St-Takla.org  >   books  >   anba-raphael  >   church
 
St-Takla.org  >   books  >   anba-raphael  >   church

مكتبة الكتب المسيحية | كتب قبطية | المكتبة القبطية الأرثوذكسية

كتاب رأي في اللاطائفية: ثبِّت أساس الكنيسة - الأنبا رافائيل الأسقف العام لكنائس وسط القاهرة

7- ثانيًا: تعاليم السيد المسيح عن العقائد

 

المعمودية وضرورتها للخلاص
الإفخارستيا
سلطان غفران الخطايا
شرح عن الصوم
شرح بخصوص تقديس يوم السبت
شرح عن مملكة الشيطان
شرح عن ملكوت السماوات
كلام عن التطهير
الزواج والطلاق
القيامة العامة والمجيء الثاني والدينونة

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

المعمودية وضرورتها للخلاص:

في حديث هادئ مُمتع مع نيقوديموس مُعلِّم الناموس، شرح الرب يسوع عقيدة: "المعمودية وحتميتها للخلاص":

"الْحَقَّ الْحَقَّ أَقُولُ لَكَ: إِنْ كَانَ أَحَدٌ لاَ يُولَدُ مِنْ فَوْقُ لاَ يَقْدِرُ أَنْ يَرَى مَلَكُوتَ اللهِ. قَالَ لَهُ نِيقُودِيمُوسُ: "كَيْفَ يُمْكِنُ الإِنْسَانَ أَنْ يُولَدَ وَهُوَ شَيْخٌ؟ أَلَعَلَّهُ يَقْدِرُ أَنْ يَدْخُلَ بَطْنَ أُمِّهِ ثَانِيَةً وَيُولَدَ؟" أَجَابَ يَسُوعُ وَقَالَ لَهُ: "الْحَقَّ الْحَقَّ أَقُولُ لَكَ: إِنْ كَانَ أَحَدٌ لاَ يُولَدُ مِنْ فَوْقُ لاَ يَقْدِرُ أَنْ يَرَى مَلَكُوتَ اللهِ. اَلْمَوْلُودُ مِنَ الْجَسَدِ جَسَدٌ هُوَ، وَالْمَوْلُودُ مِنَ الرُّوحِ هُوَ رُوحٌ" (يو 3: 3 - 6).

وقد يفهم البعض كلمة الماء هنا (في المعمودية) أنها كلمة الله، مستندين إلى الآية: "مَوْلُودِينَ ثَانِيَةً، لاَ مِنْ زَرْعٍ يَفْنَى، بَلْ مِمَّا لاَ يَفْنَى، بِكَلِمَةِ اللهِ الْحَيَّةِ الْبَاقِيَةِ إِلَى الأَبَدِ" (1 بط 1: 23).

والإجابة هنا..

إن الأمر غير متروك لنا لنستنتج ونُقرر التفاسير... لكن من الضروري أن نعرف كيف مُورست تعاليم السيد المسيح، وكيف استوعبها الذين سبقونا، خاصة في الجيل الأول المسيحي.

اسمع ما قرره يوحنا الإنجيلي بهذا الشأن: "وَبَعْدَ هذَا جَاءَ يَسُوعُ وَتَلاَمِيذُهُ إِلَى أَرْضِ الْيَهُودِيَّةِ، وَمَكَثَ مَعَهُمْ هُنَاكَ، وَكَانَ يُعَمِّدُ. وَكَانَ يُوحَنَّا أَيْضًا يُعَمِّدُ فِي عَيْنِ نُونٍ بِقُرْبِ سَالِيمَ، لأَنَّهُ كَانَ هُنَاكَ مِيَاهٌ كَثِيرَةٌ، وَكَانُوا يَأْتُونَ وَيَعْتَمِدُونَ" (يو 3: 22، 23).

إن سبب ممارسة المعمودية في هذا المكان هو وجود مياه كثيرة... "كَانَ هُنَاكَ مِيَاهٌ كَثِيرَةٌ، وَكَانُوا يَأْتُونَ وَيَعْتَمِدُونَ" (يو 3: 23).

* وكذلك المعموديات التي تمت في سفر الأعمال... هل تمت بدون ماء؟ ولماذا قال الخصي لفيلبُس: "هُوَذَا مَاءٌ. مَاذَا يَمْنَعُ أَنْ أَعْتَمِدَ؟" (أع 8: 36).

