St-Takla.org  >   books  >   helmy-elkommos  >   biblical-criticism
 

مكتبة الكتب المسيحية | كتب قبطية | المكتبة القبطية الأرثوذكسية

كتاب النقد الكتابي: مدارس النقد والتشكيك والرد عليها (العهد القديم من الكتاب المقدس) - أ. حلمي القمص يعقوب

1688- هل سقط داود فعلًا في شبكة والرب أنقذه منها: "أَخْرِجْنِي مِنَ الشَّبَكَةِ  الَّتِي خَبَّأُوهَا لِي لأَنَّكَ أَنْتَ حِصْنِي" (مز 31: 4)، (راجع مز 9: 15، 57: 6)..؟ ومن هم هؤلاء المكرة الذين خبأوا الشبكة عن عيني داود، وفي أي مكان نصبوا شبكتهم هذه؟

 

س 1688: هل سقط داود فعلًا في شبكة والرب أنقذه منها: "أَخْرِجْنِي مِنَ الشَّبَكَةِ  الَّتِي خَبَّأُوهَا لِي لأَنَّكَ أَنْتَ حِصْنِي" (مز 31: 4)، (راجع مز 9: 15، 57: 6). ومن هم هؤلاء المكرة الذين خبأوا الشبكة عن عيني داود، وفي أي مكان نصبوا شبكتهم هذه؟

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

 ج: 1- صلَّى داود لله قائلًا: "أَخْرِجْنِي مِنَ الشَّبَكَةِ الَّتِي خَبَّأُوهَا لِي لأَنَّكَ أَنْتَ حِصْنِي" (مز 31: 4). وفي "الترجمة القبطي": "تخرجني من الفخ الذي أخفوه لي. لأنك أنت ناصري".. فقد كان داود في البداية ملكًا بلا عرش مُطَارد من شاول الذي حاول جاهدًا أن يقتنص نفسه، حتى أنه قدم له ابنته ميكال، عروسًا له مقابل قتل مائة فلسطيني، وكانت هذه الشبكة لاصطياد داود، فقتل داود مائتي فلسطيني ونجا من الشبكة، وحاول شاول نصب شبكة أخرى لداود عن طريق ابنه يوناثان دافعًا إياه لقتله حتى يؤول له عرش إسرائيل، ولكن يوناثان الصديق الوفي فضل صداقة داود على عرش إسرائيل، وبعد أن صار داود ملكًا صار مهددًا بالمخاطر من الخارج والداخل، فمن الخارج تحيط به الشعوب المختلفة التي طالما أذلت شعبه واستعبدتهم، ومن الداخل الطامعين في العرش وعلى رأسهم ابنه أبشالوم الجاحد الذي حرَّض الشعب على أبيه، ثم قام بثورته ودخل إلى أورشليم وصنع ما صنع إلى أن فقد حياته على يد يوآب، وفي المزامير نجد صدى هذه المخاطر التي تعرَّض لها داود:

  " تَوَرَّطَتِ الأُمَمُ فِي الْحُفْرَةِ الَّتِي عَمِلُوهَا. فِي الشَّبَكَةِ الَّتِي أَخْفَوْهَا انْتَشَبَتْ أَرْجُلُهُمْ" (مز 9: 15).

" لِتَأْتِهِ التَّهْلُكَةُ وَهُوَ لاَ يَعْلَمُ وَلْتَنْشَبْ بِهِ الشَّبَكَةُ الَّتِي أَخْفَاهَا وَفِي التَّهْلُكَةِ نَفْسِهَا لِيَقَعْ" (مز 35: 8).

" هَيَّأُوا شَبَكَةً لِخَطَوَاتِي. انْحَنَتْ نَفْسِي. حَفَرُوا قُدَّامِي حُفْرَةً. سَقَطُوا فِي وَسَطِهَا" (مز 57: 6).

" احْفَظْنِي مِنَ الْفَخِّ الَّذِي قَدْ نَصَبُوهُ لِي وَمِنْ أَشْرَاكِ فَاعِلِي الإِثْمِ. لِيَسْقُطِ الأَشْرَارُ فِي شِبَاكِهِمْ حَتَّى أَنْجُوَ أَنَا بِالْكُلِّيَّةِ" (مز 141: 9، 10).

