عندما غادر فيلبي (أع 16: 40) ليخدم لوقا الطبيب في فيلبي ويكرز لمدة نحو سبع سنوات من سنة 50 م إلى سنة 57 م، حتى عاد إليه بولس الرسول في رحلته التبشيرية الثالثة (أع 20: 6)، وهنا نلاحظ أن القديس لوقا عاد لأسلوب كتابته في سفر الأعمال كشاهد عيان، مُستخدمًا ضمير الملكية للجمع "نحن" و "نا" فيقول: "وَأَمَّا نَحْنُ فَسَافَرْنَا... وَوَافَيْنَاهُمْ... حَيْثُ صَرَفْنَا سَبْعَةَ أَيَّامٍ... وَأَمَّا نَحْنُ فَسَبَقْنَا إِلَى السَّفِينَةِ وَأَقْلَعْنَا إِلَى أَسُّوسَ مُزْمِعِينَ... ثُمَّ سَافَرْنَا مِنْ هُنَاكَ فِي الْبَحْرِ... وَصَلْنَا إِلَى سَامُوسَ. وَأَقَمْنَا... جِئْنَا إِلَى مِيلِيتُسَ... وَلَمَّا انْفَصَلْنَا عَنْهُمْ أَقْلَعْنَا وَجِئْنَا... فَإِذْ وَجَدْنَا سَفِينَةً عَابِرَةً... صَعِدْنَا إِلَيْهَا وَأَقْلَعْنَا. ثُمَّ اطَّلَعْنَا عَلَى قُبْرُسَ وَتَرَكْنَاهَا يَسْرَةً وَسَافَرْنَا إِلَى سُورِيَّةَ وَأَقْبَلْنَا إِلَى صُورَ... وَإِذْ وَجَدْنَا التَّلاَمِيذَ مَكَثْنَا هُنَاكَ... فَجَثَوْنَا عَلَى رُكَبِنَا عَلَى الشَّاطِئِ وَصَلَّيْنَا. وَلَمَّا وَدَّعْنَا بَعْضُنَا بَعْضًا صَعِدْنَا إِلَى السَّفِينَة... وَلَمَّا أَكْمَلْنَا السَّفَرَ... أَقْبَلْنَا إِلَى بُتُولِمَايِسَ... فَسَلَّمْنَا عَلَى الإِخْوَةِ وَمَكَثْنَا عِنْدَهُمْ... ثُمَّ خَرَجْنَا... وَجِئْنَا إِلَى قَيْصَرِيَّة... وَبَيْنَمَا نَحْنُ مُقِيمُونَ... وَلَمَّا لَمْ يُقْنَعْ سَكَتْنَا قَائِلِينَ... تَأَهَّبْنَا وَصَعِدْنَا... وَلَمَّا وَصَلْنَا إِلَى أُورُشَلِيمَ" (أع 20: 6 - 21: 17) وعندما قُبض على بولس الرسول في الهيكل بواسطة الأمير كلوديوس ليسياس، وتوالت الأحداث... كان القديس لوقا في أورشليم، حتى تم ترحيل بولس الرسول إلى قيصرية حيث مركز الوالي الروماني فيلكس، فأمضى في سجن قيصرية عامين (57 - 59م) (أع 24: 27) فلم يترك القديس لوقا أورشليم.

وعندما رفع بولس الرسول دعواه إلى قيصر (أع 25: 11) وبدأت رحلته إلى روما، صاحبه القديس لوقا الذي عاد يسجل الأحداث كشاهد عيان مُستخدمًا ضمير الملكية للجمع "نحن" و "نا" (راجع أع 27: 1 - 28: 16) ولازم القديس لوقا بولس الرسول لمدة سنتين في روما في بيت استأجره لنفسه حيث كانت إقامته مُحددة (أع 28: 30، 31 ) وبعد أن أُفرِج عن بولس الرسول عقب هذا السجن الأول في روما لم يتركه القديس لوقا حتى سجنه الثاني واستشهاده سنة 67م، حتى أنه مرَّت أيام على بولس الرسول قال فيها: "لُوقَا وَحْدَهُ مَعِي" (2 تي 4: 11).

 

St-Takla.org Image: Icon of Saint Luke the Evangelist and painter, private collection, France, 2011, Coptic art, used with permission - by Gerges Samir (Orthodox Iconographer). صورة في موقع الأنبا تكلا: أيقونة القديس لوقا الإنجيلي والرسام، مقتنيات خاصة، فرنسا، 2013 م.، فن قبطي، موضوعة بإذن - رسم الفنان جرجس سمير: كاتب الأيقونة الأرثوذكسية

St-Takla.org Image: Icon of Saint Luke the Evangelist and painter, private collection, France, 2011, Coptic art, used with permission - by Gerges Samir (Orthodox Iconographer).