* وكيف تكون المعمودية دفن مع المسيح وهي بكلمة الله (بدون ماء)؟

على كل الأحوال، لا يجب أن نُفسر الآيات بحسب ما يأتي على ذهننا من أفكار وآراء، بل بحسب ما سلك الآباء وفهموا، خاصة الآباء الرسل. ولا عُذر لنا أننا لا نعرف... إذ قد وبّخ السيد المسيح نيقوديموس لأنه لا يعرف قائلًا: "أَنْتَ مُعَلِّمُ إِسْرَائِيلَ وَلَسْتَ تَعْلَمُ هذا!" (يو 3: 10).

 

نعود ثانية إلى حديث السيد المسيح مع نيقوديموس بخصوص معمودية الماء والروح.. ألم يكن كافيًا -حسب رأى هؤلاء الأحباء- أن يكتفي السيد المسيح بالكلام في الفضائل والأخلاق والروحيات والمحبة؟

لم يكن السيد المسيح هكذا.. بل كان معلمًا بالحق، ويتكلم باللاهوت. وطوبى لمَنْ يسمع ويعمل، وطوبى لمَن يتبع السيد المسيح في منهجه التعليمي.

وبسبب حتمية المعمودية للخلاص.. فقد أكد السيد المسيح نفس الفكرة قبيل صعوده إذ علّم تلاميذه... "مَنْ آمَنَ وَاعْتَمَدَ خَلَصَ، وَمَنْ لَمْ يُؤْمِنْ يُدَنْ" (مر 16: 16)، وكذلك حينما قال: "فَاذْهَبُوا وَتَلْمِذُوا جَمِيعَ الأُمَمِ وَعَمِّدُوهُمْ بِاسْمِ الآب وَالابْنِ وَالرُّوحِ الْقُدُسِ... وَعَلِّمُوهُمْ أَنْ يَحْفَظُوا جَمِيعَ مَا أَوْصَيْتُكُمْ بِهِ. وَهَا أَنَا مَعَكُمْ كُلَّ الأَيَّامِ إِلَى انْقِضَاءِ الدَّهْرِ. آمِين" (مت 28: 19، 20).

لقد أمرهم أن يُتلمذوا ويُعلموا، وطبعًا أن يُعمدوا. فهل التزم التلاميذ بوصية السيد المسيح؟ بالحقيقة لقد التزموا فعلًا بكل كلمة خرجت من فم سيدهم ومُعلمهم... وعمدوا الناس بالماء والروح ليكونوا أبناء الله، ويرثوا ملكوت السماوات. وهذا ما سنتعرض له في الفصل الثاني.

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

الإفخارستيا

وفي (يو 6) لم يترك الرب يسوع شاردة أو واردة إلا وشرحها بخصوص الإفخارستيا.. فهي:

وعندما لم يقبل كثيرون من تلاميذه هذا التعليم، لم يتنازل عنه أو يُخففه، أو على الأقل لم يقْل أنه يتكلم على سبيل الرمز أو المثال أو للشرح، بل بالعكس "فَقَالَ يَسُوعُ لِلاثْنَيْ عَشَرَ: أَلَعَلَّكُمْ أَنْتُمْ أَيْضًا تُرِيدُونَ أَنْ تَمْضُوا؟" (يو 6: 67)، أي أنه: إن لم تقبلوا فكر الإفخارستيا، وتفهموا شرحه، فليس لكم معي نصيب ولا تبعية، والأفضل لكم أن تمضوا كمثل التلاميذ الذين رجعوا إلى الوراء "وَلَمْ يَعُودُوا يَمْشُونَ مَعَهُ" (يو 6: 66).

إن تعليم السيد المسيح مليء بالحكمة والمعرفة، فكيف نعتبر المسيحية ديانة سطحية، لا يوجد بها فكر ولا عقيدة ولا شرح؟!!

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

سلطان غفران الخطايا

* وعندما اعترض قوم من الكتبة عليه لأنه يغفر الخطايا و"قَالُوا فِي أَنْفُسِهِمْ: هذَا يُجَدِّفُ!" (مت 9: 3).. اهتم الرب يسوع بأن يشرح لهم: "أَنَّ لابْنِ الإِنْسَانِ سُلْطَانًا عَلَى الأَرْضِ أَنْ يَغْفِرَ الْخَطَايَا" (مت 9: 6)، ولم يتركهم في حيرتهم، وعثرتهم من جهته، بحجة أنه لا داعي لتضييع الوقت في شرح العقيدة، وتفنيد الآراء الخاطئة.

