St-Takla.org  >   pub_Bible-Interpretations  >   Holy-Bible-Tafsir-02-New-Testament  >   Father-Tadros-Yacoub-Malaty  >   20-Resalet-Ya3koub
 

شرح الكتاب المقدس - العهد الجديد - القمص تادرس يعقوب ملطي
سلسلة "من تفسير وتأملات الآباء الأولين"

يعقوب 2 - تفسير رسالة يعقوب

الإيمان والأعمال

 

محتويات:

(إظهار/إخفاء)

* تأملات في كتاب رسالة يعقوب الرسول:
تفسير رسالة يعقوب: مقدمة رسالة يعقوب | يعقوب 1 | يعقوب 2 | يعقوب 3 | يعقوب 4 | يعقوب 5 | مراجع البحث

نص رسالة يعقوب: يعقوب 1 | يعقوب 2 | يعقوب 3 | يعقوب 4 | يعقوب 5 | يعقوب كامل

الكتاب المقدس المسموع: استمع لهذا الأصحاح

← اذهب مباشرةً لتفسير الآية: 1 - 2 - 3 - 4 - 5 - 6 - 7 - 8 - 9 - 10 - 11 - 12 - 13 - 14 - 15 - 16 - 17 - 18 - 19 - 20 - 21 - 22 - 23 - 24 - 25 - 26

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

بعدما تحدث الرسول عن موقفنا كأبناء لله عابدين بالحق، بدأ يوجه النظر في هذا الأصحاح إلى أهمية الأعمال للإيمان:

 

1. الإيمان والمحاباة بين العابدين

   

1 - 3.

أ. تمييز الغني بالقول له "اجلس أنت هنا حسنًا"
ب. احتقار الفقير بأمره بالوقوف أو الجلوس عند أقدام الغني

     

أولًا: تضاد الله المهتم بالفقراء

   

4 - 5.

ثانيًا: الأغنياء أكثرهم يثيرون مشاكل

   

6 - 7.

ثالثًا: تملق الأغنياء يكسر الوصية

   

8 - 11.

رابعًا: احتقار الفقراء يفقدنا الرحمة

   

12 - 13.

2. الاتكال على الإيمان بدون الأعمال

   

14.

أولًا: مثالان لإيمان ميت

   

15 - 18.

1. إن كان أخ وأخت عريانين ومعتازين للقوت اليومي
2. أنت تؤمن أن الله واحد حسنًا تفعل

     

ثانيًا: مثالان لإيمان حي بالأعمال

   

20 - 24.

1. ولكن هل تريد أن تعلم أيها الإنسان الباطل
2. كذلك راحاب الزانية أيضًا

     
25.

ثالثًا: ضرورة تلازم الإيمان مع الأعمال

   

26.

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

1. الإيمان والمحاباة بين العابدين

1 يَا إِخْوَتِي، لاَ يَكُنْ لَكُمْ إِيمَانُ رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ، رَبِّ الْمَجْدِ، فِي الْمُحَابَاةِ. 2 فَإِنَّهُ إِنْ دَخَلَ إِلَى مَجْمَعِكُمْ رَجُلٌ بِخَوَاتِمِ ذَهَبٍ فِي لِبَاسٍ بَهِيٍّ، وَدَخَلَ أَيْضًا فَقِيرٌ بِلِبَاسٍ وَسِخٍ، 3 فَنَظَرْتُمْ إِلَى اللاَّبِسِ اللِّبَاسَ الْبَهِيَّ وَقُلْتُمْ لَهُ: «اجْلِسْ أَنْتَ هُنَا حَسَنًا». وَقُلْتُمْ لِلْفَقِيرِ: «قِفْ أَنْتَ هُنَاكَ» أَوِ: «اجْلِسْ هُنَا تَحْتَ مَوْطِئِ قَدَمَيَّ».

 

"يا إخوتي لا يكن(47) لكم إيمان ربنا يسوع المسيح رب المجد في المحاباة" [1].

يلقب الرسول ربنا يسوع المسيح ب "رب المجد" لكي يرفع أنظار المؤمنين إلى المجد السماوي الحقيقي، فلا يحابون الناس على أساس الغنى والكرامة والمجد زمني، بل يحبون الكل كإخوة لهم ميراث أبدي مرتبطون بإيمان الرب.

خلال هذه الإخوّة يوجه لهم الحديث قائلًا: "يا إخوتي"، مُظهِرًا أنه لا بوجد تحيز ولا محاباة بل الكل أعضاء لجسدٍ واحدٍ. هذا هو الإيمان الحي العامل.

وكما يقول القديس إكليمنضس أسقف روما:

[لا وجود للعظيم بغير الصغير، ولا للصغير بدون العظيم، بل يرتبط بعضنا البعض لأجل نفع الجميع. لنأخذ الجسد كمثال: فالرأس لا يقدر أن يوجد بغير الرجلين، ولا الرجلان بغير الرأس، "بل بالأولى أعضاء الجسد التي تظهر أضعف هي ضرورية" (1 كو 12: 21-22)، ونافعة للجسد كله. نعم إن الأعضاء كلها تعمل في وفاق، وترتبط مع بعضها في طاعة كاملة لأجل سلامة الجسد كله.