صورة في موقع الأنبا تكلا: أيقونة القديس لوقا الإنجيلي والرسام، مقتنيات خاصة، فرنسا، 2013 م.، فن قبطي، موضوعة بإذن - رسم الفنان جرجس سمير: كاتب الأيقونة الأرثوذكسية

2- القديس لوقا في رسائل بولس الرسول: ذكر بولس الرسول اسم القديس لوقا بصورة مباشرة ثلاث مرات، ومرة رابعة بصورة غير مباشرة:

(أ) لوقا هو الطبيب الحبيب: "يُسَلِّمُ عَلَيْكُمْ لُوقَا الطَّبِيبُ الْحَبِيبُ" (كو 4: 14).

(ب) لوقا هو الرفيق الوفي: "لُوقَا وَحْدَهُ مَعِي" (2 تي 4: 11).

(جـ) لوقا الخادم العامل: "مَرْقُسُ، وَأَرِسْتَرْخُسُ وَدِيمَاسُ وَلُوقَا الْعَامِلُونَ مَعِي" (فل 24).

(د) لوقا هو الأخ الذي مدحه في الإنجيل المشهود له من الكنائس: "وَأَرْسَلْنَا مَعَه (مع تيطس) الأَخَ الَّذِي مَدْحُهُ فِي الإِنْجِيلِ فِي جَمِيعِ الْكَنَائِسِ. وَلَيْسَ ذلِكَ فَقَطْ بَلْ هُوَ مُنْتَخَبٌ أَيْضًا مِنَ الْكَنَائِسِ رَفِيقًا لَنَا فِي السَّفَرِ" (2 كو 8: 18، 19) وجاء في ملحق هذه الرسالة الثانية إلى أهل كورنثوس في اليونانية ما ترجمته: "كُتِبت في فيلبي التي لمقدونيا، وأُرسِلت على يد تيطس ولوقا" وقال العلامة أوريجانوس بهذا الرأي (راجع موسوعة الأنبا غريغوريوس - الكتاب المقدَّس "الجزء الرابع" في تفسير إنجيل القديس لوقا ص20).

← انظر باقي سلسلة كتب النقد الكتابي هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت للمؤلف.

 

3- تأثُر القديس لوقا بفكر بولس الرسول: واضح من كتابات القديس لوقا مدى تأثره بفكر وأسلوب بولس الرسول، حتى أن العلامة ترتليان قال في كتابه ضد ماركيون أن لوقا استنار بالرسول بولس، وقال يوسابيوس القيصري لأن بولس هو رسول الأمم لذلك كتب لوقا للمتنصرين من الأمم (يوسابيوس 6: 25). ويقول "ماك نيكل" Nicol J. Mc: "إن الإنجيل الشامل الذي بشر به بولس يُقدِّم للوقا أساس الصورة الشخصية التي يرسمها للمُخلص. وتسميته بالطبيب الحبيب تمنحه فهمًا عاطفيًا لطبيعة الناس وحاجاتهم، وهكذا كان لوقا مؤهلًا تأهيلًا خاصًا لكتابة مثل هذا السفر" (18). وهناك أكثر من مائة كلمة مشتركة بين كتابات بولس الرسول وكتابات القديس لوقا. ويقول "دكتور موريس تاوضروس": "وبينما توجد 32 كلمة مشتركة بين القديس متى والرسول بولس، و 22 كلمة مشتركة بين القديس مرقس والرسول بولس، و 21 كلمة مشتركة بين الإنجيل للقديس يوحنا والرسول بولس، فإن الكلمات المشتركة بين القديس لوقا والرسول بولس تصل إلى 103 كلمة، وهذا يوضح إلى أي حد تأثر القديس لوقا بالرسول بولس الذي استمع إلى تعاليمه والذي قرأ - كما يظن البعض - رسائله. كذلك يلاحظ التشابه بين أفكار القديس لوقا والقديس بولس فقد اهتم كل منهما في كتاباته بالحديث عن الروح القدس وعمله في المؤمنين وعن النعمة الإلهيَّة والإيمان وعن عمومية الخلاص والتوبة ومحبة الفقراء والخطاة.."(19).

ونسوق هنا بعض الأمثلة على ما جاء من تشابهات بين إنجيل لوقا ورسائل بولس الرسول:

(1) " كَلِمَاتِ النِّعْمَةِ" (لو 4: 22) مع "6لِيَكُنْ كَلاَمُكُمْ كُلَّ حِينٍ بِنِعْمَةٍ" (كو 4: 6).

(2) " كَلاَمَهُ كَانَ بِسُلْطَانٍ" (لو 4: 32) مع " وَكَلاَمِي وَكِرَازَتِي... بِبُرْهَانِ الرُّوحِ وَالْقُوَّة" (1كو 2: 4).

(3) " فَكُونُوا رُحَمَاءَ كَمَا أَنَّ أَبَاكُمْ أَيْضًا رَحِيمٌ" (لو 6: 36) مع " مُبَارَكٌ اللَّهُ... أَبُو الرَّأْفَةِ وَإِلهُ كُلِّ تَعْزِيَة" (2 كو 1: 3).