* وكذلك اهتم السيد المسيح أن يُعلن السلطان الكهنوتي في الحِلْ والربط، إذ قال لتلاميذه القديسين: "اَلْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: كُلُّ مَا تَرْبِطُونَهُ عَلَى الأَرْضِ يَكُونُ مَرْبُوطًا فِي السَّمَاءِ، وَكُلُّ مَا تَحُلُّونَهُ عَلَى الأَرْضِ يَكُونُ مَحْلُولًا فِي السَّمَاءِ" (مت 18: 18).

وهي عقيدة أساسية في الفكر الأرثوذكسي، ينبوعها النقي هو قول السيد المسيح نفسه، فكيف نتجاهل ما علَّم به السيد المسيح؟

وفي معجزة شفاء الأبرص... لم يتجاهل السيد المسيح النظام الكنسي، ودور الكاهن، وممارسة الطقس... فقال للأبرص الذي شُفى: "اذْهَبْ أَرِ نَفْسَكَ لِلْكَاهِنِ، وَقَدِّمِ الْقُرْبَانَ الَّذِي أَمَرَ بِهِ مُوسَى شَهَادَةً لَهُمْ" (مت 8: 4).

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

شرح عن الصوم:

* كذلك عندما تساءل تلاميذ يوحنا: "لِمَاذَا نَصُومُ نَحْنُ وَالْفَرِّيسِيُّونَ كَثِيرًا، وَأَمَّا تَلاَمِيذُكَ فَلاَ يَصُومُونَ؟" (مت 9: 14).. اهتم الرب يسوع بأن يشرح لهم طبيعة الصوم المسيحي: "يَجْعَلُونَ خَمْرًا جَدِيدَةً (صومًا بمنهج جديد) فِي زِقَاق جَدِيدَةٍ (في دين جديد)" (مت 9: 17)، ولم يترك الرب يسوع الأمر بدون شرح واهتمام، ولم يَقُل إن الصوم متروك لحرية كل شخص... كما يُنادى البعض... بل قال: "سَتَأْتِي أَيَّامٌ حِينَ يُرْفَعُ الْعَرِيسُ عَنْهُمْ، فَحِينَئِذٍ يَصُومُونَ" (مت 9: 15).

* وتكلم كذلك عن منهج الصوم الروحاني المسيحي عندما قال: "وَمَتَى صُمْتُمْ فَلاَ تَكُونُوا عَابِسِينَ كَالْمُرَائِينَ، فَإِنَّهُمْ يُغَيِّرُونَ وُجُوهَهُمْ لِكَيْ يَظْهَرُوا لِلنَّاسِ صَائِمِينَ. اَلْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّهُمْ قَدِ اسْتَوْفَوْا أَجْرَهُمْ. وَأَمَّا أَنْتَ فَمَتَى صُمْتَ فَادْهُنْ رَأْسَكَ وَاغْسِلْ وَجْهَكَ، لِكَيْ لاَ تَظْهَرَ لِلنَّاسِ صَائِمًا، بَلْ لأَبِيكَ الَّذِي فِي الْخَفَاءِ. فَأَبُوكَ الَّذِي يَرَى فِي الْخَفَاءِ يُجَازِيكَ عَلاَنِيَةً" (مت 6: 16-18).

كما علّم أن الشياطين يخرجون بالصلاة والصوم... "وَأَمَّا هذَا الْجِنْسُ فَلاَ يَخْرُجُ إِلاَّ بِالصَّلاَةِ وَالصَّوْمِ" (مت 17: 21).

* لقد وضع السيد المسيح أساسات ممارسة الصوم، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في أقسام أخرى. ثم نظمت الكنيسة هذه الصيامات بإرشاد الروح القدس، محبة في السيد المسيح وإكرامًا لاسمه القدوس.

أما من جهة نظام الصوم: فقد حددت الكنيسة أن ينقطع المؤمنون عن الأكل فترة معينة، ثم يفطرون على أكل نباتي خالي من الدسم... وهذا الترتيب قديم جدًا، ومُستقر في الكنيسة منذ العصور الأولى.

وقد يعترض البعض بأن تفاصيل هذا التنظيم غير واردة في الكتاب المقدس، وبالتالي لسنا مُلزمين بالخضوع لها.