بهذا نحفظ جسدنا المسيحي أيضًا في كماله، فيخضع كل منا لصاحبه حسب عطيته الخاصة. فيلزم على القوي أن يهتم بالضعيف، والضعيف أن يحترم القوي. ويعول الغني الفقير، والفقير يشكر الله الذي وهبه من يعوله. والحكيم لا يُظهِر حكمته في كلام بل في أعمال صالحة. والمتواضع لا يتباهى بتواضعه بل يترك الشهادة له من الغير. والعفيف أيضًا لا يفتخر عالمًا أن ضَبْطَ نفسه هو عطيّة من آخر (الله). يلزمنا أن نحب الإخوة من القلب، هؤلاء الذين خلقوا من نفس المادة التي خلقنا نحن منها(48).]

الإيمان يلزم ترجمته عمليًا في عمل المحبة الذي يجعلنا نحب الجميع بلا تمييز أو محاباة. وقد كشف الرسول عن علامة المحاباة وخطورتها قائلًا:

"فإنه إن دخل إلى مجمعكم رجل بخواتم ذهب في لباس بهيّ،

ودخل أيضًا فقير بلباس وسخ.

فنظرتم إلى اللابس اللباس البهيّ،

وقلتم له اجلس أنت هنا حسنًا،

وقلتم للفقير قف أنت هناك أو اجلس تحت موطئ قدميَّ " [2-3].

كيف لا تكون هناك محاباة بين العابدين إن حدث هذا التمييز؟

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

1. تمييز الغني بالقول له "اجلس أنت هنا حسنًا".

لم يقل الرسول "إن دخل إلى مجمعكم غني" بل "إن دخل إلى مجمعكم رجل بخواتم ذهب في لباس بهيّ" أي إنسان عليه علامات الغنى والكبرياء. إذ كان بعض الرجال الأغنياء يلبسون خواتم ذهبيّة كثيرة ويهتمون باللباس البهيّ الفاخر لنوال الكرامة والمجد الزمني. ويكشف الرسول عن روح المحاباة ليس فقط في تقديم الأغنياء في أماكن خاصة في أماكن العبادة، بل يقول "ونظرتم إلى الملابس..." أي أعطيتم لهم أهميّة. ولم يقل "دخل إلى كنيستكم" بل "إلى مجمعكم"، وربما هذا للتوبيخ إذ لا يليق هذا التحيز بالكنيسة.

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

2.احتقار الفقير بأمره بالوقوف أو الجلوس عند أقدام الغني

يقول القديس أمبروسيوس: [ما هو النفع الذي يعود عليك بتكريمك (محاباتك) للغني؟ هل لأنه أكثر استعدادًا لإبقاء محبة الآخرين له؟ فنقدم المعروف لمن نتوقع منهم أنهم سيوافوننا عنه. إنه يلزمنا أن نفكر بالأكثر فيما يخص الضعفاء والمحتاجين لأننا بسبب هؤلاء نترجى الجزاء من الرب يسوع، الذي في مثال وليمة العرس (لو 14: 12-13) قدّم لنا صورة عامة للفضيلة. فقد طلب منا أن نقدم أعمالنا بالأكثر لمن ليس في قدرتهم ردها لنا(49).]

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

وخطورة التمييز بين الأغنياء والفقراء هي:

4 فَهَلْ لاَ تَرْتَابُونَ فِي أَنْفُسِكُمْ، وَتَصِيرُونَ قُضَاةَ أَفْكَارٍ شِرِّيرَةٍ؟ 5 اسْمَعُوا يَا إِخْوَتِي الأَحِبَّاءَ: أَمَا اخْتَارَ اللهُ فُقَرَاءَ هذَا الْعَالَمِ أَغْنِيَاءَ فِي الإِيمَانِ، وَوَرَثَةَ الْمَلَكُوتِ الَّذِي وَعَدَ بِهِ الَّذِينَ يُحِبُّونَهُ؟

 

أولًا: تضاد الله المهتم بالفقراء

"فهل لا ترتابون في الأمر وتصيرون قضاة أفكار شريرة.

اسمعوا يا إخوتي الأحباء،

أمَا اختار الله فقراء هذا العالم أغنياء في الإيمان

وورثة الملكوت الذي وعد به الذين يحبونه،

St-Takla.org Image: "Listen, my beloved brethren: Has God not chosen the poor of this world to be rich in faith and heirs of the kingdom which He promised to those who love Him? But you have dishonored the poor man. Do not the rich oppress you and drag you into the courts?" (James 2: 5-6) - James, Bible illustrations by James Padgett (1931-2009), published by Sweet Media صورة في موقع الأنبا تكلا: "اسمعوا يا إخوتي الأحباء: أما اختار الله فقراء هذا العالم أغنياء في الإيمان، وورثة الملكوت الذي وعد به الذين يحبونه؟ وأما أنتم فأهنتم الفقير. أليس الأغنياء يتسلطون عليكم وهم يجرونكم إلى المحاكم؟" (يعقوب 2: 5-6) - صور رسالة يعقوب، رسم جيمز بادجيت (1931-2009)، إصدار شركة سويت ميديا

St-Takla.org Image: "Listen, my beloved brethren: Has God not chosen the poor of this world to be rich in faith and heirs of the kingdom which He promised to those who love Him? But you have dishonored the poor man. Do not the rich oppress you and drag you into the courts?" (James 2: 5-6) - James, Bible illustrations by James Padgett (1931-2009), published by Sweet Media

صورة في موقع الأنبا تكلا: "اسمعوا يا إخوتي الأحباء: أما اختار الله فقراء هذا العالم أغنياء في الإيمان، وورثة الملكوت الذي وعد به الذين يحبونه؟ وأما أنتم فأهنتم الفقير. أليس الأغنياء يتسلطون عليكم وهم يجرونكم إلى المحاكم؟" (يعقوب 2: 5-6) - صور رسالة يعقوب، رسم جيمز بادجيت (1931-2009)، إصدار شركة سويت ميديا

وأمَّا أنتم فأهنتم الفقير"[4-5].