(4) " الَّذِينَ مَتَى سَمِعُوا يَقْبَلُونَ الْكَلِمَةَ بِفَرَحٍ" (لو 8: 13) مع " إِذْ قَبِلْتُمُ الْكَلِمَةَ فِي ضِيق كَثِيرٍ، بِفَرَحِ الرُّوحِ الْقُدُسِ" (1 تس 1: 6).

(5) " فَكُلُوا مِمَّا يُقَدَّمُ لَكُمْ" (لو 10: 8) مع " كُلُّ الأَشْيَاءِ تَحِلُّ لِي.." (1 كو 10: 23).

(6) " اَلَّذِي يَسْمَعُ مِنْكُمْ يَسْمَعُ مِنِّي. وَالَّذِي يُرْذِلُكُمْ يُرْذِلُنِي. وَالَّذِي يُرْذِلُنِي يُرْذِلُ الَّذِي أَرْسَلَنِي" (لو 10: 16) مع " مَنْ يُرْذِلُ لاَ يُرْذِلُ إِنْسَانًا. بَلِ اللَّهَ الَّذِي أَعْطَانَا أَيْضًا رُوحَهُ الْقُدُّوسَ" (1 تس 4: 8).

(7) " وَآخَرُونَ طَلَبُوا مِنْهُ آيَةً مِنَ السَّمَاءِ يُجَرِّبُونَهُ" (لو 11: 16) مع " لأَنَّ الْيَهُودَ يَسْأَلُونَ آيَةً" (1 كو 1: 22).

(8) " يَنْبَغِي أَنْ يُصَلَّى كُلَّ حِينٍ وَلاَ يُمَلَّ" (لو 18: 1) مع " الأَمْرُ الَّذِي لأَجْلِهِ نُصَلِّي أَيْضًا كُلَّ حِينٍ" (2 تس 1: 11).

(9) " وَتَكُونُ أُورُشَلِيمُ مَدُوسَةً مِنَ الأُمَمِ، حَتَّى تُكَمَّلَ أَزْمِنَةُ الأُمَمِ" (لو 21: 24) مع " أَنَّ الْقَسَاوَةَ قَدْ حَصَلَتْ جُزْئِيًّا لإِسْرَائِيلَ إِلَى أَنْ يَدْخُلَ مِلْؤُ الأُمَمِ" (رو 11: 25).

(10) الحديث عن الافخارستيا (لو 22: 19، 20) مع (1 كو 11: 23 - 25).

(11) النبوءات عن موت المسيح وقيامته (لو 24: 26، 27) مع (1 كو 15: 3).

(راجع دكتور موريس تاوضروس - المدخل إلى العهد الجديد ص117 - 119) ويوضح العلامة ترتليان مدى تأثر القديس لوقا بفكر وأسلوب بولس الرسول، فيقول: "لقد كان بولس مُلهّم لوقا" (20). فقد أخذ القديس لوقا من بولس الرسول فكره عن الإيمان والنعمة والخلاص، دون أن يمزج بين فكر بولس والأحداث الإنجيلية، بل كان أمينًا على تاريخية الأحداث الإنجيلية.

 

4- هل عندما قال بولس الرسول: "حسَبَ إِنجِيلِي" (رو 2: 16، 16: 25، 2 تي 2: 8) كان يقصد إنجيل لوقا كقول يوسابيوس القيصري..؟ الحقيقة أن بولس الرسول عندما قال لأهل رومية أو لتلميذه تيموثاوس " حَسَبَ إِنْجِيلِي" كان يقصد بحسب البشارة التي بشرتكم بها، وكلمة " إنجيل" كانت معروفة في اللغة اليونانية قبل المسيحية، وكانت تعبر عن الهبة التي تُمنح لمن ينقل أخبارًا طيبة، كما أُستخدمت للتعبير عن البشرى القومية، وأيضًا أُستخدمت للتعبير عن رسالة الخلاص المُفرحة، واستخدم السيد المسيح كلمة "الإنجيل" قائلًا: "فَتُوبُوا وَآمِنُوا بِالإِنْجِيلِ" (مر 1: 15).. " وَيَنْبَغِي أَنْ يُكْرَزَ أَوَّلًا بِالإِنْجِيلِ فِي جَمِيعِ الأُمَمِ" (مر 13: 10) وأوصى تلاميذه " اذهَبُوا إِلَى العَالَمِ أَجْمَعَ وَاكْرِزُوا بِالإِنجِيلِ لِلخَلِيقَةِ كُلِّهَا" (مر 16: 15)، واستخدمها بولس الرسول بكثرة، وأطلق المسيحيون على كرازة وبشارة السيد المسيح كلمة "الإنجيل"، وقد تم مناقشة هذا الموضوع بالتفصيل فيُرجى الرجوع إلى مدارس النقد - عهد جديد جـ 1 س56.

_____

الحواشي والمراجع لهذه الصفحة هنا في موقع الأنبا تكلاهيمانوت:

(18) مركز المطبوعات المسيحية - تفسير الكتاب المقدَّس جـ 5 ص169.

الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع

https://st-takla.org/books/helmy-elkommos/biblical-criticism/new-testament/537.html

تقصير الرابط:
tak.la/4wxp9yj