ولكن صديقي القارئ... أليس من الأفضل أن يكون هناك نظام مُوحد للصوم يعمل به جميع المسيحيين؟ وإذا كان ما استقرت عليه الكنيسة هو نظام غير مُستحب للبعض... فليقترحوا علينا تنظيمًا جديدًا... ولكنهم سيصطدمون بعدم وجود نصوص كتابية صريحة تسندهم. فلو قيل مثلًا: نصوم انقطاعي ثم نفطر على أي نوع من الأكل، سيظل السؤال موجود بدون إجابة... أين الآية التي تُعلّم بهذا؟ كمثل ما يسألون أين الآية التي تُعلّم بوجوب الصوم النباتي؟

إذًا دعونا نسلُك حسبما سلَكَ الآباء، ولا داعي لاختراعات جديدة، خاصة وأن آباءنا حينما نظموا هذه الصيامات كان في فكرهم الآتي:

1- أن آدم في الفردوس كان يأكل أكلًا نباتيًا فقط... ولم يُسمح للإنسان أن يأكل مأكولات حيوانية إلا بعد الطوفان. وكأن الكنيسة تعود بنا في أيام الصوم إلى الحياة الفردوسية الأولى: "مِنْ جَمِيعِ شَجَرِ الْجَنَّةِ تَأْكُلُ أَكْلًا" (تك 2: 16).

2- أن الأكل النباتي يدل على النُسك والاكتفاء بأنواع بسيطة من الأكل غير مُرهقة للجسد في عملية الهضم.

3- أن بعض الذين ذُكر نظام صومهم في الكتاب المقدس كانوا يأكلون نباتات مثل دانيال: "فَلْيُعْطُونَا الْقَطَانِيَّ لِنَأْكُلَ وَمَاءً لِنَشْرَبَ" (دا 1: 12)، وكذلك حزقيال النبي: "وَخُذْ أَنْتَ لِنَفْسِكَ قَمْحًا وَشَعِيرًا وَفُولًا وَعَدَسًا وَدُخْنًا وَكَرْسَنَّه وَضَعْهَا فِي وِعَاءٍ وَاحِدٍ، وَاصْنَعْهَا لِنَفْسِكَ خُبْزًا كَعَدَدِ الأَيَّامِ الَّتِي تَتَّكِئُ فِيهَا عَلَى جَنْبِكَ. ثَلاَثَ مِئَةِ يَوْمٍ وَتِسْعِينَ يَوْمًا تَأْكُلُهُ. وَطَعَامُكَ الَّذِي تَأْكُلُهُ يَكُونُ بِالْوَزْنِ... وَتَشْرَبُ الْمَاءَ بِالْكَيْلِ، سُدْسَ الْهِينِ، مِنْ وَقْتٍ إِلَى وَقْتٍ تَشْرَبُهُ. وَتَأْكُلُ كَعْكًا مِنَ الشَّعِير" (حز 4: 9- 12).

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

شرح بخصوص تقديس يوم السبت:

ولما انتقد الفريسيون تلاميذ الرب لأنهم "يَفْعَلُونَ مَا لاَ يَحِلُّ فِعْلُهُ فِي السَّبْتِ!" (مت 12: 2).. اهتم الرب يسوع بأن يشرح لهم من الناموس أن "ابْنَ الإِنْسَانِ هُوَ رَبُّ السَّبْتِ أَيْضًا" (مت 12: 8)، وأنه "يَحِلُّ فِعْلُ الْخَيْرِ فِي السُّبُوتِ" (مت 12: 12). وقد أسهب السيد المسيح في شرح هذا الأمر، وأعطى أمثلة حتى يفهموا قصد الله من حفظ السبت:

St-Takla.org Image: Jesus and the Sabbath - from "The Children's Friend: Pictures and Stories of the Life of Jesus" book صورة في موقع الأنبا تكلا: المسيح ويوم السبت - من كتاب "صديق الأطفال: صور وقصص من حياة المسيح"

St-Takla.org Image: Jesus and the Sabbath - from "The Children's Friend: Pictures and Stories of the Life of Jesus" book

صورة في موقع الأنبا تكلا: المسيح ويوم السبت - من كتاب "صديق الأطفال: صور وقصص من حياة المسيح"

* أن الختان يجوز عمله في السبت، ولا يُعتبر هذا كسرًا لوصية السبت "فَإِنْ كَانَ الإِنْسَانُ يَقْبَلُ الْخِتَانَ فِي السَّبْتِ، لِئَلاَّ يُنْقَضَ نَامُوسُ مُوسَى، أَ فَتَسْخَطُونَ عَلَيَّ لأَنِّي شَفَيْتُ إِنْسَانًا كُلَّهُ فِي السَّبْتِ؟" (يو 7: 23).