وكأن الرسول يقول: هل يحتاج الأمر إلى تفسير أو توضيح؟ أمَا تحكم عليكم ضمائركم في داخلكم من جهة أفكاركم الشريرة هذه؟

وكما يقول القديس أمبروسيوس: [إن كان ملكوت الله للمساكين فمن هو أغنى منهم؟]

وكما يقول القديس أغسطينوس: [الجميع عند الله متساوون، إنما تسمو منزلة كل واحد منهم حسب إيمانه وليس حسب أمواله.]

هكذا لا يميز الله بيننا حسب غنانا، بل أعطى اهتمامًا بالفقراء من أجل مذلتهم، واعتبر كل إهانة تلحق بهم مُوَجَّهَة ضده، لهذا ينصحنا الكتاب المقدس قائلًا: "من قدم ذبيحة من مال المساكين فهو كمن يذبح الابن أمام أبيه" (سي 34: 24). من أجل هذا تقف الكنيسة نصيرة للمساكين، موبخة الأغنياء الظالمين، حتى قال القديس يوحنا ذهبي الفم:

[كثيرون ينتهرونني قائلين: أنت دائمًا تُضيِّق على الأغنياء، وهم بالتالي يُضيِّقون على الفقراء.

حسنًا إنني أُضيِّق على الأغنياء، أو بالحري ليس على الأغنياء بل على الذين يُسيئون استخدام الأموال. فأنا لا أهاجم أشخاصهم بل جشعهم. فالغِنَى شيء والجشع شيء آخر، وجود فائض شيء والطمع شيء آخر.

هل أنت غني؟ أنا لا أمنعك من هذا. كن هل أنا جشع؟ إنني أتوَعَّدك... إنني لن أسكت.

هل تهاجمني بسبب هذا؟ إنني مستعد أن يُسْفَك دمي، لكنني أريد أن أمنعك عن أن تخطيء. إنني لا أُكِنُّ لك بغضة، ولا أشن عليك حربًا، إنما أريد أمرًا واحدًا هو نَفْع المستمعين إليَ.

إن الأغنياء هم أولادي، والفقراء أيضًا أولادي. إن رَحمًا واحدًا (المعموديّة) تَمَخَّض بهم بشدة.فالكل هم نسل لمن تمخض بهم. فإن كنت تَكيل الإهانات للفقير، فإنني أتوعدك لأن الفقير في هذه الحالة لا تحل به خسارة مثلك. لأنه لا يسقط في الخطأ بل ما يصيبه من خسارة هو مجرد فقدانه المال، أمَّا أنت فكغني تلحق بك الخسارة في روحك(50).]

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

ثانيًا: كثير من المشاكل يسببها الأغنياء

"6 وَأَمَّا أَنْتُمْ فَأَهَنْتُمُ الْفَقِيرَ. أَلَيْسَ الأَغْنِيَاءُ يَتَسَلَّطُونَ عَلَيْكُمْ وَهُمْ يَجُرُّونَكُمْ إِلَى الْمَحَاكِمِ؟

7 أَمَا هُمْ يُجَدِّفُونَ عَلَى الاسْمِ الْحَسَنِ الَّذِي دُعِيَ بِهِ عَلَيْكُمْ؟!" [6-7].

 

كأن الرسول يقول: لماذا تحابون الأغنياء مع أن أغلب المشاكل تنبعث منهم؟

تطلَّعوا فإن الأمم الوثنيين قَبِلوا الكلمة بإيمانٍ وفرحٍ (أع 13: 48)، بينما ثار اليهود الأغنياء ماديًا وأغنياء في الاعتداد بالذات وحب الكرامة الزمنيّة ضد الإيمان، إذ يقول سفر الأعمال "ولكن اليهود حركوا النساء الشريفات ووجوه المدينة وأثاروا اضطهادًا على بولس وبرنابا وأخرجوهما من تخومهم" (13: 50).

وظاهر من قول الرسول "يتسلطون عليكم" إن احترامهم وتملقهم ومحاباتهم للأغنياء لا يقوم على أساس الحب والاحترام بل التملق والمداهنة.

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

ثالثًا: تملقهم ينافي الناموس

8 فَإِنْ كُنْتُمْ تُكَمِّلُونَ النَّامُوسَ الْمُلُوكِيَّ حَسَبَ الْكِتَابِ: «تُحِبُّ قَرِيبَكَ كَنَفْسِكَ». فَحَسَنًا تَفْعَلُونَ. 9 وَلكِنْ إِنْ كُنْتُمْ تُحَابُونَ، تَفْعَلُونَ خَطِيَّةً، مُوَبَّخِينَ مِنَ النَّامُوسِ كَمُتَعَدِّينَ. 10 لأَنَّ مَنْ حَفِظَ كُلَّ النَّامُوسِ، وَإِنَّمَا عَثَرَ فِي وَاحِدَةٍ، فَقَدْ صَارَ مُجْرِمًا فِي الْكُلِّ. 11 لأَنَّ الَّذِي قَالَ: «لاَ تَزْنِ»، قَالَ أَيْضًا: «لاَ تَقْتُلْ». فَإِنْ لَمْ تَزْنِ وَلكِنْ قَتَلْتَ، فَقَدْ صِرْتَ مُتَعَدِّيًا النَّامُوسَ.