 

2ــ من الواضح أن الأعداء الظاهرين والخفيين هُم الذين تآمروا ضد داود مثل الزيفيين الذين أخبروا شاول بأن داود مختبئ في حخيلة، ولكن الرب نجاه من شباكهم (1صم 23: 19 - 28، 26: 1 - 25)، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في مواضِع أخرى. ويقول "أبونا باخوميوس آڤا مينا": "يقصد داود بالشبكة المؤامرة التي كانت ضده والتي اشترك فيها شاول الملك وأهل قعيلة والزيفيون، وقد ذُكرت كلمة " شبكة " في الكتاب المقدَّس أكثر من مرة بمعنى مؤامرة الأشرار أو ترتيب الشر لإنسان، كما جاء في سفر ميخا النبي: "قَدْ بَادَ التَّقِيُّ مِنَ الأَرْضِ وَلَيْسَ مُسْتَقِيمٌ بَيْنَ النَّاسِ. جَمِيعُهُمْ يَكْمُنُونَ لِلدِّمَاءِ يَصْطَادُونَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا بِشَبَكَةٍ" (مي 7: 2)، فالشبكة التي قصدها داود هيَ مؤامرة أهل قعيلة والزيفيون لتسليم داود لشاول الملك، وبالفعل الرب أنقذه من قعيلة إذ قال له الرب أنهم سيسلمونك ليد شاول فهرب منها، ولو ظل داود في قعيلة، ومعنى اسمها قلعة أو حصن، لهلك لا محالة بيد شاول، فالمكرة الذين أعدوا الشبكة لداود هم أهل قعيلة، وأيضًا الزيفيون الذي نصبوا شبكتهم لداود في تل حخيلة في برية زيف {من أبحاث النقد الكتابي}.

ومن الذين تآمروا على داود أيضًا "أخيتوفل" الذي أشار على أبشالوم بالاضطجاع مع سراري أبيه (2صم 16: 20 - 23) ففعل أبشالوم هكذا، ثم أراد أن يصطحب اثنى عشر ألفًا ويسعى خلف داود سريعًا ليلحقه ويقضي عليه، ولو فعل هكذا لكانت نهاية داود ورجاله، ولكن الله أبطل مشورته الرديئة عن طريق حوشاي الأركي: "فَقَالَ حُوشَايُ لأَبْشَالُومَ لَيْسَتْ حَسَنَةً الْمَشُورَةُ الَّتِي أَشَارَ بِهَا أَخِيتُوفَلُ هذِهِ الْمَرَّةً. فَقَالَ أَبْشَالُومُ وَكُلُّ رِجَالِ إِسْرَائِيلَ إِنَّ مَشُورَةَ حُوشَايَ الأَرْكِيِّ أَحْسَنُ مِنْ مَشُورَةِ أَخِيتُوفَلَ... وَأَمَّا أَخِيتُوفَلُ فَلَمَّا رَأَى أَنَّ مَشُورَتَهُ لَمْ يُعْمَلْ بِهَا... خَنَقَ نَفْسَهُ وَمَاتَ" (2صم 17: 7 - 23). لقد استمع الله لصلاة داود عندما صلَّى قائلًا: "حَمِّقْ يا رب مَشُورَةَ أَخِيتُوفَلَ" (2صم 15: 31)، وفيما بعد أعد هامان صليبًا ارتفاعه خمسون ذراعًا لصلب مردخاي، فنجا مردخاي وصُلب على هذا الصليب هامان (أس 7: 9).

 

3- تعبير داود هنا: "أَخْرِجْنِي مِنَ الشَّبَكَةِ" تعبير مجازي، فالأعداء لم ينصبوا له شبكة مادية لكنهم تآمروا عليه، وكما أن الصياد ينصب الشباك لاصطياد الحيوانات، أو الفخاخ لاصطياد الطيور، فإن شاول وأعوانه وأبشالوم ورجاله طاردوا داود لاصطياد نفسه، ولكن الرب أنقذه، فترنَّم داود في هذا المزمـور: "وَلَمْ تَحْبِسْنِي فِي يَدِ الْعَدُوِّ بَلْ أَقَمْتَ فِي الرُّحْبِ رِجْلِي" (مز 31: 8)، وفي مزمور آخر قال: "انْفَلَتَتْ أَنْفُسُنَا مِثْلَ الْعُصْفُورِ مِنْ فَخِّ الصَّيَّادِينَ. الْفَخُّ انْكَسَرَ وَنَحْنُ انْفَلَتْنَا. عَوْنُنَا بِاسْمِ الرَّبِّ الصَّانِعِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ" (مز 124: 7، 8).

ويقول "الراهب القس أوغريس السرياني": "شعر داود كأن فخًا قد نصبه له الصياد وسط الأحراش، لكنه يلجأ إلى الراعي الصالح الذي ينقذه من شباك الأعداء ومن الذئاب المفترسة التي تريد هلاكه. كان أعداء داود النبي أقوياء وماكرين، وحينما عجزوا عن تحطيمه بالعنف، استخدموا الخداع للإيقاع به في فخ، ووضعوا شبكة في طريقه لاصطياده وأخفوها عن النظر ليباغتوه بها، ولكنه جعل الله وحده ناصره وحصنه فكان ينجيه من كل شر يريدون الإيقاع به" (266).

_____

الحواشي والمراجع لهذه الصفحة هنا في موقع الأنبا تكلاهيمانوت:

 (266) تأملات في سفر المزامير جـ 2 ص 47.


الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع

https://st-takla.org/books/helmy-elkommos/biblical-criticism/1688.html

تقصير الرابط:
tak.la/srw944z