* وكذلك أن الكهنة في السبت يُقدمون ذبائح، ولا يُعتبر هذا العمل كسرًا للسبت... "أَوَ مَا قَرَأْتُمْ فِي التَّوْرَاةِ أَنَّ الْكَهَنَةَ فِي السَّبْتِ فِي الْهَيْكَلِ يُدَنِّسُونَ السَّبْتَ وَهُمْ أَبْرِيَاءُ؟" (مت 12: 5).

* وأن الإنسان مُطالب بأن ينقذ خروفًا، إذا سقط في حفرة يوم السبت، ولا يُعتبر هذا أيضًا كسرًا للسبت... "فَقَالَ لَهُمْ: أَيُّ إِنْسَانٍ مِنْكُمْ يَكُونُ لَهُ خَرُوفٌ وَاحِدٌ، فَإِنْ سَقَطَ هذَا فِي السَّبْتِ فِي حُفْرَةٍ، أَفَمَا يُمْسِكُهُ وَيُقِيمُهُ؟" (مت 12: 11).

وقد سألهم في ذلك سؤالًا محرجًا: "هَلْ يَحِلُّ فِي السَّبْتِ فِعْلُ الْخَيْرِ أَوْ فِعْلُ الشَّرِّ؟ تَخْلِيصُ نَفْسٍ أَوْ إِهْلاَكُهَا؟" (لو 6: 9)... ولم يستطيعوا أن يجاوبوه، أو يقاوموا حكمته.

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

شرح عن مملكة الشيطان:

وفي تعليق الفريسيين على معجزة إخراج الأرواح النجسة.. "قَالُوا: هذَا لاَ يُخْرِجُ الشَّيَاطِينَ إِلاَّ بِبَعْلَزَبولَ رَئِيسِ الشَّيَاطِينِ" (مت 12: 24).. انتهز الرب يسوع هذه الفرصة ليشرح لهم عدة حقائق منها:

هذه كلها حقائق عقيدية.. اهتم السيد المسيح بأن يعلنها ويشرحها، ولم يكتفِ بمجرد كلام روحاني خالي من العقيدة.

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

شرح عن ملكوت السماوات:

وهناك العديد من الأمثلة التي أوردها ربنا يسوع ليشرح بها حقيقة ملكوت السماوات... "قَدْ أُعْطِيَ لَكُمْ أَنْ تَعْرِفُوا سِرَّ مَلَكُوتِ اللهِ" (مر 4: 11)، ولم يكن منهجه إطلاقًا أن يترك الناس بدون معرفة وشرح وتفاصيل، حتى أن الناس "بُهِتُوا وَقَالُوا: مِنْ أَيْنَ لِهذَا هذِهِ الْحِكْمَةُ وَالْقُوَّاتُ؟" (مت 13: 54).

لقد شرح السيد المسيح حقائق الملكوت من خلال: مَثَل الزارع، ومَثَل الزرع الجيد والزوان، ومَثَل حبة الخردل والخميرة، والكنز في الحقل، وتاجر اللآلئ الحسنة، والشبكة المطروحة في البحر، وبعدما أتم تعليمه سألهم: "أَفَهِمْتُمْ هذَا كُلَّهُ؟" (مت 13: 51)، وقال لتلاميذه: "لأَنَّهُ قَدْ أُعْطِيَ لَكُمْ أَنْ تَعْرِفُوا أَسْرَارَ مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ، وَأَمَّا لأُولَئِكَ فَلَمْ يُعْطَ. فَإِنَّ مَنْ لَهُ سَيُعْطَى وَيُزَادُ، وَأَمَّا مَنْ لَيْسَ لَهُ فَالَّذِي عِنْدَهُ سَيُؤْخَذُ مِنْهُ" (مت 13: 11، 12)، فالذي له معرفة سيُعطى ويُزاد، والذي يتجاهل المعرفة فالذي عنده من المعرفة سيُؤخذ منه.