 

"فإن كنتم تكملون الناموس الملوكي حسب الكتاب

تحب قريبك كنفسك فحسنًا تفعلون.

ولكن إن كنتم تُحابون تفعلون خطيّة،

مُوَبَّخين من الناموس كَمُتَعَدِّين"[8-9].

فلو أن تكريمهم نابع عن الحب لكان في ذلك تكميل للناموس الملوكي، وكان عملهم هذا حسنًا جدًا. لكن إذ الدافع هو المحاباة، لذلك فقد انحرفوا وتعدوا الناموس، وصار عملهم خطيّة.

وقد دعا القديس إكليمنضس السكندري(51)الذين لا يعملون بالحب ولا يخدمون إخوتهم أنهم غير سالكين في "الطريق الملوكي". لقد دُعِيَت "المحبة" بالناموس الملوكي.

1.لأنها شريعة ملكوت السماوات وقانونها الذي يسود السماء إلى الأبد.

2. لأنها الطريق الذي يبلغ بنا إلى ملك الملوك ذاته، بل هو نفسه "المحبة"، أي هو "الطريق".

وقد أوضح لنا الرب أنه بالمحبة يتعلق الناموس والأنبياء (مت 22: 40) "لأن كل الناموس في كلمة واحدة يُكْمَل: تحب قريبك كنفسك" (غل 5: 14).

يقول القديس أغسطينوس: [يقول الرسول: المحبة هي تكميل الناموس. فإذا وجدنا المحبة ماذا نحتاج بعد! وإذا خسرنا المحبة أي ربح يمكننا أن نجنيه؟ لنتمسك بوصية الرب (يو 15: 12) بأن نحب بعضنا بعضًا وبهذا نُنَفِّذْ كل الوصايا.]

إذن فلنحرص على حفظ الوصيّة أي محبة القريب حتى لا نكسر الناموس.

"لأن من حفظ الناموس،

وإنما عثر في واحدة فقد صار مجرمًا في الكل.

لأن الذي قال لا تزن،ِ قال أيضًا لا تقتل.

فإن لم تزنِ ولكن قتلت فقد صرت متعديًا الناموس"[10-11].

يثير هذا النص تساؤلًا: هل كل الخطايا متشابهة، فمن يقتل عمدًا كمن يكذب عن إكراه؟ لقد كتب القديس أغسطينوس(52) رسالة إلى القديس چيروم يشرح له فيها هذا النص وقد أوضح فيها:

1.أن الخطايا بالعمد مثل القتل عمدًا ليس كالهفوات التي تصدر عن ضعفٍ بشريٍ أو بغير إرادةٍ أو عن جهلٍ. غير أن جميع الخطايا عقابها الموت الأبدي، وجميع الخطايا لا يمكن التطهير منها إلاَّ بدم السيد المسيح.

2.يقصد الرسول بهذا النص أن خطيّة "عدم المحبة" والاستهانة بالفقير ومحاباتنا للأغنياء، تجعلنا نكسر الناموس كله.

ويجدر بنا أن نلاحظ:

1.أن قول الرسول "وإنما عثر في واحدة" تعني هنا الاستهانة بها، وبالتالي الاستهانة بواضع الوصية.

2.يريد الرسول منا أن نجاهد ضد الثعالب الصغيرة، لأن البشر غالبًا ما يهتمون بالخطايا التي بحسب نظرهم كبيرة لكنهم لا يهتمون بما يحسبونه خطيّة صغيرة. وبهذا يغلق الرسول باب الخداع الذي تفتحه لنا الخطيّة لنستهين بها.

3.هذا لا يعني أن المؤمنين لا يخطئون قط، وإنهم إن أخطأوا ولو عن جهل أو بغير إرادة أو في ضعف يفقدوا كل شيء، إنما يوجه الرسول أنظارنا إلى الصليب، فمهما كانت الخطيّة يَلزَم التوبة عنها.

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

St-Takla.org Image: "For judgment is without mercy to the one who has shown no mercy. Mercy triumphs over judgment. What does it profit, my brethren, if someone says he has faith but does not have works? Can faith save him? If a brother or sister is naked and destitute of daily food" (James 2: 13-15) - James, Bible illustrations by James Padgett (1931-2009), published by Sweet Media صورة في موقع الأنبا تكلا: "لأن الحكم هو بلا رحمة لمن لم يعمل رحمة، والرحمة تفتخر على الحكم. ما المنفعة يا إخوتي إن قال أحد إن له إيمانا ولكن ليس له أعمال، هل يقدر الإيمان أن يخلصه؟ إن كان أخ وأخت عريانين ومعتازين للقوت اليومي" (يعقوب 2: 13-15) - صور رسالة يعقوب، رسم جيمز بادجيت (1931-2009)، إصدار شركة سويت ميديا

St-Takla.org Image: "For judgment is without mercy to the one who has shown no mercy. Mercy triumphs over judgment. What does it profit, my brethren, if someone says he has faith but does not have works? Can faith save him? If a brother or sister is naked and destitute of daily food" (James 2: 13-15) - James, Bible illustrations by James Padgett (1931-2009), published by Sweet Media

صورة في موقع الأنبا تكلا: "لأن الحكم هو بلا رحمة لمن لم يعمل رحمة، والرحمة تفتخر على الحكم. ما المنفعة يا إخوتي إن قال أحد إن له إيمانا ولكن ليس له أعمال، هل يقدر الإيمان أن يخلصه؟ إن كان أخ وأخت عريانين ومعتازين للقوت اليومي" (يعقوب 2: 13-15) - صور رسالة يعقوب، رسم جيمز بادجيت (1931-2009)، إصدار شركة سويت ميديا

رابعًا: احتقار الفقراء يفقدنا الرحمة

"12 هكَذَا تَكَلَّمُوا وَهكَذَا افْعَلُوا كَعَتِيدِينَ أَنْ تُحَاكَمُوا بِنَامُوسِ الْحُرِّيَّةِ.

13 لأَنَّ الْحُكْمَ هُوَ بِلاَ رَحْمَةٍ لِمَنْ لَمْ يَعْمَلْ رَحْمَةً،

وَالرَّحْمَةُ تَفْتَخِرُ عَلَى الْحُكْمِ." [12-13].

 

"هكذا تكلموا وهكذا افعلوا" أي ليكن هو موضوع كرازتكم وموضوع سلوككم أن تصنعوا الرحمة مع إخوتكم فتنالوا رحمة يوم الدين.فإذ نُحاكَم بناموس الحريّة هكذا لا نتمتع بالتحرر الأبدي من الكثير ما لم نعتق إخوتنا مما هو قليل وزمني، ولا ننتفع بمراحم الله غير المحدودة ما لم نترفق بإخوتنا فيما هو محدود. وقد ضرب لنا الرب مثلًا بالعبد الشرير الذي سامحه سيده بعشرة آلاف وزنة أما هو فلم يسامح أخاه في مئة دينار، بل أمسك به وخذ بعنقه وألقاه في السجن بوحشيَّة، فخسر الأول ما قد سامحه به سيده (مت 18: 23-34).

يقول القديس باسيليوس الكبير: [من أجل أنك لا ترحم الآخرين فلا يصنع بك رحمة. ولأنك أغلقت باب بيتك إزاء المساكين فلا يفتح لك الله باب ملكوته، وكما أمسكت بالخبز عن البائسين حينما كانوا يطلبونه منك هكذا يمسك الله عنك الحياة الأبدية التي تطلبها. إنكم ستحصدون ما زرعتم. فإن كنتم قد زرعتم المرارة فستحصدون المرارة، وإن زرعتم القسوة فلا تحصدون سوى الأتعاب القاسية والعذابات الهائلة. وإن كنتم قد هربتم من الرحمة تهرب الرحمة منكم، وإن رذلتم الفقراء يرذلكم ذاك الذي صار فقيرًا حبًا فيكم(53).]

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

2. الاتكال على الإيمان بدون الأعمال

يجدر بنا أن نراعي أن الرسول يعقوب كان يحث أناسًا مؤمنين انحرف بعضهم في سلوكهم تحت دَعْوَى أن دم المسيح يطهر وكافٍ لخلاصهم دون حاجة إلى الجهاد والمثابرة، لذلك وجه إليهم الحديث قائلًا:

"مَا الْمَنْفَعَةُ يَا إِخْوَتِي إِنْ قَالَ أَحَدٌ إِنَّ لَهُ إِيمَانًا وَلكِنْ لَيْسَ لَهُ أَعْمَالٌ،

هَلْ يَقْدِرُ الإِيمَانُ أَنْ يُخَلِّصَهُ؟" [14].

 

لقد سبق أن رأينا أن الأعمال التي يقصدها الرسول يعقوب غير ما قصده الرسول بولس.فالإيمان وحده لا يقدر أن يخلص، فحنانيا وسفيرة آمنا بالرب لكن بسبب انحرافهما عن السلوك في النور هلكا (أع 5: 9).ويذكر لنا الرب (مت 7: 21-23) من بين الهالكين أناسًا مؤمنين بل وأصحاب مواهب ومعجزات لكن إذ ليس لهم أعمال يقول لهم "إني لا أعرفكم قط، اذهبوا عني يا فاعلي الإثم".

St-Takla.org Image: "If a brother or sister is naked and destitute of daily food, and one of you says to them, “Depart in peace, be warmed and filled,” but you do not give them the things which are needed for the body, what does it profit?" (James 2: 15-16) - James, Bible illustrations by James Padgett (1931-2009), published by Sweet Media صورة في موقع الأنبا تكلا: "إن كان أخ وأخت عريانين ومعتازين للقوت اليومي، فقال لهما أحدكم: «امضيا بسلام، استدفئا واشبعا» ولكن لم تعطوهما حاجات الجسد، فما المنفعة؟" (يعقوب 2: 15-16) - صور رسالة يعقوب، رسم جيمز بادجيت (1931-2009)، إصدار شركة سويت ميديا

St-Takla.org Image: "If a brother or sister is naked and destitute of daily food, and one of you says to them, “Depart in peace, be warmed and filled,” but you do not give them the things which are needed for the body, what does it profit?" (James 2: 15-16) - James, Bible illustrations by James Padgett (1931-2009), published by Sweet Media