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

كلام عن التطهير

ولما انتقد الكتبة والفريسيين تلاميذ السيد المسيح: "فَإِنَّهُمْ لاَ يَغْسِلُونَ أَيْدِيَهُمْ حِينَمَا يَأْكُلُونَ خُبْزًا؟" (مت 15: 2).. كانت فرصة للسيد المسيح أن يُبين لهم أن: "لَيْسَ مَا يَدْخُلُ الْفَمَ يُنَجِّسُ الإِنْسَانَ، بَلْ مَا يَخْرُجُ مِنَ الْفَمِ هذَا يُنَجِّسُ الإِنْسَانَ" (مت 15: 11)، وبهذا شرح لهم المفهوم العقيدي للتطهير في المسيحية، وأنه ليس بغسل الأيادي، بل بتطهير القلب من الخطايا.. "مِنَ الْقَلْب تَخْرُجُ أَفْكَارٌ شِرِّيرَةٌ: قَتْلٌ، زِنىً، فِسْقٌ، سِرْقَةٌ، شَهَادَةُ زُورٍ، تَجْدِيفٌ. هذِهِ هِيَ الَّتِي تُنَجِّسُ الإِنْسَانَ. وَأَمَّا الأَكْلُ بِأَيْدٍ غَيْرِ مَغْسُولَةٍ فَلاَ يُنَجِّسُ الإِنْسَانَ" (مت 15: 19، 20)، وهذا يُميِّز المنهج المسيحي المستنير عن المنهج اليهودي المتطرف من جهة التطهير.

لم يرضَ السيد المسيح بالتفسير الأعمى للفريسيين، وكأنه يضع لنا قاعدة أن نفهم باستنارة، وكان تعليقه على هؤلاء الجهلة غير العارفين أنهم عُميان.. "اُتْرُكُوهُمْ. هُمْ عُمْيَانٌ قَادَةُ عُمْيَانٍ. وَإِنْ كَانَ أَعْمَى يَقُودُ أَعْمَى يَسْقُطَانِ كِلاَهُمَا فِي حُفْرَةٍ" (مت 15: 14). فهل يريد اللاطائفيون أن نكون عميانًا عن المعرفة؟

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

الزواج والطلاق

* عندما "جَاءَ إِلَيْهِ الْفَرِّيسِيُّونَ لِيُجَرِّبُوهُ قَائِلِينَ لَهُ: هَلْ يَحِلُّ لِلرَّجُلِ أَنْ يُطَلِّقَ امْرَأَتَهُ لِكُلِّ سَبَبٍ؟" (مت 19:3).. كانت فرصة للسيد المسيح أن يشرح لهم عقيدة الزوجة الواحدة، "أَمَا قَرَأْتُمْ أَنَّ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْبَدْءِ خَلَقَهُمَا ذَكَرًا وَأُنْثَى؟" (مت 19: 4)، وعدم الطلاق إلا لعلة الزنا... "فَالَّذِي جَمَعَهُ اللهُ لاَ يُفَرِّقُهُ إِنْسَانٌ" (مت 19: 6)، "وَأَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ مَنْ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ إِلاَّ بِسَبَب الزِّنَا وَتَزَوَّجَ بِأُخْرَى يَزْنِي" (مت 19: 9).

* وكذلك قدم لهم فكرة عن البتولية: "لَيْسَ الْجَمِيعُ يَقْبَلُونَ هذَا الْكَلاَمَ بَلِ الَّذِينَ أُعْطِيَ لَهُم، لأَنَّهُ يُوجَدُ خِصْيَانٌ وُلِدُوا هكَذَا مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِهِمْ، وَيُوجَدُ خِصْيَانٌ خَصَاهُمُ النَّاسُ، وَيُوجَدُ خِصْيَانٌ خَصَوْا أَنْفُسَهُمْ لأَجْلِ مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ. مَنِ اسْتَطَاعَ أَنْ يَقْبَلَ فَلْيَقْبَلْ" (مت 19: 11، 12).

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

القيامة العامة والمجيء الثاني والدينونة:

وجاء إلى الرب يسوع صدوقيون ليحرجوه بسؤال، ومشكلة مآلها التعليم بأنه لا توجد قيامة للأموات.. وهي القصة الشهيرة للمرأة ذات السبعة أزواج (راجع مت 22: 23-28)... أما ربنا يسوع المُعلّم الصالح فقد انبرى يشرح لهم طبيعة الناس في القيامة "لأَنَّهُمْ فِي الْقِيَامَةِ لاَ يُزَوِّجُونَ وَلاَ يَتَزَوَّجُونَ، بَلْ يَكُونُونَ كَمَلاَئِكَةِ اللهِ فِي السَّمَاءِ" (مت 22: 30).