صورة في موقع الأنبا تكلا: "إن كان أخ وأخت عريانين ومعتازين للقوت اليومي، فقال لهما أحدكم: «امضيا بسلام، استدفئا واشبعا» ولكن لم تعطوهما حاجات الجسد، فما المنفعة؟" (يعقوب 2: 15-16) - صور رسالة يعقوب، رسم جيمز بادجيت (1931-2009)، إصدار شركة سويت ميديا

وإذ تحدث البابا أثناسيوس الرسولي عن أهمية الأعمال قال إن الرسول بولس دائمًا يبدأ بالحديث عن الإيمان، ولا نفع لإيماننا بغير أعمال. يقول البابا: [بحق يلزمنا أن نبحث في الفكر الرسولي، لا في بداية الرسائل بل وفيما جاء بنهايتها وفيصُلْبِها حيث يورد المعتقدات (الإيمان) والنصائح (الأعمال)... وقد استخدم موسى المؤمن -خادم الله- نفس الطريقة لأنه عندما أذاع كلمات الشريعة الإلهيّة، تكلم أولًا عن الأمور الخاصة بمعرفة الله... (تث 6: 4) وبعدما أشار للشعب عن الله وعلمهم بمن يؤمنون به وأخبرهم عن الله الحقيقي، عندئذ بدأ يقدم الشريعة الخاصة بالأمور التي بها يكون الإنسان مرضيًا لله قائلًا: "لا تزن. لا تسرق" مع بقيَّة الوصايا. هكذا بحسب التعليم الرسولي: "يجب أن الذي يأتي إلى الله يؤمن بأنه موجود، وأنه يجازي الذين يطلبونه" (عب 11: 6) (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات والتفاسير الأخرى). الآن فإنه يبْحَث عن الله عن طريق الأعمال الصالحة كقول النبي: "اطلبوا الرب ما دام يُوجد.ادعوه وهو قريب. ليترك الشرير طريقه ورجل الإثم أفكاره" (إش 55:6-7) (54).]

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

أولًا: مثالان لإيمان ميت

15 إِنْ كَانَ أَخٌ وَأُخْتٌ عُرْيَانَيْنِ وَمُعْتَازَيْنِ لِلْقُوتِ الْيَوْمِيِّ، 16 فَقَالَ لَهُمَا أَحَدُكُمُ: «امْضِيَا بِسَلاَمٍ، اسْتَدْفِئَا وَاشْبَعَا» وَلكِنْ لَمْ تُعْطُوهُمَا حَاجَاتِ الْجَسَدِ، فَمَا الْمَنْفَعَةُ؟ 17 هكَذَا الإِيمَانُ أَيْضًا، إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَعْمَالٌ، مَيِّتٌ فِي ذَاتِهِ. 18 لكِنْ يَقُولُ قَائِلٌ: «أَنْتَ لَكَ إِيمَانٌ، وَأَنَا لِي أَعْمَالٌ» أَرِنِي إِيمَانَكَ بِدُونِ أَعْمَالِكَ، وَأَنَا أُرِيكَ بِأَعْمَالِي إِيمَانِي.

 

1. "إن كان أخ وأخت عريانين ومعتازين للقوت اليومي.

فقال لهما أحدكم امضيا بسلام استدفئا واشبعا،

ولكن لم تعطوهما حاجات الجسد فما المنفعة؟

هكذا الإيمان أيضًا، إن لم يكن له أعمال ميت في ذاته" [15-17].

يشبه الإيمان بغير أعمال بالحنو الكلامي تجاه المتألمين دون محاولة التنفيذ.

ونلاحظ أن الرسول يقول: "إن كان أخ أو أخت" ليظهر مقدار المسئوليّة تجاههما، كما يتحدث عن مقدار الضنك الذي بلغاه، ثم يُحمِّل الكنيسة المسئولية إذ يقول: "لم تعطوهما" بصيغة الجمع مع أنه سبق فتحدث بصيغة المفرد "أحدكم".

"لكن يقول قائل أنت لك إيمان وأنا لي أعمال.

أرِني إيمانك بدون أعمالك،

وأنا أُريك بأعمالي إيماني" [18].

يقول القديس يوحنا ذهبي الفم: [هل تعليمنا ضعيف؟ إن كنت مسيحيًا آمن بالمسيح، وإن كنت تؤمن به أرني إيمانك بأعمالك(55)؟]

فالأعمال الحيّة برهان على وجود الإيمان وحيويته إذ "من ثمارهم تعرفونهم" (مت 7: 16 بل وبرهان على أننا سالكون حسب الولادة الجديدة إذ "بهذا أولاد الله ظاهرون وأولاد إبليس" (1 يو 3: 10). وهي برهان ليس أمام الناس بل ويجازينا الله حسبها، إذ "يجازي كل واحد حسب عمله" (مت 16: 27).

لقد أعلن اللص عن إيمانه بأعماله، إذ شهد للرب واعترف له في أحلك اللحظات التي تركه فيها الجميع (لو23: 41)... اعترف علنًا بلا خجل بصليب الرب، وأشكر واحتمل الألم بلا تذمر. اعترف، أليس هذا عملًا؟

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

2. "أَنْتَ تُؤْمِنُ أَنَّ اللهَ وَاحِدٌ. حَسَنًا تَفْعَلُ.