* وكانت أيضًا فرصة للسيد المسيح أن يشرح لهم حقيقة القيامة من الأموات... "وَأَمَّا مِنْ جِهَةِ قِيَامَةِ الأَمْوَاتِ، أَفَمَا قَرَأْتُمْ مَا قِيلَ لَكُمْ مِنْ قِبَلِ اللهِ الْقَائِلِ: أَنَا إِلهُ إِبْرَاهِيمَ وَإِلهُ إِسْحَاقَ وَإِلهُ يَعْقُوبَ؟ لَيْسَ اللهُ إِلهَ أَمْوَاتٍ بَلْ إِلهُ أَحْيَاءٍ" (مت 22: 31، 32).

* وقد شرح أيضًا عقيدة قيامة الأموات باستفاضة في موضوع آخر حيث قال: "اَلْحَقَّ الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّهُ تَأْتِي سَاعَةٌ وَهِيَ الآنَ، حِينَ يَسْمَعُ الأَمْوَاتُ صَوْتَ ابْنِ اللهِ، وَالسَّامِعُونَ يَحْيَوْنَ. لأَنَّهُ كَمَا أَنَّ الآبَ لَهُ حَيَاةٌ فِي ذَاتِهِ، كَذلِكَ أَعْطَى الابْنَ أَيْضًا أَنْ تَكُونَ لَهُ حَيَاةٌ فِي ذَاتِهِ، وَأَعْطَاهُ سُلْطَانًا أَنْ يَدِينَ أَيْضًا، لأَنَّهُ ابْنُ الإِنْسَانِ. لاَ تَتَعَجَّبُوا مِنْ هذَا، فَإِنَّهُ تَأْتِي سَاعَةٌ فِيهَا يَسْمَعُ جَمِيعُ الَّذِينَ فِي الْقُبُورِ صَوْتَهُ، فَيَخْرُجُ الَّذِينَ فَعَلُوا الصَّالِحَاتِ إِلَى قِيَامَةِ الْحَيَاةِ، وَالَّذِينَ عَمِلُوا السَّيِّئَاتِ إِلَى قِيَامَةِ الدَّيْنُونَةِ" (يو 5: 25 -29).

* وفي حديث طويل تكلَّم الرب يسوع بكل التفاصيل عن عقيدة مجيئه الثاني، وما يُصاحبه من ظروف وملابسات (مت 24)، وكذلك حديثه عن الدينونة العامة، ومكافأة الأبرار، ومجازاة الأشرار، وعلامات نهاية الزمان.. تارة بالمَثَل (العذارى، والوزنات، والعبد الأمين).. وتارة بالتصريح والشرح (مت 25).

* وفي حديث السيد المسيح مع مرثا أخت لعازر، كانت هناك اللمسة اللاهوتية الواضحة بخصوص قيامة الأموات.. "قَالَتْ لَهُ مَرْثَا: أَنَا أَعْلَمُ أَنَّهُ سَيَقُومُ فِي الْقِيَامَةِ، فِي الْيَوْمِ الأَخِيرِ. قَالَ لَهَا يَسُوعُ: أَنَا هُوَ الْقِيَامَةُ وَالْحَيَاةُ. مَنْ آمَنَ بِي وَلَوْ مَاتَ فَسَيَحْيَا، وَكُلُّ مَنْ كَانَ حَيًّا وَآمَنَ بِي فَلَنْ يَمُوتَ إِلَى الأَبَدِ. أَتُؤْمِنِينَ بِهذَا؟ قَالَتْ لَهُ: نَعَمْ يَا سَيِّدُ. أَنَا قَدْ آمَنْتُ أَنَّكَ أَنْتَ الْمَسِيحُ ابْنُ اللهِ، الآتِي إِلَى الْعَالَمِ" (يو 11: 24 -27).

لم يكن الموقف الجنائزي، والمشاعر الحزينة لدى مرثا عائقًا لأن يشرح السيد المسيح حقائق لاهوتية عن قيامة الأموات بالإيمان به، وأيضًا لم تمنع مرثا أن تعلن إيمانها بالمسيح ابن الله الآتي إلى العالم.


الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع

https://st-takla.org/books/anba-raphael/church/dogma.html

تقصير الرابط:
tak.la/f2d96hn