وَالشَّيَاطِينُ يُؤْمِنُونَ وَيَقْشَعِرُّونَ!" [19].

 

هذا هو المثال الثاني للإيمان الميت وهو التشبّه بالشياطين. يعلق القديس أغسطينوس قائلًا:

[إنك تمدح نفسك لأجل إيمانك هذا... حسنًا تفعل! والشياطين يؤمنون ويقشعرون فهل يعاينون الله؟

إن أنقياء القلب وحدهم هم الذين يعاينونه (مت 5: 8)، فمن يقدر أن يقول أن الشياطين نقيّة القلب؟ ومع هذا فإنهم يؤمنون ويقشعرون! لذلك ينبغي أن يوجد فارق بين إيماننا وإيمان الشياطين، فإيماننا ينقي القلب، وأما إيمانهم فيجعلهم مذنبين. هم يفعلون الشر، ومع ذلك يقولون: "نحن نعرفك، مَنْ أنت قدوس الله" (لو 4: 34). وهو ما قاله أيضًا بطرس "أنت هو ابن الله" فمدحه الرب بينما وبخ الشياطين...

فأي إيمان هو هذا الذي ينقي القلب إلاَّ الذي عرّفه الرسول بأنه "الإيمان العامل بالمحبة(56)"؟]

ويقول أيضًا: [هكذا أيضًا عندما تسمع من "من آمن واعتمد وخلص" (مر 16: 16). فبالطبع لا نفهمها على أنه يقصد كل من آمن أيًا كان إيمانه "فالشياطين يؤمنون ويقشعرون". وكما لا نفهمها على جميع من اعتمدوا، فسيمون (الساحر) رغم قبوله المعموديّة إلاَّ أنه لم يكن من السهل أن يخلص(57).]

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

ثانيًا: مثالان لإيمان حي بالأعمال

20 وَلكِنْ هَلْ تُرِيدُ أَنْ تَعْلَمَ أَيُّهَا الإِنْسَانُ الْبَاطِلُ أَنَّ الإِيمَانَ بِدُونِ أَعْمَال مَيِّتٌ؟ 21 أَلَمْ يَتَبَرَّرْ إِبْرَاهِيمُ أَبُونَا بِالأَعْمَالِ، إِذْ قَدَّمَ إِسْحَاقَ ابْنَهُ عَلَى الْمَذْبَحِ؟ 22 فَتَرَى أَنَّ الإِيمَانَ عَمِلَ مَعَ أَعْمَالِهِ، وَبِالأَعْمَالِ أُكْمِلَ الإِيمَانُ، 23 وَتَمَّ الْكِتَابُ الْقَائِلُ: «فَآمَنَ إِبْرَاهِيمُ بِاللهِ فَحُسِبَ لَهُ بِرًّا» وَدُعِيَ خَلِيلَ اللهِ. 24 تَرَوْنَ إِذًا أَنَّهُ بِالأَعْمَالِ يَتَبَرَّرُ الإِنْسَانُ، لاَ بِالإِيمَانِ وَحْدَهُ.

 

1. "ولكن هل تريد أن تعلم أيها الإنسان الباطل

St-Takla.org Image: "But do you want to know, O foolish man, that faith without works is dead? Was not Abraham our father justified by works when he offered Isaac his son on the altar? Do you see that faith was working together with his works, and by works faith was made perfect? And the Scripture was fulfilled which says, “Abraham believed God, and it was accounted to him for righteousness.” And he was called the friend of God" - James, Bible illustrations by James Padgett (1931-2009), published by Sweet Media صورة في موقع الأنبا تكلا: "هل تريد أن تعلم أيها الإنسان الباطل أن الإيمان بدون أعمال ميت؟ ألم يتبرر إبراهيم أبونا بالأعمال، إذ قدم إسحاق ابنه على المذبح؟ فترى أن الإيمان عمل مع أعماله، وبالأعمال أكمل الإيمان، وتم الكتاب القائل: «فآمن إبراهيم بالله فحسب له برا» ودعي خليل الله" (يعقوب 2: 20-23) - صور رسالة يعقوب، رسم جيمز بادجيت (1931-2009)، إصدار شركة سويت ميديا

St-Takla.org Image: "But do you want to know, O foolish man, that faith without works is dead? Was not Abraham our father justified by works when he offered Isaac his son on the altar? Do you see that faith was working together with his works, and by works faith was made perfect? And the Scripture was fulfilled which says, “Abraham believed God, and it was accounted to him for righteousness.” And he was called the friend of God" - James, Bible illustrations by James Padgett (1931-2009), published by Sweet Media

صورة في موقع الأنبا تكلا: "هل تريد أن تعلم أيها الإنسان الباطل أن الإيمان بدون أعمال ميت؟ ألم يتبرر إبراهيم أبونا بالأعمال، إذ قدم إسحاق ابنه على المذبح؟ فترى أن الإيمان عمل مع أعماله، وبالأعمال أكمل الإيمان، وتم الكتاب القائل: «فآمن إبراهيم بالله فحسب له برا» ودعي خليل الله" (يعقوب 2: 20-23) - صور رسالة يعقوب، رسم جيمز بادجيت (1931-2009)، إصدار شركة سويت ميديا

أن الإيمان بدون أعمال ميت؟

ألم يتبرر إبراهيم أبونا بالأعمال،

إذ قدم إسحق ابنه على المذبح؟

فترى أن الإيمان عَمِلَ من أعماله، وبالأعمال أُكْمِلَ الإيمان.

وتم الكتاب القائل: فآمن إبراهيم بالله فَحُسِبَ له برًا،

ودُعِيَ خليل الله.

ترون إذًا أنه بالأعمال يتبرر الإنسان، لا بالإيمان وحده" [20-24].

إذ يوجه الرسول حديثه إلى إنسان إيمانه باطل بسبب عدم الأعمال لذلك يدعوه "أيها الإنسان الباطل"، وذلك مثل إيمانه الذي بلا عمل.

وقد ضرب لنا مثلًا بأب الآباء الذي حُسبَ له إيمانه برًا، وقد دُعي صديق الله، ولكن كيف نال هذا؟ بالأعمال أكمل إيمانه. والعجيب أن المثال الذي استخدمه الرسول بولس (رو 4: 3؛ غل 3: 6) لتأكيد أهمية الإيمان وحده دون أعمال الناموس هو نفسه المثال الذي استخدمه يعقوب الرسول لتأكيد الأعمال المكملة للإيمان. وقد أورد الرسول بولس نفس المثال في الرسالة إلى العبرانيين مُظهرًا الإيمان والأعمال معًا قائلًا: "بالإيمان إبراهيم أطاع". كما أكد يشوع بن سيراخ إيمان إبراهيم وأعماله (سي 44: 20-21).

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

2. كَذلِكَ رَاحَابُ الزَّانِيَةُ أَيْضًا،

أَمَا تَبَرَّرَتْ بِالأَعْمَالِ،

إِذْ قَبِلَتِ الرُّسُلَ وَأَخْرَجَتْهُمْ فِي طَرِيق آخَرَ؟ [25]

لقد شهد شعب أريحا بقوة الله (يش 2: 9)، لكن لم ينتفع أحد بهذه الشهادة إلاَّ راحاب لأنها ربطت إيمانها بالعمل فصار حيًا(58).

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

ثالثًا: مثال لارتباط الإيمان بالأعمال

"لأَنَّهُ كَمَا أَنَّ الْجَسَدَ بِدُونَ رُوحٍ مَيِّتٌ، هكَذَا الإِيمَانُ أَيْضًا بِدُونِ أَعْمَال مَيِّتٌ." [26].

 

إلى هذه الدرجة يوضح الرسول أهمية الأعمال حتى حسبها كالروح بالنسبة للجسد.

لقد دعاهما البابا أثناسيوس الرسولي بأختين قائلًا:

[الإيمان والأعمال أختان مرتبطتان ببعضهما البعض.فمن يؤمن بالرب يكون نقيًا، ومن يكون نقيًا فهو مؤمن بالأكثر.

لهذا فمن هو شرير يكون بلا شك ضالًا عن الإيمان، ومن يترك التقوى يتخلى عن الإيمان الحقيقي.

وكما أنه عندما يساعد الأخ أخاه يصيران حصنين لبعضهما البعض، هكذا أيضًا الإيمان والصلاح، إذ ينموان متشابهين مُمْسِكَيْن ببعضهما البعض، فمن يختبر أحدهما يتقوى بالآخر.

لذلك إذ يرغب الرسول في أن يتدرب التلميذ على الصلاح حتى النهاية وأن يجاهد من أجل الإيمان.

نصحه قائلًا: "جاهدْ جهاد الإيمان وتمسك بالحياة الأبديّة" (1 تي 6: 12)(59).]

هكذا فإن المسيحيّة ليست فلسفة فكريّة بل حياة في نور ربنا يسوع.

_____

الحواشي والمراجع لهذه الصفحة هنا في موقع الأنبا تكلاهيمانوت:

(47)ترجمها البعض في صيغة استفهام: "ألا يكون لكم إيمان...؟"

(48) للمؤلف: رسالة اكلمينضس أسقف روما، طبعة 1967، ص 33-34.

(49) للمؤلف: الحب الرعوي، الإسكندرية، 1965.

(50) عن مقالتين عن أتروبيوس، طبعتا تحت اسم "الكنيسة تحبك"، سنة 1968، ص 35، 36.

(51) Strom. 6: 164; 7: 73

(52) رسالة رقم 167.

(53) للمؤلف:الحب الأخوي، ص 153.

(54) رسائل القيامة للبابا أثناسيوس الرسولي، ص 132-136.

(55) Concerning the Statues 5: 6

(56) عظات على فصول منتخبة من العهد الجديد، 3.

(57) عظات على فصول منتخبة من العهد الجديد، 21.

(58) قيل إن يشوع تزوجها وجاء من نسلها ثمانية أنبياء.

(59) رسائل القيامة، 144-145.

St-Takla.org                     Divider فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

← تفاسير أصحاحات يعقوب: مقدمة | 1 | 2 | 3 | 4 | 5

 

الكتاب المقدس المسموع: استمع لهذا الأصحاح


الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع

https://st-takla.org/pub_Bible-Interpretations/Holy-Bible-Tafsir-02-New-Testament/Father-Tadros-Yacoub-Malaty/20-Resalet-Ya3koub/Tafseer-Resalat-Yaakoub__01-Chapter-02.html

تقصير الرابط:
tak.la/x3yf8ba